10- لا يصح غير الصحيح
أستفاقت موراغ على ضوء الصباح الرمادي الذي أخترق النافذة العارية من الستائر , ولكنها بقيت مستلقية على المقعد لتتذكر أين هي , وحين أدارت نظراتها في الغرفة شاهدت ديفيد نائما على المقعد المقابل , وعندئذ عادت ألى ذاكرتها أحداث اليوم الفائت , ثم نهضت بحذر ومشت على رؤوس أصابعها ألى النافذة , فوجدت أن الثلج توقف عن السقوط, وأن الأرض ناعمة رائقة , وأتجهت نحو الموقدة وهي تحدق ألى ديفيد وتتفحصه كما فعلت مرارا حين كانت توقظه في الفندق صباحا للذهاب ألى عمله , وخطر ببالها أن هذه هي المرة الأخيرة التي ستقع عيناها عليه, لأنها صممت , من دون تراجع , أن تسحق عواطفها نحوه , فلبست سترتها وقبعتها, وأمسكت حذاء التزلج والعكازتين وفتحت الباب.
وكان الثلج , لسوء الطالع , تكوّم في الليلة الماضية عند الباب , فكان على موراغ أن تبحث عن رفش لأزالته , وعلى الرغم من أنها حرصت على الهدوء حتى لا توقظ ديفيد , لكن صوت الرفش على بلاط عتبة الباب لم يكن من الممكن تفاديه.
فتثاءب ديفيد وفتح عينيه , ولما رآها صاح بها:
" هاي , ماذا تعملين؟".
منتديات ليلاس
فنظرت أليه نظرة عاجلة وأجابت ببرودة :
" أزيل الثلج عن العتبة ...... وأنا نازلة لأطلب من أيان أن يحضر ألى هنا , مع رفاق له و لمساعدتك على النزول ألى المزرعة".
فأمرها قائلا:
" تمهلي, أريد أن أتحدث أليك".
فتجاهلت موراغ كلامه , وأعادت الرفش ألى مكانه وحملت أدوات التزلج وأتجهت نحو الباب , وخطر ببالها أن الهرب منه , وهو غير قادر على الجري وراءها , تصرف شرس , ولكنها برّرت ذلك لنفسها بأن تلك كانت فرصتها الذهبية ,وعليها أن تغتنمها.
ونظرت أليه وهي في الباب نظرة خالية من الحنان وقالت له :
" لن يطول الوقت حتى يجيء أيان , لا تمشي على كاحلك , وداعا يا ديفيد!".
وهنأت موراغ نفسها وهي تهبط المنحدر, لأنها أستطاعت الهرب من ديفيد بمثل تلك السهولة , لم تكن مسرورة , ولكنها على الأقل لن تراه مرة أخرى فتتحمل مقاومة سيطرته عليها , فما أن يصعد أيان للمجيء به , حتى تكون في طريقها ألى الفندق , وما أن يصل ديفيد ألى الفندق , حتى تكون عند عمتها شينا المقيمة في أحدى الجزر القريبة , ألى أن يعود ديفيد نهائيا ألى لندن .
وكان أيان يراقب السفوح وهو ينتظر عودتها , فلما رآها فرح وأصغى ألى حديثها أصغاء تاما , وكم سرّ موراغ أنه لم يسألها أسئلة كثيرة , وأظهر أستعداده للصعود حالا ألى فوق للمجيء بديفيد وقال لها:
" أدخلي وتناولي طعام الفطور ....... يبدو عليك التعب والأرهاق ..... وأستعدي لتبرير غيابك الليلة الماضية ....... آندي ينتظرك في الداخل , وبعد أن تتحدثي أليه يحسن بك أن تذهبي ألى تلك المرأة الشقراء لتشرحي لها الأمر ".
وحين دخلت المطبخ وجدت نزلاء الكوخ هناك يتناولون طعمهم , فتلقت منهم وابلا من الملاحظات حول غيابها , وكيف أنها تقضي اللليالي مع رجال غرباء , وسرّها أن لا يكون داني وفرانك وآن وصلوا بعد ألى المطبخ , وأن آندي أمتنع عن توجيه أية أسئلة أليها , بل قدم أليها اليها الشاي والجبنة.
وفيما هي تأكل أخبرته ماذا حدث لها ,وسألته أذا كان يمانع في مغادرة المكان معها حالا ألى دارلينغ , وقالت :
" عليّ أن ألحق بالمركب المبحر ألى الجزيرة عند الظهر ".
فقال لها آندي بعداء مكبوت :
" ظننت أنك ذاهبة غدا , لا اليوم , ألى الجزيرة ".
فأجابته موراغ :
" من الأفضل أن أذهب الوم يا آندي , أرجوك!".
منتديات ليلاس
فقال لها آندي :
"كما تريدين.... ولكن لماذا......؟".
فقاطعته قائلة وهي تلتفتت ألى الجالسين حولها:
"لا تتكلم بهذا الموضوع الآن .... في الطريق أخبرك بكل شيء , والآن أنا ذاهبة لأرى الآنسة لنغدون , ثم ألاقيك عند السيارة بعد ربع ساعة".
وأسرعت موراغ ألى المزرعة , حيث قضت فرجينيا ليلتها , فوجدتها جالسة أمام المرآة تزجج حواجبها وتجمّل وجهها.
وما أن رأتها فرجينيا تدخل الغرفة حتى أستدارت وأستقبلتها بنظرة عدائية وقالت لها:
" ما بالك عدت..... فأين ديفيد؟".
فأجابتها موراغ :
" هناك في الملجأ ........ أصيب بكاحله ...... سيذهب أيان للمجيء به ألى هنا, وعليك أذا شئت أن تأخذيه مع السيد بلاند ألى دارلينغ ........ وتأخذي سيارته أيضا".
فصاحت بها فرجينيا:
" يا لها من رواية مقنعة ! لا بد أنكما نسجتما خيوطها بعد ظهر أمس...... صعد ألى أعلى السفح , على أن تلحقي به مدعية أنك تبحثين عنه ..... وكل ذلك بتواطؤ مع أيان , هذا الذي كان عليه , لخبرته وكبر سنه , أن يمنع فتاة صغيرة مثلك من التجوال ليلا على السفوح..... أيشكو من وجع في كاحله ؟ كنت أحسب أنه من الذكاء بحيث يبتدع عذرا أكثر أقناعا من هذا؟".