ثم حوّل نظره نحو والديه وقال:
" هل أنتما مستعدان لقضاء عطلة نهاية الأسبوع هنا على شاطىء البحيرة؟".
فوقف لوكاس وصافح أبنه وهو يقول:
" أعتزم أن أصيد أكبر كمية من السمك , لقد فاجأتنا , فلم نكن نتوقع أن نراك هنا".
وألتفت الأب ألى كايسي التي كانت ما زالت تحت وقع المفاجأة , وألقى عليها نظرة كلها تعاطف وشفقة , وتابع فلينت نظرة أبيه , وقال وهو يلتفت ألى أمه:
" لا تقلقي عليها , فهي دائما سعيدة برؤيتي , لقد شعرت خلال الثلاثين ميلا الأخيرة من رحلتي أن أذنيّ ترهفان السمع ألى حديث عني , فلا بد أنكم كنتم تتحدثون عني".
فقالت كابي وهي تقدم له كوبا من عصير الليمون وتدفع به ألى مقعد قريب ليجلس عليه:
" يا لك من رجل متغطرس مغرور!".
وقالت ميغ وهي تحيط كايسي بأبتسامتها التي لم تقو على الرد عليها بأبتسامة مثلها :
"كنا نتكلم عنك بطريقة غير مباشرة , كنا نحاول التعرف على كايسي , فأذا ذكرنا أسمك فقد كان ذلك بمحض الصدفة".
وسأله لوكاس وهو يميل نحو أبنه:
" ترى لماذا لم تخبرنا يا فلينت تنفرد بكل هذا الحسن وهذه الجاذبية ؟ لقد كنت دائما أدرك مدى أعجابك وتقديرك للجمال".
فأصطبغ وجه كايسي بلون وردي , ولم تعرف مدى أحتمالها لمحاولة هذه الأسرة القيام بدور الوسيط في عقد زواج بينها وبين فلينت , خاصة وقد أخذ فلينت ينظر بأهتمام ألى رد فعلها لكلامهما , لقد تحمّلت ذلك على أساس أن الأمر لا يتعدى كونه مجرد دعابة , وكان واضحا أن أحدا لن يهب لنجدتها من الحرج أزاء هذا الموضوع , لكنهما لا يدريان شيئا عن الألم الذي يسببه لها مداعبتهما , فقد كان فلينت فرحا لشعورها بالأرتباك.
وقفز مارك ألى الشرفة ووجهه يشع بالأبتسام وقال :
" أهلا يا أختي , هذا حقا مكان رائع وليتني أستطيع قضاء أسبوع هنا , ويمكنك أخذ مكاني في المزرعة في أي وقت تشائين".
منتديات ليلاس
وقامت كايسي لترحب به وتجيبه وهي تقاوم رغبتها في التعلق به , كما لو كان منقذها , لكنه كان أكبر من أن تحييه بتحية حارة , غير أن مجرد الوقوف بجواره قد أعطاها مزيدا من الشجاعة , عندما همّ فلينت بأن يقدم مارك ألى والديه , وقال مارك :
" سمعت أن صيد السمك هنا رائع".
وأضاف عندما أخبره فلينت بأن والديه جاءا لهذا الغرض :
" لا بد أنهما أصطادا أحجاما قياسية , أليس كذلك؟
فقد سمعت أن هناك أشخاصا يطيرون خصيصا من تكساس للصيد في هذه البحيرة".
وأستجاب لوكاس بسرعة ألى فرصة تغيير الموضوع , الأمر الذي كانت كايسي ترحب به فقد كان يعطيها الفرصة لتهدئة قلبها المضطرب بينما كان فلينت وأبوه يقصان على مارك مغامرات وقصص صيد الأسماك التي كانت تقع فريسة لشباكهما , فكان من عوامل متعة كايسي وعذابها أن تراقب خديه النحيلين وأهدابه الداكنة , التي تحجب عينيه , وشعره البني الذي صبغه لفح الشمس , أما عندما يتحول نظرها ألى شفتيه فأن الرجفة تنتشر في جسدها وتترك وراءها نارا تلتهمها.
وهكذا وجدت كايسي نفسها مسلوبة الأرادة يتركز شعورها كله في شخص واحد حتى أنها أنتفضت فزعا وكادت تقفز من مكانها عندما لمست يد ذراعها , وقالت لها كابي في هدوء وفي عينيها أشفاق على آلامها:
" حان موعد الغداء , هل تريدين مساعدتي في تقديمه؟".
فرحبت كايسي بالفكرة وهي تتفادى نظرات فلينت التي أنصبت عليها , وتأبطت كابي ذراع كايسي وهما تدخلان ألى المنزل وقالت:
" أسفة لأنني أفزعتك , لكن كثيرا ما يكون وجهك شفافا بحيث ينم عن مشاعرك ولم أرد أن يراك فلينت وأنت بهذه الصورة ,ولو أنني أتمنى أن أصارحه بغابائه في تصرفاته معك".
فشكرتها كايسي متمتمة , وهي تعلم مدى شعورها بالخجل أذا حدث ونظر أليها فلينت في تلك اللحظة ورأى نظرة الحب التي كانت مرتسمة على وجهها , وقالت:
" ليست غلطته , فالحب من من الأشياء التي تحدث أو لا تحدث".
فقالت كابي بتهكم واضح مئثر:
" يصاب بعض الناس بالحصبة أيضا , لكنهم يتخلصون منها بأسرع من ذلك".
وضحكت كايسي بهدوء وهي تحاول أن تضيف شيئا من البشاشة ألى الحديث الذي كان ينذر بترقرق الدمع في عينيها :
"يشعر المرء من حديثك , كأن أنكسار القلب يدوم ألى الأبد".
ولكن كابي نظرت أليها بعين كأنها تتساءل أليس كذلك؟
وشعرت الفتاتان ألا طائل من وراء مناقشة الموضوع أكثر من ذلك , فظلتا صامتتين وهما تخرجان من الثلاجة صينية الساندويشات والسلطات والبطاطا المحمرة التي سبق أعدادها , ولم تحتاجا ألى ألا رحلين من المطبخ ألى مائدة الشرفة ليصبح كل شيء معدا , ولم يبق غير صحن من البطاطا والفوط وأدوات المائدة الفضية التي لم تحضراها.