كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
3- الظلام الدافىء
وخلال الأسابيع الباقية قبل عيد الميلاد ظلت توني تقنع نفسها بأن تقبل دعوة بنيامين لتظل أشراقة السعادة بادية على وجه أمها , وأتخذت السيدة وارين خطوات عملية أستعدادا للزيارة.
" أنك بحاجة لبعض الملابس الجديدة يا حبيبتي توني , قررت أن تقضي السبت في المدينة لتشتري ما لنشتري ما نريد بالنقود التي وفرناها لقضاء الأجازة في أسكتلندا".
وأعترضت توني بحجة أن لديها ملابس مناسبة , ولم يكن من السهل أن تعود السيدة وارين عن رأيها , وأمضتا يوما في السوق ورجعتا محملتين بصناديق ولفائف , وبينما كانت توني تعد الشاي قامت أمها بنشر الملابس الجديدة على السرير وعلى وجهها مشاعر البهجة والرضى .
ودخلت توني لترقب في أنبهار وقالت :
" أنها ملابس فاخرة , ولكن ماذا أفعل بها بعد عيد الميلاد؟ لن أستطيع أن ألبس رداء كهذا لأذهب به ألى السينما أو حتى ألى المطبخ ثم ضحكت وقالت :
"وماذا عن رحلتنا ألى أسكتلندا ؟".
وأبتسمت السيدة وارين أبتسامة أبتسامة غامضة وقالت :
" لا تشغلي بالك! وعيشي يومك فنحن لا نعرف ما يأتي به العام المقبل".
" أسمعي يا ماما! أذا كنت تتخيلين أنني سأسمح لنفسي .........".
ولكن الأم وضعت يدها على شفتيها وهي تقول :
"آه يا حبيبتي , دعينا نتقبل الأمور كما تحدث..... ذلك أفضل!".
ولم يكن بوسع توني أن تفعل شيئا بعد ذلك كان هناك مرض منتشر بين الموظفين في المكتب , تطلب منها أن تعمل في الصباح وفي المساء ساعات أضافية , وكان الطقس مريعا وأنخفضت درجة الحرارة خلال أيام وهطلت الأمطار بدون توقف حتى ليلة عيد الميلاد , وكذبت بذلك جميع التنبؤات الجوية وساءت الحالة النفسية بسبب الظلام والمطر الذي أستمر لأيام وأكتظت الحافلات والقطارات بطوفان البشر الذي لا ينقطع .
وعملت توني طوال ليلة عيد الميلاد حتى لا تتبقى أوراق تحتاج ألى النسخ , وغادرت المكتب في وقت متأخر تأمل أن تتفادى زحام وقت الذروة , ولكن الزحام كان كما هو وكانت الرحلة أكثر مللا , ووصلت ألى الشقة في النهاية وهي تأمل أن تمضي أجازة دافئة تقتصر عليهما , ولم تكن مرتاحة لفكرة السفر ألى مكان تجهله في بيت غريب وخطر لها أن تعتذر في آخر لحظة بمرض الأنفلونزا , وكانت ترتعد من البرد وهي تفتح الباب الخارجي للشقة.
وأطلت السيدة بلاث , مالكة البيت , من غرفتها في الدور الأرضي تقول :
" خرجت أمك , وتركت لك هذه الورقة".
منتديات ليلاس
فردت توني الورقة بأصابع مبتلة وقرأت :
" حبيبتي , تغيرت الخطة وأضطررت ألى أن أسبقك , كل شيء على ما يرام , وسأشرح لك عندما تلحقين بي , أتخذ بنيامين الترتيبات وسيمر عليك سائقه الخاص ليحضرك حوالي السادسة والنصف , كتبت لك هذا على عجل – أمك ,
ملحوظة : لا تنسي أن تطفئي الشعلة الصغيرة لموقد البوتاغاز ".
كانت السيدة بلاث تنتظر في لهفة , وقالت :
" سوف تذهبين في القطار أذا؟".
وبدا أنها كانت تعرف كل شيء عن زيارة توني وأمها لأقاربهما الأثرياء في غلوشستر .
وأتجهت توني ألى الدرج قائلة :
"أوه , لا , لا أعتقد".
" هل سيرسلون سيارة أليك ؟".
" نعم , أشكرك على أعطائي الرسالة يا سيدة بلاث ".
وصعدت الدرج وأغلقت الباب خلفها وأسندت ظهرها أليه.
كانت الشقة رطبة وباردة , وأشعلت موقد الغاز , وأرخت الستائر ووضعت غطاء وعاء أسفل المظلة التي تنضح بالماء ونفضت سترتها على أحد الكراسي لتجف , كانت الساعة تشير ألى السادسة وخمسة دقائق , وأدركت أن عليها أن تسرع بالأستعداد أذا ما كانت تعتزم الخروج مع ذلك السائق و وفكرت في مخاطر الرحلة الطويلة في السيارة وحدها مع سائق لا تعرفه , ودخلت ألى غرفة النوم لتغير ثيابها .
وخطر لها – هل تجد ماء ساخنا للحمام – وخلعت ملابس العمل وأرتدت رداء خفيفا وسارت حافية عبر الغرفة ألى الحمام المشترك ووجدت المياه ساخنة أتاحت لها حماما دافئا.
وما أن خرجت من الحمام حتى سمعت جرس الباب يدق من أسفل , وأطلت من النافذة فرأت سيارة طويلة أنيقة ألى جانب لحاجز الحجري عند حافة الطريق وأنحنت على الدرابزين لتسمع صوت السيدة بلاث وصوت رجل يحييها وصاحت تسأل :
" هل هذا لي يا سيدة بلاث ؟ أرجوك أن تجعليه ينتظر ؟ سأكون جاهزة خلال دقائق".
وسمعت صوت خطوات تصعد الدرج المغطى بالمشمع وتثب كل درجتين في خطوة , فأستدارت تعدو ألى غرفتها , وأنفرج دثارها الرقيق بينما كان غراي لورنس يدور مع الدرج ليواجهها , وتسمرت خطاها وحملقت أتجاهه والحرارة تصطخب في وجهها وأحكمت الرداء حولها وأسرعت ألى غرفة النوم وأغلقت الباب خلفها.
|