لم تستطع توني أن تفهم ما تعنيه وظلت لبرهة تحاول أن تستجمع خيط الحديث , ثم قالت :
" كنت أظن أنه زواج مثالي ولذلك لا يستطيع غراي أن ينسى ميدج".
وسألتها آن في سخرية :
" هل قال لك ذلك بنفسه؟".
" لا! لم يقل ذلك , العم بنيامين هو الذي قال أعتقد أنه ذكر أن غراي شعر بخسارة فادحة جعلته يشعر بالمرارة ويتحول ألى أنسان صعب المراس , وهذا يفسر سلوكه في معاملتي".
وفكرت آن مليا , ثم قالت :
" كنت أعرف ميدج جيدا , كبرنا معا , ولم تكن تنسى أبدا أنها أميرة صغيرة , كانت كل ما بقي لبنيامين من أسرته ودلّلها وأعطاها كل ما طلبته بل أفسدها بتدليله ولم يرها على حقيقتها , كانت أنانية تماما وكنت أظن أنها ستتغير عندما تزوجت غراي , ولكنها ظلت تزهو أمامي بأنها تلوي غراي كما تلوي أصبعها الصغير , رغم أنه كان يحبها , ويعطيها كل ما تطلب , وكانت تعامله كما تعامل بنيامين ".
وأبتسمت آن في كآبة وقالت :
" ولكنني أعتقد أن غراي كان نمطا تماما ولأنني أعرف ميدج فقد كان بوسعي أن أتخيّل ما يدور .... ولقد حدّثتني ذات مرة , من باب المباهاة أن لها طريقتها في أن تجعله يفعل ما تريد , كان ذلك أقذر ما يمكن أن تصنعه أمرأة برجل".
وهمست توني :
" هل تعنين أنها كانت .........".
ونظرت أليها آن وقالت :
" كانت تحرمه من عواطفها ....لم تكن ميدج تهتم بالآخرين على الأطلاق بل كانت تستغلهم , أستغلت دومينيك بهذه الطريقة أحيانا ونجحت في أن تجعل غراي يضيق به ".
وعلقت توني :
" نعم لاحظت ذلك.....".
كان كل شيء يتضح الآن , وواصلت توني :
" ولم يكن بنيامين يعرف شيئا عما يدور ".
وهزت آن رأسها وقالت :
" كانت ميدج في عينيه الكمال ذاته وكانت تحرص على أن تبقى كذلك , ولم يكن غراي يريد أن يعرف الرجل العجوز الحقيقة , وتحول بمضي الوقت ألى رجل أكثر صمتا وكآبة بينما صارت ميدج أكثر طيشا وأهتماما بالمظاهر , كان أحد أصدقائها سائق سيارة سباق , وكان ذلك عندما أشترت السيارة التي قتلتها , أذ أرادت سيارة فخمة قوية تلفت النظر وأخيرا وجدت الشيء الذي لم تستطع أن تسيطر عليه ".
منتديات ليلاس
وألتزمت توني بالصمت , ودار عقلها عاجزا عن أن يتكيف للموقف الذي أنقلب فجأة رأسا على عقب , ونظرت أليها آن وقد أنتابها القلق , وقالت :
" سألوم نفسي لأنني تكلمت! كنت أشعر أنك ينبغي أن تعرفي , وربما يهمك أن تعرفي.......".
وقالت توني في بطء:
" أنه يهمني تماما ..... ولكن سامحيني يا آن لا أريد أن نتحدث عن ذلك الآن , هل أكون قليلة الذوق أذا طلبت منك ألا أبقى أكثر من ذلك؟".
ونظرت أليها آن نظرة قلقة , وقالت :
" بالطبع لا .... ولكنك ستأتين مرة ثانية ".
ووعدتها توني بالزيارة , وودعتها , وسارت عبر الحديقة الجرداء وبدلا من أن تتجه ألى البيت عبرت طريق السيارات ووجدت دربا غير ممهد تنتشر عليه الأحجار والطين , وواصلت السير وهي لا تلاحظ ما يحيط بها , وأستولت عليها فكرة واحدة , لم يكن غراي يعيش عيشة خيال جامح , ولم يكن يحاول أن يتخيل أنها ميدج ,ولم يكن يحب ميدج بل كان تعيسا للغاية معها , لو كانت آن صادقة فيما قالت ..... وأمتلأ قلبها فجأة بالعطف عليه , لا بد أن ظهورها خلق له موقفا لا يحتمل , كان يحارب شبحا يطارده من كل الجهات , وربما طلب الزواج منها ليرتاح من الشبح وأحست بأنها بدأت تفهم ولكن قليلا , وأزداد حبها له عمقا , الآن بعاطفة تملأ كل كيانها وطفت في النهاية على هيئة بكاء , وأخذت تتعثر وهي تسير باكية بؤس غراي وبؤسها , والموقف الذي يتواجدان فيه.
وأخذت تسير وتسير على غير هدى , وكانت هناك فكرة واحدة تسيطر على عقلها , كانت تحب غراي وعلى أستعداد لأن تعمل أي شيء من أجله ولكنها بسبب وجه الشبه بينها وبين أمرأة أخرى , كانت عاجزة أن توفر له ألا التعاسة والقلق.