كاتب الموضوع :
اماريج
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
- وما الذى جعلك تصمم على الرحيل ؟
- أصبت بطلق نارى .
من بين كل الأشياء الغريبة التى توقعت أن يقولها ، هذا السبب فاجأها كثيرا بالرغم من أنها لم تعش بمنأى عن مخاطر الطرقات .
فكرت انه كان شرطيا ثم تحريا خاصا ، ومن المحتمل أنه كان على علاقة مباشرة مع أشخاص أكثر خطورة من أولئك الذين دفعها حظها السيئ لتقابلهم . لكن أن يتعرض مايسون للاصابة بطلق نارى . . . ؟ !
تذكرت أنه يحف كتفه من حين لآخر . فسألته :
" فى كتفك ؟ "
- أجل .
نبرة صوته الحازمة جعلتها تدرك أن عليها أن تدع الحديث معه عن هذا الأمر جانبا ، لكنها سمعت نفسها تقول :
" ما الذى حدث معك ؟ "
نظر مايسون إلى البعيد وكأنه فقد الصبر
لكنه قال :
" تم استخدامى من قبل شخص ثرى للمحافظة على ابنته . لكن الرجل لم يكن يعلم أنها مدمنة . تبعتها إلى أماكن خطرة فى الجهة الشرقية من المدينة ، حيث كانت تذهب لشراء ما تحتاجه . وتطورت الأمور إلى الأسوأ "
علمت روز أنه لا يدرك كم تظهر ملامح وجهه من الخيبة واليأس على الرغم من محاولته أن يبقى هادئا وغير مبال .
- وما الذى حدث لها ؟
رفع كتفيه بلا اكتراث ، لكن بقيت شفتاه شاحبتين وهو يقول :
" ذهبت إلى مركز لإعادة التأهيل فى غرب البلاد حيث يذهب كل المشاهير . إنه مكان محاط بالسرية تماما "
- بالتأكيد ، لم يرغب ذلك الثرى الذى استخدمك بأن تعرف المزيد من أخباره السيئة .
هز مايسون رأسه .
- وأنت . . . ما الذى أردته ؟
- ماذا تقصدين بقولك ؟
- أحببتها . أليس كذلك ؟
منتديات ليلاس
قال بهدوء :
" أجل . . . أحببتها "
- وهى . . . هل أحبتك ؟
علت ملامح المرارة وجهه ، وقال :
" هى يحب كل ما هو ممنوع ، وترغب فى معارضة والدها . لكن فى النهاية تبين أنها لم تحبنى مطلقا . إنها مثل والدها تماما ، فوالدها يحب فقط شهرته ومركزه ولا يهتم لعدم تعريض ابنته لأى أذى . سمعت مؤخرا أنها عادت إلى الادمان "
- أسفة ، مايسون !
صرف شفقتها بحركة من عصاه ، ثم أشار لها ليعاودا التزلج .
- لنتابع التزلج .
بقى صامتا بعد ذلك ، ولم تأخذ روز تصرفه هذا على محمل شخصى . مع ذلك بقيت أفكارها منشغلة وهى تتساءل عن المرأة التى أحبها مايسون وفقدها .
تلك المرأة التى تلقى رصاصة فى كتفه من أجلها . عندما وصلا إلى منتصف الطريق –
أو هذا ما قاله مايسون – تحسنت مهارة روز فى التزلج وتطورت لدرجة أنها سقطت مرة واحدة على الأرض .
بما أن الحديث بقى متقطعا ركزت اهتمامها على المناظر الطبيعية أمامها ، فمن النادر أن تحظى بالوقت الكافى لتستمتع بجمال الطبيعة .
ومن المؤكد أن لا أحد من الرجال الذين قابلتهم اهتم يوما لتساقط الثلوج على اغصان الأشجار العارية ، أو لاحظ كيف تلمع كأنها حبات من الماس تحت أشعة شمس بعد الظهر . أخذت روز وقتها تماما الآن للاستمتاع بهذا كله ، حتى إنها تنهدت بصوت مسموع .
سألت وهى تشير إلى شجرة ضخمة إلى يمينها :
" ألهذه الشجرة اسم ؟ "
أجاب مايسون بنبرة هادئة :
" جو "
شعرت بالفرح لأنه استعاد مزاجه الطيب .
- أمر مضحك .
- إنها سنديانة من الشرق ، من مقاطعة ميتشيغن .
وعندما استمرت فى التحديق به ، تابع :
" كانت العمود الفقرى فى صناعة الخشب فى بلادنا فى وقت ما ، وهذه الشجرة بالذات ربما تبلغ من العمر مئتى سنة . يمكن معرفة ذلك من محيط جذعها الكبير "
راقبته وهو يحاول أن يطوق الجذع بذراعيه ، لكنه لم يستطع .
- أحب هذه الشجرة بأغصانها المتشعبة وغير المتساوية ، فهنالك جمال مميز فى الأشكال غير المتناسقة .
قالت روز ذلك ، وتفاجأت هى نفسها من هذا الكلام الشاعرى .
- أنت على حق ، روزى . أحيانا تبدو الأشياء جميلة بالرغم من عدم تناسقها ، فقط هى جميلة بذاتها .
شئ ما فى الابتسامة التى تلت كلامه جعل روز تشعر بإحساس لم تعرفه من قبل . لكن قبل أن تتمكن من التعليق على ما قاله استأنف مايسون التزلج مبتعدا عنها .
عندما وصلا إلى الطريق العام من جديد ، استعمل مايسون طرف عصاه ليتمكن من نزع حذائه عن حذاء التزلج .
- سأذهب إلى المقهى لبعض الوقت .
قالت روز وهى تشعر بخيبة الأمل :
" إنه يوم عطلتك "
- أحتاج إلى مراجعة بعض الأوراق والأعمال المكتبية .
- آه !
بعد أن قطعت مسافة قصيرة وهى تتزلج ناداها بصوت عال :
" أتزلج كل يوم عند الساعة العاشرة ، لكى أجدد نشاطى وأوضح أفكارى قبل الذهاب إلى العمل . أرحب بك للانضمام إلى "
منتديات ليلاس
لوحت روز لكنها لم تعلق ، فهى لا تخطط للقبول بعرضه ، لأنها صممت أن تبقى بعيدة عنه أو عن أى سبب يغذى اهتمامها المفاجئ بالهواء الطلق والطبيعة الساحرة .
لكنها فى اليوم التالى كانت هناك جاهزة بانتظاره ، بالرغم من الألم الذى شعرت به بسبب تمارين اليوم السابق .
وهذا ما حدث أيام الثلاثاء والاربعاء ، إذ كانت تنتعل حذاء التزلج وتتبع مايسون فى الغابات . ما بين الأشجار الباسقة والهواء المنشع اللاذع استمتعت روز – لأول مرة فى حياتها – بطعم الصداقة .
* * * *
مر أسبوع وتبعه أسبوع آخر . تحولت حياة روز إلى روتين عادى ، مع ذلك لم تستطع القول أنها شعرت بالملل أو الرغبة فى التنقل كما كان يحدث لها فى الماضى .
بدأ مايسون يعلمها القراءة ، أو بالأحرى يحاول أن يحسن مهارتها المحدودة فى هذا المجال . افترض أن عليها أن تشعر بالاحراج ، لكنه لم يجعلها تشعر للحظة أنها غبية .
|