حاولت التصرف ببرودة متناهية , ولكن قلبها ذاب وتلاشى , بمجرد ألتصاقها به , ضمها أليه أندريه بقوة وطوقها بذراعيه , ففقدت أي رغبة في المقاومة , تضافرت ضدها قوى كثيرة متعددة ...... موسيقة هادئة حالمة , جو دافىء .....رائع ... رجل لا كالرجال , فأحست بسعادة عارمة لا حدود لها .حل منتصف الليل , فبدأ الساهرون للنهوض باكرا بمغادرة أرض الصنوبر الواحد تلو الآخر , كانت الظلمة حالكة , فلم تعد سالي قادرة على رؤية وجوه الباقين بوضوح , هل يهمها ذلك؟ لا , فمعها أندريه , نسيت أنها ستذهب صباح اليوم التالي مع جون لأعداد ترتيبات الزواج , فأفكارها كلها مركزة على هذا الرجل الجذاب الذي يثير أحاسيسها , وفجأة ...... تحطم صوت السعادة الذي بنته مؤقتا حولهما , عندما سمعت بربارة تناديه :
" أندريه حبيبي , ضيوفنا ذاهبون".
ضيوفنا! أزعجها هذا التعبير أكثر من كلمة حبيبي , فبدأ جسمها ينتفض بقوة عندما تركها أندريه وذهب لوداع ضيوفه ......ضيوفهما! شكرت سواد الليل الشديد لأخفائه دموعها عن عيون الموجودين , وسارت نحو أشجار الصنوبر المحيطة بالحديقة...... لتبكي على أنفراد.
شعرت تدريجيا بأنها لم تكن وحدها .....سمعت أصواتا خافتة لحبيبين يظنان أنهما بعيدان عن الآخرين , قررت الأبتعاد عنهما , ليتمتعا بعزلتهما ...... ولكنها تسمرت في مكانها عندما سمعت صوت جون , حبست أنفاسها وأصغت بأنتباه بالغ ألى الصوت النسائي , فتأكد لها أن صاحبته ليست ألا صديقتها المحتملة..... ليندي .
أقتربت منهما بخفة ورشاقة , بدون محاسبة نفسها على هذا التصرف غير اللائق ....وبدأت تتنصت بعناية , كانا قريبين جدا لبعضهما , وكأنهما ملتصقان , وسمعت جون يثول بصوت منخفض , يوحي بالألم والمرارة :
" آسف جدا , يا حبيبتي".
" أعرف....".
"لا شك في أن ليندي تبكي......".
" أنا وحدي مسؤول عن هذا الخطأ الفادح , كان من واجبي أن أكتب لها وأخبرها......".
صمت جون بضع لحظات , ثم أضاف:
"ليندي , حبيبتي! لا يمكنني الآن التخلي عن سالي , فهي تعني لي الكثير منذ صغرنا , آه ,تلك الخطوة المجنونة التي أقدمت عليها...... هذه هي سالي , الأندفاعية والمتحمسة دائما".
" سيكون الأمر بالغ الصعوبة".
بدت ليندي وكأنها تبذل جهودا جبارة وشجاعة للسيطرة على نفسها , ولكن الأرتجاف كان واضحا في صوتها , وسمعت سالي جواب جون :
" سيكون جحيما ......عندما أراك ...... وأفكر بالمشاعر القوية التي نكنها لبعضنا , أحببت سالي دائما , وقد بادلتني هذا الحب بمثله أو حتى بأقوى منه , ولكنني لا أحبها بالطريقة ذاتها التي أحبك أنت فيها , لماذا لم أكتب لها , وأطلعها على الحقيقة ؟ تبا لي ولهذه التصرفات الرعناء! أعذريني , يا حبيبتي , أنا آسف جدا".
أقتربت منهما سالي , وقالت له بحدة وأنفعال:
" هذا هو أقل ما يقال !".
شهقت ليندي وأبتعدت بسرعة عن جون , ولكن الرجل ظل واقفا بدون حراك........ ثم سألها بعد لحظات صمت رهيبة :
" هل......هل سمعت؟".
" كل كلمة , وأشكر الظروف على ذلك! كان يفترض بك أن تكتب لي عن هذا الأمر , كنت سأتفهم وضعك".
" هل ستتفهمين حقا , يا سالي؟".
" أتصور .... أتصور ذلك , كنت سأشعر على الأرجح بألم شديد , ألا أنني كنت سأتجاوز المحنة..... بطريقة أو بأخرى ...عاجلا أو آجلا ".
قامت بهذه الرحلة الطويلة المضنية بدون أي مقابل ... ولتواجه بمثل هذا الفشل الذريع , لو أبلغها مسبقا , لكان وفر عليها مشقة القيام بهذه المغامرة المجنونة ...... وعذاب الوقوع بحب رجل سيتزوج غيرها , لن تحب أحد بعد أندريه! قالت لها ليندي :
" سالي! أنا آسفة".
" لا , يا عزيزتي , فأنت تناسبين جون ألى درجة كبيرة".
سمعتهما يتنفسان الصعداء , فضحكت بنعومة وأضافت قائلة:
" يتحتم عليك بالطبع الزواج منه , وسأكون أول المهنئين , تأكدي أنني لا أسلمه ألى أي فتاة تعجبه أو يعجبها , لأنني أحبه من صميم قلبي ..... ولكن كمجرد أخ".