لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > سلاسل روايات مصرية للجيب > روايات أونلاين و مقالات الكتاب
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات أونلاين و مقالات الكتاب روايات أونلاين و مقالات الكتاب


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-10-10, 09:55 PM   المشاركة رقم: 16
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
Shakehands

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلام عليكم
أهلا بكل قراء الكاتب الكبير نبيل فاروق
اليوم لدينا الفصل الخامس من الرواية الجميلة ذاكرة الغد
و التي بعنوان أمن دولة
كما تعودنا سوف نبدأ بتحميل الرواية بصيغة pdf
ذاكرة الغد(5).....أمن دولة
شكرا للمتابعة

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
قديم 05-10-10, 10:01 PM   المشاركة رقم: 17
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
Shakehands

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلام عليكم
مرة أخرى مع الفصل الخامس من ذاكرة الغد ....أمن دولة استمتعوا
************************************************************ ***
ذاكرة الغد (5).. أمن دولة
ارتجفت كل ذرة من كيان (حاتم)، وهو يحدّق في فوّهة المسدس، المصوَّبة إليه، و..
وفجأة، انطلق شيء ما، من أعمق أعماق عقله..

فوهة أخرى كانت مصوَّبة إلى رأسه..
فوهة تختلف..
في زمن يختلف..


فوهة مغطاة بزجاج قرمزي داكن، وخلفها وجه قاس شبه آدمي..

- "
لا بد وأن تموت.."..

ثم انطلقت من تلك الفوهة حزمة من الأشعة..

حزمة لها نفس اللون الأرجواني، مع صوت أشبه بفحيح أفعى هائلة، وسطع الضوء في شدة، و..

- "
كيف عرفت تاريخي؟!"
انتفض جسده في عنف، وعاد عقله إلى زمنه، وهو يحدّق في فوهة مسدس (رشدي)، الذي أكمل في صرامة أكثر:

-
الجماعات المتطرّفة وحدها تجمع تاريخنا؛ سعياً وراء الانتقام منا يوماً.

انفرجت شفتا (حاتم) لحظة، موحية بأنه سيقول شيئاً ما؛ إلا أنه لم يلبث أن أطبقهما في قوة..

ربما لأنه وجد أنه ما من جدوى مما سيقول..
لا أحد سيصدقه..
لا أحد حتماً..

- "
أجب.."..

هتف بها (رشدي)؛ بكل ما لديه من صرامة، وهو يجذب إبرة مسدسه؛ فقال (حاتم) في عصبية:

-
لن تصدقني.

أجابه (رشدي) في حدة:

-
هات ما لديك، واترك لي مهمة تقييمه.

التقط (حاتم) نفساً عميقاً، وحاول في صعوبة أن يزدرد لعابه الجاف، قبل أن يقول في توتر:

-
يوماً ما، سيصبح تاريخك معروفاً للجميع.

زمجر (رشدي)، قائلاً:

-
أتحدّث عن الآن.

أكمل (حاتم)، وكأنه لم يسمعه:

-
لأنك ستصبح وزيراً.

على الرغم مما في القول من روح عبثية، تراجع (رشدي) بحركة حادة، وخفض فوهة مسدسه، وهو يغمغم في دهشة:

-
وزير؟!..

أومأ (حاتم) برأسه إيجاباً، وعاود عبثاً محاولة ازدراد لعابه، وهو يقول:

-
نعم.. وزيراً للأمن.

غمغم (رشدي)، في حذر متوتر:

-
تقصد وزيراً للداخلية؟!..

هزّ (حاتم) رأسه نفياً، وهو يجيب:

-
بل للأمن.. المسمى نفسه سيتغير، بعد عشرة أعوام من الآن.

حدّق فيه (رشدي) بضع لحظات، في دهشة مستنكرة، قبل أن يرفع فوهة مسدسه في وجهه مرة أخرى، قائلاً في غضب:

-
أهذه وسيلتك للإفلات؟!..

غمغم (حاتم) في دهشة:

-
الإفلات؟!..

أجابه في حدة:

-
نعم.. التظاهر بالجنون؛ حتى تُفلت من التهمة.

هتف (حاتم) في توتر شديد:

-
أية تهمة؟!.. لقد جئت إلى هنا لتحذيركم؛ فاعتبرتوني جميعاً متهماً، ولم يحاول أحد منكم التحقق مما قلته.

ثم هزّ رأسه في شدة، هاتفاً.

-
لهذا الأسلوب العقيم، سيتغير نظام الأمن كله.

انعقد حاجبا (رشدي) في شدة، وحدّق فيه لحظات، بوجه لا يحمل أية انفعالات واضحة، إلا أنه لم يلبث أن خفض فوهة مسدسه، وأعاده إلى غمده، وهو يقول:

-
هل تعلم؟!.. إنك على حق في بعض ما تقول.

تنفس (حاتم) الصعداء، وسأله في لهفة:

-
هل صدقتني أخيراً؟!

أجابه (رشدي) في صرامة:

-
ليس للأمر علاقة بتصديقك أو تكذيبك.. إنني أتحدّث عن التحقق مما تقول.

