7_ ليلة العرس البيضاء
****************************
هجر النوم ميراندا عشية زواجها , وتلاحقت في ذهنها الأحداث التي مرت بها : ما كشفته لها سوزان ونصائح جين وكل ما سمعته عن جاسون.
لكن كل هذا ينتمي الى الماضي , حتى لو كان حقيقيا , أنه لا يمت بصلة الى الحاضر , فالمنطق يؤكد أن غمزات رينا لا يمكن أن تكون حقيقية , ألم تشاركه هي نفسها الكثير من أمسياته الخالية من العمل وعطلاته الأسبوعية منذ أن طلب منها الزواج , ورجل كهذا مثقل بمسؤوليات جسام وأعمال وسفريات عديدة لا يمكن أن يكون لديه وقت لما تدعيه رينا من علاقة بينه وبين أمرأة أخرى , أن رينا يمكن أن تختلق أي قصص لتروجها عند أية همسة من اشاعة , ولكن لا يمكن أن تكون له علاقة بهذه المرأة!
مضت سوزان وهي تحس بالتعاسة , وجاءت جين وعرفت أسباب الحالة البائسة التي وجدت فيها ميراندا
وغضبت وصدمت وهتفت قائلة:
" أما أن تنسي ذلك وتثقي فيه أو تطلبينه تلفونيا وتعرفي منه الحقيقة".
ولم تستطع ميراندا أن تفعل أيا من الأمرين , وعندما طلبها جاسون تلفونيا في العاشرة كما وعد لم تستطع سوى أن ترد بأقتضاب , وظل السؤال حبيسا في صدرها يعتصرها ألما وهي تتلهف أن تسمع منه كلمة يؤكد فيها حبه لها, كلمة تقضي على شكوكها , ويبدو أنه أحس بما يجول في خاطرها
فأسرع يقول:
" لن أستبقيك, فأنا نفسي تطوف بي مثل مشاعرك".
منتديات ليلاس
" مثل ماذا؟".
" مثلما تبدين أنت: متقطعة الأنفاس عاججزة عن الأستمرار ,لكن لا تقلقي فالغد غدنا يا حلوة".
يا حلوة.... كررت الكلمة لنفسها بنعومة , كانت هذه الكلمي تشير الى عمق حبه لها , ذلك الحب الذي تبحث عنه طويلا لا كمثل تلك العاطفة الهشة التي أظهرها في بعض الأحيان والتي شعرت بغريزتها أنها عاطفة مصطنعة يتقنها الرجال لأرضاء النساء
أن اللوم يجب أن يوجه الينا نحن معشر النساء فأننا نريد فيضا مستمرا من التعبير عن حب الرجال لنا والرجال يستطيعون أن يفعلوا ذلك بطريقة عكسية.
وأدارت عينيها تتأمل الغرفة بعينين مضطربتين , تلك آخر مرة ستنام فيها هنا , وقريبا تنام هنا فتاة أخرى تداعب جفنيها أحلام عذبة في هذا السرير
وجاءت جين تطمئن عليها وهمست قائلة:
" ميراندا , أما زلت يقظة؟".
" نعم".
" هلا تنامين بحق السماء , هل تودين أن تكوني محطمة في يوم زواجك؟".
" لا أستطيع أن أنام , ولا أعرف ماذا أفعل".
" قلت لك , أنسي الموضوع , أفترضي أنك ذهبت اليه وناقشت الأمر معه ووجدت أنه مجرد أشاعة , لا بد أن تفضي اليه بما يشاع عنه وأن تعطيه الفرصة للنفي".
لكنها كانت تعرف ماذا سيكون عليه رد فعله : غضب بارد وربما أنسحاب من الأمر كله.
لن يقر ولن ينفي , وسيكون هذا هو نهاية كل شيء , وأذا كان الشك بينهما قد بلغ هذا الحد , فما هي الثقة أو الحب؟
وأستطردت جين تقول:
"هناك دائما دافع وراء الأشاعات فمثيرو الأشاعات يسعدهم أن يدمروا ما حرموا هم منه".
لكن سوزان ليست من هذا النوع.
وأخيرا راحت في سبات عميق , وبدا لها أن ذلك لم يدم سوى لحظات عندما لمست جين كتفها وهي تقول:
" أستيقظي ... ها هو شاي الصباح للعروس".
" كم الساعة الآن؟".
ونظرت الى الساعة وهتفت مذعورة:
" الثامنة والنصف والتاكسي سيأتي في العاشرة".
" أهدأي كل شيء يمكن التحكم فيه تماما , لديك خمس دقائق للشاي بينما أعد لك حمامك , كل ما عليك أن تفعليه هو أطاعة الأوامر".
نظمت السيدة سوندرز وجين كل شيء, وأهتما أول كل شيء بطمأنة ميراندا , وعندما جلست أمام المرآة قالت لها جين:
" أنت في حاجة الى لمسة ألوان على هذه الخدود".
وعلقت السيدة سوندرز:
" أنه مجرد توتر يسبق الزواج , كنت أنا أيضا أبدو كذلك عند زواجي".
" أنت يا خالتي , أعتقد أن عمي أندرو كان يبدو أسوأ عشر مرات".
" أمضى عمك أندرو ليلته مستيقظا يتساءل هل أتزوجه أم أتزوج أفضل رجل يتقدم الي!".
وجاءت سوزان بالتاكسي حيث ذهبا الى مكتب التسجيل ولم ينطق أي منهما بحرف طوال الرحلة , كانت سوزان تحس بالذنب وبدأت ميراندا ترتعش وهما تدخلان المبنى , كان أول شخص رأياه هو جاسون, الذي بدا وسيما جدا في البذلة السوداء الرسمية , وتقدم اليها ومعه رجل طاعن في السن قوي البنية وجهه مألوف لميراندا بصورة وامضة منتديات ليلاس
وقال لها جاسون :
" أنك تبدين رائعة للغاية".
" هل أبدو كذلك؟".
" لا أعتقد أنك قابلت من قبل سير شارل , رئيسنا , شارل تلك هي عروستي , الآنسة ميك ".
وعلّق سير شارل:
" أنها عروس جميلة للغاية , أنا مسرورلرؤياك يا عزيزتي , وآمل أن يستحقك عريسك , ها هي زوجتي جاءت".
وبدأ سير شارل في تقديم كل منهما للأخرى , وفي اللحظة نفسها أنتهت مراسم الزواج السابق , وحان دورهما , وبدأ الأحتفال القصير الذي أصبحت ميراندا بعده السيدة جاسون ستيل.
أنها تتذكر تفاصيل قليلة من يوم الزواج هذا , أذ وقع سير شارل على العقد كشاهد ثم قال لجاسون:
" قبّل عروسك يا بني ".
وكانت سوزان تتعثر في مشيتها , ولمعت أنوار آلات التصوير.
ورجعا في سيارة سير شارل الى بايرون سكوير ,وعندما أصبحا منفردين في السيارة عانقها ثم سألها:
" هل تكرهين هذه الضجة؟".
" كلا, بالطبع".
" مع كل التبجيل لأحلام النساء , أعترف أنني ممتن أننا قررنا البعد عن الضجيج , بصراحة أن الخيال يجفل مما كان سيحدثه في نفسي هذا الضجيج".
وأخذ يدها حيث أشار الى مكان خاتم الزواج وقال:
" أليس هذا هو الشيء الأساسي؟".
وخفضت رأسها ودقات قلبها تتسارع
وأضاف :
" لو خالفت الآنسة مايو وليبي والسير شارل تعليماتي لفصلتهم ".