لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات > القصص المكتمله
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله خاص بالقصص المنقوله المكتمله


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-09-10, 04:28 PM   المشاركة رقم: 36
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 164090
المشاركات: 216
الجنس أنثى
معدل التقييم: سنديان عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سنديان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سنديان المنتدى : القصص المكتمله
Flowers

 


الفصل 33

أستيقظ عماد من نومه على صوت ريم في السابعة مساء . غسل وجهه وأخذ الجريدة بصمت وهم بالخروج فاستوقفته تطلب منه مرافقتها إلى السوق لشراء ملابس قبل السفر . هز رأسه موافقا وذهب للجلوس في الركن الفرنسي ، يطالع جهاز التلفزيون ليسمع الأخبار بصوت منخفض وهو يقرأ . أحس وكأن يدا تعصر قلبه عندما رأى زاوية همسات من قلبي موجودة . ماذا كتبت له كاميليا هذه المرة وأي رسالة توجهها إليه . همسات عتاب أم تعبير بالخيبة ، أم تذكير بالماضي أم ماذا ..

" تسألني باريس عنك
تسألني الجسور والعطور
تسألني العشاق والزهور
تسأل عنك مياه السين الهادئة
والأمسيات الحالمة
باريس تذكر حبنا
وتذكر لمسة اليد الحنونة
وتلك القبلة اللذيذة المجنونة
وورود باريس وحدائقها
ومياهها ومقاهيها وحلوياتها
ولياليها وأحلامها ونسماتها ..
" ألور " يسأل عنك
و" الياقوت الأحمر " في يدي
والكحل الأسود في عيني
وحبة الخال في زاوية فمي ..
يسألون عنك ..



كاميليا الناصر
الرسالة الرابعة .. والبقية تأتي .
..............................


أعاد قراءة ما كتبته كاميليا مرة أخرى .. وتساءل لماذا تذكره بباريس وبكل ما يحبه فيها ؟ . لماذا هي مصره على تذكيره بالحب الذي جعله يتبعها إلى باريس عندما سافرت ، وتذكره بهداياه وقسوته عليها . ما الذي تريده من هذه الرسائل الخفية ؟. هذه الرسالة الرابعة وهي لم تتوقف ومازالت تعده بالمزيد . كم ستستمر بإرسال الرسائل والعتاب والهمسات المبطنة . وهو يفكر بها وبهمساتها وذكريات باريس تطوف بخياله . تنهد عندما لمح ريم تقترب منه ، جلست بجانبه وقالت :
- أريد أن أشتري معطفا سميكا وبعض الملابس الدافئة فالجو في لندن بارد جدا .
ظل ساكتا غير مهتم بما تقوله وعطر الماضي يثير فيه المزيد من الذكريات ، فأكملت ريم حديثها :
- أتصدق أن أعلى درجة تصل إليها الحرارة في لندن على مدار السنة هي ثلاث وعشرون درجة مئوية .
تأفف وطلب منها أن تلغي سفرها فهو لا يحبذه ، فقالت له بانفعال :
- تقول هذا بعد أن حصلت على التأشير وحجزت تذكره السفر .. وحصلت على الموافقة من وزارة الصحة وسأسافر بعد أسبوع .
زم شفتيه وقال بنبرة حادة :
- تستطيعين إلغاء السفر لو أردت .
أجابته بأنها لن تفعل ذلك فهي ليست مضطرة لتحمل تردده وتقلب آرائه . شعرت بالغثيان وهي تطلب منه أن يستخرج لها تصريحا بالسفر ، فهذا أمر مذل . هي امرأة راشد لا تستطيع أن تسافر بدون أن يأذن لها ولي أمرها ، كم تكره هذه الكلمة البائسة فعلى زوجها أن يعطيها موافقته الرسمية وإلا لن تسافر .
- سأذهب غدا للجوازات واستخرج التصريح .
قال جملته وأخذ الجريدة وتوجه لغرفته فلحقت به وسألته :
- متى سنذهب إلى السوق ؟
طلب منها أن تذهب لوحدها فهو سيخرج للقاء أصحابه وأمامها خلع بيجامته وارتدى ملابس الخروج ووقف أمام المرآة يمشط شعره . وقفت أمامه عبر المرآة وصرخت به :
- لماذا تعاديني ؟
استدار لها وطلب أن تتكلم بهدوء فأجابته بصوت مرتفع :
- أنت وعدتني .
أطال النظر إليها وطلب منها الكف عن الصراخ والذهاب مع السائق .
- أي أصدقاء تتحدث عنهم .. ليس لديك غير ماجد وفيصل .
سكتت للحظة ثم قالت بسخرية :
- لو رشحت نفسك في مجلس البلدي .. سيصوت لك ماجد فقط من خارج العائلة .
لم يجبها فضحكت باستهزاء وقالت :
- تخيل ستكون أقوى الخاسرين !
استدار نحوها وقال بازدراء :
- أترفع عن الإجابة على غبية مثلك .. وهذه الانتخابات لا تعنيني ولن أعطي صوتي لأحد .
بروده زاد غضبها فصرخت به :
- لن أدعك تخرج معهم وستذهب معي إلى المجمع التجاري رغما عنك .
سكت وأخذ مفاتيحه ومحفظته وهاتفه وهم بالخروج من الغرفة لكن جملتها الأخيرة استوقفته عندما قالت له بتهديد :
- إذا خرجت فلن تجدني عندما تعود .
أغمض عينيه ولأول مرة يتمنى أن يسكتها بأي وسيلة حتى وإن اضطر لضرب رأسها بالحائط ، لكنه كتم غيظه وقال لها :
- أذهبي إلى جهنم .. والحمد الله لست حاملا هذه المرة لأكون سبب ولادتك المبكرة .
صعقها رده فقالت :
- ألا تهتم بي لهذه الدرجة .. كم أنت مستهتر .
صفق باب الغرفة وخرج وهي تصرخ وتتوعده بدفع الثمن ، وبتلقينه درسا ليحسب لها ألف حساب عندما تكلمه أو تطلب منه شيئا . ركب سيارته وأنطلق مبتعدا عن البيت . نظر لوجهه المتجهم في مرآة السيارة وحاول أن يخفي علامات الانزعاج الجلية على ملامحه وهو ينظر للميدالية الزجاجية التي أهدته أيها كاميليا وطلبت منه أن يعلقها في مرآة سيارته . ظل يفكر بها وبما كتبته اليوم في الجريدة . سطورها القليلة لم تمر عليه وعلى قلبه مرور الكرام . دفع باسطوانة فيروز الذي هجرها منذ مدة في مشغل الأسطوانات وبدأ يستمع ..

" شايف البحر شو كبير .. كبر البحر بحبك
شايف السما شو بعيد .. بعد السما بحبك
كبر البحر وبعد السما بحبك يا حبيبي
يا حبيب بحبك "

جال شارع الكورنيش من أوله إلى آخره عدة مرات دون أن يشعر . كان يمشي مرافقا البحر وبمحاذاته بلا هدف ، ولا يعرف إلى أين يتجه وإلى أين يذهب . مشى وهو يستمع لفيروز وكلما انتهت الأغنية أعادها مرة أخرى . رن هاتفه الجوال ورأى اسم صاحبه فأغلق الهاتف ووضعه في الدرج السيارة . أراد أن يبقى مع فيروز ، وكاميليا التي يفكر بها ماذا تفعل الآن وبم تفكر . ما هو هدفها من الرسائل وإلى متى ستستمر بالكتابة . ألم تكتفي بالجروح التي خلفها حبه فيه .ألم تكتفي بالهزائم التي يعانيها وبالخسائر التي تكبدها من عمره وأعصابه وقلبه . ماذا تريد منه صاحبة الصوت الرقيق ؟
هذا ما كان يفكر به وهو يمشي بلا هدف في الطريق البحري . أوقف سيارته بمحاذاة كورنيش القطيف وترجل منها يفكر بما قالته ريم قبل خروجه وتهديدها بترك المنزل للمرة الثانية في فترة وجيزة . تمشي ببطء وهو يتأمل العشب الأخضر والأولاد يلعبون بالكره ، وبعضهم يسيرون بدراجاتهم، وبعض النسوة يمشين ، وبعض العائلات تفترش العشب . اقترب من البحر وملأ رئتيه بهواءه الرطب . تمشى قليلا وهو يفكر بالقطيف ، مدينة النفاق والعشق والخيبة . فيها أحب كاميليا وعشقها ، وفيها تركته . خيبت أمله القطيف القاسية ولم تعطه حقا مباحا في كل مكان . عاد بسيارته ليمنع ريم من ترك المنزل ليتلافى حدوث مشكلة كبيرة مع العائلة لو حدث لها شيء وأتهمته . ركب سيارته وأعاد تشغيل فيروز مرة أخرى وعاد بذاكرته وأفكاره لكاميليا . وصل إلى منزله ولم يجد ريم فقد تركت المنزل كما هددته قبل خروجه .

*******

عاد في اليوم التالي من الشركة لمحه واقف أمام باب البيت الحديدي الكبير ودخل بسرعة وراءه . كانت علاقته به سطحيه جدا ولم تتعدى لقاءات قليلة في مناسبات عامة ومتباعدة كيوم زفافه ويوم زفاف عصام ولم يتوقع أن يزوره عادل في بيته يوما ما . حمد ربه بأن ريم غير موجودة لكان أساء الظن بها ، لكن ذلك لم يمنعه في التفكير بعلاقة ريم بزيارته في اليوم التالي لخروجها من المنزل بعد شجارهما الأخير . تساءل عن سبب قدومه وقرر أن يطلب منه عدم الاقتراب من المنزل مرة أخرى مهما كان سبب زيارته الغير مستحبة . أقترب منه عادل بسرعة شديدة وقال له بغضب :
- من تظن نفسك أيها الحقير لتعامل ابنة عمي بهذه الطريقة ؟
التفت إليه وصرخ فيه :
- أخرج من البيت ولا أريد أن أراك تتجول في هذا الحي بالمرة .
أخرج عادل من جيبه سكينا وهم بطعنه ، لكنه تلافى الضربة بحركة رشيقة .
تعاركا أمام نظر الحارس الذي ظل مكانه خائفا . كان عادل مصمم على طعن عماد الذي حاول تلافي الضربة فجاءت مرتين في الهواء ثم رمى بثقل جسمه عليه وأسقطه أرضا . أحس عماد بألم حاد والسكين تغرز في كتفه الأيسر . أمسك بيده مكان الطعنه في كتفه والدم يتدفق بغزارة والحارس الهندي واقف مكانه بخوف وعادل يغرز سكينه مرة أخرى في بطن عماد الذي سقط أرضا من أثر الطعنه والإعياء والنزيف .