رفع سمّاعة الهاتف، وهو يسأله في اهتمام:

-
قلت إنهم صنعوا كل هذا لاغتيال (رمزي الجيار).. أليس كذلك؟!..

هزّ (حاتم) رأسه نفياً، وقال:

-
لم أذكر اسم الرجل، ولست حتى أعرفه.. كل ما قلته إنه لم يكن حادثاً عرضياً؛ وإنما كان نوعاً من الاغتيال السياسي.

انعقد حاجبا (رشدي)، وهو يقول:

-
لم تكن تقصد (رمزي الجيّار) بالتحديد إذن.

أجابه (حاتم) في حزم:

-
أكررًّ إنني أجهل اسم الشخص المقصود.

أدار (رشدي) رقم الهاتف، ثم اعتدل يقول لمحدّثه عبره:

-
صباح الخير يا (حازم).. أخبرني.. مَن مِن ساسة المعارضة كان يستقلّ ذلك القطار؟!..

استمع في اهتمام، وراح يدّون بضع كلمات على ورقة أمامه، قبل أن يعتدل في حركة حادة، هاتفاً:

)-
أمين ضياء)؟!.. أأنت واثق؟!

اصطدم الاسم بأذن (حاتم)، وترك صدى هائلاً..

صدى دوّى في مخه كله..

نعم.. إنه (أمين ضياء).. الرئيس السابق لحزب المستقبل المعارض..

لقد اغتالوه، حتى لا يكشف ما لديه من أدلة ومستندات، على تورّط عدد من كبار رجال الحزب والحكومة، في فضيحة فساد كبرى..

- "
إنه هو.."

هتف )حاتم) في انفعال جارف؛ فالتفت إليه (رشدي) بنظرة مندهشة متوترة، بدا توترها واضحاً في أصابعه، التي تمسك الهاتف، وهو يقول لمحدّثه:

-
لا يا (حازم).. شكراً.. هذا يكفي.

أنهى المحادثة، وازداد انعقاد حاجبيه، وهو يفكّر في عمق؛ في حين قال (حاتم) في انفعال:

-
كان يستكمل بعض المستندات؛ لإدانة شبكة فساد كبرى، عندما قررّوا التخلّص منه، و..

التفت إليه (رشدي) في حركة حادة، يقاطعه:

)-
أمين ضياء) لم يعلن أي شيء عن هذا.

نهض (حاتم) نصف نهضة، متشبثاً بإطار المكتب، ومال نحو (رشدي) قائلاً في انفعال:

-
كان يهمّ بإعلان هذا؛ ولكنهم..

قاطعه (رشدي) في حدة:

-
كفى.

ثم نهض من خلف مكتبه، مكملاً في غضب:

-
من أنت حتى تحضر إلى هنا، متظاهراً بأنك تعرف ما لا يعرفه الآخرون..

قال (حاتم)، وجسده وصوته يرتجفان في انفعال:

-
ليس ما لا يعرفونه، ولكن ما لم يعرفوه بعد.

صرخ فيه (رشدي) في غضب:

-
وكيف تعرفه أنت؟!..

امتقع وجه (حاتم)، وتراجع في مقعده، وبدا شديد الحيرة، وهو يغمغم في خفوت:

-
لست أعلم.. صدقني.. لست أعلم.

صرخ (رشدي)، وهو يلّوح بسبّابته في وجهه، في انفعال جارف:

-
وتريدني أن أصدّقك.

تضاعفت علامات الحيرة على وجه (حاتم)، وهو يغمغم..

قاطعه (رشدي) في انفعال حاد:

-
لا يوجد ربما.. إما أنك تعلم ما تعلمه؛ لأنك جزء من مؤامرة الاغتيال المزعومة، أو أنك مصاب بنوع من جنون الاضطهاد، أو انقسام الشخصية..

انفرجت شفتا (حاتم)، ليجيب بعبارة ما، لولا ارتفع فجأة صوت صارم، يقول:

-
أنا أرجّح الاحتمال الثاني.

أدار )رشدي) عينيه في حركة حادة، إلى مصدر الصوت، والتفت إليه (حاتم) في توتر، فوقع بصريهما على رجل أنيق المظهر، صارم الملامح، استطرد في لهجة صارمة:

-
أنا العقيد (هشام حمزة)، من أمن الدولة.

مد (رشدي) يده يصافحه في توتر، قائلاً:

-
أعرفك جيداً بالطبع يا سيادة العقيد.

نقل (حاتم) بصره بينهما في توتر؛ في حين رمقه (هشام) بنظرة صارمة، وقال:

-
معذرة يا سيادة المقدّم.. لقد تمّت تنحيتك عن هذه القضية.

تفجّرت الدهشة في وجه ( حاتم)، في نفس اللحظة التي هتف فيها (رشدي) في استنكار:

-
تنحيتي؟!.. ولكنها ليست قضية بعد.. إنني أستمع فحسب إلى المهندس (حاتم)، و..

قاطعه (هشام) بمنتهى الصرامة:

-
لقد أصبحت قضية، منذ هذه اللحظة.. قضية أمن دولة عليا، وتحت إشرافي شخصياً.

