كاتب الموضوع :
أناناسة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
الفصل الثانى
مسترخيا على سريره ، لم يستطع "جاسون نيس" أن يغمض عينيه . كان هناك العديد من الانطباعات والصور التى تلح على ذهنه . يا له من يوم ! .... ابتسم عندما تذكر لحظة العشاء .
حتى ذلك اليوم ، لم يكن قد جلس إلى الطاولة بصحبة سبعة أطفال.
لقد مضى وقت العشاء فى لهو مبهج وقد استشعر "جاسون" فى كل لحظة روابط الحب التى تجمع أفراد العائلة .
كان يهم بابتلاع القضمة الثانية من شريحة اللحم عندما هبت الزوبعة .
- أمى ، لقد وكزنى "ترافى" بقدمه .
- هذا ليس صحيحا !
- "ترافى" كف عن مضايقة أخيك .
- ماذا ؟
- ليس أنت يا "بيتى" ، ثبت جهازك .
- أمى ، لقد وضع "أندرو" إصبعه فى طعامى .
- "إيريكا" " بيلى-جو" تغمس شعرها فى طعامى .
- "بيلى-جو" يا حبيبتى توقفى عن ذلك .
- شوكتى .... من أخذ شوكتى ؟
- أعيدوا لـ "جاك" شوكته ، يا أولاد ! ليس لطيفا ما تفعلونه .
- لكن يا أماه ....
- أطعنى يا "أندرو" .
- لقد وضع صلصة اللحم على بسلتى .
- "جاك" ؟
- إنى أبحث عن منشفتى .
- "إيريكا" "بيلى-جو" تختنق .
- كلا يا "جاسون" هذه طريقتها فى الإعلان عن إنها قد شبعت .
- لكنها زرقاء تماما .
- لأنها تجيد التمثيل .
كانت "شارلين" تأكل بهدوء وهى شاردة . لم تعر انتباها لأى شئ مما حدث . ومع ذلك ، اندهش "جاسون" مرة أو مرتين عندما رأى بداية ابتسامة ترتسم على ملامحها قم ما تكاد أن تمحى بسرعة هكدذا فإن ابنته كانت تفهم تماما كل ما يدور حولها . لكنها كانت تشعر بكل بساطة انها خارج الأحداث .
نشط الجميع ليفرغوا المنضدة ثم اجتمعت الأسرة بأكملها فى الصالون . قرأ "جاسون" على الأطفال مقاطع من "روبنسون كروزو" .
مر الوقت دون أن ينتبهوا لذلك لأنه فى لحظة ما سمع "إيريكا" تقول :
- إلى السرير يا أطفال .
صعد "جايسون" درجات السلم فى الدور الأول كانت هناك حجرتان واسعتان على الشمال تطلان على مقدمة المنزل .الحجرة الأولى بها سجادة مرسوم عليها لاعبى "البيسبول" ، وستائر من الكيريتون الأزرق على النوافذ كانت تلك حجرة التوءمين .
الحجرة الثانية كانت أوسع – حوائطها زرقاء مطبوع على الستائر نفس رسم لاعبى "البيسبول" كان يشترك فيها كل من "بيتى" و "جاك" و "أندرو" .
أثناء ما كانت "إيريكا" تصطحب "شارلين" و "بيلى-جو" إلى حجرتهما فى الناحية الأخرى من الممر استغل كل من "ترافى" و "تريفور" الفرصة ليعرضا على "جاسون" كنزهما الذى كان عبارة عن : علب أحذية مملوءة ببطاقات مرسوم عليها أمهر لاعبى "البيسبول" .
أحضر "بيتى" علبته .كانت نصف مملوءة وشرح الولد السبب فقال :
- إنه بدأ لتوه فى جمع الصور .
قال "جاك" :
منتديات ليلاس
- خمن ما الذى فى يدى ؟!
كان يقف عند عتبة الباب ويداه خل ظهره تظاهر "جاسون" بالتفكير . وقال :
- لست أدرى ... بطاقات ؟
- لكن كلا ! إنى أعمى لست بحاجة إلى البطاقات بما أنى لا أستطيع أن اراها .