********

كانت كاميليا على موعد مع نسرين لتناول العشاء في الخارج عندما اتصلت بها تعتذر عن الخروج معها لتعرض عماد لاعتداء وإصابته بعدة طعنات وهو يرقد في المستشفى . أحست بأن قلبها سيتوقف وهي تسمع الخبر ، لم تكن مستوعبه لما حدث لعمادها . أغلقت السماعة ودموعها تفيض من عينيها المتعبتين . بكت وهي تفكر كيف تراه ، فلابد أن تطمأن عليه بأي وسيلة ، تريد أن تراه بعينيها لترتاح ولا تستطيع الاكتفاء بما تقوله لها نسرين عن حالته . بسرعة ارتدت عباءتها ولفت حجابها الملون على رأسها وأخذت حقيبتها وأمسكت مقبض الباب الخارجي . وسرعان ما استدركت بأن ذهابها غير منطقي بالنسبة لعائلته . جلست على المقعد ووضعت رأسها بين يديها وراحت تنشج بالبكاء . كانت خائفة وتدعو الله أن ينجيه ، لا تريده أن يكون لها ولا تريده أن يحبها أو يتذكرها ولا تريد منه شيئا ، تريده أن يتعافى فقط .
ظلت تبكي وفكرها محصور به . لم تأكل ولم تستطيع النوم . أخذت دواءها النفسي علها تهدأ ولو قليلا . وراحت تذرع غرفتها تنتظر اتصالا من نسرين لتطمئنها كما طلبت منها ذلك . كان الإنتظار يزيدها توترا وإنتصاف الليل جعلها أكثر قلقا خافت وهي تفكر بالرسالة الأخيرة التي أرسلتها له في الجريدة ، وذكريات باريس التي أرادت إثارتها في نفسه .لم تتحمل الانتظار أكثر فاتصلت بنسرين ، وسألتها بقلق :
-ما هي أخبار شقيقك الآن ؟
- نقلوه إلى العناية المركزة في الساعة الثامنة وسيبقونه تحت المراقبة لمدة عشر ساعات .. لم يسمحوا لنا برؤيته فعدنا إلى البيت وسنذهب لزيارته غدا صباحا .
تنهدت وسألت صديقاتها :
- هل ستذهبين إلى المستشفى ؟
- لن أذهب فهذا الأسبوع التدريبي الأخير لي ولدي أيام اضطرارية مدخرة .
تمنت لعماد الشفاء فقالت لها نسرين وهي تبكي :
- أمي منهارة لقد انتحبت بحسرة وهم ينقلونه أمامنا إلى غرفة العناية المركزة .
- ومن طعنه بالسكين ؟
- طعنه الكلب عادل ابن عم المتعجرفة .. تركت المنزل بالأمس وفزع لها ابن عمها .. تخيلي لم تأت للمستشفى لرؤيته .
أنهت حديثها مع نسرين وذهب إلى المطبخ لتجلب لها مشروبا باردا وذهبت لغرفتها . كانت تشرب وهي تنتظر بزوغ الشمس لتنتهي الساعات العشر وتطمئن على عمادها . دعت الله أن يمن عليه بالشفاء ، وقضت ليلتها بالتفكير والاتصال بالمستشفى والممرضات يرفضن إخبارها بحالته . أتصل بها ناصر عدة مرات ولم تجبه . بقيت تبكي وحدها في البيت تنتظر شروق الشمس . لم تذهب للمستشفى هي أيضا ، ظلت تنتظر الوقت الملائم لتذهب وترى عمادها وتطمأن عليه .

********

انتظرت انتصاف النهار لتتمكن من الذهاب للمستشفى لرؤية عماد بعد أن أخبرتها نسرين بأنهم تركوه وسيعودون لزيارته عصرا . كانت خائفة وسيارتها تتوقف في مواقف السيارات الخاصة بالمستشفى . ترجلت بسرعة وهي تلف اللثام على وجهها لتخفي القسم السفلي منه والنظارة الشمسية تخفي عينيها ، ويدها تمسك بباقة ورود فاخرة اختارتها من ورود الكاميليا البيضاء . توجهت مباشرة لقسم الجراحة فقد أخبرتها نسرين بأن حالته مستقرة وتم أخرجه من العناية المركزة . لم تكن تفكر بردة فعله عندما يراها ولا بما ستقوله له ، ولماذا تأتي لزيارته في المستشفى بعد كل الذي حدث .
لم تبال بشيء وهي تتذكر ناصر الغائب في عمله والذي لم يكف عن الاتصال بها منذ البارحة ولم تجبه . جل اهتمامها منصب على عماد وشفاءه فربما يعرف بأنها تحبه بإخلاص وتريد الاطمئنان عليه فقط . ربما يؤمن بأنها كانت ضحية لوالدها وتزوجت بأبن عمها مرغمة ، وكانت مستعدة لبذل الكثير في سبيل تلافي هذا الزواج وهو تخلى عنها عندما طلبت مساعدته . عله يصدق ذلك وينسى فكرة خداعه فمازال يهمها أن يعرف بأنها كانت صادقة معه .
اقتربت من محطة التمريض وسألت إحدى الممرضات عن غرفته فدلتها عليها وطلبت منها عدم إطالة الزيارة فالطبيب يوصي بذلك .
طرقت الباب بوجل وقلبها ينبض بقوة والدموع معلقة برموشها . قوت قلبها المرتبك ودخلت غرفته الخاصة ووجدته على السرير في حالة إعياء تام والمحاليل السائلة مغروزة في وريده وجهاز قياس الضغط متصل بذراعه ، وأنبوبة رفيعة تخرج من بطنه وتتصل بكيس بلاستيكي به سائل اصفر مختلط بالقليل من الدم . بدا شاحبا وهو مغمض العينين ، وكتفه الأيسر مغطى بضمادات وجبينه يضيء بالعرق وجسده مغطى بغطاء خفيف . كان نائما وساكنا وعندما كلمته برفق لم يسمعها . وضعت الورود على الطاولة وجلست على الكرسي القريب منه وقالت له بهمس والدموع مختبئة بين رمشيها :
- دودي .. حمد الله على سلامتك يا بعد عمري .
كان يئن بصوت منخفض ، فقالت :
- أرجوك .. أفتح عينيك أجبني .
وعندما لم يستفيق سكتت تتأمل وجهه الشاحب . أحست بشوق عارم له أشهر طويلة مرت على لقاءها الأخير به كم بدا متغيرا ، بدا نحيلا والشعرات البيضاء ظهرت أكثر في جانبي رأسه . لم تتمكن من حبس دموعها ، وهي تكلمه بهمس لا يكاد يسمع :
- تعافى وكن قويا كما عرفتك .. أنظر إلى بعينيك السوداويين فأنا لم أرى أجمل منهما في حياتي .. أنهض فأنا أحتاجك في هذه الحياة حتى لو لم تكن بجانبي يكفيني أن تكون موجودا ومتعافيا يا حب حياتي الكبير .. تعافى يا من وعدتني بالحب والسعادة فأنا مازلت أنتظر وعدك وما زلت أحبك رغم خذلانك لي .
والتفتت لصوت جهاز قياس الضغط الالكتروني وهو يقيس ضغط دمه من جديد فسكتت وهي تلملم دموعها . بلعت ريقها والممرضة تدخل لتقيس حرارته . سألتها بقلق عن حالته ، فطمأنتها :
- حالته مستقرة .. لكنه يعاني من ارتفاع في درجة الحرارة بين وقت وآخر .
مسحت دموعها وسألتها :
- ولماذا لا يرد علي ولا يفتح عينيه ؟
طمأنتها بأنه مازال يشعر بإعياء ناتج عن إصابته ومن النزيف والعملية ، كما أنها أعطته حقنة مسكنة قبل ساعة لذا هو نائم الآن . مدت كاميليا يدها نحو عماد وأمسكت بيده الدافئة من ارتفاع حرارته وهمست له :
- كن قويا وتعافى من أجلي .
نهضت من الكرسي وأزاحت اللثام عن وجهها . اقتربت منه وطبعت على جبينه قبلة متجاهلة كل الأفكار القديمة وما قاله رجل الدين عن الحب المحرم . أعادت اللثام على وجهها وخرجت بدموعها التي أخفتها بالنظارة . أمسكت بمقبض الباب واستدارت تلقي عليه نظرة أخيرة قبل أن تخرج وشعرت برغبة للاقتراب منه مجددا واحتضانه لكنها منعت نفسها من ذلك خشية أن يأتي أحد من أفراد عائلته وهي لا تود أن يراها أحد هنا .

*********


فتح عماد عينيه مساءا وجد والديه وأختيه وفيصل وأمل وعصام حوله جالسون في غرفته الخاصة يحيطونه بباقات الورود والشوكلاتة الفاخرة . قالت له نسرين ممازحة وعينيها على ورود الكاميليا بجواره :
- من أحضر لك الورود البيضاء .
نظر للورود وتذكر كاميليا فقد كان يهديها ورود الكاميليا البيضاء دائما . هز رأسه وقال بأنه لا يعرف من أحضرها . فنهضت نسرين وأحضرت له البطاقة المرفقة وقرأت بصوت عالي :
- مكتوب في البطاقة .. غلبتني دموعي عندما عرفت بما حصل .. ومن كل قلبي أتمنى لك الشفاء العاجل وموفور الصحة .. وتوقيع الرسل .. مع التحية والبقية تأتي .
ضحكت ندى وقالت :
- من هذا الزائر الغريب .. لم لا يذكر أسمه ؟
أنقبض قلبه وهو يسمع ما قالته أخته ، وطلب من نسرين أن تعطيه البطاقة . أمسك بها وقرأها بعينيه وذهنه يصوب أفكاره نحو كاميليا فهذا توقيعها في الجريدة وعبارة البقية تأتي تختم بها همساتها وتتوعده بها منذ زمن . تساءل في سره متى جاءت وكيف لم يشعر بوجودها ، ربما أرسلت الورود فقط ولم تأتي بنفسها . جلس مع عائلته وفكره مشغول بكاميليا وبالورود التي أرسلتها ، خرج من أفكاره وأمه تسأله :
- ألم تأتي ريم لزيارتك ؟
- ولماذا تأتي ؟.. هي مشغولة بسفرها .
- أنت زوجها ولا تأت لزيارتك .. ربما هي من جلبت الورود .
كان متأكد بأن الورود من كاميليا ولكنه سكت ، وأمه تتابع :
- حتى وإن كنتما على خلاف يجب أن تأتي لتراك وتطمئن عليك .. هذا تقصير منها .
سكت عماد وهو يشعر بألم انتابه مكان العملية ، فقال عصام لزوجة خاله :
- هي متأثرة بما حصل بينها وبين عماد .. لقد طردها من المنزل .
ظل عماد ساكتا وغير مبال بما قالته ريم عنه ، فقالت أمه مخاطبة عصام بحدة :
- وابن عمك النذل .. لماذا يؤذي ابني ؟
- عادل تصرف من نفسه فقد كان في منزلنا عندما جاءت ريم وهي تبكي .. أنفعل وصار يهدد ويتوعد أمامنا .. ظننا كلامه ناتج عن غضبه فقط لكنه فعلها .
- لعنه الله لن نتنازل عن حبسه والشرطة تبحث عنه الآن وسيجدونه قريبا .. سينال جزاءه كالذي أحرق قلبي قبل سنوات .
قالت كلمتها والشرر يتطاير من عينيها الدامعتين ، فاقتربت منها ندى وعانقتها وقالت لها :
- كوني مطمئنة وهادئة ستسير الأمور على ما يرام .
لم يجد عصام ما يقوله ، فكلهم أقارب والوضع أصبح شائكا بين أخته وزوجها وابن عمه . بعد قليل استأذن الجميع ونهض مع أمل وخرجا من المستشفى داعين لعماد بالشفاء العاجل . بقي والديه وأختيه معه لبعض الوقت وبعد آذان المغرب خرجوا وتركوه لأفكاره بكاميليا وبالورود التي أحظرتها له ، لا بد أن تكون هي . بعد دقائق طرق الباب وجاءت عمته وزوجها ومعهما ريم التي جلست في مقعد بعيد عنه وقالت له بحدة :
- أنا أفضل منك .. أتيت لرؤيتك بعد الذي فعلته بي .
طلبت منها أمها أن تكون أكثر لطفا مع زوجها وتنسى ما حصل ، ووجهت كلامها لعماد وقالت له :
- ما الذي ستفعله مع عادل الآن ؟
- سأبحث الأمر مع والدي .
زمت ريم شفتيها ثم سألته :
- ومتى ستخرج من المستشفى ؟
- أشعر بتحسن بعد أن انخفضت الحرارة وأود الخروج في أقرب وقت .
- يجب أن يطمئنوا من عدم وجود أي التهاب ناتج عن الإصابة .. إضافة لعدم تكرار النزيف والتئام جروح الطحال وشق العملية .. لذا عليك أن تبقى حتى تتعافى كليا .
سكتت للحظة ثم أردفت :
- أتمنى أن تخرج قبل سفري .. وإذا سافرت فسأتصل وأطمأن عليك .
شكر اهتمامها البالغ به بتهكم ضايقها ، فلم يكن مهتما ببقائها أو سفرها فهو يعرف بأنه لا يعني لها شيئا وهي لاتهمه ولا روابط تربطهما كزوجين . ربما سفرها وابتعادها يجعله أكثر هدوءا وراحة . ربما ينام براحة دون أن يفكر فيها وفي مشاكلها ولا بكاميليا وبورودها ورسائلها .