وهنا.. هنا فقط، أدرك (رشدي) أنه أمام مؤامرة..
مؤامرة أمن دولة..
عليا.
يتبع

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
قديم 17-10-10, 07:18 PM   المشاركة رقم: 18
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
Shakehands الفصل السادس ..... ذاكرة الغد (6) هشام

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلام عليكم
أحب أعتذر للكل على التأخير غير المقصود مني في إنزال الفصول
و أحب أن أشكر أميدو على تنبيهي لهذا شكرا له
بدو إطالة
************************************************************ ******
ذاكرة الغد (6).. هشـام
"لا يا أمي.. لن أطلب الطلاق.."
هتفت زوجة (حاتم) بالعبارة في حدة، وهي تواجه أمها، التي تراجعت في دهشة مستنكرة، بدورها:

- لن تطلبيه.. ولكنه الحل الوحيد لما يحدث يا بنيتي.

هتفت الزوجة في عصبية:

- الحل الوحيد هو أن أتخلى عن زوجي في محنته؟! أيّ حل هذا؟! حلّ تقوم به زوجة جاحدة خائنة! ماذا تطلبين مني بالضبط يا أمي؟!

ثم ارتفع حاجباها في تأثر، وهي تواصل، وقد اختلفت لهجتها تماماً:

- (حاتم) كان دوماً رفيقاً حنوناً مهذباً منذ عرفته، ولقد عشت معه أياماً مفعمة بالسعادة، قبل أن..

صمتت لحظة، فهتفت أمها:

- قبل أن يُصاب بالجنون.

انتفضت الزوجة في غضب، هاتفة:

- قبل أن يمرّ بهذه الأزمة.

ثم هزّت رأسها، وكأنها تحاول إقناع نفسها بما تقوله، وهي تردف:

- إنه ضغط العمل.. بالتأكيد هي ضغوط العمل المتواصل.

انعقد حاجبا أمها، وهي تتطلع إليها بعدم رضى، قبل أن تقترب منها، قائلة، وكأنها تحاول استمالتها:

- ماذا تعرفين عن (حاتم) هذا؟

التفتت إلى أمها في دهشة واستنكار؛ ولكن الأم تابعت في إصرار:

- لقد التقيتِ به في (شرم الشيخ)، وبهرك أسلوبه وتهذيبه، وتطوّرت علاقتكما في سرعة، وعانَدْتِ الأسرة كلها حتى تتزوجيه.

ثم هتفت مكملة في عصبية:

- إننا حتى لم نلتقِ أسرته أبداً.

بدا صوت الزوجة متردداً متوتراً، وهي تغمغم:

- حاتم أخبرني أن أسرته كلها قد...

قاطعتها أمها في عصبية:

- لقيَت مصرعها في حادث.. أليس كذلك؟!

أومأت برأسها في صمت شاحب، فتابعت الأم بنفس العصبية:

- وماذا عن باقي الأسرة؟ ماذا عن أعمامه وأخواله، وحتى أقاربه من الدرجة الخامسة؟ أين هم؟ لماذا لم نلتقِ بواحد منهم، منذ عرفناه، ولو بالمصادفة؟

بدا صوت الزوجة شديد التردد والتوتر، وهي تقول:

- لقد أخبرني أن..

عادت أمها تقاطعها في حدة:

- أرأيت؟ لسنا نعلم عنه إلا ما أخبرنا به.. فقط ما أخبرنا هو به.. من أدرانا ما هو السبب الحقيقي الذي يُخفي من أجله أسرته.

امتقع وجه الزوجة في شدة، وهي تتساءل، في صوت أشد شحوباً من وجهها:

- هل تعنين أنهم ربما كانوا في السجن مثلاً؟!

مالت أمها نحوها بشدة، مجيبة:

- أو في مستشفى للأمراض العقلية..

وتراجعت الزوجة بعينين متّسعتين، وقد ازداد وجهها امتقاعاً وشحوباً..
وبشدة..
* * *
لم يصدّق (حاتم) أبداً ما يحدث له..

لم يصدّق كيف تطورّت الأمور على هذا النحو، بسبب زيارة بسيطة لقسم الشرطة..
ربما لم يصدقوه..

وربما تصوروا أنه مجنون..

ولكن لماذا يتحوّل كل هذا إلى قضية أمنية؟!
لماذا؟!
لماذا؟!

لو أنهم تصوروا أنه مجنون؛ لأصبحت هذه قضية طبية..
قضية فحص..
وتشخيص..
وحسم..

وربما نُقل إلى مستشفى الأمراض العقلية..

ولكن لماذا الأمن؟!

"لماذا؟!"

هتف بالكلمة الأخيرة في عصبية، وهو يجلس أمام مكتب (هشام حمزة)، في مبنى مباحث أمن الدولة الرئيسي؛ فرفع هذا الأخير عينيه إليه في برود قاس، وهو يقول:

- من أجل الحقيقة.

هتف (حاتم) في توتر وانفعال:

- أية حقيقة؟! لقد تصوّرت أنني أعلم شيئاً؛ فأخطأت وتصوّرت أن الأمن يهتمّ بمعرفة ما لديّ، وقمت بدوري كأي مواطن شريف، لينتهي الأمر بي إلى هذه المأساة!!! فأية حقيقة هي التي تتحدث عنها؟

مال (هشام) نحوه، وهو يقول في صرامة شديدة:

- الحقيقة التي تعرفها، وترفض الإفصاح عنها.

