صاحت كايسي بغضب :
" أنت مقزز ,وسرعان ما ستتباهى أنت أيضا بمغامراتك وغرامياتك , أفهم أنه لا يهتم فلينت بسمعة المرأة , لكنكما يجب أن تحترسا وتحترما سمعتها".
فنظر اليها جوني بأستغراب كبير وقال:
" ماذا قلنا حتى نستحق كل هذه الثورة؟".
فهز سميتي رأسه وقال:
"لا تلتفت اليها , فما عليك ألا ذكر أسم ذلك الرجل حتى تثور , فأول مرة رأته كانت مسرعة في الطريق العام وأنفجر أطار سيارتها فاّنبها وأعطاها درسا في أصول القيادة , ومنذ ذلك الوقت وهي ثائرة عليه ".
فقالت كايسي وهي تحتج على كلامه:
" لا علاقة لذلك الحادث بشعوري نحوه".
وألقت بالفوطة على المائدة , وفتحت حقيبة يدها وأخرجت منه بعض النقود وأعطتها لسميتي وهي تقول:
" سأعود لأبي في المستشفى ,ها هو ثمن عشائي , ويمكنكما البقاء هنا كما يحلو لكما".
منتديات ليلاس
وحضر فلينت في الساعة الثامنة تماما ليصحبهم الى المنزل , ولم يعلق على ركوب سميتي معهم , بل حياهم وهو يفتح باب السيارة الخلفي لسميتي وكايسي ومارك ثم عاون السيدة غيلمور ف الركوب في المقعد الأمامي قبل أن يجلس هو أمام عجلة القيادة , وبسرعة أشتركت السيدة غيلمور في الحديث معه عن زيارته لوالديه , بصوت خافت لم تشرك به ركاب الجزء الخلفي من السيارة , الأمر الذي سرت له كايسي كثيرا أذ جنبها أضطرارها للحديث معهما.
جلست كايسي خلف السائق بجانب النافذة , بينما جلس سميتي في الوسط ومارك في الجانب الآخر , ولاحظت كايسي أن سميتي كان صامتا بصورة غريبة , فيما أخرج مارك الراديو من جيبه وأداره بصوت خافت , مستندا على الباب وواضعا الراديو على أذنه , وأخذت كايسي تنظر من النافذة وترقب الشمس بلونها البرتقالي وهي تقترب من المغيب , وشعرت بالحزن والضيق لسبب لم تفهمه , تحولت عيناها الى الرجل الجالس أمامها , وأخذت تنظر الى شعره البني بخصله التي وصلت الى ياقة سترته الزرقاء , وشعرت بذراع سميتي تلتف وراءها ,وألتفتت اليه والأبتسامة الحلوة تضيء وجهها وقالت:
" عزيزي الحبيب سميتي!".
ثم أخذت يده التي أستقرت على كتفها ومست أطراف أصابعه ,ولسبب غير معروف ألا لعقلها الباطن , حوّلت نظرها الى المرآة المثبتة بجوار السائق , فرأت فلينت يحدّجها بعينيه الداكنتين اللتين تبعثان شرر الغضب , مثل سحب العاصفة العاتية وأدهشها العنف الذي رأته فيهما , وفي تلك اللحظة قالت الأم شيئا للسائق لم تتبينه كايسي , فأحتجبت النظرة التي كانت في عينيه وهو يلتفت ليرد عليها , أما نظرة الغضب التي بدت في عينيه , عندما رأى مداعبتها البريئة لسميتي جعلت كايسي تتعمد ألتصاقها أكثر بصديقها , وبعد ذلك ببضعة دقائق كانت تختلس النظر في المرآة من خلال أهدابها المرتخية ورأسها يستند على كتف سميتي ..... وهذه المرة رأت عيني السائق , وهما تلتقيان بعينيها , كانتا بلون رمادي فاتح , ترتسم فيهما نظرة تدل على عدم الأهتمام.
وسرعان ما أنتاب كايسي حالة تشبه النوم بسبب دفء ذراعي سميتي وظلام الليل المنسدل ,وعندما غيّرت السيارة صوت أيقاعها الرتيب , وخفّضت من سرعتها لأقترابها من المنزل , تنبّهت كايسي وشعرت بما حولها ودار فلينت في مقعده وقال:
" أتريد أن أوصلك للبيت الآن يا سميتي؟".
فكتمت كايسي تثاؤبها وأعتدلت في جلستها وقالت:
" سأوصله بنفسي الى المنزل عندما نصل الى هناك".
فال فلينت وهو يحاول أن تبدو نبرة صوته طبيعية :
" الساعة الآن بعد العاشرة , وننوي الأستيقاظ مبكرا لضم التبن".
تنبهت كايسي تماما لما يحمله صوته من أنتقاد , لذا لم تجنبه أستهزاءها فقالت:
" لا تقلق , مرة سهرت أكثر من الآن , ومع هذا أستيقظت عند الفجر".
" تصرفي كما تشائين".
وبعد لحظات وصلوا الى الطريق المؤدي الى المزرعة , وقفت السيارة تحت عامود نور الفناء وتبادل الجميع تحية المساء , فقبلت كايسي أمها , وتمنت لمارك ليلة مريحة , وأبتسمت بتثاقل لفلينت ,ثم جلست في مكان القيادة في السيارة التي نزل منها فلينت.
ورفع فلينت أصبعه لتحية سميتي وقال له:
" حاول أن تجعلها تقود السيارة بحذر".
وبعد ثلاثة أرباع الساعة عادت كايسي , وكان المنزل مظلما ألا من مصباح الشرفة , وتسلّلت كايسي الى المنزل بهدوء حتى لا تزعج أحدا , ورأت خطا من النور منبعثا من تحت باب غرفة المكتب التي كانت تستخدم الآن كغرفة نوم ومكتب لفلينت , وأحدث أحد الألواح الخشبية المثبتة تحت المشمع قرقعة عالية وهي تحاول أن تخطو بحذر فوقها , وفجأة أمتلأت الغرفة بالنور فيما عدا المكان الذي وقف فيه فلينت بالباب , ففوجئت به كايسي وبادرته قائلة:
" ما كانت هناك حاجة لكي تنتظرني".
منتديات ليلاس
وكانت غاضبة , لكن لم يكن ذلك هو السبب في أحمرار خديها بل كان السبب نظرته التي تفحصت وجهها بدقة وكأنه يرى آثار عناق سميتي , وتوتّرت عضلات خديه وهو يقول:
" نعم ما كان يجب أن أفعل ذلك , لكنني أنتظرتك لأنني رأيت نموذجا من قيادتك للسيارة , كما أن أمامي أعمالا كتابية يجب الأسراع بأتمامها".
فردت عليه بحنق قائلة:
" أن أهتمامك رقيق يستحق الشكر , لكنه غير مرغوب فيه , طاب مساؤك يا سيد ماكاليستر".
ترك أنتقاده الذي لا داعي له , مرارة أظهرتها في كلماتها , ألا أن فلينت هز رأسه في نوع من الغضب والتبرم قبل أن يغلق باب غرفته.