لم يكن يشعر "جاك" بضيق بسبب إعاقته بل على العكس من ذلك ، كان يبدو مندمجا تماما وسط هذه العائلة الكبيرة بدون شك كان هذا هو سبب نسيان "جاسون" أنه اعمى .
تنهد "جاسون" قائلا :
- إنى أستسلم .
أظهر له "جاك" كرة "بيسبول" موقعها عليها من عشرة لاعبين من فريق "فيلادلفيا ، فيليس" .
قال "جاسون" :
- هذا رائع كيف حصلت عليها ؟
قال أحد التوءمين :
- العم "فرانك" .... إنه أخو أمى .يعيش فى "فيلادلفيا" لكنه يسافر كثيرا . إنه هو الذى أرسل لنا كل هذه الأشياء وعندما تسلمنا الكرة قررنا جميعا أن نعطيها لـ "جاك" إذا لم يستطع رؤيتها ، على الأقل يستطيع الإمساك بها ، أليس كذلك ؟
تنحنح "جاسون" متأثرا :
- بلى أعتقد أنكم إتخذتم القرار المناسب .
دخلت "بيلى-جو" إلى الحجرة مرتدية البيجامة ، ثم صعدت فوق السرير بجانب "جاسون" دخلت "شارلين" خلفها مصحوبة بـ "بلوم" وبقيت واقفة فى الركن .
دخلت "إيريكا" :
- هيا يا أولاد. أما زلتم بملابسكم ؟ أسرعوا .
هجم الجميع على الدولاب رمقت "إيريكا" "جاسون" بنظرة وهو جالس فى هدوء على حافة السرير ، و "بيلى-جو" بجانبه .
كان يبدو أنه هنا منذ زمن طويل وكأنه جزء من العائلة .
حدثت "إيريكا" نفسها :
" احترسى يا صغيرتى هذه الأفكار خطيرة "
إن "جاسون" والد "شارلين" وهو يعيش فى "تكساس" والأهم من ذلك أنه سيعود قريبا .
قالت :
- "شارلين" لماذا لم تجعلى "جاسون" يشاهد حجرتك أنت و "بيلى-جو" ؟ اجعليه يشاد أيضا "سندريلا" لكن احترسى حتى لا تعضه.
كانت حجرة البنتين تطل على الفناء . ومزينة بألوان الباستيل حيث يسيطر عليها اللون الوردى انحنت "شارلين" فوق صندوق ونهضت وهى تحمل بلطف بين يديها فأرة . قال "جاسون" :
- أعتقد أن هذه هى "سندريلا "
أومأت "شارلين" برأسها .
- إنها لطيفة أيمكننى مداعبتها ؟
تجمدت يدا البنت الصغيرة وهى تمسك بالفأرة وأخذت تهز رأسها بشدة .
همس "جاسون" :
- حسن لن أداعبها . لن أصيبها بأذى ولا أنت أيضا .
جذبته "بيلى-جو" من يده وقالت :
- ستعضك .
- آه .... لقد عرفت أنها ستعضنى إذا أمسكتها.
أومأت "شارلين" تريد أن تقول : نعم .
راحت "بيلى-جو" وهى مبتهجة تريه دميه تصل إلى منتصف قامتها .
- الدمية "بونتون كرانك" هل تروق لك .
قال أحد التوءمين وقد ظهر فى الغرفة مرتديا البيجامة :
- تقصد "تونتن فرانك" إنها لا تستطيع الكلام بشكل صحيح لكن أمى تقول إنها فى يوم ما ستتحدث بطلاقة إننى أقوم بالعمل الذى يجعلنا ندعو الله أن تكف عن الكلام .
اتجه "جاسون" إلى حجرة الأولاد وهو يضحك . كانت "إيريكا" تقبل "أندرو"
- طابت ليلتك يا عزيزى كن هادئا .
- نعم يا أمى ، طابت ليلتك يا "جاسون"
- طابت ليلتك يا "أندرو" ، " جاك" ، "بيتى" .
أجاب الجميع إلا "بيتى" أكدت له "إيريكا" :
- إنه لا يسمعك .