انتفض جسد (حاتم) من فرط الانفعال، وهو يقول:

- أية حقيقة بالضبط؟! ما أخبرتكم به في البداية لم تصدقوه، وما قلته بعدها رفضتموه؛ فعن أية حقيقة تبحثون، وعن..

قاطعه (هشام) بأن ضرب سطح مكتبه براحته في قوة، وقد انقلبت سحنته على نحو مخيف، وهو يصرخ في شراسة عجيبة:

- الحقيقة.

انكمش (حاتم) في مقعده، واتسعت عيناه في خوف، في حين نهض (هشام) من خلف مكتبه في حركة حادة، ودار حوله ليواجهه، وهو يردف في لهجة مخيفة:

- قصة الرؤيا المستقبلية هذه لن تخدع طفلاً صغيراً يا هذا.. هناك حقيقة أخرى، أوصلَتْك لما قلته.. أمور تعرفها، وتدور حولها؛ حتى لا تُفصح عنها.

ثم جلس على طرف مكتبه، ومال نحو (حاتم)، حتى كاد يلتصق به، وهو يقول:

- حقيقة سأعرفها، وسأنتزعها منك، شئت أم أبيت.

وانعقد حاجباه، حتى بدا أشبه بشيطان آدمي، وهو يضيف:

- وبأية وسيلة ممكنة.

حدّق (حاتم) في وجهه لحظات، و..

وفجأة، بدا له أن هذا الوجه مألوف..

لقد رآه من قبل..

رآه قبل أن يلتقي به هناك..

في مكتب (رشدي عبد الهادي)..

رآه في..

"سيحاكمونك بتهمة إساءة استخدام السلطة.."

تراجع (هشام) بحركة حادة، وقد أدهشه ذلك التحوّل المباغت، وانتزعه من ذلك الدور الشيطاني الذي يلعبه؛ في حين تلاشى كل أثر للخوف والتوتر والانفعال، من وجه (حاتم)، وبدا شديد الحماس، وهو يكمل:

- تجاوزاتك ستبلغ حداً تعافه النفوس، وستبلغ حد تعذيب وقتل من تستجوبه؛ ولكن نظام الأمن سيحمي فسادك لأعوام، تتمادى خلالها في غيّك، ثم..

بدا (هشام) شديد العصبية، وهو يسأله:

- ثم ماذا؟!

أجابه (حاتم) في سرعة، وبنفس الحماس:

- ثم ستكشف هذه القضية فسادك وتجاوزاتك.. وستكشف فساد الجهاز الأمني كله، وبسببها سيتمّ عزلك من منصبك، وستحاكم مع عدد من المسئولين الفاسدين محاكمة علنية، و..

صرخ فيه (هشام) فجأة:

- كفى.

ثم عاد يميل نحوه، قائلاً في شراسة وحشية:

- لا تطلق لأحلامك وتمنياتك العنان.

قال (حاتم)، دون أن يبدو عليه أثر للخوف:

- ليست أحلاماً.. إنه مستقبلك.

وصمت لحظة، قبل أن يضيف في حزم:

- هل تريدني أن أخبرك التوقيت بالتحديد؟

وعلى الرغم من موقفيهما، وما يوحيان به، من حيث ميزان القوى، عاد (هشام) يتراجع بوجه شاحب، لم يلبث أن استعاد احتقانه، وهو يقول في شراسة غاضبة:

- أي دور تحاول لعبه بالضبط يا هذا؟!

أجابه (حاتم)، في صرامة لا تتناسب مع موقفه:

- الحقيقة.

انقض عليه (هشام) فجأة، وقبض على مقدمة سترته، وجذبه منها في عنف وقسوة، وهو يصرخ، على بعد سنتيمترات من وجهه:

- الحقيقة سأنتزعها منك الآن، وسأجعلك تتوسّل لتخبرني بها.

استعاد (حاتم) خوفه وتوتره، وهو يغمغم:

- هذا بالضبط ما ستحاكم عليه.

ضمّ (هشام) قبضته في عنف، وحملت ملامحه كل القسوة والشراسة والوحشية، و..

"هذه البطاقة تثير حيرتنا يا سيادة العقيد.."

دخل أحد الضباط إلى الحجرة بهذه العبارة، قبل ثانية واحدة من اندفاع قبضة (هشام) نحو أنف (حاتم)؛ فتراجع وهو يسأل في عصبية:

- ولماذا تثير حيرتكم؟! إنها إما صحيحة أو مزيفة.

تطلّع (حاتم) في توتر إلى بطاقة الرقم القومي الخاصة به، والتي يمسكها ذلك الضابط في يده، وهو يجيب (هشام):

- المدهش أنها صحيحة تماماً، وحتى الخبراء لم يجدوا بها لمحة تختلف عن أية بطاقة عادية؛ ولكن..

سأله (هشام) في توتر، شاركه فيه (حاتم):

- ولكن ماذا؟!