 
 

 

عرض البوم صور سنديان   رد مع اقتباس
قديم 15-09-10, 04:31 PM   المشاركة رقم: 37
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 164090
المشاركات: 216
الجنس أنثى
معدل التقييم: سنديان عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سنديان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سنديان المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

الفصل 34




جففت جسدها بالمنشفة ورطبته بمرطب له رائحة الشاي الأخضر ، وارتدت ملابس نومها ونظرت إلى الشارع من النافذة . مازلت الدنيا مظلمة ولم تشرق الشمس بعد . دست جسدها تحت لحافها المثقل بالدموع والأفكار ومسحت دموعها وهي تبتلع حبة الدواء التي تعودت عليها وصوت الدكتورة ليلى يرن في أذنها ( تحتاجين لثورة .. ثوري على نفسك وأفكارك ومشاكلك .. انتصري عليها ولا تدعيها تهزمكِ ) . مسحت دموعها وهي تسمع صوت ناصر عائدا من الخارج كعادته في نهاية الأسبوع . جلس على الأريكة المقابلة للسرير وقال لها :
- لم تنامي بعد ؟ .. بعدك صغيرة على السهر .. ليش سهرانة ..
ضحك بقوة وهو يصفق بيديه ، فرفعت رأسها وسألته :
- ما بك تترنح .. هل أنت سكران ؟
أجابها بصوت مرتفع وقال :
- كلا ولكني تناولت حبة سحرية أذابتها في شراب سحري جعلتني أطير .. أنا أحلق بين الغيوم .
نهض من الأريكة وهو يضحك ويردد بأنه يحلق بين الغيوم وأقترب من السرير وألقى بنفسه وخلال دقيقة غط في نوم عميق .. شعرت بالقرف منه ومما قاله فنهضت من سريرها وأخذت الوسادة لتنام في غرفة أخرى وحدها . شغلت جهاز الكمبيوتر وهي تفكر بعماد الراقد في المستشفى . فكرت بإرسال رسالة على بريده لكنها تراجعت . تنهدت وهي تتذكره ينام بإعياء على السرير . كيف تجرأت وزارته في المستشفى وطبعت على جبينه قبلة متجاهلة كونها امرأة متزوجة ، تعيش في القطيف وليس في باريس كما كانت تقول له يبدو بأنها نسيت ذلك .

********

خرج عماد من المستشفى بعد أن تعافى ونصحه الأطباء بالراحة في البيت لمدة أسبوعين . ذهب بصحبة والده وفيصل إلى مركز الشرطة ليخرجوا عادل من السجن ، فلقد سلم نفسه بناء على نصيحة عمه ، لكن أم عماد أصرت على حبسه وعدم التنازل غير آبهة بأحد ، فبقي لعدة أيام وبعدها وقع تعهدا بعدم الاقتراب من عماد وزوجته .

عاد إلى منزله وهو يحمل الورود التي أحضرتها كاميليا ولا يعرف لماذا يحملها معه ويستلذ بالنظر إليها بعد أن ذبلت . وضعها على الطاولة الصغيرة في الركن الفرنسي وجلس يشرب العصير مع ويم التي تستعد للسفر في اليوم ذاته إذا ستقلع طائرتها ليلا . كانا صامتان كعادتهما ولا يجمعهما الكلام ولا المشاعر ولا الأفكار . ألمه سفر زوجته في هذا اليوم بالذات بدلا من أن تكون بجانبه لترعاه ، فلطالما حلم بزوجة حنونة تسبغ عليه عاطفتها ورعايتها .
مساءا ودعته ريم متوجهة إلى مطار الدمام وهو يتخيل لو أن فيصل مثلا من أصابه الحادث فندى ستبقى بجانبه بكل تأكيد ولا يمكن أن تتركه وتسافر في يوم خروجه من المستشفى . رفض الذهاب لمنزل والديه فبقيت نسرين معه في البيت وتحدثا قليلا ثم نام وهو يفكر بأنه وحيد حتى بعد زواجه وليس لديه من يحدثه ويشكو له . فكر بكاميليا التي أحضرت له الورود في المستشفى وتأكد أنها أتت بنفسها كما أخبرته الممرضة بأن امرأة متلثمة الوجه جاءت لرؤيته عندما كان مصابا بارتفاع في حرارة جسمه في اليوم التالي لإصابته .

**********

" بيقولوا الحب بيقتل الوقت
وبيقولوا الوقت بيقتل الحب
يا حبيبي تعى نروح
قبل الوقت وقبل الحب .."


توجه إلى مكتبه وهو يمسك بحقيبته ويخفي عينيه بالنظارة الشمسية والجميع يرحب به . جلس على الكرسي وطلب من موظف الكافتيريا أن يحضر له فنجان من القهوة ليبدأ بها يومه ، وقبل أن تصل القهوة وصل فيصل . تحدثا قليلا ومن ثم باشر كل منهما عمله . كان يشعر بأن هناك شيء ما متغير قي قلبه وحياته ، فهو اليوم رجل متزوج ووحيد في الوقت ذاته . زوجته بعيدة والمرأة التي يحبها بعيدة أيضا . أنهى عمله وغادر مكتبه متوجها إلى المصنع وفي الظهيرة أتصل به ماجد يدعوه إلى تناول الغذاء في مطعم الأكلات البحرية . التقيا هناك أكلا الجمبري المشوي مع الصلصة الخاصة وشربا اللبن المالح . وبعدها قال له ماجد بأنه يود التقدم لطلب يد أخته لأخيه " نزار " . عاد إلى الشركة وقرر أن يخرج مبكرا ويذهب ليرى أمه ويحدثها ، فأخذ جميع الأوراق والملفات ووضعها في حقيبته ليقوم بالجزء المتبقي في منزله .
جلس مع أمه وأخته نسرين وأخبرهما بأمر نزار . كان معجبا به ويعرفه جيدا بحكم صداقته مع ماجد ، فهو شاب خلوق ومتدين . عائلته من الطبقة المتوسطة ولكنه يعيش بطريقة لائقة وأمه تعرف كل هذا وتحب ماجد كثيرا فظن بأن الأمر سيكون سهلا معها ، لكنها سألته :
- كم عمره .. ومن أين متخرج ؟ .. وأين يعمل ؟
أخبرها بأنه متخرج من كليلة الإدارة ، ويعمل محاسبا في إحدى البنوك ، فقالت بنبرة كبرياء :
- لست موافقة .. أريد زوجا لابنتي متخرج من أمريكا مثلا .. ومن عائلة معروفة وثرية .. ولا بأس لو كان طبيبا .
- نزار شاب جيد .
- الله يخليه لأمه .
أراد أن يتكلم فهزت رأسها وكررت بأنها غير موافقة فهي لا تريد أن تزوج ابنتها من حساوي ( أحسائي ) ولن تتنازل عن شاب من القطيف إلا إذا كان طبيبا ، فسأل أخته عن رأيها فسكتت للحظات ثم قالت :
- لا .. لست موافقة .
سألها عن السبب فقالت باستعلاء :
- هو بمواصفاته المتواضعة لا يستحقني .. كما اني لا أريد الزواج الآن .. مازلت صغيرة ولم أرى من الدنيا شيئا بعد .

عاد لمنزله وقضى وقته في مكتبه ، وأنهى عمله وراجع بريده المتراكم من دعوات وفواتير وكشوفات بنكية وعندما انتهى قرأ الجريدة ووضعها جانبا . استلقى على الأريكة وهو يفكر بكاميليا وماذا ستفعل بعد أنهت تدريبها لتبدأ مرحلة جديدة من حياتها . لابد أنها ستتقدم للعمل في نفس المستشفيات التي ستتقدم لها نسرين وأمل فهن دائما معا . أتصل بأخته ليحدثها بأمر نزار ويتأكد من عدم تدخل أمه . فوجدها مصرة على موقفها ولا تريد الزواج الآن وترى نفسها صغيرة بعد والحياة مازالت تنتظرها ، وليست مضطرة للزواج بأي كان .

*************

عادت كاميليا إلى بيتها في حي الجزيرة . وضعت حقيبتها وعباءتها جانبا وتوجهت للمطبخ . أخذت زجاجة كولا وكأس وتوجهت لغرفتها . جلست على سرير تشرب الكولا المثلجة وهي في حالة لا تعرفها ولكنها ليست غريبة عنها ، تفكر بحياتها وقلقها وبعماد فقد أخبرتها نسرين بأن زوجته سافرت وهو وحيد في بيته . تساءلت ، هل يفكر بها كما تفكر به . هل عرف بأنها زارته في المستشفى وجلبت له ورود الكاميليا البيضاء . هل يقيم اعتبارا لهمساتها التي ترسلها له في الجريدة بين وقت لآخر . تمنت لو تتحكم في عقلها ولا تفكر به فهي امرأة متزوجة وتفكر باستمرار في رجل آخر .

بكت أكثر وهي تفكر بحالها فهي زوجة مهملة وتعيسة وكئيبة . نهضت من سريرها وأخذت علبة الدواء تناولت حبة وهي تشعر بمرارة كلما تذكرت بأنها مريضة نفسية الآن . أغمضت عينيها وهي تتذكر كلام طبيبتها ، قالت لها في آخر زيارة قبل أسبوع ( إذا عرفت ما الذي تريدينه في حياتك ، ستكونين في طريقك الصحيح للبحث عن الحل ) .
مازالت تفكر بعماد وتتابع أخباره التي تصلها عن طريق أخته ، ولا تستطيع سوى التفكير به وتذكر ما كان بينهما . كان بينهما عهود وحب وكلام وأشياء كثيرة كلما اختفت وأصبحت أفكار وذكريات تقلقها فقط . تساءلت عما تريده في حياتها وما الذي تطمح إليه . تذكرت بكائها أمام الدكتورة عندما قالت لها ( لا أريد رجلا غيره .. أريده لي وهذا نذر عليّ إيفاءه )

**********

كان المطر يهطل وهي ترتجف بين يديه وهو يتفحصها بعينه السوداويين . كانت تشعر بالبرد فملابسها مبتلة . أزاح عماد شعرها المبلل إلى الوراء وشفتيه تقبل وجهها ويده تتجول برقة في أنحاء جسدها وهي ترتجف من البرد والخوف . كانت تريد أن تتكلم وتقوله له بأنها تحبه ولكنها لم تستطيع النطق . رمت بنفسها بين ذراعيه وكأنها تريد أن تختبئ من كل الناس ولا أحد يراها أو يعرف مكانها . رفع رأسها بيده وأخبرها بأنه يحبها وينتظرها فأومأت برأسها إليه وهي تمعن النظر لوجهه وهو ممسك برأسها بكلتا يديه . أقترب منها أكثر وبدأ يقبل شفتيها بنهم وأرادت أن تمنعه لم تستطيع وفجأة شعرت بنفسها تهوي من أعلى . صرخت بقوة واستيقظت من نومها فزعة والعرق يبلل جسمها كله . بلعت ريقها وهي تفكر في الحلم الذي رأت نفسها فيه مع عماد تحت المطر في مكان مرتفع لا تعرف أين . كانت الساعة تشير إلى الرابعة فجرا ، نهضت واستحمت وصلت الفجر وعادت إلى سريرها . حاولت أن تنام لم تستطيع فأخرجت دفترها الخاص وبدأت تكتب همسة جديدة لتبعثها إلى الجريدة .