تبعها إلى غرفة التوءمين ، قبلت "إيريكا" الولد الصغير النائم على السرير العلوى :
- طابت ليلتك يا "ترافى" .
- إننى "تريفور" .
همست وهى تنحنى نحوالسرير السفلى :
- إيه .... حسنا طابت ليلتك يا "ترافى".
- إننى "تريفور" .
تنهدت "إيريكا" :
- يا إلهى الآن البنات لابد وأنهما قد ناما .
تلاشت "بيلى-جو" وسط الدمى والحيوانات ذات الفراء . قبلتها "إيريكا" قبلة حانية فابتسمت .
تقدم "جاسون" نحو سرير "شارلين" كان يشعر بأنه متجمد أمام ابنته . قبلت "إيريكا" "شارلين" ثم ربتت على رأس الكلب .
- إلى اللقاء سأتركك تعتنى ببنتى .
نظرت إلى "جاسون" وهو يتمنى ليلة سعيدة لابنته . لم تظهر "شارلين" أى رد فعل لاحظت "إيريكا" ان يد "جاسون" البرونزية الطويلة ترتجف بخفة .
كان عريض المنكبين كنز الأرداف . لم تستطع أن تمنع نفسها من النظر إليه وهو ينكفئ على "شارلين" .
أسرع "جاسون" بالخروج من الغرفة أطفأت "إيريكا" النور ولحقت بـ "جاسون" على درج السلم . لاحظت أن دموعا مكبوتة قد زادت من لمعان عينيه .
قالت :
- اعتقد أننا الاثنين نحتاج لشراب هل تريد أن تذهب معى إلى صالونى الخاص .
- فكرة رائعة .
كان فى نهاية الطرقة ، فى الجناح المقابل للمطبخ دفعت السيدة الشابة بابا به صندوق لتظهر حجرة عالية السقف ، مؤثثة بأثاث فاخر مبطن بقماش من الساتان الأزرق الفاتح . كان هناك قطع من الحطب فى المدفأة الرخامية .
توجهت "إيريكا" نحو مكتبة مصنوعة من خشب الماهوجنى تعلوها الكتب ، فتحت رزمة من الزجاج .
- ماذا تريد ؟
- شرابا بدون ثلج .
قدمت "إيريكا" لـ "جاسون" الشراب جلس "جاسون" على الأريكة وهو يحملق فى قاع كوبه .جلست "إيريكا" على مقعد رخو حاولت أن تجد موضوعا طريفا قبل أن تتطرق لموضوع "شارلين" .
- تلك الحجرة هى حديقتى السرية .
- هل هذا صحيح ؟
- نعم . هذا مكان محظور على الأطفال ألا يدهشك هذا ؟
- كلا . من حقك أن تحتفظى بمكان خاص .لابد وأن ذلك كلفك ثروة .
- كلفنى وقتا فقط عندما اشتريت هذا المنزل ، كان هذا الصالون موجودا على حالته تلك تقريبا . المكتب أثثته بنفسى جزء من الطلاء وفرش وبعض المقاعد ، ثم المكتب .
إن الأثاث الذى كانوا يتحدثون عنه ، كان قطعة نادرة تستطيع أن تسلب لب أى بائع عاديات رفع "جاسون" أحد حاجبيه الكثيفين.
- هل أجريت تعديلات على هذا المكتب ؟
- أجريت بعض التعديلات على كل شئ فى المنزل تقريبا .
- إنى أهوى تلك الأعمال .
- لقد أضفت بعض اللمسات على الطابق الثانى منذ زمن قصير.
نظر إليها :
- أنت إذن سيدة الفن والإتقان فلا يوجد فى بيتك نقيصة أو عيب .
- هناك القليل من العيوب .
ابتسم وسكت برهة ثم سألها :
- هل تعتقدين أن "شارلين" ستتحدث من جديد ؟
حدقت "إيريكا" فيه بشدة كما لو كانت تريد قراءة أفكاره . ثم نهضت اتجهت نحو مكتبها ورجعت وفى يدها ملف أعطته لـ "جاسون" :
- هذا ملف قصة "شارلين" الكاملة . حتى انتهى من إعداد القهوة .سأحضر على الفور .
عندما اختفت "إيريكا" . فتح "جاسون" الملف بهدوء كانت فكرة أن حياة ابنته عبارة عن سطور مخطوطة فى بعض الوريقات تصيبه بالضجر .
رجعت "إيريكا" بعد عشر دقائق كان "جاسون" واقفا أمام الشباك ، تبينت مدى ضيقه من ظهره المتصلب وكتفيه وضع الكوب على شفتيه واحتسى جرعة كبيرة . قال :
- حسنا .
الفصل الثاني
صبت "إيريكا" القهوة ، ثم رجعت إلى مكانها . قالت :
- أعتقد أن "شارلين" انطوت على نفسها لأنها تعتقد أنها مذنبة دون أن أكون متأكدة مائة بالمائة لكنى أرجح أن "شارلين" تعتقد أنها المسؤولة عن الحادث الذى أودى بحياة أمها ووالدها المزعوم .
- كيف ؟ إنها لم تكن حتى فى السيارة !
- بالتأكيد . لكننا بصدد حالة طفلة فى السادسة من عمرها وليس شخصا بالغا .
- لا أحد يعرف ، سوى "شارلين" ماذا حدث قبل الحادث ؟
- حسب ما وصلنى من معلومات . لقد كانت هناك واقعة قبل الحادث لكن ما هى ؟ ربما سمعت والدها ووالدتها يتشاجران . ربما كانت هى نفسها موضوع الشجار إن ما حدث كان شيئا عابرا لكن قد تطورت الواقعة فى ذهن الطفلة وكمن فى عقلها الباطن الإحساس بالذنب عندما أخبرتها الإخصائية الاجتماعية أن والديها قد لقيا حتفهما شعرت بالذنب بشكل مخيف . حسب معلوماتى ظلت "شارلين" تعتقد أن "ريتشارد" كان أبوها الحقيقى .
مرر "جاسون" يده على شعره فى حركة عصبية :
- كيف سأستطيع أن أخبرها أننى والدها ؟ بماذا تنصحيننى ؟
- إنها مسألة وقت .
- كم من الوقت ؟
- يلزمها وقت طويل هل أنت بحاجة دائما إلى أن أذكرك بأننا بصدد طفلة صغيرة يا سيد "جاسون" ؟ طفلتك .
وضعت قدحها بعد أن أفرغته على الصينية بكل ما أوتيت من هدوء ، ثم تجمدت يداها الرقيقتان على ذراعى المقعد .
أمعن "جاسون" النظر فى "إيريكا" وقد ومضت عيناه الناقدتان اللتان تشعان بريقا على اتساع أصغر وهو يلاحظ وجنتيها الورديتين ورقبتها الرشيقة التى تشابه رقبة "نيفرتيتى"
قال وهو يضحك :
- الآن عرفت ما هو سر هذا اللون الأحمر الجميل الذى يغطى شعرك فأنت : سريعة الغضب مهما كان الوقت الذى ستستغرقه "شارلين" لتتحدث قصيرا ، فأنا قلق عليها ، هذا كل ما فى الأمر اهدئى إذن وأشرحى لى ماذا يجب على أن أفعل .
- لست أدرى من أين أبدأ ؟
- شكرا .
- على ماذا ؟
همست وهى تحول نظرها عن ابتسامته الساحرة التى فتنتها :
- لقد امتدحت شعرى وقلت إنه جميل لكن لنعد إلى موضوعنا . لا أعتقد أن الوقت موات لتخبر "شارلين" بأنك والدها الحقيقى .
- أعتقد أنه يجب أن تتعرف عليك أولا ، حتى لو كان ذلكيحتاج إلى بعض الصبر . وبالتالى يجب أن تعيش معنا هنا بشكل فعلى تشاركنا الطعام ، توصل "شارلين" إلى المدرسة تساعدها فى إنجاز الواجبات . أريدها أن تأنس إليك . قبل أن تصارحها بالحقيقة . المشكلة الوحيدة ستكون فى الأطفال الآخرين ...
