فأرتدتها ورفعت كميها ألى منكبيها , وضحك الأثنان وكانت كايسي تمشي بصعوبة في الصندلين الكبيرين , فكان من الصعب عليها أن تبقيهما في قدميها طوال الوقت , وهكذا أخذا يضحكان معا في مرح وأنطلاق , وفي المطعم طلبت كايسي هامبرغر وكوكا كولا , أما سين فطلب وجبة أكبر من ذلك , أذ كانت كايسي قد فقدت شهيتها في الأيام القليلة الماضية , لذا أدهشها أنها أكلت الهامبرغر بسرعة وتلذذ , وكان الحديث مع سين خفيفا وخاليا من الجدية , فلم يناولا أي حديث ذي عمق أو تعقيد , وعلمت كايسي منه أنه طالب في جامعة كريتون بولاية أوماها ويعمل في أوغالالا في فصل الصيف , أذ قال :
" أعمل في أحد المصايف الموجودة على البحيرة حيث أقوم بصيانة المراكب , وفي أيام عطلتي أبحر في مركبي وهي هوايتي المفضلة بعد دراسة الطب , وأنت؟ هل تقيمين هنا ؟ أو تعملين هنا , أم تقضين أجازة فقط؟".
منتديات ليلاس
فأبتسمت كايسي بحزن وقالت:
"لأسرتي مزرعة في الشمال في ساندهيلز وكسرت ساق أبي عندما ألقى به جواده من فوق ظهره , وهو الآن في المستشفى , وقد عيّن رجلا ليحل محله في أدارة المزرعة أثناء غيابه , وبما أمي في سكوتسيلاف مع أبي فقد أضطررت أن أقيم هنا في أوغالالا بدلا من البقاء في المزرعة مع رجل أعزب".
فضحك سين وقال :
" تبدو القصة وكأنها تحدث في العصور المتزمتة القديمة , ومع من تقيمين هنا؟".
وترددت كايسي في الحديث وهي تشرب الكوكاكولا ببطء:
" مع كابي ماكاليستر , شقيقة الرجل الذي عيّناه عندنا".
فصفّر سين وهو ينظر ألى كايسي نظرة جديدة وقال :
" ماكاليستر! أنه أجير غالي الثمن جدا , أذا كنت تعنين أسرة ملوك الماشية التي تقيم هنا ".
وشعرت ببعض التوتر أذ لم يعجبها الحديث وتمنت لو أنها لم تستجب لسؤاله أو أنها لم تقل له الحقيقة , ثم سيطرت كايسي على غضبها فلم يهدف سين بكلامه ألى شيء معين أو شخص معين , وشعرت أنها عادت لحالتها الطبيعية .
وعادت تقول لتحسم الأمر:
" أراد أبي أن يحصل على أحسن خدمة ممكنة".
فحملق سين وهو يهز رأسه ليوافق على كلامها:
" لقد حصل عليها فعلا , قياسا على ما أسمعه عن ماكاليستر".
وتململت كايسي في جلستها وقالت:
"كم الساعة الآن ؟ فأن كابي ستتوقع عودتي قريبا".
فنظر سين ألى ذراعه العارية ثم ألى الساعة المثبتة فوق باب المطعم وقال :
" الواحدة ألا ربعا".
فنظرت كايسي ألى الساعة بدهشة أذ لم تتصور أن تستغرق الرحلة البحرية كل هذا الوقت , فقد أعتادت أن تعود من الشاطىء كل يوم عند الظهر.
وشعرت حينئذ أن كابي ستقلق عليها , فألتفتت ألى سين وقالت:
" هل يضايقك أذا أنصرفنا الآن ؟ أذ لم أقدّر أن الوقت متأخر".
وهبت كايسي واقفة لتنفذ كلامها.
" كلا , لا يضايقني أن ننصرف".
وقام سين من مقعده ووضع يده في جيبه ليدفع الحساب .
لقد جاءا مسافة طويلة بمحاذاة الشاطىء من المكان الذي تقابلا فيه , وكانت الشمس فوقهما تسكب حرارتها بلا رحمة , وودت كايسي او أمكنها الأسراع ,لكن سين أضطر ألى أستخدام المجداف ليساعد الهواء البطيء على مداعبة الشراع ودفعه , وأخيرا رأت مجموعة من الصخور بجانب أعواد القطن حيث تركت ملابسها , وأوقف سين المركب على مسافة قريبة من الشاطىء .
وشكرته كايسي بحرارة على نزهة المركب والغداء , رغم رغبتها في الأسراع بالعودة , فقالت:
" لقد أستمتعت حقا بالنزهة البحرية".
ثم خلعت سترته وسلمتها له وهي تقول:
" كما أستمتعت أيضا بطعام الغداء".
وطاف سين بعينيه الزرقاوين على وجهها بأعجاب وهو يقول:
" أود أن أراك ثانية يا كايسي".
كانت حقا فترة جميلة لم تتوقع أن تقضيها معه لكن كايسي لم تكن تود تكرارها لذا قالت ردا عليه :
"لا أدري كم ستطول أقامتي هنا ".
منتديات ليلاس
وعاد يقول وكله أمل:
" سأراك تسبحين هنا ثانية , وحينئذ سنحدد موعدا للقاء , ما رأيك؟".
فوافقته وهي خائفة وقالت:
" لا بأس , والآن يجب أن أنصرف , ولا بد سأراك قريبا يا سين".
وعاونته كايسي في دفع المركب من فوق الرمال ووقفت برهة على الشاطىء تلوح له قبل أن تسرع ألى المكان الذي تركت فيه أمتعتها , ولكن عندما وصلت ألى هناك لم تجد شيئا! ولم تصدق كايسي عينيها , لكنها عادت وتذكرت أنها غابت عنه مدة طويلة بحيث قد يكون أحد المارة قد سرقها , لذا بدأت تسير في طريق العودة ألى الكابين وكلها أسف وألم لسرقة أمتعتها وأخذت تلعن غباءها لتركها أياها ليراها أي شخص من رواد الشاطىء .
وعندما أقتربت كايسي من أعواد القطن سمعت قرقعة الأغصان الجافة ووقع أقدام على الأعشاب والصخور , فنظرت في الظلال التي حولها ثم تسمرت في مكانها فجأة , بينما خرج من الأحراش شخص طويل نحيل , وشعرت كايسي كأن هزة كهربائية سرت في جسمها ,بينما أرتفعت يدها ألى صدرها لتوقف ضربات قلبها المضطربة الخفاقة.