كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
في أي حال , لم يكن بأمكانها المشاركة في الأحاديث ... حتى ولو أرادت ذلك . فهي تتناول أماكن تجهلها وأشخاصا لا تعرفهم . ولكن العلاقة الحميمة كانت واضحة للغاية .... وضحكات أندريه توحي بأنه يتمتع بأحاديث صديقته المرحة والشيقة .
دخل الـثلاثة الى القاعة , فقدمت لهم ماريا ومساعدتها أطباق الطعام ثم أنسحبتا بهدوء وأنتظام . سألتها بربارة ببرودة :
" هل ستطيلين البقاء هنا , يا آنسة ؟".
فوجئت سالي باللهجة العدائية التي لم تحاول برباره أخفاءها كثيرا , وتساءلت عما اذا كان أندريه قد تعمد عدم أطلاع صديقته على السبب الحقيقي لمجيئها الى هذه المنطقة . قالت لها :
"أوه , لا , سأتزوج من جون لانج . تصورت أنك تعرفين ....".
توقفت عن أتمام جملتها , عندما شاهدت النظرة الغريبة التي وجهتها بربارة نحو أندريه , ولكن صوتا في داخلها دفعها الى المضي في القول وبقوة :
" أنني الآن بأنتظار عودته " .
" أوه , أنه لخبر مثير حقا ! أندريه حبيبي , ألا تعتقد أن متسللتك الصغيرة هي أفضل زوجة لحارس الحيوانات البرية ؟".
أحست سالي بوجود مودة في لهجة بربارة , وأستعدت لتحمل أحد تعليقات أندريه اللاذعة , ولكنه رفع حاجبيه بعصبية , ثم أكتفى بالقول :
"ألا تريدين مزيدا من الذرة , يا بربارة ؟".
منتدى ليلاس
ودعتهما بربارة سنكلير بعد فترة قصيرة من أنتهاء الغداء , وبعد توجيه دعوة لأندريه لتناول العشاء معها ... في بيتها ... ليلة الاحد . تأملت سالي صاحبة القد الجميل ,وهي تغادر الساحة الكبيرة أمام منزل أندريه بسيارة سباق حمراء اللون , ثم ألتفتت نحو سيد القصر . بدا متجهم الوجه ومتوتر الملامح والأعصاب , وعادت الى عينيه تلك القساوة المألوفة والعنجهية المعهودة . لم تعد تعرف ماذا تفعل , فقررت الأبتعاد عنه بطريقة مهذبة هادئة . قالت له بعد فتره صمت طويلة :
" أعتقد أنني سأقوم بنزهة في الحديقة . هل لديك مانع ؟".
" هل تركبين الخيل ؟".
" نعم " .
" أنا ذاهب الآن الى المعمل . أذا كنت راغبة في مرافقتي فسوف تعد لك ماريا الثياب الضرورية لذلك " .
أرتبكت ... وترددت , فقال لها بشيء من الحدة ونفاد الصبر :
" هيا , قرري !".
لم تتردد هذة المرة . لو لم يكن راغبا في ذهابها معه , لما كان دعاها الى ذلك . أبتسمت وقالت :
" بكل سرور " .
لم تدرك مدى أتساع عينيه الزرقاوين الجميلتين , والبريق الأخاذ الذي كان ينطلق منهما , ولكنها رأت تلك القساوة المرعبة في عينيه وتعابير وجهه . أختفت أبتسامتها , وشعرت بأنقباض شديد حبس أنفاسها وأرهق أعصابها . رفضت التراجع عن رأيها وقرارها , فثمة دافع قوي في داخلها يصر على معرفة المزيد عن هذا الرجل وحياته ..... قبل مغادرتها أرض الصنوبر .
لاحظت سالي أن الملابس المخصصة لركوب الخيل تناسبها تماما . هل هي لبربارة ؟ وأذا كانت فعلا لها , فأي ملابس اخرى تركتها هنا ايضا ؟ آلمها تصورها لأحتمال وجود ثياب هذه المرأة في منزل أندريه ... وربما في غرفة نومه بالذات . سرحت شعرها بأنفعال شديد . بسبب هذه الأفكار المزعجة التي تبرز في رأسها بين الحين والآخر .
خرجت من البيت , فوجدت أندريه بأنتظارها قرب جوادين أصليين رائعين . ساعدها على ركوب حصانها , مع أنها لم تكن بحاجة لأي مساعدة . جعلتها اليدان القويتان اللتان رفعتاها ألى ظهر الحصان تشعر بأنها ....أنثى , وتحظى برعاية رجل قوي قادر .
نسيت بربارة وكل شيء يتعلق بها , وركزت أهتمامها على الطريق التي تؤدي ألى الغابات . كانت تفصل بينهما بضع خطوات , فتمكنت من مراقبته عن كثب .أحست بسرور دافئ وهي تتأمل هذا الرجل الذي يعرف كيف يمسك بزمام الأمور في كافة المجالات والممارسات . وزاد من أرتياحها ذلك النسيم العليل , والروائح الشذية العطرة , وجمال الطبيعة الساحر , شعرت سالي بسعادة لم تعرف لها مثيلا منذ فترة طويلة .
نزلا عن جواديهما أمام المعمل الضخم , فهرع مديره للترحيب بأندريه والتحدث معه ..... فيما راحت سالي تتطلع حولها بأعجاب بالغ . كان المعمل يضج حركة ونشاطا والجو عابقا برائحة الخشب . العمل جار على قدم وساق , وعلى أعلى مستويات الكفاءة والتنظيم .ومع ذلك , كان يخيم على المعمل والعمال شعور بالطمأنينة والسكينة لا تعرفه مصانع المدن . أنها الطبيعة ... والقيادة الحكيمة والعادلة لأندريه كونورز !
|