 
 

 

عرض البوم صور سنديان   رد مع اقتباس
قديم 15-09-10, 04:37 PM   المشاركة رقم: 38
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 164090
المشاركات: 216
الجنس أنثى
معدل التقييم: سنديان عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سنديان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سنديان المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

الفصل 35






أمسك بالجريدة يتصفحها وقطعت نسرين قراءته عندما اتصلت تطلب منه الخروج معها لتناول العشاء خارجا . أرادت أن تخرجه من العزلة التي عاد إليها بعد سفر ريم ، فمنذ أن سافرت وهو يقضي معظم وقته في المنزل . عاد لقراءة الجريدة ووصل إلى الصفحة الثقافية ، ووجد همسة جديدة بانتظاره . قرأها بلهفة وفضول كبيرين ، فهو يريد أن يعرف ماذا كتبت له كاميليا هذه المرة .


" يدي ترتجفان من القلق
وعيني ذابلتين من الأرق
وقلبي من الشوق أحترق
فبدونك لا معنى لايامي
أحبك وأريد تمضية العمر معك ..

صبرت كثيرا ولم اعد أقوى
وسهرت ولم اعد أقوى
أتعبني الشوق والسهر
وأضعفني التفكير والضجر
إلى متى يا حبيبي؟..

فإذا لم ترتعش روحك لعذابي
وإذا لم يقرا قلبك كلماتي
وإذا لم تردك دموعي وآهاتي
فلن أفكر بك أبدا
ولن أكتب لك أبدا .."


كاميليا الناصر
الرسالة الأخيرة
.................


تنهد ودقات قلبه تتسارع بقوة . أغمض عينيه وهو يفكر في الرسالة . إنها الرسالة الأخيرة التي تكتبها إليه ولن توجه له همسة علنية في الجريدة تخصه بها من بين القراء. أعاد قراءتها عدة مرات . وجد نفسه حائرا لا يعرف ماذا يفعل وظل يفكر فيها وفي هذه الهمسة الأخيرة . تساءل لماذا ستتوقف عن إرسال الهمسات له . هل سئمت من الكتابة إليه ، هل سئمت من انتظار حبه ؟ تأكد بان كاميليا مازالت تفكر به وتقصد كل كلمة كتبتها اليوم وفي المرات السابقة ولم تكن تريد أن تزعجه ، أو تلومه وتذكره بأنه السبب في ما حصل لهما .

ظل يفكر في كاميليا حتى حان موعد خروجه مع نسرين التي أصطحبها وذهبا سويا إلى الخبر لتناول العشاء في احد الفنادق . قضى وقتا ممتعا برغم انشغاله بما كتبته كاميليا في الجريدة وتمنى لو تحدثه نسرين عنها كعادتها ولكنها لم تفعل . عاد لبيته قبل أن ينتصف الليل بقليل وتوجه لغرفته وهو ممسك بالجريدة . أعاد قراءة ما كتبته كاميليا مرة أخرى وشعور غريب ينتابه الليلة وهذه الهمسة هي السبب . كل همسة كانت تكتبها له تثير في نفسه عاطفة مختلفة ، ولكن هذه الهمسة أثارت في نفسه اللهفة لسماع صوتها . اخرج الجرائد التي كتبت له فيها وراح يقرأها منذ الهمسة الأولى .
بدل ملابسه وأطفأ الأنوار ودس جسده تحت لحافه وهو مازال يفكر بها . شعر برغبة عارمة تجتاحه لسماع صوتها ، مد يده وتناول هاتفه الجوال . تنهد وهو يتذكر كيف حصل على رقمها قبل خمس سنوات ، وكم كان مشدودا لها ويحاول كشف هويتها والتعرف عليها . الآن هي توجه له نداء علنيا في الجريدة وهو متردد . فكر بالاتصال بها وتراجع بسرعة . ماذا سيقول لها ، هل سيعاتبها أو يوبخها ، أو يقول لها بأنه لم يتوقف عن التفكير بها برغم من كل شيء . وبدون أن يشعر ضغط على رقم هاتفها الذي يحفظه عن ظهر قلب وراح يستمع لنغمة الهاتف وقلبه يخفق في صدره بقوة .. الرنة الأولى والثانية والثالثة .. والرابعة ثم أجابت .
ظل ساكتا وهو لا يسمع أي صوت من الطرف الآخر .لم يتكلم وظلت هي ساكتة ولكنه عرفها من أنفاسها . كان متأكد من أنها هي من تجيب ولكنها آثرت الصمت . ربما تكون مندهشة من اتصاله ، وربما تهزأ منه . أبعد سماع الجوال عن أذنه ونظر لعداد الوقت قد تجاوز الخمس دقائق من الصمت . استجمع شجاعته وقال بصوت متردد :
- آلو ..
وجاءه صوتها الرقيق ، الصوت الذي عشقه منذ أن سمعه صدفه عبر الهاتف . قالت له برقة ممزوجة بالعتب :
- ولماذا تسكت .. أليس لديك ما تقوله لي ؟
تنهد وسكت لا يعرف ما يقول ، فسألته :
- لماذا تتصل بي ؟
بلع ريقه وقال :
- لم أتحمل فكرة أن لا تكتبي لي من جديد .. لا أريد أن أكون خارج مدار حياتك .
تنهدت وأخبرته بأنها كتبت همستها الأخيرة بإحساس كبير وهي صادقة في ذلك . تفاجأ مما قالته فسكت للحظات ثم قال لها :
- أريد أن أراك .. ما رأيك لو نلتقي عصر الغد لنتحدث ؟
- لا استطيع .. فعدا يعود ناصر من رأس تنورة .. و..
قاطعها وسألها عن علاقتها به وحياتها معه ، فاغصبها سؤاله وهو يعرف ظروف زواجها كاملة فاعتذر منها وقال :
- ضروري أن أراك .. سآتي لا اصطحابك الآن .. أين منزلك ؟
لم تتوقع أن يطلب مقابلتها الآن بعد كل الذي حدث بينهما ، وبعد هذه القطيعة وهما متزوجان الآن ويريد أن يخرج معها بعد منتصف الليل ، قالت له باستنكار :
- الساعة تشير إلى الثالثة فجرا .. هل أنت مجنون ؟
- نعم .. وتجبني ما قد يفعله المجنون في هذا الوقت .
حاولت أن تقنعه بأن يتفقا على اللقاء في وقت آخر فمازلت غير متأهبة نفسيا للقائه ، ولا تعرف كيف تواجهه وماذا تقول له ، لكنه أصر وقال لها بأنه يعرق الحي الذي تكسنه لكنه لا يعرف البيت بالتحديد وهو مستعد لفعل أي شيء لرؤيتها حتى لو اضطر للاتصال بنسرين وسؤالها .

بقيت كاميليا تحت تأثير الصدمة من اتصال عماد بها بعد سنة ، وكم كانت تنتظر اتصاله قبلها . ظلت تنتظر اعتذاره عما فعله بحقها . سيطرت عليها الحيرة وهي تفكر وتتساءل بم يفكر ولماذا اتصل بها الليلة بالذات . لماذا تذكرها وهل كان يقرأ رسائلها الموجهة إليه في الجريدة . رن هاتفها مرة أخرى وجاءها صوته من جديد . اخبرها بأنه في سيارته وبعد دقائق سيكون في الحي حيث تسكن . قالت له :
- لا تكن متهورا ومجنونا .
أجابها منفعلا :
- وهل نفعني عقلي عندما خسرتك .. أين منزلك ؟.. سآتي وإذا لم تنزلي لي سأحدث فضيحة في الحي كله .
بلعت ريقها وأخبرته بأن منزلها يقع أمام مدرسة البنات ، وبسرعة بدلت ملابسها وارتدت عباءتها وما أن انتهت حتى أتصل بها يعلمها بوصوله . خرجت مترددة وخائفة وهي تغطي وجهها خوفا من أن ينتبه لها أحد من الجيران ، وجدته واقف بجانب سيارته بكل وسامته وسحره وثقته بنفسه . فتح لها باب السيارة فاقتربت منه وركبت وركب بجانبها وابتعد بسرعة . نظر إليها وطلب منها برقة أن تزيح الغطاء عن وجهها . رفعت غطاءها وأظهرت له وجهها فرمقها بشوق بالغ وقال :
- أنا مشتاق للكحل الأسود في عينيك .. لحبة الخال بجوار فمك .. ولم أنس ما حدث في باريس .
أحست ببرودة تسري في جسدها وظلت ساكتة وهو يسير بسيارته بسرعة في شوارع القطيف الشبة خالية متجها إلى الدمام . كانا ساكتين وهو يتقاسم النظر إليها مع الطريق كل لحظة ، وهي تنظر للميدالية الزجاجية التي أهدتها إياه . أراد أن يكسر الصمت المطبق فأدخل اسطوانة موسيقية لفيروز وبدأت تصدح بصوتها الملائكي ..

" يا أنا يا أنا .. أنا وياك
صرنا القصص الغريبة
يا أنا يا أنا .. أنا وياك
وانسرقت ماكتبتي
وعرفوا إنك حبيبي .."

كانت عينيها مصوبة على آية الكرسي في الميدالية التي أهدتها إياه ، والمعلقة على مرآة سيارته . مازال يحتفظ بها لتحميه وتقيه من الشر والحسد كما قالت له . تنهدت وهي تفكر بنفسها وبالطريق الذي تمشيه الآن ، شعرت بيده تقترب من يدها وهو ينظر إلى الميدالية . ظلت صامتة وأصابعه تتحسس يدها برقة جعلتها تضغط على يده قليلا وقلبها يرجف وتتمنى لو تلقى بنفسها بين ذراعيه حتى لو قتلها . توقفت السيارة في كورنيش الدمام بعد ربع ساعة من الصمت وتبادل النظرات السريعة . وجدا المكان خال سوى من السيارات المارة وبعض الشباب الذين انتهت سهرتهم للتو .
أسندت كاميليا رأسها إلى الوراء وهي تشيح وجهها عن عماد الذي فتح لها الباب ومد له يده ودعاها للنهوض . نزلت دون أن تمسك بيده وفرش البساط على الأرض ودعاها للجلوس . قالت له بعد تنهيدة عميقة :
- ما الذي تريده مني ؟
سكت وهو يتأمل عينيها العسليتين المغلفتين بالدموع وأجابها :
- أنا أريدك ؟.. وأنت ما الذي تريدينه ؟
نظرت إلى السماء وقالت :
- لا أعرف ؟
تفادت النظر لعينيه وهو يقول لها :
- أنا أحبك .. ومشتاق لك كثيرا .
تنهدت وارتسمت على وجهها ابتسامة سخرية والدموع تغرق عينيها وسألته :
- وهل تحبني وأنا امرأة مريضة نفسيا .. ومتزوجة تخون زوجها بخروجها معك ؟!
عقد حاجبيه وأمسك بيدها :
- زواجك باطل ولا أعترف به .. أنت تحبيني ..و ..
قاطعته ودموعها تسقط من عينيها :
- ولماذا قلت بأني خدعتك وبأني لا أحبك وأهنتني وأنا في بيتك ذلك اليوم .
اختنقت بدموعها فسكتت وهي تبكي . ضغط على يديها وهو يريد أن يضمها إليه ويهدئ من روعها ولكن وجوده أمام السماء والبحر والعشب الأخضر والشوارع في الدمام منعه من ذلك . قال لها :
- أعرف بأني كنت قاسيا ولقد دفعت الثمن بالكامل من أعصابي وقلبي .. يوم زفافك شعرت بأني مستعد لفعل أي شيء لاستعادتك .. لم أتخيل أن تمسك يد رجل آخر .. تمنيت لو أنني أخذت بيدك وذهبنا لأي مكان وأصبحنا زوجين .. ندمت لتصرفي معك وندمت على زواجي ولا فائدة .. لم أتمنى أن يرجع الزمن إلى الوراء لأصحح أخطائي كما أتمنى الآن .
أخرجت من حقيبتها منديلا وراحت تمسح دموعها وهي تقول له بحرقة عجزت عن إخفاءها :
- لقد دمرت حياتي .. أنا امرأة محطمة وأنت السبب .. أعيش مأساة بدأها والدي وأنت أكملتها .
ظل يتأملها وهي تمسح دموعها وقال :
- تغيرت كثيرا .. من الذي غيرك ؟.. فقبل سنة كنت فتاة صغيرة ومدللة .
تنهدت وأردف يقول وهو ينظر للبحر :
- لو أستطيع أن أرجع الأيام والزمن إلى الوراء لمرة واحدة في عمري لما جعلتك تخرجين من البيت وأنت تبكين ذلك اليوم .
استمرت في البكاء رغم كرهها لرؤيته لها تبكي فذلك يشعرها بضعفها أمامه ويذكرها بما أحسته عندما طردها . قالت له :
- لقد تعبت كثيرا ولجأت إلى طبيبة نفسية لم تفلح هي مع أدويتها في ردم الجروح العميقة التي خلفتها في قلبي .. جرحتني وكتبت لك في الجريدة لأشعرك بتأنيب الضمير وأثير في نفسك الذكريات والوعود .
نظرت له بعمق وقالت له من بين دموعها :
- كثرت الجروح في روحي .. أنا لست أنا .. وأفقد كاميليا السابقة .
مسح دموعها بيده وطلب منها برقة بالغة أن تتوقف عن البكاء وعن أخذ الحبوب النفسية التعيسة ، فتنهدت وقالت :
- لا أعرف لماذا أنا معك .. أحبك ولا أستطيع أن أنكر ذلك ولكن ..
أقترب منها أكثر وحاول أن يضمها إليه فقالت له :
- تعقل فنحن في الشارع .. ماذا لو رآنا أحد ؟.. الشرطة أو رجال الهيئة .
سكتت للحظات ثم سألته :
- ولماذا أتيت بي إلى هنا ؟
لم يجبها ونهض ودعاها للنهوض وأمسك بيدها ومشيا ببطء نحو البحر . ملأت رئتيها بالهواء ودموعها مازالت تغرق وجهها وقالت :
- ليت البحر قادر على غسل قلبي من كل أحزانه .
نظر إليها وأجابها مبتسما :
- لا يستطيع البحر ذلك .
استغربت رده فأوضح لها :
- أنا الوحيد القادر على ذلك .. أنا المسئول .
رفعت رأسها للسماء وهي تلاحظ تغير لونها فقد بدأت الشمس بنشر نورها على أرجاء الدنيا . بلعت ريقها وطلبت منه أن يعيدها إلى المنزل ، فهز رأسه نافيا وقال :
- لن أفعل .. سنعود إلى القطيف ونشتري إفطارا ونذهب إلى المزرعة لقضاء بعض الوقت .. وعندما تصبحين بخير أعيدك إلى المنزل .
أرادت أن ترفض لكنها لم تتمكن ، أمسكت بيده عندما مدها إليها مشت بقربه وصعدت سيارته ، وقبل أن يتحرك نزعت خاتم الزواج من يدها ورمته من النافذة فهي لا تريد أن يذكرها خاتم من الذهب بأنها متزوجة . ذهبا إلى شارع المطاعم وكان خاليا اشترى عماد فطورا من إحدى محلات الفول والتميس . وصلا إلى المزرعة والشمس قد أشرقت و العصافير تطير في السماء الصافية تغازل الأشجار . دخلا الاستراحة وتوجهت كاميليا إلى الحمام ، توضأت وصلت صلاة الصبح خلف عماد . وبعد أن فرغت قال لها مبتسما :
- هل دعيت لي في صلاتك ؟
وبنظرة أسى أجابته :
- أنا أعو لك دائما .. ولكن أخشى أن لا يقبل الله دعائي .

