كاتب الموضوع :
اماريج
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
وحرك حاجبيه بطريقة مضحكة . ضحكت روز , لكنها لم تتحرك . بدلا من ذلك رفعت ذراعها اليسري وغطت بها عينيها , وأخذت تصغي وهو يتحرك في الغرفة .
إنها بحاجة لتستجمع ذاتها , إذ تدور في أعماقها مشاعر كثيرة , عواطف جديدة وأحاسيس يجب أن تفهمها , تقيمها وتصنفها . تعلمت منذ وقت طويل أثناء حياتها بين الشوارع أن العلاقات العاطفية سلاح ذو حدين , لكن روز تمكنت من رسم خط واضح ضدها حتى فى أكثر الأوقات يأسا في حياتها .
منتديات ليلاس
مع ذلك , ها هي الآن مع مايسون . أخيرا فهمت لماذا يتغني الشعراء بالحب . لطالما اعتادت أن تحرك عينيها بسخرية لهذه التعابير الوردية , أما الآن فيبدو لها أن تلك الكلمات مناسبة لوصف حالها مع مايسون .
صحيح أنهما لم يتحدثا عن الحب , فبالنسبة إلى روز تلك الكلمة مخيفة وجديدة عليها لتتمكن من لفظها , لكنها أوضحت له مع كل لمسة وكل عناق أنها تسكب كل ما في قلبها من عاطفة له , كما أن نظراته إليها أخبرتها أن شعورهما متبادل . لابد أنه كذلك ...
- يا إله السموات !
قفزت روزي على الفور ما إن سمعت عبارة مايسون , وأمسكت بذراع الأريكة بقوة .
- ماذا ؟ ماذا هناك ؟
جالت عيناها على الغرفة متوقعة أن ترى عنكبوتا ساما أو شيئا من هذا القبيل يبررعنف صوته , لكنها لم تجد شيئا من ذلك .
عندئذ أدركت أن مايسون يحدق بها .. يحدق إلى ذراعها . ركع بإحدي ركبتيه على الأريكة ومد يده إلى ذراعها . أدارها نحوه ليتمكن من رؤية الجروح الصغيرة الدائرية التى تتبع بعضها من رسغها حتى مرفقها .
- من فعل بك هذا ؟ من الذى فعل هذا بك ؟
أبعدت روزي رأسها إلى الوراء متمنية لو أن الغرفة ليست مضاءة بقوة كما هي أو أن الجروح القديمة ليست بيضاء ومشعة كما تبدو .
- إنها .. لا شئ . مجرد جروح صغيرة . كلانا نملك جراحا .
قالت ذلك ونظرت عمدا إلى كتفه .
- أجل , وأنت تعلمين كيف أصبت به .
نظرت إلى البعيد وقالت :
" مايسون , من فضلك . إنها من الماضي , وهي ليست هامة "
- كل ما يتعلق بك هام بالنسبة لي .
قال ذلك , ومد يده ليمسك بوجهها , وتابع :
" أخبريني , روزي!"
لم ترغب روزي في القيام بذلك , فما الفائدة من إخباره بكل تفاصيل الإذلال التي عاشتها في طفولتها ؟ لكن ذلك الصبر الهادئ في نظرته جعل الكلمات تخرج من شفتيها .
- سألتني مرة لماذا لم تتبناني عائلة ما , وقلت لك إننى كدت أصبح ابنة للعائلة التى اخذتني في كنفها للمرة الأولي ..
اخبرته عن الزوجين اللذين أعلنا حبهما لها وعن ابنهما الطبيعي الذى اعتدي عليها بالحرق , ما جعل بقاءها في كنفهما أمرا مستحيلا .
لم يذكر مايسون لها الكلمة المعهودة : آسف . لذلك شعرت روزي بالرضي , كما لم تكن هناك أي شفقة في تعابير وجهه , بل ظهر شئ ما أقرب إلى الاعجاب , إلا أن ذلك جعلها تشعر بعدم الارتياح .
لكي تملأ الصمت الثقيل :
- لم تكن تلك غلطتهما .
- ربما , لكنها لم تكن غلطتك أيضا .
مد ذراعها ليتمكن من طبع قبلة ناعمة على كل جرح , وعندما لامست شفتاه الجرح الأخير , أدركت روز أخيرا الحقيقة في كلماته .
* * *
تناولا غداء متأخرا في مطعم صغير لايبعد كثيرا عن المكتبة العامة في نيويورك . تحدثا طول فترة تناولهما الطعام , أو بالأحري تحدث مايسون وروزي أصغت إليه مذهولة بالمعلومات المثيرة التي يعرفها عن نيويورك .
منتديات ليلاس
- اعلم أنك زرت نيويورك من قبل , لكن كيف تعلم أن الناس هنا يطلقون اسم برنهام فولي على المبني الذى مررنا به ؟ وأن تمثال الأسد عند مدخل المكتبة العامة يدعى الصبر والجلد ؟ لم أقابل يوما شخصا مثلك .
لدهشتها تورد وجه مايسون , ثم أخرج كتابا صغيرا من جيب سترته وتمتم :
" دليل سياحي "
ضحكت روز حتى شعرت بألم في خاصرتيها .
- وانا أعتقدت أن صديقي عبقري ؟
جاء دورها الآن ليتورد وجهها , صديقها ! صديقها ! أهو حقا كذلك ؟ بدت لها الكلمة غير مناسبة , فهي لاتعطيه الوصف الحقيقي لوجوده في حياتها وللمكان الفارغ الذي ملأه إلى حد الاكتفاء في هذا الوقت القصير . لكن بماذا تستطيع أن تصفه ؟
قال مايسون يمازحها :
" أتقولين إنني لست ذكيا ؟ "
شعرت بالرضي لأنه لم يتأثر مثلها بالكلمة التى قالتها .
|