السلام عليكم
يبدو أن ران كلمت نبيل فاروق من ورانا و قال لها إن القصة حتخلص في الفصل
العشرين و إذا كان مقلهاش إذن عزيزتي ران انتي نجحت بتخمينك
على الرغم من حزني بانتهاء القصة الجديدة للدكتور نبيل فاروق و التي أعرضها اليوم
إلا أنني سعيدة أن أعلن النهاية التي أردنا معرفتها.
بدون كلام كثيـــــــــــــــــــــــر
************************************************************ **
ذاكرة الغد (20).. ختام
الدكتور نبيل فاروق
بدموع من الدم، بكت زوجة "حاتم"، كما لم تبكِ من قبل، وانهمرت دموعها تُغرق وجهها كله، مع صدر أمها، التي ربتت عليها في حنان مشفق، قائلة:
- من المستحيل أن يكونوا قد اعتقلوه.. البلد لا يزال به قانون، ولا يمكن أن..
قاطعتها زوجته، وهي تعتدل بحركة حادة..
- أيّ قانون؟! هذا البلد لا قانون له.. الكبار يتحدثون فيه عن القانون، ولكن القانون الفعلي الوحيد، الذي يسود الساحة، هو قانون القوة.. أي شخص يمكن أن يختفي، إذا ما أرادوا هذا.. وهناك عشرات الوسائل.. أضفاها قانون الطوارئ المطاطي، الذي يمنحهم الحق في اعتقال من يشاءون، وقتما يشاءون.. أمي.. لا قانون لهذا البلد.
نظرَت إليها أمها في فزع، وتلّفتت حولها في اضطراب؛ وكأنها تخشى أن يسمعها أحد، ثم غمغمت في توتر:
- سيعود.. صدقيني يا بُنَيّتي.. سيعود.
عادت تدفن وجهها في صدر أمها، وهي تبكي قائلة:
- ليته يفعل.. إنني أحبه حقاً.. أحبه؛ حتى أنني أقسم ألا أضايقه بحرف واحد، لو عاد إليّ.
عقب كلمتها، سمعت فرقعة قصيرة، أعقبها صوت باسم، يقول:
- أهذا وعد؟!
التفتت مع أمها في ذعر إلى مصدر الصوت، وشهقت أمها في قوة؛ في حين حدّقت هي في زوجها، الذي بدا عجيباً، في زيه اللامع، وابتسامته المشرقة؛ إلا أن لهفتها جعلتها تطرح كل الدهشة خلف ظهرها، وتندفع لتُلقي نفسها بين ذراعيه، هاتفة:
- "حاتم".. حمداً لله.. حمداً لله.
قبّلها في حنان، وتحسّس شعرها في رفق، هامساً بابتسامة كبيرة:
- أوحشتِني.
دفنت وجهها في صدره، وهي تقول في لهفة:
- كدْت أموت خوفاً عليك.
غمغم في أذنها، دون أن تفارقه ابتسامته:
- لا توجد في هذا الزمن، شهادة وفاة باسمك.
رفعَت رأسها عن صدره، وهي تسأله في دهشة:
- ما الذي يعنيه هذا؟!
ابتسم وضمّها إليه مرة أخرى، وهو يهمس في أذنها:
- إنها قصة طويلة، تحتاج منك إلى الاستيعاب، ومنحي كل الثقة.
هتفت بكل حبها:
- لا حدود لثقتي بك.
وهتفت أمها، في نفس الوقت تقريباً:
- كيف دخلت؟! أي هنا.
وابتسم هو..
ولم يجب..
إطلاقاً..
* * *
أوّل من تحرّك، كان "رشدي عبد الهادي"..
لقد استلّ مسدسه، ودفع النائب العام جانباً، ثم وثب هو إلى الجانب الآخر.. وأطلق النار..
وانطلقت من حلق "هشام" صرخة ألم، عندما أصابت رصاصة "رشدي" يده، وأطاحت بمسدسه، ووثب "رشدي" نحوه، ليكتم صرخته بلكمة، أودعها كل قوته، وهو يهتف:
- وهذه جريمة جديدة.
كانت اللكمة من القوة، حتى إنها أطاحت بـ "هشام"، ليسقط فوق مكتب المسئول الكبير، ويزحف به وبأوراقه، حتى يسقط على هذا الأخير، فينقلب مقعده، ويسقطان معاً أرضاً..
وفي ثبات، التفت النائب العام إلى رئيس طاقم حراسة المسئول الكبير، فشّد هذا الأخير قامته، وسحب مسدسه، وناوله للنائب العام، وهو يقول في استسلام بائس:
- رهنُ إشارتك يا سيّدي..
اندفع رجال حراسة النائب العام، داخل حجرة المسئول الكبير، إثر سماع صوت الرصاصة؛ فأشار النائب العام إلى المسئول و"هشام"، وقال بكل الحزم والصرامة:
- بأمر فخامة رئيس الجمهورية، ألقوا القبض عليهما.
وهنا، وفي مشهد عجيب مؤسف، انفجر المسئول الكبير باكياً..
في مرارة..
وأسف..
وندم..
بلا حدود..
* * *
طالع رئيس الجمهورية ملف القضية كله، قبل أن يغلقه في غضب واضح، وهو يرفع عينيه إلى وزير الداخلية، قائلاً:
- أيحدث كل هذا خلف ظهورنا.
شدّ وزير الداخلية قامته، وهو يقول:
- كل من تورّط في الأمر سيلقى جزاءه يا سيادة الرئيس.
هزّ الرئيس رأسه في قوة، قائلاً في غضب:
- هذا لا يكفي.. تلك المؤامرة تُثبت وجود خلل كبير في المنظومة الأمنية في "مصر"، وخلل أكبر في علاقتها بمؤسسة الرئاسة، وكل هذا يحتاج إلى تعديل كبير في النظام بأكمله.
غمغم وزير الداخلية في توتر:
- يمكننا أن..
قاطعه الرئيس في صرامة:
- كلاّ.. هذه ليست مهمة وزارة الداخلية.
شدّ الوزير قامته مرة أخرى، في توتر ملحوظ، وأطبق شفتيه تماماً، في حين قال الرئيس، مكملاً حديثه:
- هذا أمر يخصّ الأمن القومي لـ"مصر"، ويحتاج إلى لجنة كبيرة؛ لدراسة هذه الأوضاع المتردّية، ووضع خطة إصلاحية شاملة لها.
غمغم الوزير:
- أنا رهن إشارتك يا فخامة الرئيس.
أشار إليه رئيس الجمهورية، قائلاً:
- أريد هذا المقدّم.. "رشدي عبد الهادي".
قال وزير الداخلية، وتوتره يتزايد:
- فوراً يا فخامة الرئيس.
أشار إليه الرئيس مرة أخرى، وقال في صرامة شديدة:
- وفي طريق خروجك من هنا، لا تنسَ ترك استقالتك لدى مدير مكتبي.
امتقع وجه الوزير في شدة، وغمغم:
- فوراً يا فخامة الرئيس.. فوراً.
والتقى حاجبا الرئيس، وهو يتابع مغادرته لمكتبه..
ولقد أدرك، عقب هذه الواقعة، أن الأمور تحتاج إلى تغيير..
وإلى إصلاح..
إصلاح كبير..
للغاية..
* * *
بدت زوجة "حاتم" مبهورة، وهي تلتصق بزوجها في شدة وحب، مغمغمة في سعادة:
- لم أكن أتصوّر أن مستقبل "مصر" مشرق إلى هذا الحد.
غمغم، وهو يضمّها إليه في حب:
- إنها ليست جنة بعد.
قالت في خفوت حالم:
- ولكنها أجمل كثيراً، مما كانت عليه في زمني.
ابتسم، وضمها إليه في حنان أكثر، وطبع قبلة على جبينها، وهو يقول في حب:
- ألا تشعرين بالندم، على أنك قد غادرت زمنك من أجلي؟!
غمغمت في حب:
- زمني حيث يوجد من أُحب.
ابتسم، وقال مداعباً:
- تاريخ مولدك يعود إلى أكثر من نصف قرن مضى.
ضحكت، قائلة:
- وهل رأيت امرأة في مثل عمري، لا تزال تتمتع بالحيوية والشباب؟!
غمغم:
- العلم يصنع المعجزات.
التصقت به أكثر، وقبلّت صدره، قائلة:
- والحب يصنع أكثر.
ثم هزّت كتفيها، مضيفة:
- والأعجب أن تاريخ مولد ابنتنا، سيأتي بعد نصف قرن، من تاريخ زواجنا.
التفت إليها في لهفة وسعادة؛ فأكملت، وهي تدفن وجهها في صدره حياءً:
- ماذا تحب تسميتها؟!
ضمّها إليه، وهو ينظر من نافذة مقرّ الرياسة، إلى شروق شمس المستقبل، وأجاب في خفوت:
- أمل.
وغرقت في صدره أكثر، مع مشرق الشمس..
شمس الغد..
****************************************
الختــــــــــــــــــــــــــــام