كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
وفجأة, خطرت ببالها فكرة جديدة أزعجتها وضايقتها الى درجة كبيرة . كيف يمكن لرجل واع قدير مثل أندريه ألا ينتبه لأحوال الطرق التي يعرفها جيدا ؟سألته بهدوء يخفي قلقا وتوترا :
" ألم تكن تعلم بوجود ذلك الفيضان ؟".
" لا , فقد أبلغني الموظف المسؤول في الفندق بأن العبور ممكن " .
" ولكنك كنت تعرف أن أمطارا غزيرة هطلت في الأيام الماضية" !.
تأمل وجهها بعض الوقت , ثم قال لها :
" طبعا , ولكنني كنت غائبا عن المنطقة لأكثر من اسبوع . وثقت بكلام الموظف عندما أبلغني أن مستوى أرتفاع مياه النهر أنخفض الى نسبة تسمح بعبور الجسر .
كيف يمكنها مجادلة هذا الرجل وهو يتحدث بأسلوب منطقي متزن ؟ التهور لا يعني الشجاعة , والتطرف في المغامرة والمجازفة ليس دليلا على القوة والرجولة .لم تعلق بشيء على كلامه , اذ أنها بدأت تفكر بالرحلة الطويلة التي تنتظرها ابتداء من ستريمز . وما هي الا لحظات حتى تحول أندريه بشاحنته عن الطريق الرئيسية الى اخرى جانبيه ترابية , سألته سالي, وهي تعلو وتهبط بسبب الارتجاجات القوية المتواصلة :
"هل هذه هي الطريق التي سنستخدمها لتجاوز الجسر".
" نعم , ألست سعيدة لأنك جالسة عوضا عن التمدد على ظهر الشاحنة ؟".
منتدى ليلاس
لم تكن بحاجة لتوجيه سؤالها , كي تعلم مدى العذاب الذي كانت ستواجهه فيما لو سمح لها بالصعود ألى ظهر الشاحنة ,لكن سخريته اللاذعة لم تكن ضرورية ابدا ! لا شك في أنها أخطأت كثيرا في تقييمها لهذا الرجل , عندما كانا قرب الجسر , فهو بعيد كل البعد عن الانسانية والرقة والنعومة,ولا يستحق ألا الأحتقار !انه قاس ومتسلط ومتعجرف , وقادر على ان يكون فظا ومتوحشا للغاية في اعماله وتصرفاته !
لاحظت سالي أنه يركز نظره وأهتمامه على الطريق الوعرة , ومع ذلك فقد احست انه يقرأ أفكارها ويعرف حقيقة مشاعرها .لا , لن تسمح له بذلك مهما كلف الامر . قررت الرد عليه ولو بعد حين , فرفعت رأسها وقالت :
" لا فرق عندي بين الجلوس هنا أو على ظهر الشاحنة " .
ضحك بتلك الطريقة المغرية التي اصبحت مألوفة لديها, وقال :
" طفلة صغيرة , تأكدي من حسن تصرفك ,أيتها الهرة الشرسة وألا فقد تجدين نفسك مرة أخرى تحت ذلك الغطاء السميك " .
ها أنه يعود الى هذه التسمية المزعجة ! ولكن ... هل هي حقا مزعجة وتثير أعصابها وأشمئزازها لا ؟ فالغريب في الأمر أنها بدأت تعجبها الى حد ما .... مع انها لن تدعه يعرف ذلك اطلاقا .
أدارت وجهها نحو النافذه, وراحت تتأمل تلك الحقول الخضراء التي تمتد الى ما لا نهاية .
المناظر الطبيعية خلابة وتدخل البهجة والسرور الى القلوب الحزينة المعذبة , ولكن الوحدة بشعة مؤلمة وتذكر الأنسان بأنه معزول وغريب .لم تشاهد جرارا زراعيا أو مزارعا , ولم تسمع غناء راع ثغاء شاة . هل سيتابع طريقة بدون توقف , أم سيمضيان الليل في فندق صغير ليواصلا الرحلة صباح اليوم التالي ؟ وأذا قرر ذلك , فكيف سيكون رد فعل جون على وجودها وحيدةمع أندريه ؟ انه رجل واع ومنطقي , ومن المؤكد انه سيتفهم وضعها ومشكلتها .
ولكن الطريق أزدادت وعورة , وتضاءلت معها الى درجة مرعبة أحتمالات ايجاد فندق يبيتان فيه حتى الصباح , احست بتوتر شديد في أعصابها , فاق الى حد كبير الأرهاق العاطفي الذي تعاني منه .ألتفتت نحو أندريه مرتين لتوجه أليه سؤالا بسيطا للغاية , ولكنها لم تتمكن في أي منهما من حمل نفسها على ذلك .سيجيبها بسخريته المعهودة , وبطريقة لا تمكنها من الرد عليه , صممت سالي على البقاء صامتة الى ان تعرف ماذا سيفعل , وعندها فقط ستتخذ القرارات المناسبة .
|