أجابه الضابط في ارتباك شديد:

- لا وجود لبياناتها عبر نظام الكمبيوتر كله.. لا شهادة ميلاد، أو شهادات تخرج أو غيرها.. باختصار، هذه بطاقة رجل لا وجود له.. إطلاقاً..

وكان من الطبيعي والحال هكذا، أن تتسع عيون (هشام) و(حاتم)..

معاً.
يتبع

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
قديم 17-10-10, 07:25 PM   المشاركة رقم: 19
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
Shakehands الفصل السابع.........ذاكرة الغد(7) مخابرات

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلام عليكم
الفصل السابع من ذاكرة الغد
*********************************************************

ذاكرة الغد (7).. مخابرات



امتقع وجه ذلك المسئول الكبير في شدة، وهو يطالع تلك الرسالة العاجلة، التي أرسلها إليه العقيد "هشام"، ورفع وجهه إلى رئيس أمنه، متسائلاً في هلع، لا يتناسب مع منصبه الرفيع:


- ما الذي يعنيه هذا؟!



هزّ رئيس أمنه كتفيه في حيرة مضطربة، وهو يقول:


- نُظم صنع بطاقات الرقم القومي عسيرة وشديدة التعقيد، بالإضافة إلى أن أجهزتها رفيعة المستوى التكنولوجي، ومن المستحيل أن يستطيع مزوّر عادي مجرّد الحصول عليها.



سأله المسئول في توتر:



- ألا يمكن تزويرها؟!



تردد رئيس أمنه لحظات؛ فصاح به في حدة:



- أهذا ممكن أم غير ممكن؟!



واصل رئيس أمنه تردده لحظات أخرى، قبل أن يقول في توتر:



- غير ممكن على المستوى الشعبي.



انعقد حاجبا المسئول في غضب، مع ذلك الجواب الهلامي؛ فتابع رئيس أمنه في تردد واضح:



- وليس على المستوى الدولي.



تراجع المسئول بحركة حادة، متسائلاً في انزعاج:



- ماذا تعني؟!



أجابه في سرعة:



- أعني أنه أمر مستحيل، لمزوّر عادي؛ لأنه لا يحتاج إلى براعة فائقة فحسب؛ ولكن إلى مهارة تكنولوجية غير عادية، وإلى أموال طائلة، يستحيل أن يحصل عليها، ولا تساوي النتائج هذا في النهاية؛ ولكن بالنسبة لدولة أخرى.



قاطعه المسئول، وهو يشهق في ذعر:



- دولة أخرى.



تابع رئيس أمنه، دون أن توقفه الشهقة:



- الدول تمتلك تلك التكنولوجيا بطبيعة الحال، وهذا يجعلها قادرة على تزييف كل الهويات الرسمية، و..



عاد المسئول يقاطعه في هلع:



- هل تعني أن ذلك الرجل، يعمل لحساب دولة أخرى.



تزايد تردد رئيس أمنه هذه المرة، قبل أن يقول في خفوت:



- ليس من الضروري أن تكون أخرى.



اتسعت عينا المسئول في ارتياع، وسأله بصوت شاحب:



- ماذا تعني؟!



هزّ الرجل كتفيه، وقال:



- ربما يعمل لحساب مخابراتنا.



امتقع وجه المسئول بشدة، وهو يتراجع منكمشاً في مقعده الفخم الكبير هذه المرة..
يعمل لحساب المخابرات؟!
هذا يعني أنهم قد كشفوا أمره، على نحو أو آخر..



وهذه كارثة..
لو كشفوا أمره، و أمر ما فعله؛ فسيعني هذا نهايته، وفتح كل ملفاته القديمة، و..



"لا.. مستحيل!!"



هتف بها في قوة، وكأنه يحاول إقناع نفسه بها؛ فتطلّع إليه رئيس أمنه في دهشة، وهو يردد متوتراً:



- مستحيل؟!



صاح فيه المسئول في عصبية:



- نعم.. مستحيل! المخابرات لا شأن لها بالشئون الداخلية.. إنها ليست مسئوليتها.



أجابه رئيس أمنه في حذر:



- المخابرات جهاز سيادي، يتبع رئيس الجمهورية مباشرة، وسينفّذ أوامر فخامته، في أي شأن كان.



عاد وجه المسئول يمتقع، وهو يغمغم:



- ولكن.. لو أنها مخابراتنا؛ فلماذا..



أسرع رئيس طاقمه يهتف منزعجاً:



- أنا لم أجزم بهذا يا سيدي.. كان مجرّد احتمال فحسب.



هتف المسئول:



- ولكنه تفسير مثالي لتلك البطاقة التي يحملها.



انعقد حاجبا رئيس أمنه لحظات، قبل أن يغمغم:



- ربما كان هذا صحيحاً.



وصمت لحظة أخرى، قبل أن يشدّ قامته، مضيفاً في حزم:



- ولكننا لا نعلم هذا.



سأله المسئول في اضطراب:



- ماذا تريد أن تقول؟!



