5- بين المطرقة والسندان
وأعتزلت موراغ في غرفتها , فجلست على مقعد قرب النافذة وراحت تحدق ألى البحر المتلألىء تحت ضوء القمر , وكانت المنارة تضيء كل بضع ثوان لتحذر السفن المقبلة , فجمح بها الخيال ألى تحذير بيتر لها من ديفيد عندما جاء للأقامة في الفندق , ناهيك بتحذير آن أيضا في ذلك النهار نفسه , فضلا عن حدسها الذي كان يثير فيها الخوف ويحثها على الدفاع عن نفسها.
فالبارحة كانت تنعم مع ديفيد ببياض الرواي المتلألئة في ضوء القمر , وها هو هذه الليلة يتعشلى في فندق فخم مع أمرأة أخرى..... أمرأة غاوية شقراء تشبه( حسناوات الغلاف) ...... أمرأة تدعوه يا حبيبي.
وهكذا عادت الوحشة ألى قلب موراغ , بعد أن أزالها المرح والدعابة والتفاهم بفضل رفقتها لديفيد في اليومين الأخيرين .
ودمعت عينل موراغ وسرت حرارة الدم في عروقها , فأغلقت ستارة النافذة , وبدأت تخلع ثيابها أستعدادا للنوم.
منتديات ليلاس
على أن النوم لم يحالفها تلك الليلة , فأستولى عليها الأرق الذي لم تكن تعرفه من قبل ألا لماما , ذلك أنها أخذت تسترجع كل دقيقة من اليومين الماضيين اللذين قضتهما مع ديفيد , وحاولت بجهد أن تتفهم آراءه المقتضبة عن الزواج , وكلامه على ما يحيط بعمله في الشركة من تعقيد , فالتعقيد , هو فرجينيا , وهو في آخر الأمر سيتزوجها و كما يعتقد بيتر , ولكنه حتى ذلك الوقت , له أن يعاشر من شاء من الفتيات.
فكرت موراغ بهذا كله وقالت في نفسها : لن أكون من هؤلاء الفتيات , وحاولت أن تنسى أبتسامة ديفيد والدعابة التي تشع في عينيه كلما نظر أليها وكأنها كل ما يعنيه ويهمه في هذا الوجود ....... أيكون قد أوقعها في فخ سحره الذي نصبه لها في اليومين الأخيرين ؟ ولكنه , ولا ريب , سيجدها مختلفة كل األأختلاف عن سائر الفتيات اللواتي عرفهن , فهي لن تسمح له بأقامة أي علاقة حب معها ما لم تسفر عن زواج.
وبعد أن قضت الليل بطوله تغالب مثل هذه الأفكار , أطل نهار الأثنين أطلالته العادية.
وتأخر ديفيد في المجيء ألى تناول الفطور, على الرغم من أنها ذهبت ألى أيقاظه بألحاح من بيتر , وبدا في غرفة الطعام أصفر الوجه , ويعرج في سيره ,وما أن جلس حتى طلب في خشونة قهوته وطعامه.
ونهض بيتر من مكانه وتطلع ألى ديفيد الذي كان يتثاءب ويأكل طعامه بسرعة فائقة , وصاح به:
" الساعة الثامنة والنصف الآن , وكان عليك أن تكون في العمل في تمام الثامنة.....".
فأجابه ديفيد:
" أعرف ذلك....... قدّم شكوى ألى الرئيس ......... والآن أذهب , وأنا لاحق بك بعد قليل".
فقال له بيتر:
" سأذهب , ولكن لا تأخذ أوامرك ألا مني طوال وجود فرجينيا هنا , وألا حدث ما لم تحمد عقباه".
فأجابه ديفيد :
" أخبرها بذلك , أذن".
وعاد ألى تناول طعامه , فشرب قهوته بسرعة وأردرد طعامه ثم تناول سترته وتبع بيتر , من دون أن يقول لموراغ أية كلمة .
وفي ذلك النهار لم يحدث أي شيء خارج على المعتاد , وقامت موراغ بعملها العادي في تدبير شؤون الفندق , وبعد الظهر وجدت الوقت الكافي للخروج ألى السوق لتشتري بعض الحاجيات , ودخلت كعادتها ألى حانوت البقالة الذي يملكه والد كايتي , فوجدتها هناك واقفة بين مختلف أصناف المآكل , تلبي مطالب الزبائن.
ثم مشت موراغ ألى الفندق , فتمتعت على طول الشاطىء بالمناظر الخلاّبة , وكان معارفها يمرون بها , فتحييهم ببشاشة ولطف.وعند وصولها ألى الفندق وجدت سيارة ضخمة خضراء واقفة أمام الباب , فنظرت ألى داخلها فأستغربت أن يقدر أحد على أقتناء مثل هذه السيارة الباهظة الثمن , ولما دخلت الفندق وأدتازت البهو ألى غرفة الأستقبال لقيت فرجينيا جالسة على أحد المقاعد , كانت تدخن وتحدق عبر النافذة , وعلى وجهها ملامح الضجر والأستنكار , فمرت بها موراغ بأتجاه المطبخ , من دون تحية.
وحين وصلت ألى المطبخ قالت لجين:
" ماذا تفعل هذه الفتاة هنا ؟".
فأجابت جين , وهي تهيء لفرجينيا أبريقا من الشاي :
" كم مرة قلت لك لا تشيري ألى هذه الفتاة بمثل هذه اللهجة ؟".
فقالت موراغ , وهي تضع سلة الحاجيات التي أشترتها من السوق:
" حسنا , ماذا تفعل الآنسة فرجينيا لانغدون هنا؟".
ثم تابعت كلامها قائلة:
" أرى أنك تعتبرينها شخصية رفيعة المقام , فلا أحد , كما أذكر , أستحق منك هذا التقدير والأحترا".
منتديات ليلاس
فأجابت جين :
" أنها بالفعل فتاة ذات شأن , فهي تملك أسهما عديدة في الشركة , وأظن أن ديفيد سيلتقيها هنا بعد حين!".
فقالت موراغ :
" ولكنه لن يكون هنا قبل مضي ساعة على الأقل , فهو ككما سمعت , منشغل جدا في المحطة , وهذا الصباح قال له بيتر أنه لا يقبل أن يكون لوجود فرجينيا أي تأثير على عمله....".