9_صورة في مجلة
*********************
قال جاسون وهو يلتقط محفظة أوراقه الجلدية:
" سأتأخر الليلة , فلا تنتظريني".
ورغم قرارها ألا تكون زوجة فضولية أو تهوى الأستجوابات , فأنها لم تستطع أن تخفي ضيقها
وقالت:
" هل ستتأخر كثيرا؟".
" مندوب شركة (آي ايه كومبانت) سيصل متأخرا هذا المساء , وسنتعشى معه في النادي , لكنه سيسافر الى بروكسل غدا وعندئذ قد تهدأ الأمور لبضعة أيام يا حلوتي نخرج خلالها ذات ليلة".
لم يحذرها أن الزواج قد ينطوي على هذا النوع من الوحدة , ولو همس لها أحد بمثل هذا التحذير لشكت في الأمر , لأنها كانت تعتقد أن جوهر الزواج هو الحب والمشاركة والرفقة , وبعد أن أنتهت من أفطارها , بدأت تتوتر مرة أخرى لتفكيرها في الساعات الطويلة التي تقضيها وحيدة قبل عودة جاسون.
وقامت ووضعت الأطباق على العربة المتحركة
وأسرعت اليها ليبي من المطبخ وهي تقول لها:
" أتركي هذا لي يا سيدة ستيل".
" ليس لديّ ما أفعله هذا الصباح , وفي أي حال يتعين علي أن أتعلم آداء الأعمال المنزلية , فأنا لا أتصور أن أكون زوجة لا فائدة منها".
ابتسمت ليبي ولم تعلق, وبعد قليل سألتها عما تريده في قائمة الطعام. فقالت لها أن جاسون لديه أرتباطات هذه الليلة وأنها ستكتفي بما هو موجود , فردت ليبي قائلة:
" أعداد الطعام لشخص واحد لا ينفرق عن أعداده لشخصين , فماذا تحبين؟".
" كلا , بل يختلف , لأن أعداده لشخصين يعني أن جاسون سيأكله معي".
فقالت لها ليبي بلهجة تعاطف معها:
" تزوجت رجلا مهما , وطوال السنوات التي عملت فيها معه , لم يكن لديه وقت فراغ يذكر".
" أحيانا أود لو أنه لم يكن بمثل هذه الأهمية , أنا أعرف أنه يتحمل مسؤولية ضخمة , لكنه يرهق نفسه , هل هذا جرس الباب؟".
" سأذهب لأفتحه".
ومرت لحظات سمعت ميراندا خلالها حديثا متبادلا , لكن بعد المطبخ عن الباب الرئيسي للمنزل لم يمكنها من أن تتبين ما يقال
وبعد قليل جاءتها ليبي تقول:
" أنها السيدة لندسترن يا سيدتي".
منتديات ليلاس
وجعلها شيء ما في النغمة التي قالت بها ليبي هذه الجملة تبدو عابسة وتنظر اليها بحدة وتسألها:
" السيدة.... وهل عرفتها من قبل؟".
" لا أستطيع أن أحدد يا سيدتي , أستطيع أن أقول لها أنك على وشك الخروج , أذا كنت مشغولة لدرجة لا يمكنك من التحدث اليها".
" كلا , من الأفضل أن أرى ما تريد , لعلها شخص...".
ولم تنطق بالعبارة التالية المكملة ( من معارف جاسون ) أذ بدت ليبي وكأنها تريد التملص من الموضوع , أم أن ميراندا توهمت ذلك؟ لا شك أن ليبي تعرف الزائرة , لكن أذا كانت من معارف جاسون فلماذا لم تقل ليبي هذا؟".
وأسرعت ميراندا الى المدخل , ولسبب لا تدركه كان قلبها يخفق بعنف وأحساسها يتضايق مما جعلها متوترة , ووقفت لحظة أمام المرآة لتلقي نظرة سريعة على شكلها وأخذت نفسا عميقا قبل أن تفتح باب غرفة الجلوس لترى الزائرة
ونهضت هذه برشاقة وأقبلت مسرعة نحو ميراندا وهي تقول:
" سامحيني لتطفلي عليك في هذه الساعة وبدون سابق أنذار , وتلك حماقة مني , هل أنت زوجة جاسون".
" نعم .... يا سيدة لندسترن أجلسي لو سمحت".
" شكرا لك ... أسمي أليسيا, لكن أصدقائي يدعونني ليسا , كنت أتطلع الى لقائك , لقد كنا مسافرين في الجزر اليونانية عند زواجكما , ودهشنا بصورة بالغة عندما رجعنا من أسبوعين وسمعنا أن جاسون تزوج , أننا أصدقاء قدامى , وهو وزوجي درسا معا , لا أعرف أذا كان جاسون حدثك عنا , لكن كان علي أن أجيء وأن أقدم تهانينا...".
كان للزائرة طريقتها في أقامة العلاقات وأسقاط حواجز الغربة في وقت يسير.
وأبتسمت لها ميراندا وهي تقول بصراحة:
" لا أذكر أن جاسون تحدث عنك أو عن زوجك , لكن ربما فعل ونسيت , هل لديك وقت لتناول بعض القهوة يا سيدة لندسترن؟".
" أود ذلك فعلا , لكن أرجو أن تدعيني باسم ليسا سمحت كما يفعل الجميع".
وذهبت ميراندا لتطلب من ليبي أعداد القهوة , وجلست ليسا جلسة أسترخاء وبدأت تروي ميزات قضاء العطلات في الجزر اليونانية , وعندما جاءت ليبي تلعثمت , ونظرت كلاهما الى الأخرى , ولمحت ميراندا هذه النظرة وأحست برجفة الحيرة , وتوهمت أنها ترى نظرة التحدي في عيني ليسا
وعدم الترحيب البارد في عيني ليبي وقالت ليسا:
" ليبي لا تنسى أبدا, فهي تتذكر أنني أحب القهوة بلا حليب".