مال رئيس أمنه، مستنداً براحتيه على سطح مكتبه، وهو يقول:



- من الناحية الرسمية، نحن نستجوب مشتبهاً فيه، في واقعة إرهاب، ووفقاً لقانون الطوارئ، حتى مع تعديلاته الأخيرة، نحن نسير على منهج قانوني تماماً.



قال المسئول في عصبية:



- لست أفهم.



اعتدل رئيس أمنه، وهو يقول:



- "هشام حمزة" سيفهم.



نطقها في غموض..
كل الغموض..





* * *
"ماذا تريد أن تقول بالضبط يا "رشدي"؟!"


ألقى الطبيب الشرعي الشاب السؤال، في فضول واهتمام شديدين، على المقدّم "رشدي"، الذي انعقد حاجباه، وتراجع في مقعده، وهو يغمغم في توتر:



- لست أقول شيئاً.. فقط أريد أن أعرف.



ابتسم الطبيب الشاب، متسائلاً:



- تعرف ماذا؟!



أجابه في جدية متوترة:



- سبب وفاة "أمين ضياء".



ارتفع حاجبا الطبيب الشاب في دهشة، وهو يحدّق في وجه "رشدي"، قبل أن يطلق ضحكة قصيرة، ويقول:



- يمكنك أن تسأل أي رجل شارع في "مصر"، وسيُخبرك أن سبب الوفاة هو حادث القطار.



انعقد حاجبا "رشدي"، وهو يقول في عصبية:



- حادث القطار هو الوسيلة؛ ولكنني أسأل عن أسباب الوفاة.



ارتفع حاجبا الطبيب الشاب، وابتسم، وهو يقول:



- مدهش.. ثقافة لا تتناسب مع ضابط أمن دولة.



سأله "رشدي" في ضيق:



- وكيف يُفترض أن تكون ثقافة ضباط أمن الدولة.



ضحك الطبيب الشاب، قائلاً:



- ثقافة اعتقال.



لم ترُق الدعابة له، فقال في شيء من الصرامة:



- ضابط أمن الدولة، بحكم سعة تعاملاته وتنوّعها، يفترض فيه أن يمتلك ثقافة واسعة.



حاول الطبيب الشاب أن يقول شيئاً؛ ولكن "رشدي" واصل في صرامة:



- وهذا لا يجيب سؤالي.



تراجع الطبيب الشاب، وتطلّع إليه لحظة، قبل أن يقول:



- أنت على حق، فحادث القطار وسيلة، يمكن أن يحدث الموت معها بسبب اصطدام الرأس بجسم صلب، أو السقوط عليه، أو على جسم حاد، أو من سقوط الركاب بعضهم على بعض، أو حتى بأزمة قلبية، من جراء الصدمة.



سأله "رشدي" في اهتمام:



- وأيها ينطبق على "أمين ضياء".



صمت الطبيب الشاب لحظة في تردد، قبل أن يجيب في خفوت:



- لست أدري.



انعقد حاجبا "رشدي" في دهشة، وهو يقول:



- ليس هذا الجواب الذي توقّعته.



اعتدل الطبيب الشاب، وقال في سرعة، وكأنه يدافع عن نفسه:



- هل تدرك عدد ضحايا حادث القطار هذا؟! هل تدرك عدد القتلى والمصابين؟! إننا في مثل هذه الكوارث لا نفحص كل قتيل على حدة، ولا نحدد أسباب وفاة كل منهم منفرداً.. إننا نكتب الحادث في خانة سبب الوفاة فحسب، وإلى جوارها عبارة تقول: إن سبب الوفاة إصابة، نتج عنها هبوط حاد في الدورة الدموية.



مال "رشدي" نحوه، يقول في صرامة:



- وماذا لو أن سبب الوفاة يخالف هذا؟!



قلب الطبيب الشاب كفيه، وقال في توتر:



- ولماذا؟! كلهم أصيبوا، ولقوا حتفهم نتيجة للإصابة.



صمت "رشدي" لحظات، وهو يرمقه بنظرة غامضة، قبل أن يقول:



- وماذا لو طلبتُ منك إعادة فحص جثة "أمين ضياء" على نحو منفرد، وتحديد أسباب وفاته بدقة؟!



بدت الدهشة على وجه الطبيب الشاب، قبل أن يتساءل في حذر:



- بصفة قانونية؟!



هزّ "رشدي" رأسه نفياً في بطء، وهو يجيب في حزم:



- بل بصفة شخصية.



ظلً كلاهما يتطلّع إلى عيني الآخر لحظات في صمت، قبل أن يغمغم الطبيب الشاب في خفوت:



- هذا قد يكلفني وظيفتي.



غمغم "رشدي" بدوره:



- قانون العمل في "مصر" لا يسمح بفصل أحد.



مضت لحظات أخرى من الصمت، قبل أن ينهض الطبيب الشاب من مقعده ويقول في حزم:



- ينبغي أن نسرع إذن؛ فسيتمّ تسليم الجثث كلها لذويها صباح الغد.



وتنهّد "رشدي" في ارتياح عجيب، تشوبه لمحة من التوتر، في مزيج مدهش عجيب..
وفي أعماقه تفجّر سؤال كبير..
ترى هل سيسفر هذا عن جديد؟!
هل؟!