- من ناحيتى فهم لا يسببون لى أية مشكلة لقد طلبت حتى أن أنام هنا . هل تتذكرين ؟
- سأطعمك وستيورد لون بشرتك فى المقابل ، أود أن تعامل الأطفال السبعة نفس المعاملة ، إنهم يجهلون أنك والد "شارلين" وأى تفضيل لها من ناحيتك سيجرحهم إن "بيتى" و "جاك" يمران بمنعطف حرج فى حياتهما ، فهما ليسا فى حاجة إلى المزيد من الارتباك . إن عملية التبنى الآن تكاد تكون منتهية لكن ذلك لا يمنعهم من أن يتشككوا هل ستدلل "شارلين" إذن عندما تصطحبها إلى "تكساس".
- مفهوم . فى مفاضلة فى التعامل لكن مم يتشكك "بيتى" و "جاك" ؟ هل لا يحبان العيش هنا ؟
- إنهما يعشقان الحياة هنا . انا متاكدة من ذلك , مع ذلك , هما لا يعرفان لماذا قررت ان اتبناهما ؟
- لقد طاف "جاك" على عدة ملاجئ دون ان يستطيع العثور على عائلة تتبناه – لا يرغب احد فى تبنى طفل اعمى فمن البديهى ان يفكر فى دوافعي الحقيقة فى ان اتنباه .
- و" بيتى " ؟.
- لقد فقد سمعه وهو فى الثالثة من عمره فى ذلك الوقت , كان يعيش فى ملجأ وباقى الاحداث متشابهة الى حد ما مع ما حدث لـ "جاك" لا احد يرغب فى استقبال طفل اصم وقد اظهروا له ذلك جيدا , وقد طالبتهم بإغلاق الملجأ لا يعرف اى طفل هناك معنى الحب .
- لقد اعتادوا على ان يلاقوا الاحتقار والمهانة على الدوام .
- وانت يا " إيريكا " ألست متشككة من شئ ؟
- لدي من الشكوك ما يملأ السماء والأرض مثال على هذا . إعاشة أطفال فى منزل بدون أب .
لكن على أية حال , فعائل واحد افضل بكثير من عدم وجود أي من الأبوين .
- مثال طيب على العطاء دون انتظار مقابل .
- ليس تماما ! إنى أعتقد دائما ان الانسان عندما يمنح الحب لابد وان يجنى فى المقابل حبا .
نظر إليها "جاسون" بطريقة جعلتها تغير موضوع الحديث .
- أنت مدعو غدا للإفطار فى الساعة الثامنة بعد ذلك , ستذهب الى الكنيسة .
فجأة نهضت , وقد اظهرت عدم صبرها على ان ترى " جاسون" خارج منزلها دون إضافة اى كلمة اخرى , اشارت اليه حتى يتبعها الى المطبخ وخرجا من باب المطبخ وعبرا الفناء حتى رواق الجيران .
كان الجو قد اصبح باردا فارتعشت "إيريكا" وسألته بشكل آلى :
- هل تحتاج الى شئ أخر ؟
تنهد "جاسون" قائلا بشدة :
- نعم .
وقبل أن تجيبه وجدت نفسها بين ذراعيه شعرت بشفتيه فوق وجنتيها , ثم فوق شفتيها , احاطت يدها ذراعه المفتول العضلات وهى عاقدة العزم على ان تدفعه عنها . لكن لسبب مجهول , فعلت عكس ذلك تماما .
شعر "جاسون" بتجاوب " إيريكا " مع قبلته فتخللته رجفة سرت فى جميع أوصاله . كانت نية "جاسون" الأولى فى أن يقبل "إيريكا" قبلة اخوية عفيفة ولكن جرفتهما رياح الرغبة الجامحة لتحولها إلى قبلة حميمة متأججة وراحا فى عناق متقد يتبادلان القبلات .
اضطرب "جاسون" بسبب قوة أحاسيسه تجاهها .
ثم عاد الى رشده .
- يا إلهى ! ماذا كان يفعل مع المرأة التى تقوم بدور أم "شارلين" . منتديات روايتى . شعر "جاسون" بالاضطراب , فتركها .
الفصل الثاني
اكتفت "إيريكا" بالنظر اليه ولمع فى عينيها الخضراوين بريق يعبر عن خيبة الاملانحنى "جاسون" وطبع قبلة حانية على حافة انفها الصغير المستقيم وفمها الجميل .
قال :
-الى الغد .
كان صوته مرتعشا ولكنه تلاشى مع الظلام شيئا فشيئا .
استيقظت "إيريكا" فى وقت متأخر على غير المعتاد وكان ذلك شيئا طبيعيا . بعد الليلة الطويلة المضنية التى قضتها فى سهاد .
فهى لم تستطع تفسير ما صدر منها البارحة من تصرف – لم تلم "إيريكا" "جاسون نيس" . منتديات روايتى . لقد لمحت عدة مرات بريقا غير معتاد فى عيني زائرها عندما قبلها , كان ذلك نتاجا طبيعيا للعواطف الجياشة التى مرت بها خلال اليوم – لقد كان يوما صعبا . كلا فما أثار غضبها . كان شدة رغبتها الشخصية .
كانت "إيريكا" فى الثلاثين من عمرها قضت منها خمس سنوات زواج . لم تقبل قبل الليلة رجلا قط بمثل هذه الحرارة .
مرت بخاطرها ذكري "براد" زوجها السابق وافضل اصدقائها كان زواجها منه سعادة لها فهما لم يتشاجرا مرة واحدة مهما كانت نقاط الخلاف بينهما , كانا يبحثان عن الحل بالمناقشة والموضوعية وكثيرا ما كان الامر ينتهى دائما بأن يذعن احدهما لرأيه الاخر.
كان "براد" يريد العيش فى "ريتشموند" خضعت "إيريكا" لرأى وكانت "إيريكا" تتمنى العديد من الاطفال ووافقها "براد" على ذلك .
لقد فرحا عند ميلاد التوءمين فرحا غامرا وبعد مولد "اندرو" , صرح لها "براد" بانه قد حان الوقت ليتوقفا .
أصرت "إيريكا" على الانجاب للمرة الاخيرة حتى ترزق ببنت وكانت حاملا من جديد عندما لقى "براد" حتفه فى حادث طريق .
كانت علاقتهما الزوجية سعيدة كان كل فرد منهما سعيدا بالاخر . لكن "إيريكا" لم تبلغ ابدا ذورة السعادة التى كانت تنشدها او تقرأ عنها فى الكتب كانت تسخر مما يكتبون . وكانت تقول لنفسها كلما قرأت الاعترافات المشوقة لنساء آخريات .
- إنها لا تعرف الان كيف تفكر.
بلا شك إن رد فعلها غير المناسب لقبلة هذا الرجل جاء نتيجة انه لم يقبلها احد منذ وقت طويل مثلما قبلها " جاسون نيس ".
وقف "جاسون" ينظر من النافذة بعد ان استيقظ مبكرا واغتسل وقام بحلق ذقنه وارتدى ملابسه .
انطلق التوءمان فى الفناء , وهما فى كامل هندامهما واخذا يلقيان للدجاج حبوبا قد احضراها فى كيسين من الورق البنى كانت الحبوب تشرف على الانتهاء عندما كان "جاسون" يعبر الرواق .
- صباح الخير يا أطفال . هل استيقظت أمكما ؟
- نعم انها فى المطبخ .
اتجه الجميع الى المنزل اثارت رائحة شهية للقهوة انف "جاسون" وهو واقف على عتبة الباب – كانت "شارلين" تجلس الى الطاولة وهي تمضغ فى هدوء . و
"بلوم" يجلس عند قدميها لم يستطع "جاسون" ان يمنع نفسه من الابتسام .
كانت "إيريكا" ترتدى بلوزة قديمة من الجيرسيه وشعرها المجعد ينسدل خلف ظهرها كما كانت حافية القدمين .
ارتبكت "إيريكا" وهي تصب محتويات علبة عصير البرتقال فى كوب توجه "جاسون" نحوها لمحته بطرف عينيها وهو يتقدم نحوها . فارتعشت يدها وانسكب عصير البرتقال على البلوزة وكاد ان يسقط صندوق البيض من يدها أسرع "جاسون" نحوها والتقط كوب العصير .
منتديات ليلاس
- صباح الخير يا "إيريكا".