جلست في أحد زوايا الاستراحة بجلستها العربية الأنيقة التي زارتها من قبل مع نسرين وأمل وفاجأت عماد يومها بقدومها . أغمضت عينيها وأسندت رأسها للوراء وهي تشعر بتعب بعد هذه الليلة المليئة بالأحداث ، وفتحتهما عندما جاء عماد . دعاها لتناول الفطور فشربت رشفة من الشاي وهي ساهمة وعماد ينظر إليها . سألها :
- هل تشعرين بالنعاس ؟
لم تنطق واكتفت بالإيماء له بالنفي ، فقطع بيده الخبز وأعطاها ودعاها للأكل . راحت تأكل وهي ساكتة فخاطبها بنبرة غيرة بدت واضحة في طريقة كلامه :
- هل تودين العودة لمنزلك لتنتظري زوجك وتستعدي لاستقباله ؟
رشقته بنظرة حادة وآثرت عدم الرد ، فسألها :
- ولماذا لا تجيبين ؟
ضغطت على كأس الشاي بقوة ورفعت حاجبها وقالت بغضب :
- لست مضطرة للإجابة على هذا السؤال السخيف .
سألها بطريقة أزعجتها أكثر :
- هل تحبيه ؟.. هل تشتاقين لعودته وتتمنين أن يكون بقربك الآن بدلا مني ؟
لم تتملك نفسها وعماد يزعجها بأسئلته فرمت بكأس الشاي وانكسر أمام اندهاشه من ردة فعلها . ظل ساكتا وهي تبكي وقالت له وهي تنتحب :
- أنا أعيش في عذاب معه وأنت تسألني إذا كنت أحبه .. أنت تضعني في ضغط نفسي كبير لا أتحمله .
بلعت ريقها وقالت له وهي تنظر لعينيه السوداويين :
- ما الذي تريد أن تعرفه بالضبط ؟.. إن كنت تقصد علاقتنا الزوجية فلا شيء بيننا .. وأنا مازلت كما أنا .
أكتفى بالنظر إليها وهي تبكي . نهضت غاضبة من مكانها ، ولحق بها وهي تحاول الخروج من الاستراحة . امسك بذراعها بقوة وقال :
- أنا آسف .. فأنا احترق من الغيرة كلما فكرت بأنك معه طوال الوقت .. ولذا أتفوه بأي كلام .
رفعت رأسها ودموعها تسقط من عينيها بغزارة وقالت له بغصة :
- يبدو أنك مصمم على إيذائي .
أمسكها من كتفها وعينيه مصوبتان على عينيها فأدارت وجهها الغرق بالدموع عنه فهي لا تحتمل عمق نظراته ، وقال لها بلهجة آمرة :
- أطلبي منه الطلاق .. لا داعي لبقائك معه أكثر فأنت من حقي أنا .
نظرت إليه وقالت بنهنهة :
- طلبت الطلاق عدة مرات ورفض .. تركت المنزل بعد أن اكتشفت علاقته بالخادمة وأعادني والدي إليه رغما عني .. أنا محكوم علي بالسجن المؤبد معه .. لا تفديني المقاومة ولا الثورة ولا الانتفاضة .
بكت بمرارة وهو يقول لها :
- أنا أحبك ويجب أن تكون لي .. أنا مستعد لفعل أي شيء لننتهي معا .
ضمها إليه بقوة وهي تبكي بيأس وحزن على صدره ، وتستشعر حبه وحنانه وعاطفته التي تمكن من دك حصونها بقوتها فقط . رفعت الرايات البيضاء على قلبها مستسلمة ولم تنفعها حراسها وجنودها . بكت كما لم تبك من قبل وهي بين يديه ومختبئة بين ذراعيه . ساعدها على الجلوس وجلب لها كأسا من الماء البارد . بلل يده ومسح وجهها ودعاها لشرب القليل لتهدأ . ضمها إليه مجددا ومسح دموعها وهو يطمئنها بأنه سيجد حلا مناسبا ليخلصها من ناصر حتى وإن اضطر لقتله .

*****

استيقظت من نومها في السابعة مساء وهي تشعر بتعب بعد ليلة قضتها سهرا بالحديث والبكاء والعتاب ، ومع من ؟ مع عماد الذي تركها تبكي قبل عام ولم يبالي بدموعها وانكسارها . تركها تواجه حياتها مع ناصر ، والآن عاد ليقول لها بأنه مازال يحبها ووعدها بأن يجد لها حلا . وعدها بالخلاص كما وعدها بالحب والسعادة وكانت النتيجة هلاكها .

 
 

 

عرض البوم صور سنديان   رد مع اقتباس
قديم 15-09-10, 04:42 PM   المشاركة رقم: 39
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 164090
المشاركات: 216
الجنس أنثى
معدل التقييم: سنديان عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سنديان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سنديان المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

الفصل 36



ثلاثة أيام مرت على تلك الليلة الطويلة مع عماد في كورنيش الدمام والمزرعة . ورغم رفضها لملاقاته أثناء وجود ناصر في القطيف عمد الاتصال بها بين وقت وآخر ليطمئن عليها . أراد أن يراها لكنها رفضت لقاءه ، واكتفت بالمكالمات الهاتفية . خشي أن ترفض لقاءه مرة أخرى بعد تلك الليلة لكنها أخبرته بأنها ستراه من جديد بعد أن يذهب ناصر لعمله مساء الجمعة . في الثامنة مساءا أتصل بها وأخبرها بأنه في طريقه إليها ليصطحبها إلى العشاء ، وبرقة طلب منها أن تضع الكحل الأسود في عينيها فهو مشتاق إليه ، ضحكت من قلبها وهو يأخذ عليها عهدا بذلك .

تعطرت وتزينت ، ورسمت الكحل الأسود حول عينيها ووضعت أحمر الشفاه للامع ، ثم وضعت خاتم الياقوت في يدها والقرطين الماسيين في أذنيها وراحت تنتظر قدومه بشوق كبير .ظلت تفكر به وبهذا اللقاء . كم تحبه ، وكم هي ضعيفة أمامه ولا تستطيع أن ترفض له طلبا وتتلهف للقائه والخروج معه . رن هاتفها الجوال ولابد أن عماد هو المتصل بكل تأكيد ليخبرها بأنه ينتظرها أمام باب البيت ، لكن أمل هي المتصلة تذكرها بدعوة العشاء من إحدى زميلاتهن . اعتذرت عن عدم تمكنها من الذهاب ، وأخبرتها بأنها مدعوة على العشاء مع الحبيب المجهول الذي عاد إليها منذ البارحة . صعقت أمل من كلامها ، وحذرتها طالبة منها التعقل فهي متزوجة . ألقت عليها محاضرة طويلة حاولت من خلالها أن تثنيها عن لقاء حبيبها لكن كاميليا قالت لها بأنها ستخرج معه وستراه رغما عن الناس والمجتمع وأهلها والدنيا بأسرها . لم يعد يهمها الناس وأن لاكوها في أفواههم وأصبحت حديثهم في المجالس وعلى سماعات التليفون ورافقتها لعناتهم . لم ينفعها أحد عندما أرغمت على الزواج بناصر وعاشت معه سنة تعيسة أصبحت خلالها مريضة تراجع عيادة نفسية وتأخذ حبوبا عن الكآبة وحبوبا أخرى للنوم .

ركبت سيارة عماد . أمسك بيدها وطبع عليها قبلة أثارتها وغمرتها بسعادة لم تشعر بها من قبل أن تعرفه . عندما أغرقها باهتمامه وعاطفته . سارا في الطريق المؤدية إلى الخبر لتناول العشاء وصوت فيروز يصدح برقة وعنفوان ..

" تبقى ميل تبقى أسأل
متل الأول ضل أسأل
الله لا يشغلك بال
وديلي منك مرسال
أسأل .. أسأل .."

جلسا على طاولة في القسم العائلي في المطعم الهندي ، وسترهما النادل عن بقية الطاولات بحاجز خشبي أنيق . أزاحت كاميليا اللثام عن وجهها وأرخت حجابها وعماد مبهور بجمالها أخذ يتأملها بصمت على صوت الموسيقى الهندية الرائقة . بدت فاتنة بالكحل الأسود ورموشها الطويلة وحبة الخال راقدة في زاوية فمها . ابتسم وأمسك بيديها وقال لها برقة :
- أنت فاتنة .. أنت قطعة السكر التي أعشقها .
ضحكت وقالت له بصراحة لم تحدثه بها من قبل بأنها تحبه وسعيدة لعودتها إليه ، وختمت حديثها عندما أخبرته بنعومة بأنه صاحب أجمل عينين سوداويين رأتهما في حياتها . ابتسم بسعادة وأردف يقول :
- أحبك جدا ..
قطع النادل كلامه عندما جاء وسأله عما يريدان تناوله . اختارت كاميليا السلطة الخاصة وسلطة الخيار بالبن والكولا المثلجة . أختار عماد الطبق الرئيسي وهو الربيان المشوي مع البطاطس المقلية . أكلا وتحدثا كثيرا ، كانت تود أن تسأله عن حياته بعد سفر زوجته لكنها لم تفعل ، ظلت تتحدث معه مستمتعة بنظراته الشغوفة ، وكلماته وغزله ولهفته . لم تشعر بالسعادة كما أحست بها هذه الليلة . سعيدة مع عماد الذي أطلقت عليه الحبيب المجهول في أحاديثها مع أخته وابنة عمه .
ذهبا ليكملا السهرة في أحد المقاهي . جلسا قريبين من بعضهما شربا القهوة ، وضحكت من قلبها ويده تبعثر بشعرها ، ونظراته تلثم وجهها وعينيها ويديها . في الواحدة طلبت كاميليا منه أن يأخذها لبيتها فوافقها على مضض رغم رغبته بقضاء الليل معها . وصل لمنزله واتصل بها مباشرة ، لم تكن كاميليا متأكدة أنها كانت مستيقظة أو نائمة وتحلم بصوته وهو يقول لها بأنه يحبها ويريدها ، ويتمنى أن يكون معها لوحدهما وحتى وإن كانا في سجن أو غابة أو في المريخ .

نامت دون أن تأخذ حبوبها وهي تسمع صوت عماد يهمس في أذنيها ، واستيقظت أثر اتصاله بها صباحا . شعرت بالسعادة ونشوى وهو يخبرها بأنه فتح عينيه وأتصل بها مباشرة . غسلت وجهها ورطبته بالقليل من الكريم ومررت الكحل الأسود بحرفية على جفنيها . خرجت معه ولم تسأله عن وجهتهما وإلى أين سيأخذها . كانت سعيدة وهي تنتظره ومستعدة للذهاب معه لأي مكان . عرض عليها الذهاب للخبر وتناول الفطور في المجمع التجاري لكنها رفضت فهي تخاف أن يلحظها أحد . خرجا وهما لا يعرفان إلى أين يذهبان . يريدان مكانا لا يعرفهما أحد فيه ، عرض عليها الذهاب للمزرعة لقضاء النهار معا ، فقالت له وهي ترى حماسه :
- ألن تذهب للشركة ؟.. اليوم السبت وهناك دوام .
هز رأسه نافيا وضحك فهو مستعد لترك كل شيء وراء ظهره مادامت معه . ابتسمت فهي أيضا أخبرت صديقتيها بأنها عادت للحبيب المجهول واعتذرت عن لقائهما . ظنتها أمل تكذب لكن سعادتها الغامرة جعلت صديقتيها تصدقان وحذرتاها من التهور في علاقتها معه . سارا في شارع القدس متجهين نحو متجر واشتريا علبة لبنة وعلبة زيتون أخضر ، وكيس من الخبز الطازج وعددا من علب العصير والكولا . كانا سيعيدان وهما يضعان ما اشترياه في سلة التسوق وكأنهما زوجان يشتريان حاجياتهما ولا أحد يعرف بأن كل واحد منهما متزوج ولكن من شخص آخر . تذكر عماد وجبة الغذاء فذكر كاميليا وسألها بابتسامة عن الطبق الذي ستعده له . اندهشت وضحكت للفخ الذي أوقعها به فهي لا تجيد الطبخ ولا تحب غير تناول الطعام ، لكنه أصر فوافقته شريطة أن تطهو له شكشوكة . اشتريا ما يلزم وأكملا طريقهما إلى المزرعة وهما يستمعان لأغنية فيروز كان الزمان وكان التي تذكرهما بذكرى خاصة . دخلا الاستراحة سويا وضع عماد ما اشتراه في المطبخ وخرج ليجد كاميليا جالسة مستندة على أحد المساند وقد أرخت حجابها ونزعت النظارة الشمسية عن عينيها . جلس بجوارها ملاصقا فابتعدت عنه قليلا وضحك وهو يقول لها بأنه يحبها بعيدة أو قريبة . نهضت تعد الفطور بنفسها أمام عينيه التي تراقبها بسعادة وحب . وضعت حبات الزيتون في الطبق وفرشت اللبنة وسكبت عليها القليل من زيت الزيتون وحملته مع العصير في الصينية . تناولا فطورهما البسيط وضحك من قلبه عندما غنت له كاميليا أغنية الصبوحة ( عالبساطة البساطة يا عيني عالبساطة .. تغديني جبنة وزيتون وتعشيني بطاطا ) . كانا سعيدين وهما يتجهان لإسطبل الخيول ، وعماد يسرج خيله المفضلة ويساعدها على امتطائه . ركب خلفها وراحا يسيران في أرجاء المزرعة .
- أنا في الجنة .
هذا ما قالته كاميليا لعماد الذي نزع عنها حجابها ورمى بربطة شعرها على الأرض وبعثر شعرها بيده وهي مستندة على صدره . كانت فعلا تشعر بأنها في الجنة ، وكأنها حواء وعماد آدم ، فقال لها ممازحا :
- وماذا عن التفاحة ؟
ابتسمت وأجابته :
- لن نقترب منها حتى لا نطرد من الجنة .

تجولا في المزرعة بهدوء وهما يتحدثان ، وعندما اشتدت شمس الظهيرة عاد إلى الاستراحة . جلسا يشربان العصير وهما يتحدثا في أمور عديدة ، فاتحها عماد بمستقبل علاقتهما . طلب منها أن تعود لبيت والدها وتطلب الطلاق ، فرفضت لمعرفتها بأن والدها سيعيدها لناصر رغما عنها ، كانت تشعر بالقرف وهي تتذكر نفسها ووالدها يعيدها كالعنزة إلى حظيرة ناصر . قطع رنين هاتفه الجوال حديثهما عندما اتصل به فيصل يسأله عن سبب تغيبه عن الدوام فأخبره بأنه مشغول ولن يذهب اليوم للمصنع والشركة ، ومن ثم أقفل هاتفه فهو لا يريد أن يتصل به أحد وطلب من كاميليا أن تقفل هاتفها أيضا .

في الواحدة بعد الظهر توجهت كاميليا للمطبخ لإعداد الشكشوكة وعماد يساعدها وتناولاها مع الكولا وهو يمازحها ويشكرها فلقد تعبت في إعداد الغذاء الدسم . استند بأريحية على أحد المساند وكاميليا سعيدة بجانبه تشعر بقربها منه . أغمضت عينيها وهو يشم شعرها ، تذكرت ما قاله الشيخ عن الحب المحرم . ما قاله ينطبق عليها لكنها رفضت هذه الأفكار وأحلت حبها لعماد وشرعته ، وان كانت متزوجة برجل آخر لا تطيقه ورمت بخاتم زواجها به في كورنيش الدمام في الليلة التي عادت فيها لحبيبها . أسندت رأسها على كتفه بعفوية وذكرته بأحلامهما قبل سنوات .
- مازلت أراك زوجتي وأم أولادي .. وأحلم بأن أعود من عملي يوما ما وأراك بانتظاري .
قال ذلك برقة ففتحت عينيها وراحت تنظر له بصمت فتنهد بقوة وأردف :
- ما هو الثمن الذي يتوجب علينا دفعه للحياة لكي تجمعنا سويا ؟
سكت زاما شفتيه وهو يفكر بجديه في ثمن السعادة الذي سيدفعه مهما كان غاليا ، فرفعت كاميليا رأسها من كتفه وقالت له وهو تتأمل عينيه السوداويين الغامضتين .
- أحبك .. وأريد أن أكون معك .. سآكل من التفاحة حتى لو طردت من الجنة .
ابتسم وضمها إليه بقوة وظلا متعانقين في سكون وهما في عالم آخر لا أحد فيه غيرهما . كانا سعيدان دقات قلبيهما الخافقة وأنفاسهما المتلهفة . تذكرت كاميليا كلامها السابق لعماد عن الحب في السعودية عندما قالت له بأن الحب حرام هنا لذا يطاردونه ويعتقلونه أو يغتالونه . والآن هي بين ذراعي حبيبها رغما عن كل شيء وتعيش قصة حب لم تحلم بها يوما . ابتعدت عن عماد قليلا وراحت تنظر إليه وهو يتأمل عينيها العسليتين المحاطتين بالكحل الأسود ، فأمسك بجانب رأسها بيده اليسرى وسبابة يده اليمنى تتحسس حبة الخال في زاوية فمها . كان جادا عندما قال لها بثبات تشوبه الرقة :
- أريد أن أقبلك ومستعد للموت بعد ذلك .
فاجأها ما قاله فلم تستطيع أن تنطق . ظلت ساكتة تحدق بعينيه المتلهفتين وهو يقترب منها ، وشفتيه تلامس زاوية فمها بنعومة ، وقلبها ينبض بقوة وشفتيه تنتقل ببطء لتقطف القبلات من فمها . استسلمت لعناقه وقبلاته التي أشعلت وجهها وعنقها ، ويده تتجول برقة وانسيابية في جسدها المغطى بالعباءة .
- هذا لا يجوز يا عماد .. أرجوك .
قالت له ذلك وهي تشعر بأنها ستذوب بين يديه . حاولت أن تبتعد عنه لأنهما يتخطيا الخطوط الحمراء ، وأختلط الحلال بالحرام وهي لا تستطيع الإنكار فكل ما يشعران به ليس من حقهما . تماديا ويد عماد تمتد لعباءتها ويفك أزرارها العلوية . حدق بشغف وأذهلته ملابسها التي تظهر صدرها بشكله الطبيعي الجذاب . شعرت بأنها مشوشة بين عاطفتها التي لا تستطيع لجمها وبين تحذيرات صديقتيها . تذكرت كيف لامت سماح عندما أخبرتهن بأنها حامل من خطيبها بعد عقد قرانهما ، وكيف أجبرها والديها على إلغاء حفل الزفاف خوفا من الفضيحة عندما تظهر في الحفل وتغيرات الحمل ظاهرة في جسدها ويتداول الناس خبر العروس الحامل التي تحمل الطفل بين يديها بدلا من باقة الورد كما كانوا يتندرون من كل فتاة تتزوج وهي حامل . بلعت ريقها ووقفت بوجه مشاعرها التي طغت على عقلها واستجمعت شجاعتها ونهضت وقالت له :
- هذا يكفي .. ليس من حقنا أن نحب بعضنا بهذه الطريقة .
حاول إقناعها ، لكنها ارتدت عباءتها ووضعت حجابها على رأسها والدموع تندي عينيها وطلبت منه الخروج من المزرعة حالا فهي تريد أن تعود لمنزلها . ظل عماد ساكتا فصرخت فيه بانفعال ودموعها تتساقط ببطء على خديها :
- أعدني لمنزلي حالا فلن أبقي هنا .
أقترب منها وأمسك بيدها ودعاها للجلوس لكنها كانت مصرة على الذهاب قالت له صراحة بأنها عذراء وعليها أن تبقى كذلك . هز رأسه وجلب لها كأسا من الماء شربت منه وخرجا من المزرعة . كانت الشمس توشك على الغروب وهما يسيران بصمت مطبق عائدين إلى وسط المدينة . ظل عماد يقود سيارته وهو ينظر لكاميليا التي أشاحت وجهها عنه وعينيها على الشارع من خلال النافذة . مد يده ليسمك يدها فأبعدتها ، فهي لا تريده أن يلمسها وتضعف من جديد أمام حبه . قال لها :
- لا تعامليني بهذه الطريقة .
لم تنظر إليه وظلت ساكتة فتنهد وقال لها :
- أعملي بأن الإنسان لا يتحكم بقلبه ومشاعره .. والقلب الذي يحب كاميليا لا يستطيع أن يحب غيرها .