يتبع


 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
قديم 17-10-10, 07:31 PM   المشاركة رقم: 20
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
Shakehands الفصل الثامن......ذاكرة الغد(8) إرهاب

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلام عليكم
الفصل الثامن من ذاكرة الغد ................إرهاب
*************************************************

ذاكرة الغد (8).. إرهاب



لم يشعر "حاتم" في حياته كلها، بذلك المزيج من الإرهاق والتوتر، مثلما شعر بهما في تلك اللحظة، وهو يغلق عينيه، في ركن مكتب "هشام حمزة"، وذلك الضخم يقف إلى جواره، ويمسك كتفه في قوة، وكأنه يحاول منعه من الفرار؛ على الرغم من وجوده داخل المبنى الرئيسي لأمن الدولة، في "مدينة نصر"..

كان "هشام" منهمكاً في حديث تليفوني هامس، وكل ملامحه تشفّ عن خطورة هذا الحوار السري؛ فحاول هو، على الرغم من سخافة الموقف كله أن يسترخي، وأن يحظى ولو بدقيقة أو دقيقتين من النوم..

- "وجودك هنا لم يعد آمناً.."..

نطقها حارسه الخاص في حزم، وهما يقفان على قمة ذلك النصب التذكاري الكبير، الذي أقيم في نهاية النصف الأول من القرن الحادي والعشرين، فرفع عينيه إليه في توتر، وقال بلهجة تشوبها نبرة عصبية:

- لن أتخلى عن مسئولياتي بهذه السهولة.

قال الحارس الخاص، في حزم أكثر:

- ولكن ابتعادك صار ضرورة حتمية.

تزايدت عصبيته، وهو يجيب:

- هذا بالضبط ما ينشدونه بمحاولاتهم هذه.. أن أشعر بالخطر، وبالخوف على حياتي، وأن أبادر بالفرار..

قال الحارس في صرامة:

- وهذا ما ينبغي أن تفعله بالفعل.

لوَّح بذراعيه في حدة، هاتفاً:

- وأتخلى عن كل هذا؟! هل نسيت لماذا أقيم هذا النصب الخاص، الذي نقف فوقه؟! لقد أقيم لتمجيد ثورة الحرية.. تلك الثورة التي استعاد بها هذا الشعب كرامته وحريته، بعد ما يقرب من قرن من الزمان، رزح خلاله تحت نير الظلم والجبروت.. إنه رمز الحرية يا رجل.. الحرية التي يحاولون سلبها من هذا الشعب ثانية، وهذا ما لا يمكن، بل ويستحيل أن أقبل به أبداً.

أمسك حارسه الخاص ذراعه، هاتفاً:

- وجودك هو الدعامة الأساسية لهذه الحرية، ولهذا يجب أن تبقى.

جذب يده في حدة، هاتفاً:

- خطأ.. وجود الشعب وإرادته هو الدعامة الأساسية والرئيسية والوحيدة للحرية.. الأفراد زائلون؛ ولكن الشعب والوطن باقيان.. فكرة ارتباط الحرية بفرد واحد هي قمّة الديكتاتورية..

هتف الحارس الخاص، وقد تحوَّلت صرامته إلى عصبية واضحة:

- ولكنك لم تكمل برنامجك بعد، ووجودك مازال ضرورياً، وإلا فلماذا يحاولون اغتيالك الآن؟! لماذا؟!

- "هذا ليس فندقاً.."

انتزعته صرخة "هشام" الصارمة من عالمه الخاص، وأخرجته من نومه، لتلقي به بعنف في عالم الواقع؛ فانتفض جسده، وهو يفتح عينيه في سرعة؛ فوجد "هشام" يقف أمامه مباشرة، وهو يكمل في شراسة:

- من سمح لك بالنوم؟!

تنحنح في توتر، واعتدل في مجلسه، مجيباً في صوت أشبه بالغمغمة:

- جسدي المنهك.

صرخ فيه، في شراسة أكبر:

- لم يحن وقت النوم بعد.

قالها، ورمقه بنظرة وحشية، قبل أن يعود إلى ما خلف مكتبه، ويضيف في قساوة:

- ستنام عندما تخبرني بكل ما لديك.

قال "حاتم" في توتر:

- لقد أخبرتك به بالفعل.

ابتسم "هشام" ابتسامة شديدة العصبية، وهو يقول:

- أنت لم تستوعب ما يمكننا أن نفعله بك.. أليس كذلك؟!

زفر "حاتم" في إرهاق، وسأله في عصبية:

- ما الذي تريد معرفته بالضبط؟!

أشاح "هشام" بوجهه عنه، وهو يقول في صرامة:

- ما علاقتك بذلك التنظيم الإرهابي بالضبط؟! ومن يموّلكم ويعاونكم من خارج البلاد؟!

حدّق فيه "حاتم" في دهشة مستنكرة، وهو يقول:

- تنظيم إرهابي، وخارج البلاد؟! من أين أتيت بهذا؟!

أجابه "هشام" في صرامة شديدة:

- من اعترافاتك.

كاد يهبّ من مقعده، وهو يهتف مستنكراً:

- اعترافاتي؟!

