كاتب الموضوع :
عهد Amsdsei
المنتدى :
روايات أونلاين و مقالات الكتاب
الفصل التاسع......ذاكرة الغد(9) تقرير
السلام عليكم
الفصل التاسع من ذاكرة الغد
***************************************
ذاكرة الغد (9).. تقـــرير " لقد كنت على حق.." نطقها الطبيب الشرعي الشاب بصوت ووجه ممتقعين، وهو يخلع قفازيه الجراحيين، وجسده كله يرتجف من فرط الانفعال؛ حتى إنه احتاج إلى بعض الوقت، قبل أن يتابع:
- العظم اللامي مكسور.
مال "رشدي" برأسه قليلاً، في حيرة متسائلة، فلوَّح الطبيب الشاب بيده، مستطرداً في صوت مبحوح، من فرط الانفعال:
- هذا يعني أنه قد تمّ خنق "أمين ضياء"، قبل حادث القطار.
تراجع "رشدي" في حركة حادة، هاتفاً في ذهول:
- خنقه؟!
انعقد حاجبا الطبيب الشاب، وهو يغمغم في عصبية:
- تصوّرت أنك كنت تتوّقع هذا.
هــزّ "رشدي" رأسه بضع لحظات، قبل أن يستطيع النطق، ليقول في انفعال لم يستطع كتمانه:
- كنت أتوّقع مفاجأة، ولكن ليس على هذا النحو.
تراجع الطبيب الشرعي الشاب، يحدّق فيه قليلاً، قبل أن يقول في خفوت:
- الواقع أنني لم أكن اتوّقع هذا مطلقاً.. لقد كنت أجاريك فحسب، وتصوّرت أنكم تحاولون تأكيد مصرعه في الحادث، ثم..
لم يُتمّ عبارته؛ فمال "رشدي" يسأله في انفعال:
- ألا يُحتمل أن يكون هذا قد حدث من جراء الحادث؟! صدمة في العنق مثلاً؟
هــزّ الطبيب الشاب رأسه نفياً، وقال:
- كانت ستظهر علامات لذلك.
اعتدل "رشدي" وهو يقول، مستعيداً حزمه:
- هي جريمة قتل صريحة إذن.
أومأ الطبيب الشاب برأسه إيجاباً، وهو يقول:
- وكان يمكن أن تتوارى في الحادث، لولا..
مرة أخرى لم يُتمّ عبارته، أو لم يبدُ له أنها بحاجة إلى إتمامها، ومن الواضح أن "رشدي" قد استوعبها؛ فقد انعقد حاجباه في شدة، وهو يقول في بطء:
- نعم.. لولا الحادث.
وفجأة، اتسعت عيناه، وهو يضيف، مستعيداً انفعاله:
- رباه.. هل تعلم ما يمكن أن يعنيه هذا؟!
هــزّ الطبيب الشاب رأسه نفياً في حيرة متوترة؛ فأمسك "رشدي" كتفيه فجأة، على نحو جعله يرتجف في عنف، وهذا الأخير يقول، في انفعال جارف:
- يعني أن "حاتم" كان على حق.. على حق تماماً.
وعلى الرغم من مواصلة جسده للارتجاف، اتسعت عينا الطبيب الشاب عن آخرهما، وهو يغمغم:
- "حاتم" من؟!
ترك "رشدي" كتفيه، وإن ظلّ على انفعاله، وهو يقول:
- لا عليك.. أخبرني أوّلاً: هل يمكنك أن تعطيني تقريراً رسمياً بما كشفته؟!
اتسعت عينا الطبيب الشاب أكثر، وبدا صوته مفعماً بالفزع، وهو يهتف منتفضاً:
- مستحيل!!
وكانت مفاجأة..
جديدة.. * * * الأمر الذي أطلقه "هشام"، بكل انفعال الدنيا، كان يعني -حرفياً- إطلاق النار على "حاتم" مباشرة..
ولقد انتفض جسد هذا الأخير في عنف؛ عندما بدا له هذا، وتراجع في مقعده بحركة حادة، وكل فوهات المدافع الآلية مصوّبة نحوه..
ولكن أحداً لم يطلق النار..
فقط التف الرجال حوله، و"هشام" يواصل صرخاته:
- إنه شديد الخطورة.. اقضوا عليه.
دخل رجل مهيب الحجرة، عند هذه النقطة، وقال في صرامة شديدة، امتزجت بالكثير من الغضب:
- ماذا يحدث هنا؟!
صاح "هشام" في انفعال، وهو يلّوح بسبابته في وجه "حاتم" المذعور:
- هذا ليس شخصاً عادياً.. إنه جاسوس.. جاسوس من طراز متطوّر.
رددّ "حاتم" ذاهلاً ومستنكراً:
- جاسوس؟!
نقل ذلك المهيب نظره، بنفس الصرامة، إلى "حاتم"، وبدا وكأنه قد تفحّصه ودرسه بنظرة واحدة خبيرة، وهو يقول في غضب:
- وهل نطلق النار على الجواسيس هنا؟!
هتف "هشام" متراجعاً:
- إنه ليس جاسوساً عادياً.
قال المهيب، في صرامة شديدة للغاية:
- هذا أدعى للحفاظ على حياته.