وصلا إلى حي الجزيرة أوقف عماد السيارة أمام باب منزلها . همت بالخروج فأمسك بيدها رغما عنها وقال لها بأنه سيتصل بها حالما يصل إلى منزله . توجهت مباشرة لغرفتها ورمت نفسها على السرير . استعاذت من شيطان الهوى وراحت تبكي وهي تفكر بما حصل اليوم وتحمد ربها على أنها تصدت لطغيان حبها في الوقت المناسب . انتحبت بقوة وهي وحدها في هذا البيت الخالي ولا تستطيع أن تقول لأحد عما تشعر به . كانت تشعر بثقل كبير يجثو على صدرها ويمنعها من التنفس براحة ، فنهضت وأخذت منشفتها ودخلت الحمام لتستحم . فركت جسدها بقوة وكأنها تريد أن تغسل عنه قبلات عماد ولمساته . وقفت تحت رشاش الماء وهي تبكي بقوة وقد عقدت عزمها على قطع علاقتها بعماد ، فلن تعود للقائه أو الحديث معه بعد اليوم .

خرجت من الحمام وارتدت ملابسها دون أن تضع كريماتها الخاصة أو الزيت العطري ، وفرشت سجادة الصلاة لتصلي المغرب . بكت وهي تفكر بمواجهة ربها بعد الذي حدث . بكت بحرقة وهي تدعو الله أن يغفر لها ويسامحها وأعلنت توبتها عن هذا الحب الذي طغى عليها . لن تسمح لنفسها بأن تفكر بعماد وستحكم عقلها ولن تسمح لقلبها بالنبض حبا له .ذهبت إلى المطبخ وجلبت لها قنينة كولا وعادت لغرفتها . شربت كأس الكولا وأخرجت هاتفها الجوال من حقيبتها الخاصة لتفتحه ، وما أن ضغطت على الزر وظهرت شاشة الترحيب حتى أتاها اتصال عماد . أجابت عليه بسرعة لتقول له عن عزمها على قطع علاقتهما فجاءها صوته الحنون :
- لماذا لم تفتحي هاتفك يا قطعة السكر .. ظلت أتصل بك وجهازك مغلق .. هل أنت بخير ؟
بلعت ريقها وهي تشعر بالضعف أمام صوته وعتابه وقلقه عليها . فتنهدت وقالت له :
- ما بيننا انتهى .. لا تتصل بي .. مرة أخرى .
تفاجأ من كلامها فلم يجادلها .. وطلب منها أن تهدا وترتاح وسيتصل بها في اليوم التالي ليطمأن عليها .. قالت له بحدة :
- لا تتصل بي مرة أخرى .. لقد اتخذت قراري ولن أعدل عنه .. مع السلامة .

أغلقت هاتفها ووضعته على الطاولة وبكت بشدة . بكت على التعاسة التي تشعر بها الآن فلقد ازداد أمرها سوءا . أرادت أن تتوقف عن التفكير فأخرجت حبوبها القديمة من الدرج وابتلعت ثلاث حبات من حبوب الكآبة والنوم ، واستلقت على سريرها لتنام وتتلافى التفكير بما حصل ، وبعد عشر دقائق كانت تغط في نوم عميق.

 
 

 

عرض البوم صور سنديان   رد مع اقتباس
قديم 15-09-10, 04:54 PM   المشاركة رقم: 40
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 164090
المشاركات: 216
الجنس أنثى
معدل التقييم: سنديان عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سنديان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سنديان المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

الفصل 37



أربعة أيام بعد تلك الحادثة وبعد قرار قطع علاقتها بعماد نهائيا ، لم تسمع فيها صوته ولم تره بعد أن أصبح عاملا مهما في يومياتها منذ أن عاد لبعضهما . ظلت جالسة في البيت تفكر في حياتها واستقبلت أمها وأختها مرة ، وصديقتها مرة واعتذرت عن الخروج معهما عدة مرات . زارتها ناهد ولم تخبرها بما حصل ، ولأول مرة تخفي عنها وعن أختها شيئا يخص علاقتها بعماد . حتى صديقتيها حين سألتاها عن الحبيب المجهول قالت لهما بأنها قطعت علاقتها به وحكمت عقلها . ذهبت للمطبخ وشربت كأسا من الكولا أشعرها بألم في معدتها الخاوية فأخذت دواء الحموضة وذهبت ترد على هاتفها الثابت . كانت أختها شذى تدعوها إلى الخروج فاعتذرت فهي تفضل البقاء في البيت في اليوم الذي يعود فيه ناصر تجنبا للمشاكل ، واقترحت على أختها أن تأتي لتقضي معها بعض الوقت وتمر في طريقها بأحد مطاعم الوجبات السريعة وتجلب لهما الغداء.

ظلت جالسة في غرفتها تنتظر أختها وهي تفكر بعماد ، لا بد أنه يتصل بها دائما ويجد هاتفها مقفلا . شعرت بألم في قلبها وهي تتجه بلا واعي نحو درجها وتخرج كتابها المصون الذي تكتب فيه أشعارها ورسائلها لعماد والتي نشرت بعضها في الجريدة . راحت تتذكر ما حصل بينهما في المزرعة . هي دائما ضعيفة أمامه ، واستسلمت له منذ أن غزا قلبها وحياتها بحبه واهتمامه وذوقه قبل سنوات . أصبحت أسيرة لعينيه السوداويين اللتين غيرتا مجرى حياتها فلم تعد كما كانت ، استطاع بحبه ولهفته أن يجعلها تخرج للقائه في المقاهي والمطاعم وتذهب معه للكورنيش فجرا وتقضي نهارا معه في مزرعته لوحدهما . تأففت وهي تنجرف في تيار الفكر بعماد وبالحب الذي تحمله له في قلبها . نظرت لساعتها كانت تشير إلى الرابعة والربع ولم تأت شذى بعد لتخرجها من أفكارها وتتسلى معها .

اتصلت بها لتسألها عن سبب تأخيرها فطلبت منها أن تفتح لها الباب وتستعد لاستقبالها فهي تأخرت لأنها مرت بمحل الحلويات لشراء كعك التراميسو . نزلت بسرعة للصالة .. رن جرس الباب فأسرعت تفتح الباب لتساعد أختها في حمل الأغراض .. شهت بدهشة عندما رأت عماد أمامها وعينه السوداويين مصوبتين عليها بنظرات بهما خليط من الغضب والقلق والعتب . دفعها للداخل وأغلق باب المنزل الخارجي . بلع ريقه وسألها بحدة :
- لماذا تقفلين هاتفك ولا تردين على اتصالاتي ؟.. أنا مشغول البال أفكر بك وأنت جالسة هنا مرتاحة .
طلبت منه الخروج وقالت له:
- كيف تسمح لنفسك بأن تأتي لبيتي .. أنسيت بأني امرأة متزوجة ؟
أقترب منها وابتعدت عنه فقال لها :
- أخبرتك بأني مجنون .. ولا على المجنون حرج .
تأففت وقالت له بهدوء يشوبه الخوف :
- أرجوك يا عماد .. أذهب ودعني وشأني وأختي شذى ستصل في أي لحظة ولا يجب أن تراك هنا .. كما أن ناصر سيعود اليوم من عمله .. لا تسبب لي مزيدا من المشاكل ولا تكن عبئا عليّ .
أمسك بذراعها وراح يحدق بعينيها وكأنه يذكرها بلحظات الحب الذي جمعتهما في المزرعة قبل أيام . قال لها بحزم :
- لا أريد أن أفقدك الآن .
قال جملته وضمها لصدره فشعرت بالضعف وقلبها يطلب منها موافقة حبيبها ويزين لها حلاوة العودة إليه ، لكنها سرعان ما تذكرت ما حدث في المزرعة فأخرجت نفسها من بين ذراعيه وطلبت منه أن يخرج حالا . شعر بغضب لم يستطع كتمانه وطلب منها أن تذهب معه حالا . قال لها :
- لن أسمح ببقائك هنا .. ستذهبين لمنزل والدك حالا لتطلبي الطلاق من زوجك النذل .. فلا يجب أن يعود الليلة ويراك .
كان مصمما على أن يأخذها بنفسه لبيت والدها لكنها رفضت فهي تعرف بأن ذلك لن يعود عليها بالفائدة ، فلو عاد ناصر ووجدها في بيت والدها تطلب بالطلاق ستزداد الأمور سواء وسيعيدها والدها رغما عنها شاءت أم أبت فلا أحد يهتم برأيها . اشتد غضبه فأفلت ذراعها وقال لها وهو يهم بالخروج :
- إذن لا تنتظري عودته اليوم .. أقسم بالله العظيم بأني سأكون بالمرصاد وسأقتله .
خرج بسرعة مصطدما بشذى الذي استغربت وجوده فأخبرتها بما حدث بينهما منذ أن عادا لبعضهما . بكت وهي تخبر أختها بتهديد عماد بقتل ناصر المتكرر ، فلقد قال لها ذلك عدة مرات وفي مناسبات مختلفة . اقترحت عليها شذى أن تتصل به ليهدأ على أن تعود للقائه في أي مكان عام بعد ذهاب ناصر يوم الجمعة . اقتنعت بذلك واتصلت به ولم يجبها ظلت حائرة تفكر وهي خائفة أن يتهور ويورط نفسه . مر الوقت وهي جالسة مع أختها وعلا صوت أذان المغرب فصلت ودعت من الله أن يهدي عمادها ويبعده عن درب ناصر . أمضت وقتها في قلق والوقت يمر والساعة تجاوزت الثامنة وناصر لم يعد بعد . اتصلت بهاتفه فلم يرد عليها . كانت هذه المرة الأولى التي تتصل به منذ أن تزوجا ولكنها قلقة الآن عن سبب تأخير عودته فطالما كان وجوده خارجا مريحا لها .
أنتصف الليل في القطيف وناصر لم يعد بعد ولا يرد على اتصالاتها . زاد قلقلها فعماد لا يجيب أيضا . ظلت كاميليا حائرة وخائفة ، وقلقة تفكر فيهما معا . وفجأة رن الهاتف فأسرعت لتجيب فوجدت عمها عبد العزيز يتصل ليسألها عن ناصر . تذكرت قسم عماد بقتله فشعرت بقشعريرة في أطرافها وطلبت من أختها أن تبقى لتبيت معها الليلة . تناولت حبوبها ولم تستطيع أن تهدأ إلا بعد أن أخذت ثلاث حبات من كل دواء لتنام دون أن تفكر بشيء كما تعودت . نامت على سريرها وشذى بجانبها واستيقظت في التاسعة صباحا على صوت هاتفها الجوال فهبت له بسرعة فربما يكون ناصر هو المتصل ، ولأول مرة تنتظر اتصاله بفارغ الصبر . لكن المتصل كان والدها يخبرها بلهجة غريبة بأنه في طريقه إليها . شعرت بألم يجتاح صدرها فأيقظت شذى . جلستا تنتظران والدهما الذي نادرا ما يزورها ، حتى هي لم تكن تذهب إلى منزل والديها كثيرا منذ أن أخرجت منه بالقوة لمنزل ناصر . اتصلت بعماد ولم يجبها ، وبعد دقائق وصل والدها ففتحت له الباب والقلق والتوتر وصلا في نفسها إلى أقصى درجة .

جلس والدها بوجهه المتجهم وابنتيه بجانبه وقال لهما بأن رجال الشرطة عثروا صباح اليوم على ناصر ميتا في سيارته على طريق الجبيل والتحقيقات قائمة لمعرفة ملابسات الحادث . شهقت كاميليا وهي تصفع على وجهها فهذا ما كانت تخشاه . فعلها عماد وقضى على نفسه ومستقبله وحياته وقضى عليها . شعرت بأنها منهارة وأغمضت عينيها وأسندت رأسها إلى الوراء فاقدة الوعي .