دفعه الضخم من كتفه في قوة وغلظة؛ في حين تابع "هشام" بنفس تلك الصرامة الوحشية:

- الاعترافات التي ستوقّعها بنفسك هنا.



* * *





- "هل جننت؟!"

صرخ بالعبارة في غضب مستنكر؛ فهوى ذلك الضخم على فكّه بلكمة قوية، قبل حتى أن تنتهي صرخته، و..

ولدهشته هو شخصياً، ارتفعت يده في سرعة خرافية، لتمسك قبضة الضخم، قبل أن تلمس فكه..

وعلى الرغم من ضخامة ذلك الضخم وقوته الظاهرة، ارتطمت يده براحة "حاتم" التي لم تتحرك من مكانها، كما لو أنها حائط من الصلب، وشهق الضخم في ألم، واتسعت عيناه في شيء من الذعر، وهو يتراجع في حركة غريزية حادة، فصرخ فيه "هشام" في غضب:

- ماذا أصابك؟!

بدا صوت الضخم مهتزاً مضطرباً، وهو يقول:

- ألم تر سيادتك ما حدث؟!..

صاح به "هشام":

- لقد لكمته في رعونة.

هتف الضخم، في صوت أكثر اضطراباً:

- بل أقسم أنني لكمته بكل قوتي.

انعقد حاجبا "هشام" في شدة، وحدّق في الضخم لحظة، ثم لم يلبث أن نقل تحديقه إلى "حاتم"، الذي بدا أكثر منه دهشة، وهو يقلّب راحته؛ ليحدّق فيها ذاهلاً، خاصة وأنه لم يشعر بقوة اللكمة بالفعل..

وفي غضب غلب دهشته، غادر "هشام" مكتبه، واتّجه في خطوات عصبية نحو "حاتم"، وهو يقول للضخم:

- لو أنك نسيت كيف تلكم.

ثم هوى بقبضته على فك "حاتم"، مردفاً في انفعال عنيف:

- فدعني أذكّرك.

وللمرة الثانية، ارتفعت قبضة "حاتم" في سرعة خرافية، وصدّ لكمة "هشام" في راحته..

وفي هذه المرة، كان هناك صوت..

صوت ارتطام قبضة ضابط أمن الدولة براحة المتهم..
بمنتهى العنف..

وبعد ذلك الصوت مباشرة، وثب "هشام" إلى الخلف..

وثب في حركة غريزية حادة، وقد اتسعت عيناه عن آخرهما، وبدا أشبه بالمذعور، وهو يمسك قبضته براحته الأخرى في ألم..

ومع تراجعه، وتلك الملامح التي ارتسمت على وجهه، تراجع الضخم أكثر..
وأكثر..

وفي كل خلجة من خلجاته، ارتسم رعب..
وفزع..
وذهول..

إنه لم يواجه، في حياته كلها، أمراً كهذا..
لقد اعتاد دوماً أنه الأقوى..
فهو ضخم الجثة، قويّ البنية، مفتول العضلات..

ثم إنه يحمل رتبة رقيب، وفي أمن الدولة..
وهذا دوماً يجعله أقوى من كل من يتمّ احتجازه هناك..
أقوى بحكم بنيته..
وبحكم سلطته..
وبحكم حماية الكبار له..

ولكنها أول مرة يشعر فيها بالخوف..
أول مرة يكون فيها المتهم أكثر قوة..
أول مرة، على الإطلاق..

أما "هشام" الذي لم تختلف مشاعره كثيراً؛ فقد غمغم في ذهول:

- كيف تفعل هذا؟!

حدّق "حاتم" لحظة في راحته، قبل أن يرفع عينيه إليه في حيرة حقيقية، قائلاً:

- لست أدري!!

رددًّ "هشام" ذاهلاً ومستنكراً:

- لست تدري؟! كيف؟!

عاد "حاتم" يحدّق في راحته، مغمغماً في حيرة أكبر:

- حقيقة لست أدري!!

حدّق فيه "هشام" عدة لحظات، في دهشة أكبر، ثم لم يلبث أن تراجع نحو مكتبه في حذر، وهو يقول:

- هل فقدت الذاكرة؟!

هزّ "حاتم" رأسه نفياً في بطء، وهو يجيب في صوت، لم تفارقه تلك الحيرة بعد:

- على العكس.. إنني أحمل ذكريات لم أعشها بالفعل.

عاد "هشام" يحدّق فيه، غير مستوعب لإجابته، ثم مد يده في حذر، يضغط زراً خفياً، في إطار مكتبه، وهو يغمغم:

- في هذه الحالة..

فور نطقه للعبارة، اقتحم ثلاثة جنود، مدججين بالأسلحة المكان، وكل منهم صوّب مدفعه الآلي نحو "حاتم"، فصرخ فيهم "هشام"، بكل عصبية الدنيا وانفعالها:

- اقضوا عليه.

واتسعت عينا "حاتم "..
بمنتهى الشدة.



يتبع

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مقالات نبيل فاروق, ذاكرى الغد, نبيل فاروق
facebook




جديد مواضيع قسم روايات أونلاين و مقالات الكتاب
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 11:14 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية