16- أنتصار الحب
"هل بحثت هذا الموضوع مع فينت؟".
ألقت لوسيل غيلمور هذا السؤال وعيناها الزرقاوان ترقبان وجه أبنتها المتوتر ,وصاحت كايسي قائلة:
" مع فلينت؟ وما شأنه بذلك؟ ليس هذا من شأنه , أذا لم أستطع الأأقامة مع العمة جو , فأنني سأقيم في فندق , لكنني لن أعود ألى هناك".
فبعد الرحلة الطويلة بالسيارة مع فلينت من أوغالالا حتى المستشفى في سكوتيسلاف وصلت كايسي ألى حالة لم تعد تتحملها , ولم يعد يهمها أذا كان أقتراحها يعتبر جبنا منها أو نوعا من الهروب , ألا أنها كانت واثقة من أنها لا تستطيع أن تكرر نفس الرحلة في العودة ألى كابين كابي مع فلينت مرة أخرى , فآلام قربها منه , وتحمل أحاديثه المقتضبة كان ضربا من العذاب , وكان هو السبب في أسراع كايسي بأقناع والدتها بالسير معها ألى أستراحة المستشفى حيث صرّحت لها برغبتها وطلبت منها موافقتها عليها.
منتديات ليلاس
ووضعت لوسيل ذراعها على كتفي كايسي بحنان وهي تقول لها:
" ليست المسألة يا عزيزتي هي في وجود مكان لك عند العمة جو أم لا , فهي بالتأكيد سترحب بك كما تفعل دائما , أما سؤالي عن بحثك الموضوع مع فلينت فلم يكن سؤالا حكيما , أذ هو غير معقول تحت الظروف التي أنت فيها , أليس كذلك؟".
وتحرّج وجه والدتها بعض الشيء وكايسي تنظر أليها , فهل كانت تعرف شعورها نحوه؟ وهل يحتمل أنها أستنتجت ما يدور بينهما ؟
" أي نوع من الأم أنا أذا لم أشعر بأن أبنتي قد أحبت؟ خذي.........".
وبحثت في حقيبة يدها وأخرجت مجموعة من المفاتيح وقالت:
" هذه مفاتيح سيارة العمة جو الموجودة في الموقف , وسأجد عذرا أقدمه لفلينت ووالدك عن غيابك ....... أسرعي........ وسنكلم فيما بعد".
فعانقت كايسي أمها قوة وأمسكت في يدها المفاتيح التي ستطلق سراحها وحريتها , وهمست لأمها بحرارة قائلة :
" أشكرك".
وأطبقت شفتيها بقوة وهي تنتزع نفسها من بين أحضان أمها , وأبتسمت لها أبتسامة العرفان بالجميل قبل أن تسرع عبر الممر في طريقها ألى باب الخروج من المستشفى , وكان الموقف مليئا بسيارات زوار نهاية الأسبوع , ونظرت كايسي الى صفوف السيارات المتراصة بحثا عن السيارة الصفراء الكبيرة الخاصة بعمتها , وأنتابها الخوف عندما أخفقت في العثور عليها , فلا بد وأن تكون موجودة ..بل يجب أن تكون موجودةّ!
وقبل أن تدرك ما يحدث , كانت يدان تمسكان بكتفيها بعنف وتدفعانها ألى السيارة الخضراء الكبيرة التي جاءت بها ألى المستشفى , لكنها لمحت السيارة الصفراء الكبيرة , بعد فوات الأوان , في صف السيارات المجاورة لهما , ولم يضيع فلينت وقتا في الأدب والمجاملات , بل دفع بكايسي ألى سيارته ليرغمها على الجلوس في المقعد المجاور لمقعد القيادة , لكنها أمسكت بالباب الآخر لتفتحه , غير أنه أمسك بيدها وهو يقول:
" لا تضيعي وقتك فهو مغلق".
وأدار محرك السيارة بيده الأخرى ورجع بها ألى الوراء.
وصاحت به كايسي وهي تلوي معصمها وتحاول أن تحرر يدها من قبضته حتى تستطيع الهرب ألى السيارة الصفراء.
وألقى عليها فلينت نظرة قبل أن يحوّل أنتباهه , وهو غاضب ألى الطريق الممتد أمامه.
" لم أكن أتصور أنك من هؤلاء النساء الضعيفات اللواتي يهربن وينزوين عندما تجرح مشاعرهن لمجرد أن شابا يافعا...........".
وتنفس بصعوبة ,ولم يتم جملته.
" أنك تؤلم ذراعي ".
ولم تحاول كايسي أن تخفي الألم الممزوج بصوتها وهي تطمئنه بوضوح وقوة رغم نظرة فلينت الموجهة لها.
" أنني لن أنتحر بالقفز من السيارة وهي تسير بهذه السرعة".
فهدأ فلينت من سرعته وترك يدها حرة وسارا في طريق يغطيه الحصى وقد تركا المدينة وراءهما , وأخيرا أوقف فلينت السيارة على جانب الطريق , وحوّلت كايسي نظرها ألى الصخور الرملية البعيدة وهي تقاوم جاذبيته القوية التي يصوبها نحوها من خلال عينيه ويجبرها بهما أن تنظر أليه.
وكان صوته خافتا , متزنا وهو يقول:
" أعلم أ أخبار سميتي كانت صدمة لك , لكن آثارها ستزول يا كايسي , فما عليك ألا أعطاء نفسك الوقت الكافي للنسيان".
فأنّت كاسي وهي ترفع يديها ألى أذنيها وتقول :
" وفّر نصائحك لنفسك , ووفر عليّ أقوالك التافهة".
منتديات ليلاس
وعاد قلبها يدق بشدة وجسمها يرتعد لرقة توسله أليها , فلم يكن معقولا ألا تستجيب للهجته المستعطفة وهو يقول:
" لماذا تنزوين بجانب الباب هكذا؟ أنني أحاول أن أساعدك".
ورفع أحدى يديه الخشنتين وقبض على أحدى يديها , ولكن ليس بالقوة التي أستخدمها معها من قبل . بل كانت في هذه المرة قبضة رقيقة كما لو كان يمسك بعصفور يعاني من الخوف ويجد من السهل األأفلات من قبضته , لكن كايسي أستبقت يدها في يده , وعاد يقول برفق :
" ستقابلين غيره وستحبينه كما أحببته".
وهذه المرة ألتفتت لتواجه عينيه وحملقت في وجه الرجل الذي أحبته من قلبها وأنفلت أنّة من شفتيها وهي تقول:
" كلا.......كلا...... لن أحب بعد الآن".