كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
3- النار والفراشة
نظرت اليه بأستغراب , وسألته بصوت مرتجف الى حد ما :
" هل تعني انك ستأخذني معك ؟".
أبتسم فجأة , فلاحظت بعض الدفء في عينيه القاسيتين وقالت لنفسها انه يكاد يبدو كرجل لديه صفات طيبه . اجابها بلهجة مرحة :
" حرمني تسللك حرية الاختيار , فحتى انا لا يمكنني ترك شابة جذابة مثلك هائمة وحدها في هذه البراري والادغال" .
أنطلق سؤال من فمها قبل تمكنها من حبسه داخل افكارها :
" هل تجدني حقا جذابة ؟".
ابتسم أندريه عندما شاهدها تضع يدها على فمها مذعورة من تسرعها , وقال لها بصوت رقيق ناعم :
"هل ترغبين في أي اثبات لذلك , يا آنسة اوبريان ؟".
توترت اعصابها بصورة مخيفه, وقالت له:
" لا ! في أي حال , اريد قبل صعودي ألى الشاحنه وعدا صريحا منك بأنك لن تلمسني أو تقترب مني " .
نظر أليها بعينين ثاقبتين ثم أبتسم بمكر الثعالب وقال:
"أفهمتك سابقا أن المتسسللين لا يحق لهم أصدار الأوامر . ستأتين معي حسب شروطي انا" .
" لا يمكنك ابدا أرغامي على ....".
أختفت بقية كلماتها في حلقها , عندما أمسك بكتفيها وجذبها نحوه بقوة . ألا ان رد فعلها كان أسرع من ذي قبل , فأبعدت وجهها عنه ورفعت يدها لتصفعه . تصرفت بسرعه ....
منتدى ليلاس
ولكنه كان أسرع منها , وأقوى بكثير . تصدى ليدها المرتفعة قبل وصولها الى هدفها , وحشرها بين جسميهما الملتصقتين بحيث لم تعد قادره على تحريكها .توجهت يده الأخرى في اللحظة ذاتها ألى شعرها , وشدها أليه بعنف , فأزداد خوفها , وشعرت بأن كرامتها طعنت في الصميم , فتمرد عقلها وثارت أفكارها في مواجهة هذا الأعتداء الصارخ , ولكن الموقف أيقظ في نفسها مشاعر غريبة ومؤلمة .وبدأت تتجاوب وتلين, وأحست بأنها أصبحت معلقة بين الأرض والسماء وما أن أرتفعت ذراعاها لتطوقا عنقه , حتى أبعدها عنه بعصبية اذهلتها وحدة افزعتها , وجه اليها نظرات حارقة وقال :
" أعتقد ان وجهة نظري صحيحة " .
" وجهة نظرك , وما هي ؟".
" المهم , هناك نقطة بسيطة واحدة هي أن الرحلة ستتم وفقا لشروطي أنا , دونما أي أعتراض أو تعديل " .
في تلك اللحظات المعدودة والتي توقف فيها الزمن واستجابت كافة مشاعرها وأحاسيسها لرجولته القوية المهيمنة , نسيت سالي الهدف الحقيقي لكلامه وتصرفاته . ولكن جملته القاسية تلك أعادتها الى الارض بأذلال مهين , لم تكن تتصور أنه قد يحدث لأي أنسان في العالم ماحدث لها . أحست في هذه البرهة بالذات أنها .... تكرهه . قالت له وهي تهم بالصعود الى الشاحنة :
" تساعدك قوتك الوحشية وفظاظتك العنيفة في تحديد الشروط التي تريدها .
" ستجلسين قربي . "
أرتعش جسمها قليلا, وكأنه لا يزال واقعا تحت تأثير تلك اللحظات المجنونة , وقالت له بأنفعال وبدون الألتفات أليه :
" أفضل مواصلة الرحلة كما بدأتها " .
قال لها متوعدا بلهجة ناعمة :
" هل تريدين أن أسلمك الى حبيبك, وأنتِ مصابة بصدمة عنيفة .... وبعض الكدمات ؟ تعالي وتوقفي عن المجادلة . انت تعرفين الآن من منا يصدر الأوامر " .
قالت له بعد جلوسها قربه في المقدمة :
"أرجو ألا تستخدم معي هذه اللهجة يا سيد كونورز " .
ضحك فجأة وقال :
" أنها تناسب مزاجك الحاد وطبيعتك الأندفاعية " .
أحمر خداها قليلا وأستعدت للرد عليه بلهجة قاسية , فمضى الى القول :
" ها أنت على وشك التصرف وفقا لما وصفتك به . سأناديك بالهرة الشرسة طالما انك حادة الطباع وسريعة الغضب . وعندما تتصرفين بهدوء وروية , ولن يكون ذلك الا نادرا حسبما اعتقد , فسأعود عن هذه التسمية وأستخدم اسمك الجميل سالي " .
ثم أبتسم ثانية , وأضاف قائلا :
" أستخدمي معي أسمي الأول أندريه , فالشكليات والرسميات لا تناسب رحله كهذه " .
ألا يمكنه مرة واحده على الأقل أن يتحدث معها بلهجة عادية مهذبة ؟ لماذا لا يطلب منها شيئا ألا بصفة الأمر ؟ ألا يتوقع أبدا أي عصيان او تمرد على اوامره وتعليماته ؟ ماذا يعتبر نفسه هذا المتسلط المتكبر ؟
تأملته جيدا في محاولة يائسة لتحليل شخصيته والدخول في اعماق تفكيره , ولكنها أدركت عدم جدوى ذلك ... بسبب تلك الجدران القوية العالية التي يرفعها حول ذاته وكيانه ويستحيل بالتالي اختراقها !او حتى الاقتراب منها .ألتفت نحوها باسما وكأنه قرأ افكارها او سمع التساؤلات التي تتصارع في رأسها ... وقلبها . أبعدت سالي وجهها عنه بسرعة , كيلا تقول شيئا قد تندم عليه في وقت لاحق .
كانت الشاحنه منطلقة بسرعة كبيرة , وهدير محركها يصم الآذان , لم يتحدث السائق ومرافقته أطلاقا , فالتطورات المثيرة والمتلاحقة التي حدثت بينهما خلال يوم واحد لم تعد تسمح لهما بتبادل احاديث عادية كأي شخصين مسافرين معا .
|