كان صوته اجش ومألوفا .
- لقد اتيت مبكرا .
بهرها وجوده فجأة , فظلت فى مكانها مفتونة تنظر إليه لاتكاد تعبأ بشرائح اللحم التى انكمشت فى المقلاة أو البقعة التى لوثت ملابسها قالت محدثة نفسها :
- يا إلهى , انه اكثر جاذبية فى البدلة ذات القطع الثلاث .
كانت ترى معظم الرجال غير لطاف فى ملابس يوم الاحد .
لكن " جاسون " يبدو فى اتم اناقة كان يبدو وكأنه قد ولد فى بذلة المناسبات .
كانت ترى فى عينيه نفس النظرة التواقة إليها ويكاد يموت شوقا الى تقبيلها وقد ظهر ذلك بجلاء .
كانت على استعداد لدفع عشر سنوات من عمرها مقابل لحظة اختلاء به .
- " إيريكا " ..
- نعم ؟
- إذا ما استمررت فى النظر إلي على هذا النحو فسأقبلك فى مطبخك .. وامام شهود .
كانت عيناه الرماديتان تعبران عن شئ وحشي بل وبدائي ايضا .
مر بذهن "إيريكا" صور متتابعة وغير مترابطة كحلم يقظة, منتديات روايتى . ترى فيه نفسها بين ذراعي "جاسون" وهو يعانقها بشدة ثم أفاقت من حلمها بعد ان صفعها هول ما تخيلته لكن ماذا يحدث لها ؟
إنها لا تعرف هذا الشخص إلا منذ اربع وعشرين ساعة تقريبا ومع ذلك فهى تحترق لترتمي بين احضانه فى هذا المطبخ إن هذا ضرب من الهذيان .
ابتسمت ابتسامة شاحبة ودمدمت بجملة غير مفهومة دون ان تنتظر اجابة "جاسون" , رجعت الى الخلف .
انقذ "جاسون" شرائح اللحم من الحريق وبدأ فى قلي البيض فى المقلاة . كان اليوم مملوءا بالإثارة .
كما كان "جاسون" فخورا بنفسه فهو لم يسبق له ان اعد البيض لتسعة أفراد وقد اجاد التصرف مع الاطفال .
ظهرت "إيريكا" مرة اخرى قرب انتهاء الافطار . كانت ترتدى ثوبا فضفاضا ذهبيا , مشبوكا من الامام بالعديد من الازرار على شكل اللؤلؤ . وقد احاطت خصرها الرشيق بحزام مناسب ولبست صندلا من الجلد الاصفر كان شعرها ينساب على كتفيها فى طلاقة وكانت قد وضعت قليلا من المساحيق المناسبة للون بشرتها والتى أبرزت اللون الاخضر الزمردي لعينيها الزرقاوين لم يتعرف عليها "جاسون" وهي فى تلك الهيئة مما أصابها بالضيق , كان يفضلها فى الملابس الرياضية القديمة بشعرها الأشعث المجعد ونظرتها المتقدة .
قال لها بود :
- إفطارك فى فرن الميكروويف .
مرة اخرى وقعت تحت تأثير ابتسامته التى لاتقاوم فابتسمت له بدورها .
- شكرا يا "جاسون" , لم يكن هناك داع لكي تعد الافطار .
- كان الامر لطيفا .. منتديات روايتى . بالإضافة الى اننى كنت اتضور جوعا كانت عيناه الرماديتان تعلنان بجلاء عن رغبته فيها وليس فى الطعام لم تجب "إيريكا" كانت على عجل لتكون فى الكنيسة .
استنشق "جاسون" عطر "إيريكا" عبق الياسمين مختلطا بشئ اخر.
همس :
- أمطار الصيف !
التفتت نحوه , منتديات روايتى . وقد قطبت حاجبيها .
- لا يوجد أى صوت للامطار بالخارج . هل تمزح ؟
- عطرك الياسمين مختلط برائحة مطر الصيف أدارت رأسها بسرعة , لكن لم يمنع ذلك "جاسون" من ملاحظة تورد وجنتيها من الخجل والنبض المتزايد لضربات قلبها .
( نهاية الفصل الثاني )
|