كاتب الموضوع :
شاذن
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
الوحدة . . .لكنها لم تشأ أن تكون وحيدة من دون داكر .وراحت أفكارها تدور في حلقة مفرغة، فهي تريد أن تبقى . . . آه ، كم تريد أن تبقى .
وفي محاولة لطرده من فكرها ،أخذت تفكّر في كل ما قاله لها .وللمرة الأولي ،شعرت بشيء من السكينة فالآن تدرك أن موت مارك لم يكن بسببها . . بعد وفاته ، عانت من الصدمة ،وكانت الأحاديث تدور من حولها بالفرنسية ،فلم تعلم أن موت مارك لم يكن ناتجاً عن عدم تركيزه ، بل عن جموح ذلك الحيوان الغادر الذي ألقى به على الشجرة بعنف بالغ . ومارك . . .مارك المسكين . . .ما أكثر الأمور التي أخفاها عنها ! ربما لو أحبته أكثر ، لطرحت عليه مزيداً من الأسئلة الدقيقة ، ولأخبرها عن ثرائه . . .وربما عن حادثته آه ، ليته فعل ! . . .فلو أخبرها لأصبحا متلائمين تماماً .لأنه هو عاجز جنسياً ، ولأنها هي غير قادرة على منح نفسها . وقبل أن تستسلم للنوم ، وبالرغم من أنها استيقظت على وقع كلمته الهادئة (سأنتظر)، كانت أهدأ من ذي قبل .فلن يجبرها داكر على الزواج به . لا أحد يمكنه ذلك .
اغتسلت وارتدت ثيابها ثم نزلت إلى الطابق السفلي . . .اعتقدت أن داكر قد تغير رأيه ، ولعله غيره فعلاً .لكن القدر سخر منها مجدداً .
فما إن دخلت الردهة ، حتى خرج داكر من مكتبه متجهاً نحوها :" صباح الخير يا جوسي".
حيّاها ببشاشة ،ثم تأملها للحظة . وذهلت حين أحنى رأسه ،وطبع قبلة خفيفة وحيدة على جبينها .
شعرت بنار تسري في كيانها .وأخذت تحدق فيه فاغرة فاها ، ولكنه اكتفى بوضع ذراعه حول كتفيها وتوجيهها نحو غرفة الطعام .
قال بلهجة عفوية دون أن يشير إلى ما حدث الليلة الماضية :" لا بد أنك تشعرين بالجوع مثلي".
أبعدت ذراعه عنها حالما تمكنت من ذلك . . .هل هذا ما سيحدث . . .؟
قبلة تبدو عفوية ؟ لقد طلب منها الزواج .فهل قبلته المختصرة هذه والذراع التي تحيط بكتفيها بخفة ،طريقته في محاولة هدم مقاومتها ؟ بعد أن ساعدها على الجلوس وجلس قبالتها ، قال :" هذه رسالة موجّهة لك ، بخط أنثوي ،كما أظن".
ثم ناولها الرسالة التي أخذتها منه ،وعندما تلامست أصابعهما شعرت بتيار كهربائي يسري في كيانها .آه ،رباه! ستتحطم أعصابها إذا لم يرحل إلى باريس في الحال .
تمتمت بأدب :" المعذرة".
ثم فتحت الرسالة .سألها :" أرجو ألا تحمل أخباراً سيئة".
ورغم توترها ، شعرت بأنها تريد أن تضحك على محاولة الاستدراج الملتوية تلك .
قالت مبتسمة :" إنها من " تريسي" التي تعمل في الإسطبلات .لقد كتبت إليها أسألها عن أحوال هيثي".
فبادلها الابتسام وعيناه مسمرتان على ثغرها .
- هل هيثي هي فرسك ؟
- نعم ، هيثي هي فرسي .
- وكيف حالها ؟
|