ونقل بصره إلى "هشام" ثانية، مستطرداً:
- على الأقل لمعرفة لحساب من يعمل.
ارتبك "هشام"، وهو يقول:
- ولكنه..
قاطعه المهيب، في صرامة قاسية:
- هذا ما تعلمتموه.. أليس كذلك؟!
أومأ "هشام" برأسه إيجاباً، وبدا منكسراً لحظات، ثم لم يلبث أن انتفض فجأة، هاتفاً في حدة:
- وجوده هنا شديد الخطورة.
شدّ المهيب قامته، وهو يسأله:
- أليس كل من تستجوبه كذلك؟!
هتف "هشام"، وهو يلوّح بسبابته في وجه "حاتم"، في انفعال شديد:
- لا.. ليسوا كذلك.. هذا خارق
ارتفع حاجبا المهيب في دهشة بالغة، وهو يردَّد مستنكراً:
- خارق؟!
ثم عاد حاجباه ينعقدان، وهو يردف في صرامة:
- هل أصابك خلل ما أيها العقيد؟!
هــزّ "هشام" رأسه نفياً في حدة، وهو يجيب:
- سَلْ الحاضرين يا سيادة اللواء.. لقد صدّ لكمة "فرج" في سهولة مخيفة، وعندما حاولت أنا أن ألكمه، اصطدمت قبضتي براحته، فشعرت وكأنني أضرب جداراً من الصلب، حتى أن قبضتي مازالت تؤلمني، حتى هذه اللحظة.
نقل المهيب بصره بين وجوه الجميع لحظات، فأومأ الضخم برأسه إيجاباً، وكأنه يؤيد أقوال "هشام"، في حين بدت الحيرة على وجوه الباقين، لأنهم لم يشاهدوا ما يرويه هذا الأخير..
أما "حاتم" فقد بدا منكمشاً مذعوراً، على نحو لا يتناسب أبداً مع ما يرويه "هشام" ويؤيده الضخم؛ فتفرسه المهيب لحظات في صمت، ثم قال في لهجة آمرة صارمة:
- فليغادر الجميع الحجرة، ولتبقَ هنا يا سيادة العقيد؛ حتى نتسجوب هذا الرجل معاً.
أطاعه الباقون على الفور، وعلى نحو يوحي بمدى سلطاته في المكان، وكان الضخم أوّل من هرع خارجاً، في حين هتف "هشام" مستنكراً:
- هل سنبقى معه وحدنا؟!
أجابه المهيب في صرامة، وهو يجلس على مقعد قريب من "حاتم":
- نعم..
تحسّس "هشام" مسدسه في توتر شديد، وهو يراقب الموقف في حذر عصبي؛ في حين التفت المهيب إلى "حاتم"، وقال في هدوء عجيب بعد كل هذا القدر من الانفعالات:
- تقبّل اعتذارنا، لو أن بعضنا أساء إليك هنا.
غمغم "حاتم" في حذر:
- أنا لم أفعل شيئاً.
ابتسم المهيب، وقال:
- وإن أحداً لم يوجه إليك أية اتهامات.
اعتدل "حاتم"، وهو يقول مستنكراً:
- حقاً؟! لقد اتهمتموني بالإرهاب، والجنون، والكذب، والتجسس، في غضون ساعات قليلة؛ فماذا تبقّى؟!
ضحك المهيب، مجيباً:
- الكثير..
ثم مد يده إليه، قائلاً:
- اللواء "سامي رفعت".
صافحه "حاتم" في حذر، وهو يغمغم:
- وأنا "حاتم الـ.."
قاطعه اللواء بابتسامة عريضة:
- الاسم الأوّل يكفيني.
لم يرُق ما يحدث للعقيد "هشام حمزة"؛ فاندفع يقول في حدة:
- سيادة اللواء.. هذا الرجل يحمل بطاقة رقم قومي مزوّرة بإتقان مذهل، يحتاج إلى تكنولوجيا عالية، وتقنية يستحيل أن يمتلكها رجل واحد.
بدا الاهتمام على وجه اللواء، وهو يسأل:
- حقاً؟!
واستدار مع تساؤله إلى "حاتم"، الذي هــزّ رأسه في خوف، قائلاً:
- أقسم أنني أجهل كيف حدث هذا.
صاح فيه "هشام":
- كما تجهل كيف اكتسب جسدك هذه القوة.
أجابه "حاتم" في سرعة، وحيرته تتقاطر مع كلماته:
- بالضبط.
نقل اللواء "سامي" بصره بينهما في صمت وشك، ثم اعتدل في مجلسه، واستعاد مهابته الشديدة، وهو يقول:
- أريد أن أسمع القصة، من بدايتها..
وقبل أن ينطق أحدهما بحرف واحد، ارتفع رنين هاتف اللواء؛ فالتقطه في حركة سريعة، وهو يقول في صرامة:
- ماذا هناك؟!
لم يكد نطُقها يكتمل؛ حتى ارتفع حاجباه عن آخرهما، ووثب -أو كاد- من مقعده، وهو يهتف:
- مستحيل!!
وكان من الواضح أنه لم يتلقَّ خبراً، وإنما صدمة..
صدمة قوية..
للغاية.. يتبع
|