*********************
كان في طريقه إلى السعودية بعد أن قضى ليلة البارحة في البحرين . مازال متضايقا بعد ما حدث بالأمس ، ومستنكرا عدم قدرته على لجم مشاعره وانفعاله وغضبه . تنهد وهو يعبر بسهولة جمارك البحرين ويقف في طابور طويل من السيارات في الجمارك السعودية . تمنى لو يفصلون موظفي الجوازات عن بعضهم ويضعوا كل واحد منفرا لما تأخر أحد ، لكنهم يضيعون الوقت في الحديث وشرب الشاي . ضغط على زر تشغيل الموسيقى وجاءه صوت فيروز ..


" يا مختار المخاتير بحكيلك الحكاية
انا ما بحب الشرح كتير ولا في عندي غاية
بدي تفللني بكير يا مختار المخاتير ..
هني كانوا زعلانين أنا شو بدي فيهن
قلت براضي العاشقين زعلوا أهاليهن
حطوا الحق عليي وقالوا هالحشرية
يصطفلوا شو ما صار يصير
وخلي هالزير بهالبير
يا مختار المختيار .."

أخفض الصوت والموظف المسئول يطلب منه التوقف في أحد المواقف من اجل التفتيش . أطفأ محرك السيارة وترجل ليفسح المجال للموظف ليأخذ راحته ، ففتح أدارج السيارة الأمامية كلها ، وفتش الجيوب وأسفل المقاعد وصندوق السيارة وبعد أن انتهى . ختم له على الورقة وسمح له بالذهاب .

دخل منزله الخالي فأستقبله رنين الهاتف . جلس في الركن الفرنسي ورفع السماعة وتحدث مع أمه القلقة عليه والتي لا تعرف عنه شيئا منذ الأمس . طمأنها واخبرها بأنه قضى ليلته في البحرين ودعته لتناول العشاء معها قبل أن تخرج لزيارة صديقاتها فوافق . توجه لمنزل والد مباشرة وجلس مع أمه يتحدثان ثم جاء والده وجلسوا حول المائدة لتناول العشاء . أكل معكرونة الدجاج بالجبن بشهية ثم شرب شاي النعناع وهو يفكر بكاميليا التي عادت وقطعت علاقتها به بعد أسبوع جميل قضاه معها ، وعندما أرادها أن تترك بيت زوجها رفضت . عادت إليه الشكوك من جديد فهاهي ترفض مدعية فشل محاولاتها السابقة ، وأن والدها سيعيدها لزوجها كما أعادها قبلا . دائما تحتج بأنها لا تستطيع أن تفعل شيئا أمام والدها . خرج من دائرة أفكاره وشكوكه حين دخلت نسرين وجلست بجانبه وقالت له :
- اتصلت بك ألف مرة وجهازك مقفل .. خير ؟
فرك جبينه بإصبعه وقال :
- لا شيء مهم .
امتعضت أمه من أجابته المبهمة واستدارت لنسرين وسألتها عن كاميليا مما استدعى انتباهه . سألتها :
- وكيف هي كاميليا الآن .. هل اخرجوا زوجها من المستشفى ؟
هزت رأسها وقالت :
- ليس بعد أن تنتهي التحقيقات .
فتح عينيه بدهشة وهو يشعر بجفاف في حلقه وسال أخته عما حدث لزوجها فأخبرته بأن رجال الشرطة وجدوه صباح اليوم ميتا في سيارته . فرك جبينه وهو يتذكر تهديداته لكاميليا بان يقتل زوجها . كان يرى ذلك حلا مؤقتا فهو لم يجد بعد طريق مؤكد لتنتهي معاناتها ، ولم يفكر كونه متزوجا وزوجته في لندن منذ شهر أو أكثر . فكر أن يعترض طريقه أثناء عودته أو يستدرجه لأي جهة وينهي عليه ويرتاح من هذا الكابوس ، ولكن بمجرد ركوبه في سيارته أبعد الفكرة من رأسه واستعاذ من الشيطان وهو يتذكر كلام ماجد عن هوى النساء المؤذي .

خرج من منزل والديه ومشى بسيارته في شارع الكورنيش وهو حائر ومشتت الأفكار . اتصل بكاميليا عدة مرات ولم تجبه فقرر الذهاب لمنزل والديها في حي الخامسة . أوقف سيارته قرب أحد البيوت المقابلة وظل يراقب الحركة . بعد دقائق لمح والدها يوقف سيارته ويدخل فعاود الاتصال بها ولم ترد عليه أرسل لها رسالة نصية يخبرها بأنه موجود أمام باب البيت ويعلم بأن والدها قد عاد لتوه وهددها بأنه سيدخل ويخبر والدها بكل شيء في حال استمرت بتجاهله . اتصلت به بعد دقيقة وبدا صوتها متغيرا وهي تقول :
- ماذا تريد الآن ؟
بلع ريقه وقال :
- عرفت بما جرى .. الحمد الله فلو لم يمت لربما تهورت وقتلته .
قالت له بسخرية :
- وهل تكذب وتصدق الكذبة ؟

ذكرته بما قاله لها عندما زارها عصر الأمس وطلب منها أن لا تنتظر عودة ناصر فهو سيترصد له ويقتله . برغم كراهيتها له وبغضه وكل الأذى الذي ذاقته وعاشته معه إلا أن بدنها يرتعد كلما فكرت بأنه أصبح في عالم الأموات وهي أرملته الآن . تفاجأ من كلامها ولهجتها المليئة بالاتهامات . وأوضح لها بأنه هددها بقتله ثم عاد لمنزله مباشرة وأخذ جواز سفره وتوجه إلى البحرين وقضى الليلة هناك وعاد اليوم . قالت له :
- لو لم تأت لبيتي وتهددني وتتوعدني بقتله لما شككت بك .. لكنك ..
قاطعها بعصبية :
- لقد قلت ذلك ولكني لم أقتله .. يجب أن تصدقيني .. هل أحضر لك جواز سفري لتتأكدي بأني كنت في البحرين ؟
ظلت ساكتة وهو يقول لها بأنه لا يصدق بأنها تشك بارتكابه جريمة قتل ، وسألها إذا ما تأكد بأنه مات مقتولا فقالت له :
- نحن ننتظر تقرير المستشفى بفارغ الصبر .. أتمنى أن تكون بريئا من دمه .
قالت ذلك ثم اعتذارات عن إكمال الحديث معه لأنها مشغولة . عاد لبيته وهو حزين لما وصلت إليه علاقته بكاميليا . أصبح يشوبها شكوك واتهامات وجرائم ، أحس بالضيق وهو يتذكر لهجتها القاسية في الكلام معه .

**************

خرج من الشركة وهو لا يعرف إلى أين يذهب . مشى بمحاذاة البحر من الدمام ومرورا بسيهات وعنك حتى وصل إلى الكورنيش القطيف . فكر بالذهاب لأمه فاتصل بها وأخبرته بأنها تتسوق مع نسرين . أوقف سيارته وفتح النافذة واسند رأسه إلى الوراء وهو يفكر بكاميليا ، فهو ينتظر اتصالها منذ ثلاثة أيام . رن هاتفه مرة أخرى وكانت ريم هي المتصلة . عاتبته على عدم اتصاله بها فهو لم يتصل إلا مرة أو اثنتين بعد سفرها ليطمئن على وصولها إلى لندن ودائما هي من تتصل به .

جلس في سيارته لبعض الوقت يتأمل البحر بنظرات تائهة ، ثم عاد لمنزله وتوجه لغرفة نومه . رمى بنفسه على السرير وهو يفكر ويتساءل . يا للمفارقة الغريبة يموت زوج كاميليا في اليوم التالي لتهديده بالقتل ، وإنها تشك فيه الآن . أغمض عينيه رغما عنه وراح يتذكر يوم قتل علاء وكيف كانت التحقيقات حيث بقيت جثته في المستشفى لعدة أيام .

************

غسل رغوة الحلاقة عن وجهه وخرج من الحمام وتفكيره محصور بكاميليا التي لم تتصل به ، بالتأكيد وصلها خبر ما عن تقرير الطبيب الشرعي أو التحقيقات . قاد سيارته متجها للشركة وهو يشعر باستياء كبير . ركب المصعد وتفاجأ عندما رأى صورته على مرآة المصعد . كان وجهه عابسا وحزينا لدرجة ضايقته أكثر . دخل إلى مكتبه وطلب من موظف الكافتيريا فنجان من القهوة التركية . أمسك ببعض التقارير وسرعان ما وضعها جانبا عندما جاءت القهوة . شرب القليل منها وجاءه رنين هاتفه الجوال تتصل به من ينتظرها بلهفة . رد بسرعة وجاءه صوتها الرقيق الذي أحبه منذ سمعه بالصدفة . قالت له بلهجة يفوح منها الحزن والأسف :
- أنا آسفة لشكوكي بك حبيبي .. صدقني كنت خائفة عليك .
ظل ساكتا فتابعت حديثها تخبره بأن التقرير النهائي بين بأن سبب وفاة ناصر هو سكتة قلبية مفاجئة أدت إلى اصطدام سيارته بجانب الطريق ، ووجد أثر ضربة على عنقه مما جعل رجال الشرطة يشكو بأنه مقتول ، كما وجدوا نسبة الكحول في دمه مرتفعة . قال لها :
- أريد أن أراك .
- لا أستطيع .. سيدفن بعد قليل وعلي أن أحضر الفاتحة ومجالس العزاء فأنا أمام الناس أرملته وسأبقى أربعة أشهر وعشرة أيام في العدة .
- لا يهم .. سنتزوج بعد إنتائها مباشرة .. أنا أحبك كاميليا وتعبت من الانتظار .

قال ذلك وأضطر لإنهاء الحديث عندما دخل فيصل وجلس أمامه . تحدثا بشأن العمل . لبعض الوقت ودعاه لتناول العشاء في منزله .

ذهب مساءا لمنزل أخته التي رحبت به وذكرته بعمق علاقتهما قبل زواجها . كما كانا قريبين من بعضهما وكم ابتعدا بعد زواجها وكأنهما لم يعيشا في بيت واحد . انشغلت ندى بزواجها ثم بإنجابها ، وكثيرا ما اتهمها بأنها نسيت عائلتها وعاشت لعائلتها الجديدة . وكثيرا ما يذكرها بأنه تحمل ضربة الحذاء أمه من أجلها في حادثة الطبلة . تناول عشاءه وأمضى الوقت في الحديث مع ابن عمه وأخته التي عرضت عليه أن يذهب لزيارة زوجته في لندن فرفض . لم يرد رؤيتها فهو لم يكن موافقا على سفرها لكنه سمح بذلك في الوقت الذي كانت كاميليا ترسل له رسائلها في الجريدة لتعذبه وتضغط على جرحه بقلمها وهمساتها .

خرج من منزل أخته وعرج على ماجد وقضى معه بعض الوقت ثم عاد لبيته وتوجه لغرفة نومه وكاميليا تطوق أفكاره . هي في العدة الآن وعليه أن يتزوجها بعد ذلك . تذكر ريم وهي زوجته وابنة عمته أيضا . زواجه بها كان خطئا كبيرا وعليه أن يطلقها حالما تعود من لندن ويصحح الخطأ .
بقي أربعة أشهر وعدة أيام كيف سيتحملها وهو الذي تعب من الانتظار ، ويريد الزواج بها بسرعة ويكفى انتظار خمس سنوات . أتصل بكاميليا وصبرته بأن الأيام تمر بسرعة وسينام ويصحو ويجد أن المدة قد مرت بسرعة دون أن يتنبه . تفاجأ عندما سألته عن زوجته المتعجرفة فوعدها أن يطلقها متى عادت من سفرها ، وأخذ منها وعدا أن لا يؤثر ذلك على زواجهما لو أن العدة انتهت قبل عودتها فلن يطلقها وهي مسافرة . أنهى حديثه المطول ونام وهو يدعو الله أن تمر الأيام بسرعة ويستيقظ من نومه ويجد العدة شارفت على النهاية .

 
 

 

عرض البوم صور سنديان   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للكاتبه اميرة المضحي, ليلاس, الملعونه, اميرة المضحي, القسم العام للقصص و الروايات, روايات و قصص, روايات كاملة, روايه الملعونه كاملة, روايه خليجيه, قصه مكتملة
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 10:17 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية