لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-09-10, 08:40 AM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 156978
المشاركات: 676
الجنس أنثى
معدل التقييم: سفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 575

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سفيرة الاحزان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سفيرة الاحزان المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل التانى

وعندما توقفت العاصفه، واستحال بؤكها الى نشيج متقطع،قال لها بثبات
اذا، فشكواك حقيقيه)
قال هذا بملامح خاليه من التعبير .ورفعت نظرها اليه بسرعه لترى ان العينين الزرقاوين الصارمتين قد اصبحتا
متحفظتين كما لمست فيه تغيرا غامضا لم تستطع ان تتبينه جيدا . كانت القسوه والسخريه مازالتا مرتسمتين على شفتيه ،
وكذلك الخطان المحيطان بفمه .وكانت ملامحه الظاهره ما زالت قاسيه عنيفه . ومع هذا ،كان ثمه شىء ما ....
وقال ببطء بامكانى ان اميز التعاسه الحقيقيه عند رؤيتها، يا انسه غوردون، ولكن عملك مازال لا عذر له .
لقد كان بامكانك ان تطلبى مقابلتى فى اى وقت لكى نضع حدا لسوء التفاهم هذا ...)
ورفعت راسها كنمره صغيرة وهى تقول
سوء تفاهم ؟صدقنى ظن ليس هناك سوء تفاهم .كما انه ليس بامكانك استغفالى بهذا الشكل ،اننى لست غبيه.)
قال ببرود
اننى لن ارد على هذا بشكل صريح ، ذلك ان عملك هو اكثر فعاليه من اى كلمه اقولها ، كم مضى على موت ابيك ؟)
فحدقت فيه بتوتر وهى تجيب سنتان.)
فعاد يسألها متجاهلا توتر جسددها المؤلم وهل بكيت عندما مات ؟)
فابتدأت تقول حسنا ،بالطبع...)وما لبث صوتها ان تلاشى وهى تقطب حاجبيها مفكره،ثم تتابع قائله
كلا، لا اظن اننى بكيت،فى الحقيقه .)
فقال هذا شىء سيىء جدا الى نفسيتك.)
فنظرت اليه بدهشه ، كان هذا اخر ما تتوقعه من شخص قاس عنيف مثله.وتابع قائلا
ذلك انه يخلق ظلاما كالشرك ، يغطى كل شىء .)
فقالت وهى تنتصب واقفه رافعه راسها متحديه
اسمع ، اننى بخير ليس بى شىء.)وكانت كلماتها الاخيرة حافله بالمعانى .
واومأ هو برأسه بخفه وقد بدت الصرامه فى نظراته ، وهو يقول
هل افهم من هذا اننا عدنا الى الاتهامات؟)
فأجابت بفتور وهى تزيح عن وجهها المبلل خصله من شعرها
اوه،انك تعرف ما اعنى ، لا يمكن ان تكون قد نسيت الامر تماما ، لقد شعرت بهذا فى الفندق .)
فأجاب فقط بالنسبه لاسم شركه ابيك .)
هزت برأسها دون ان تتفوه بكلمه . وقال لها
اسمعى ، حدثينى بالأمر منذ البدايه .)
منتدى ليلاس
وعندما مشى الى كرسيه لاحظت شىء من الحذر يشوب مشيته يشبه التردد ، وكان هذا غريبا بالنسبه الى رجل مثله
.ولكن ، عندما جلس ازاحت هذه التصورات جانبا بضيق . لم يكن لها حاجه الى جعله موضع اهتمامها .
وأجابت حسنا ، ليس هناك الكثير ليقال .)
وقاومت عطسه كادت تفاجئها ، فنظرت اليه قائله ببطء بصوت كئيب
هل اجد عندك منديلا ؟)
فقال يجيبها بنفس الصوت الكئيب الفاتر الذى خاطبته به:
(نعم . عندى منديل .)
وصبغ الاحمرار وجهها وهو يتقدم منها بمنديل قطنى كبير ابيض ، هل كانت لهجتها بهذا الشكل الذى قلده هو؟
كان عليها ان تلاحظ نفسها اذ يجب ان لا يعتبرها اقل منه .... كيف يجرؤ على السخريه منها ؟
وابتدأت تتكلم بهدوء بعد ان مسحت انفها ، ثم استقرت فى كرسيها ، قالت :
(لقد اسس والدى الشركه بالاشتراك مع امى فى العام الذى ولدت انا فيه ، وكان نجاحهما جيدا ...
وكان لنا منزل جميل عشنا فيه برفاهيه عاديه . ليس مثل هذه الرفاهيه هنا ، بالطبع .)
ونظرت اليه بسخريه وهى تستطرد ولكننا كنا سعداء )
وتوقفت عن الكلام ،فقال يستحثها وقد شردت نظرتها مع الذكريات نعم ؟)
فتابعت تقول وما لبثت امى ان وقعت مريضه تشكو من قلبها ،عندما كنت فى اولى سنوات المراهقه وكان ابى يمضى اكثر اوقاته معها .ولا اظنها كانت تعلم بانه رهن المنزل لكى يبقى على مسير الشركه . ولكننى لم اعلم بذلك ابدا . وقد توفيت عندما دخلت الجامعه .)
قال اننى اسف لذلك .) وكانت عيناه النفاذتان لا تغادران وجهها وهى تتحدث ، كام ان صوته العميق كان خاليا تماما
من اى مشاعر.
وتابعت تقول وبطبيعه الحال ، اصبح والدى محطما تماما ، ولكنه القى بنفسه فى الشركه محاولا ان يسترد الوقت الذى
وضيعته ، كما اظن ، وقد نجح فى ذلك بشكل جيد . فقد كان عندنا مجموعه مخلصه من الايدى العامله ، كما انه اصبح
بعد رحيل امى ، يمضى فى الشركه مايشاء من الساعات ، وهذا فى الحقيقه ، ساعده تماما اذ شغل ذهنه عن احزانه .
وكان قد حصل على عقد كبير ملأه بهجه ، اذ كان ممكنا معه ، تخليص املنزل المرتهن ، فهو كان يريده لاجلى ولكن ، عند
ذلك ...)وسكتت فجأه رافعه عينيها المتسعتين الى وجهه لتستطرد قائله :
(عند ذاك ، تدخلت مؤسسه ستيل .)
وسألها عابسا كيف ؟)
فحدقت فيه بغضب وهى تجيب الا تتذكر؟ كان هذا منذ سنتين فقط . لا يمكنك ان تنسى التفاصل بمثل بهذه السرعه.)
فسألها متوترا هل عندك فكره عن مدى اتساع مجلس اداره الشركه عندى ؟ ثم هنالك العديد من الفروع للشركه فى مختلف انحاء العالم مما يأخذ الكثير من وقتى واهتمامتى . ليس بامكانى التعامل . شخصيا مع كل شىء .)
فقالت على الفور وقد اتسعت عيناها كلا معك حق لا اظن ذلك .)
لم يكن هذا قد خطر فى بالها من قبل . وتابعت تقول :
(حسنا ، انك ...اعنى شركتك ، كانت قد اشترت بقيه المبنى الذى يقوم فيه مصنعنا الصغير . وكان المكتب فى الداخل وكنتم تريدون الاراضى الملحقه بالمبنى . ولم يكن ثمه مكان ننتقل اليه على الفور ظن فقد كان ما قدمتوه نت مال مبلغا صغيرا ، فقد كان معروفا للجميع ان مصنع ابى يواجه مصاعب . وعندما رفض ابى البيع ، ابتدء الضغط عليه من جانبكم .)
فقال بوجه خالى من التعبير يقرب من عدم الاهتمام فهمت .)
وعادت تقول وفجظاه ابتدأت البنوك تتطالب بديونها وبقيمه الرهن .والغيت العقود .)
وحدقت فيه بغطب وهى تتابع انها طريقه جميله لاداء الاعمال . أليس كذلك يا سيد ستيل ؟ كل شىء جائز مهما كان . ويظهر ان هذا هو مبدأكم حتى ولو لم تكن تشهد انت شخصيا كل هذه الامور . ليس بامكانك ان تخبرنى ان موظفيك يخرجون عن النهج المتبع فى مؤسستكم لتسيير اعمالكم .)
فقال ببرود جعلها تجفل لم اكن اعلم ان على ان اخبرك كل شىء) كان يتكلم معها بينما يبدو ان ذهنه تقريبا فى مكان اخر ، وحدقت فيه بعنف . ما الذى كان يفكر فيه ؟ وعاد يقول وهو يميل للامام قليلا
تابعى كلامك .)
فقالت محاوله تمالك هدوءها وكان الوداع بالنسبه للمصنع . والوداع بالنسبه للمنزل . واستطاع ابى ان يحصل على عمل جزئى براتب زهيد ، وسكن مع بعض اصدقائه ، ليتوفى بعد اربعه اشهر .وقد شخص الطبيب سبب وفاته التهابا رئويا . ولكن الذى قتله هو فقط ،فقدانه الرغبه فى الحياه .) ونضحت نظراتها بالالم وهى تحدق فيه ، متابعه كلامها:
(انه اخبرنى ذلك بنفسه . قال انه يريد ان يموت .)
فقال وتلوميننى انا لذلك ؟ )
فنهضت من مقعدها وهى تجيب قائله تماما ، فقد تصاعدت الرائحه النتنه ،كما يقول المثل ،امام بابك ، يا سيد ستيل ، دون ان تفكر بازالتها . ان الرائحه النتنه هذه تتصاعد من اداره الاعمال فى مؤسستك ، من موظفيك ...منك انت .)
فقال متهكما لقد ادليت بقصتك بشكل نابض بالحياه .)
فأجابت وهى تواجه قائله ،وقد صعد الدم الى وجنتيها ، وبدا شعرها الاسود الكثيف متألقا بلون اقرب للاحمرار فى هذا الضوء الاصطناعى الوهاج وبينما اتسعت عيناها البنيتان
اهذا هو كل جوابك ؟ مجرد التهكم تنقذ به كرامتك الغاليه ؟ فلا اعتذار ، ولا ندم ، ولا شعور بالذنب ؟ )
فوقف بدوره وهو يقول لم افعل شيئا يجعلنى اشعر بالذنب ) ومشى نحو جرس طويل فى زوايه الغرفه فجذبه مرتين ، وعلى الفور فتح الباب لتدخل منه خادمه جميله صغيره تلبس الزى الخاص . وقال لها بلطف
هل بامكانك استدعاء السيده لانغتون لكى تاتى بسرعه ، من فضلك يا جين ؟ اريد ان اكلمها بامر ما .)
فأجابت الخادمه ، وقد اتسعت عيناها الزرقاون الكبيرتان لمرأى جانى، قائله نعم يا سيدى . اننى اسفه ، فنحن لم نعلم بعودتك الى المنزل . كنا نظن انك ستمضى المساء خارجا ...)
فقال بحزم لقد تغيرت خططى .) وحالا، تركت الخادمه الغرفه وهى تومىء برأسها بشكل عصبى بينما كان هو يتابع
اننى سأطلب تجهيز عشاء لنا .) ونظر الى جانى ، لتبادله هذه نظرته بذعر ، قائله بسرعه ليس لاجلى ، يا سيد ستيل لقد سبق وقولت اننى سأعود الى منزلى .)
فقال بحزم لا سبيل الى ذلك ، اننى لم انته منك بعد . هذا الى اننى بحاجه الى ان ادقق فى قصتك .)
فقالت وهى تنظر الى الساعه فى معصمها
الان ؟ ان الوقت بعد السادسه واليوم الجمعه حيث لا يوجد اى انسان فى عمله .)
فقال ببرود ثمه اناس عندما اريدهم انا يحضرون حالا. والحقائق ستكون مسجله . اما التفاصيل فيمكنها ان تنتظر الى ان اعلم من الذى كان مسؤولا عن تلك المعامله فى ذلك الوقت .)
فقالت وهى تخطو نحو الباب اسمع . اننى ذاهبه .)
ولكن النظره الصارمه التى القاها عليها ذلك الرجل الكبير الجسم ، جمدتها فى مكانها وهى تتابع قائله
اننى جاده فيما قلته اريد ان اذهب الى بيتى.)
فقال لا تتصرفى كالاطفال .)
فتوهج وجهها غضبا من كلامه هذا ، بينما كان يتابع قائلا:
(اننى ، فقط اعرض عليك العشاء بينما اقوم بالاتصالات اللازمه ، وهذا هو كل شىء . فانتى محظوظه جدا لكونك لست الان فى المخفر حيث الشرطه تحاسبك على ما فعلت .)
فأجابت وهى تتصور تلك الفتاه الشقراء الطويله القامه التى كانت بصحبته :
( ولكن كان يبدو انك كنت تنوى قضاء المساء خارجا و ...)
فقاطعها قائلا بلطف لقد تاخرت فى الاهتمام بوضعى الخاص ، اليس كذلك . يمكنك ان تسكبى لنفسك كوبا ثانيا من العصير ريثما اقوم ببعض الاتصالات الهاتفيه ، ثم نتناول الطعام بعد ذلك .)
وعندما اوشكت على فتح فمها للمناقشه ، فتح الباب وابتسم السيد ستيل للمرأه المتوسطه فى السن التى دخلت الغرفه مرتديه ثوبا اسود وعاقصه شعرها الذى خطه الشيب الى الخلف ، وقال يخاطبها :
( لقد تغيرت خططى يا سيده لانغتون ، وانا الان اطلب عشاء لشخصين ، فهل هذ ممكن ؟)
فأجابت المرأه وهى تبتسم بأدب :
( طبعا يا سيد ستيل ، وسيكون جاهزا بعد نصف ساعه .)
وعندما خرجت المرأه بعد ان حنت رأسها لجانى تحييها ، حدقت هذه فيه قائله بغضب :
( ما الذى على ان افعل لكى اقنعك باننى لا اريد عشاء ؟)
فأجاب بهدوء لا شىء، فأنا اعرف هذا .)
فقالت : (فلماذا اذن .)
فأجاب لان عليكى ان تفعلى ما يقال لك .)
وكان قوله هذا بمثابه جواب مكتمل ، فى نظره كما يبدو ، وحدقت هى فيه ثائره وقد اثارت غطرسته حنقها ، ثم قالت له بشمئزاز عميق انك رجل عجيب حقا .)
وزاد فى ثورتها ابتسامته الساخره وقد كست ملامحه الداكنه دعابه قاسيه . كان ما يزال غاضبا . وقال معنفا :
(انك لست اول امرأه تقول هذا . ولو على ان اعترف بظروفك التى الجأتك الى هذا ، وعادة يقال لى هذا مصحوبا ... بحماس اكثر .)
فقالت بلهجه حاول ان تضمنها ما تستطيعه من سخريه :
(أحقا ذلك ؟ لقد كنت دوما اظن ان الرجل الحقيقى يجب ان لا يتباهى بجوده ادائه مع النساء .)
فسألها بلطف وبرود مصطنع وهل تحدثت انا عن النساء ؟)
ولكنها لاحظت ان اهانتها هذه قد جعلت عينيه تضيقان وفمه يعتدل وهو يقول :
(اتعلمين انك اذا وضعنا قضيه ابيك جانبا ، انك امرأه سليطه اللسان ؟ الا يعجبك الرجال ، يا انسه جانى غوردون ؟)
كان مايزال يتذكر اسمها الاول منذ سمعه منها فى الفندق رغم كل ما حدث بعد ذلك من تشويش واثاره .و شعرت وهى تنظر الى هذا الوجه الداكن بمثل ضرب المطرقه على ام راسها ، اذ تعلم فجأه ان هذا من اختصاص هذا الرجل . فقد كان ذهنه بمثل حد السيف ، وصلابه المسمار . فهو لا ينسى شيئا ابدا . فلماذا اذا ، ينسى قضيه مصنع ابيها ؟ وهل صدقته هى ؟ وهل اشترك هو بهذا الامر ؟ انه لا يبدو من اولئك الرجال الذين يدعون اى شىء ينساب من بين اصابعهم ، مثل اقتناء المبنى الرئيسى كعقار . لابد انه علم
بالخطوط الرئيسيه لهذا الوضع على الاقل ، خصوصا بالنسبه للمصاعب التى اعترضته . لقد علم بكل ذلك بالتاكيد كما انه سبق وتذكر اسم المصنع كذلك .
وعندما عادت من تصورتها هذه ، الى الواقع كان ما يزال يحدق فيها بعينيه الزرقاوان الحادتين .
وقال حسنا ؟)
وكانت الان قد نسيت موضوع الحديث الذى كان بينهما ، فقالت ماذا ؟)
منتدى ليلاس
فقال بالنسبه الى الرجال ، هل يعجبوك ؟)
وعندما اخذت تحاول استيعاب ما كان يقوله ، تقدم هو خطوه نحوها قائلا :
(هنالك طريقه واحده لمعرفه ذلك ...)
اما الطريقه الخبيره التى ام***ا بها ، فلم تتذكرها جانى الا بعد وقت طويل ، اما فى هذه اللحظه القصيره ، فقد شغلت بمقاومه قوته المسيطره هذه .
لقد ارغمت نفسها على الجمود التام ، فقد كانا يعلمان هما الاثنين ، ان اى حركه منها لم يكن من ورائها طائل ، ولقد احست اثناء ذلك بالكرهيه لنفسها ، شاعره انها تخون بذللك نفسها وذكرى ابيها . ولكن هذا كان يرغمها ، فقد كان رجلا غير عادى .
وما لبثت ان وجدت نفسها طليقه ، بينما هو قد تراجع الى الخلف ، حيث وقف عاقد الذراعين فوق صدره ، ومضى ينظر اليها بعينين ضيقتين . وقال بصوت عميق رقيق هذا حسن جدا .)
ولكنها لم تستطع ان تتفوه بكلمه وهى تنظر فى ذلك الوجه القوى الخشن . وعاد هو يقول :
(هذا ، فى الاوقع ، حسن جدا ، اما الان فسأسكب لكى كوب شراب بارد ، بينما اقوم انا ببعض الاتصالات الهاتفيه .)
وكانت ما تزال واقفه بصمت ذاهل ، عندما ترك هو الغرفه بعد ذلك بثوان بعد ان ملأ كوبها ثم وضعه على الطاوله الصغيره بجانب كرسيها ، وكانت ساقاها قد ابتدأتا بالاهتزاز حتى كادت تنهار على كرسيها وقد اصابها الدوار ، عندما أيقظها من تلك الغيبوبه صوت انصفاق الباب خلفه ، انها لم تشك فى لحظه واحده فى ان تصرفه هذا كان الهدف منه معاقبتها . وتصاعد انينها فى تلك الغرفه الخاليه . كان عليها ان تصرخ فى وجهه عندما حررها . وتخبره بالضبط رايها فيه ، ثم تصفع وجهه ... ولكنها سبق وفعلت ذلك هذا اليوم . وأغمضت عينيها لحظه بشده . كل هذا كان حلما ... لا بد انه كذلك ...

 
 

 

عرض البوم صور سفيرة الاحزان   رد مع اقتباس
قديم 13-09-10, 08:44 AM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 156978
المشاركات: 676
الجنس أنثى
معدل التقييم: سفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 575

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سفيرة الاحزان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سفيرة الاحزان المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

واخذت جرعه من العصير وهى تلقى بنظرها حولها فى انحاء الغرفه الفخمه ، مره اخرى . ولاحظت صوره فوتغرافيه لرجلين ، موضوعه على رف المدفأة ونهضت لكى تنظر اليها جيدا . اكنت تمثل كين ستيل و أخاه او ابن عم له ... فقد كان الشبه غير عادى ، بالرغم من ان الرجل الاصغر كان اصغر حجما وشعره فاتح اللون .ومع هذا فقد كان الوجهان ينطقان بقرابه دم لا سبيل الى نكرانها ، ولابد انها اخذت منذ سنوات فقد كان وجه كين ستيل الذى كان يبتسم ، يبدو اصغر سنا ولم يكن ثمه اثر لهذه الاخاديد العميقه فى وجهه الموجوده الان ولا لوحظ الشيب ذاك فى سالفيه ، هذا الى وقفته المتوتره قليلا .
وفكرت فجأه فى انه يبدو الان اكبر سنا ، وكان هذا هو السبب فى انها لم تكن متأكده من شخصيته فى الفندق ، فقد كانت الصوره التى كانت عثرت عليها بين أوراق ابيها ، تمثل رجلا اصغر منه بكثير ، مع التسليم بانها من الصور التى تدفع للنشر فى الصحف ، ولهذه تبدو بعيده عن الواقع والشبه لصاحبها . ان عليها ان تعود للنظر فى تلك الاوراق مرة اخرى ، ذلك انها بعد ان تصفحتها باكيه جمعتها فى صندوق وضعته فى خزانه ، ومنذ ذلك الوقت ، كان التفكير فى العوده الى تصفحها ، تثير فيها الالم .
وعندما عاد، بعد عشر دقائق ، كان يبدو عليها الاتزان وضبط النفس ، ظاهريا على الاقل . اما فى داخلها ، فقد كانت مشاعرها تغلى كبركان على اهبه الانفجار
منتدى ليلاس
وقال هازلا وهو يدخل الغرفه هل يعجبك لحم البفتيك والسلطه ؟ وسلطه الفواكه فى الختام ؟)منتدى ليلاس
ونظر اليها بعينين ضيقتين وقد كسا ملامحه العبوس.
فأومأت برأسها وهى ترتجف ، قائله ممتاز .) وحدثت نفسها بانها سرعان ما ستنتهى من هاتين الساعتين اللتين امامها لتصبح ، بعد ذلك حره فلا تراه بعد ذلك ابدا . الا اذا طبعا كان ذلك فى المحكمه . اذ لا شك ان القسود الى الحقد ، ولكن ان يدمر باسم القانون كل ما سبق وبناه ابوها فى سنوات ، كل هذا يجب ايضاحه بهدوء ومنطق ، بوجود مؤسسه ستيل . ولم تعرف لماذا يقوم بهذه المسرحيه ، ولكن هذا ما يحدث ، دون شك بالعمالقه اذا اتحدو هم عاده قساه ولا يعترفون بالخطأ ابدا . هذه هى القاعده الاولى . وذكرت نفسها مره اخرى ، ان فعلتهم تلك كانت قانونيه مهما بدا فيها من قسوه واثم وبشاعه ...
وعندما عاد يجلس امامها اشارت الى الصوره قائله أهو أخوك ؟)
فنظر الى حيث اشارت وهو يجيب نعم ، انه كايث .)
فعادت تسأله أهو اصغر منك ؟)
فأجاب بأربع سنوات . وقد اخذت هذه الصوره منذ ثلاث سنوات عندما كنا فى اجازه فى اليونان .)
فنظرت اليه بدهشه وهى تقول ثلاث سنوات ؟)
وحدثت نفسها ان تلك الصوره تبدو منذ عشر سنوات على الاقل .وقرأ هو على وجهها ما يدور فى ذهنها ،
فقال بتوتر اننى فى الرابعه والثلاثين من عمرى ، انسه غوردون ، وقد مات اخى السنه الماضيه . هل بامكننا ان نترك هذا الموضوع الان ؟)
فأومأت برأسها بسرعه بينما شعرت بتوهج وجنتيها وهى تقول بالطبع ) وكيف كان لها ان تعلم ان اخاه قد ما ؟ كانت تظن ان كين ستيل لابد ان يكون اكبر من اخيه بثمانى او تسع سنوات رغم جسمه القوى الفتى . وذلك الوجه ذو الجاذبيه الذى افقدها اتزنها ، ما الذى جعل فيه هذه الخطوط حول فمه وعينيه ؟ لابد ان كارثه عظمه قد احدثت فيه كل هذا التغيير فى ثلاث سنوات . ايمك ان يكون ذلك بسبب موت اخيه ؟ اما ان هناك سبب اخر ؟.
كان العشاء ممتازا لكن الغرفه الزخرفه بالغه الاتساع ، ليتناولا فيها الطعام اكن اقل وصف لها انها مخيفه تثبط الهمه ، وعندما دخلتها اخذت نفسا عميقا عله يساعدها على تمالك رباطه جأشها . فالمائده الثقيله الداكنه اللون ، والسجاده البيضاء السميكه ، والجدران التبنيه اللون ، هذا الى الستائر المخمليه ... كل ذلك كان هائلا مخيفا .
منتدى ليلاس
وبينما كانت جين الخادمه ترفع الاطباق المستعمله لكى تحضر الحلوى ، سألته جانى :
(هل تتناول طعامك هنا دائما ؟ )
ذلك ان وجبه الطعام كان يسودها التوتر و الصمت المؤلم .
فنظر اليها بامعان وقال عندما يكون لدى ضيوف فقط ، ألم تعجبك هذه الغرفه ؟)
فقالت مرواغه بسرعه واين تأكل عندما لا يكون عندك ضيوف ؟ )
فقال باقتضاب فى مكتبى ، وفى الحقيقه انا امضى فيه أكثر اوقاتى فى هذا البيت .)
وسألها فجأه اتحبين ان نتناول الحلوى فى المكتب ؟)
فأجابت على الفور نعم من فضلك .)
فنظر اليها باستغراب ثم اجال النظر حوله فى انحاء الغرفه وهو يقول بارتباك :
( ولكن ، ما العيب فى هذه الغرفه ؟)
فأجابت بسرعه لا شىء . انها رائعه الجمال ، ولكنها كبيره . حسنا ، فلنكن صريحين ، هائله .)
فعاد يجيل بنظره فى الغرفه قائلا أحقا ؟ نعم ، اظنها كذلك فى الحقيقه . اننى لم أنتبه الى ذلك مطلقا .)
وتبعته وهى تفكر فى الطريقه التى يعيش فيها البعض . واجتازا القاعه الكبرى الى غرفه اصغر بكثير من الاخريات ، ولكنها مع هذا تتساوى بمساحتها مع شقتها هى الصغيره باجمعها . ولكنها كانت تبدو مريحه ، وكانت النار تشتعل فى المدفأه بينما احد جدرانها كان مغطى بالكتب التى كانت تتألق فى ذلك الضوى الخفيف الذى يظهر من مصابيح نحاسيه مثبته على الجدران . وكانت الستائر الثقيله ذهبيه اللون مسدله على النوافذ تصد برودة الجو ، وكان هذا يطفى على الغرفه جوا بيتيا يزيده وجود هر كبير راقد على مقعد جلدى قرب المدفأه .
وقالت وهى لا تتصوره محبا للحيونات :
( هل تقتنى هر ؟)
فأجاب بلهجه غامضه :
( بل هرره ، هذا هو جونيبر وثمه اخر يدعى كوزموس .)
هذا بينما السيده لانغتون وجين تنصبان المنضده التى كانت مطويه فى احدى زوايا الغرفه ، وأخذت جانى تمر بيدها على فراء الهر الناعم وهى تراقب كين ستيل من تحت اهدابها . ان له جمالا رائعا حقا . وجعلت هذه الافكار وجهها يتوهج خجلا ، فخفضت نظرها بسرعه . انها كلما اسرعت فى الخروج من هنا كان ذلك افضل . والافضل فى ان تفكر فى ان ما حدث بينهما انما كان عقابا منه لها لما قامت به اثناء المؤتمر الصحفى ، وفكرت بتوتر ، فى انه ككل رجل اخر لابد قد صدمه ان يرى ثيابه القذره تغسل امام الناس .
وكان الدراق المغطى بالقشده ، لذيذا ولكن الشعور بانها ربما كانت تحلم والذى كان يساورها طيله المساء قد اشتد الان بعد ان انتهيا من تناول الحلوى ، وسألها :
( أتردين قهوه ؟)
وبدا لناظريها فى هذه الغرفه الصغيره ، اكبر حجما واشد سمره . وكانت عيناه الزرقاوان النافذتان تبدوان شاذتين فى وجهه الداكن . ومره اخرى شعرت نحوه بافتتان قوى عميق مما اسرع بدقات قلبها .
وقالت فجأه وهى تنهض واقفه لتسير نحو المدفأه :
(كلا . كلا ، اشكرك فأنا يجب انا اذهب فى الحقيقه )
فقال بلهجه لاذعه : ( ولماذا ؟ كنت اظن اننا نمضى وقتا رائعا .)
وكانت السخريه تنطق من كلماته .
وهنا ، شعرت بثوره فقدت معها اعصبها ، فقالت بعنف :
( لا ادرى ما هو قصدك من كل هذا ؟ ان جو فلاندرز الان يعلم ما فعلته ، وربما قد خسرت الان عملى وبالتالى شقتى ، دع عنك ثقتهم بى . بينما انت هنا جالس دون ان يمسك شىء ، أليس كذلك ؟ اننى انا من سيكون كبش المحرقه .)
فقال بارتياب وهو ينظر الى وجهها المتضرج :
( انتى كبش المحرقه ؟ لا اصدق اننى اسمع هذا . هل عندك فكره عما فعلته هذه الليله ؟ ايتها المرأه الشابه ؟ فى وسط المؤتمر الصحفى ؟ مؤتمر صحفى ؟) وكرر هذا ثائرا وهو يتابع لقد اتهمتنى بالاجرام والاحتيال ، ليس ثمه صحافى فى لندن ستفوته مثل هذه الخبطه الصحفيه ، وانا لا اشك فى ان بعض منهم استطاع ان يظفر بصوره حلوه ليدك ملتصقه بوجهى كالقشده على الكعك ، انك تستحقين كل ما قد ينالك من جو فلاندرز . وان تخطيطك لعمل مثل هذا ...)
فقاطعته ساخطه اننى لم اخطط لهذا . لقد كنت مع جو فى ردهه الفندق نتناول القهوه ، اذ كان لدينا موعد مع المدير للقيام ببعض الاعلانات . فرأيتك داخلا ، فدفعتنى رؤيتك الى ذلك .)
وأغمض عينيه لحظه وهو يشتم بطلاقه بصوت منخفض ، ثم قال :
( لا ادرى اذا كان ما تقولينه يجعل الامور اسؤ او افضل . الم تقفى لحظه لتفكرى فى ما قد يحصل نتيجه لذلك ؟ )
فنظرت فى العينين الزرقاوين مباشرة وهى تقول كلا . ولكن لو فعلت ذلك لما عدت عن نيتى تلك .)
فاسود وجهه من الغضب وهو يسألها :
( احقا ؟ انك فى الواقع فى حاجه الى جلد بالسياط يعيدك الى رشدك ، ايتها السيده الشابه .)
فقالت غاضبه حاول ان تلمسنى مره اخرى فترى ما يكون منى . أفهمت ؟ )
منتدى ليلاس
فهز رأسه قائلا ان كبرياءك زائده عن اللزوم .)
فقالت بعنف وهى تقبض يديها وماذا كنت تتوقع ، لقد كان ابى ، وليس احد المعارف ، ماذا سيكون شعورك لو ان احدا عامل اباك هذه المعامله ؟ )
فقال بجفاء : ( كالاجرام ، ولكن كل شىء ما يزال الان مجرد افتراض ، أليس كذلك ؟ ليس لدى شىء ثابت الان ويبدو لى انك فسرت الامور حسب اجتهادك . انك غير متأكده تماما مما على الصعيد العملى . واكرر ان فعلتك هذه ، لا تنسى .)
فواجهته قائله بلهجه متصلبه ان ما اعرفه هو فوق الكفايه . وانا اريد ان اذهب الان .)
منتدى ليلاس
فوقف ببطء قريب من الحذر وهو يقول حسنا ، حسنا .)
ومره اخرى ساورها شعور بان فى تحركه صعوبه بينما كان هو يتابع قائلا اننى فى انتظار مكالمه هاتفيه خلال نصف ساعه . الا تريدين ان تبقى هنا لمعرفه ما سيأتى ؟)
فقالت ببرود كلا ، لا اريد . فانا اعلم ان الحق معى ، يا سيد ستيل و انا ايضا اعلم ما ستكشف عنه استعلاماتك .)
فقال متهكما هل تصدقيننى اذا قلت لك اننى اكتفيت هذه الليله من فتنتك المميزه .)
فقالت بلهجه لاذعه وعيناها تقدحان شررا ولماذا تغير نهج حياتك فتكون صادقا الان ؟)
فأجاب اننى السبب فى جعلك تقولين لى مثل هذا الكلام . انك لا تدعين فرصه تفوتك ؟ على ان اتذكر ذلك فى المستقبل .)
فسألته ببرود ساخر المستقبل ؟ لا اظن طريقينا سيتلاقيان مرة اخرى ، ان نمضى حياتنا غير متماثلين اليس كذلك ؟)
فأجاب ببرود قاتل انك لن تفلتى منى بهذه السهوله . انتى مخطئه يا انسه غوردون وسأبرهن لكى على ذلك ، وعندما يثبت ان اقترفت خطأ كبيرا ...)
فقالت بحزم هذا لن يكون . لقد سبق واخبرتك ما حدث فى الماضى ، وما زلت غير متأكده من تفهمك للوضع بأيه حال . ولا يهمنى اقتناعك بما قلته لك وانا متيقنه مما حدث. والان اريد ان اذهب .)
فقال كما تشائين .) وضغط على زر ذهبى صغير بجانب المدفأه ، وبعد ثوان اطلت الخادمه برأسها من الباب .
وتسألت جانى متهكمه ، وهى تراه يلقى بأوامره الى الفتاه الصغيره ، تسألت عما اذا كان يقوم بعمل بنفسه مطلقا . فالازرار فى كل مكان ، والاوامر تلقى هنا وهناك ، وكل شخص يقفز بانتباه . وكان وجهها ينطق بهذه الافكار عندما استدار ينظر اليها مكتسحا بنظراته النفائه ملامحها التى سارعت هى فى تغييرها الى شكل مقبول .
وقال ما اشد ما ألمح من الكراهيه فى وجهك هذا .)
وكان صوته عميقا رقيقا ، ولسبب ما شعرت هى بالنار تسرى فى اوصالها وهى تراه يقترب منها ، بينما كان يحدق فى اعماق عينيها البنتين ، وهو يقول ساخرا ببرود انك تعلمين ان هذا شىء سىء جدا بالنسبه لك .)
فأجابت وهى تبعد رأسها عنه بحده هذا ما سبق وقولته لى مره . كنت فهمت انك أمرت بسياره تاخذنى الى بيتى ، والا فبامكانى ان اطلب سياره اجره لذلك .)
فقال اظن ان بامكانك القيام بأى شىء .) كان فى صوته معنى لم تستطع فهمه تماما . وتابع هو قائلا :
(على كل حال فاننى افضل ان اخذك الى بيتك بنفسى اذ اننى انا الذى سبق واحضرتك الى هنا ؟)
فسألته بذعر واضح هل ستصحبنى الى البيت ؟)
ولاح شبه ابتسامه على ذلك الوجه الجليدى للحظه واحده ، وهو يقول : ( منذ ايام ، قلت لاحد زملائى اننى اتمنى ان اقابل فتاه لا يدير رأسها اسم ستيل .) وكانت السخريه واضحه فى كلامه وهو يعود الى مكانه بجانب المدفأه ، ليتابع قائلا :
(كنت قد نسيت ما يقال من اننا يجب ان ننتبه الى ما نتمناه ، احيانا اذ ربما يتحقق .)
فحدقت فيه دون ان تقول شيئا ... وبعد ، فماذا كان بأمكانها ان تقول ؟ وفى خلال دقيقه واحده كانت الخادمه تعود لتعلن ان السياره بالانتظار عند المدخل .
وعندما تركا المنزل الجميل الدافىء الى جو الليل البارد فى الخارج ، أخذت الريح تلفح وجه جانى مصحوبه برقائق من الثلج ، وعندما اصبحت فى السياره تناولت معطفها من حيث كان فى السياره مع حقيبه يدها ، لترتديه مسروره . وسألها وهو يجلس بجانبها بينما عيناه تراقبنها هل تشعرين بالبرد ؟ )
فأجابت قليلا ) وألقت بنظرها الى الخارج مفتشه عن موضوع غير شخصى تتحدث فيه ثم قالت اين نحن ؟ )
فأجاب ببرود فى ميدل سيكس ، حيث السفر سهل منها ومع ذلك تحتفظ بالطابع الريفى بمزارعها واكواخها المسقوفه بالقش التى بامكانها ان تنافس اى قريه فى يوركشاير .)
فسألته ساخره وهى مازالت تجذب اطراف معطفها حولها أتراك ، فى اعماقك صبيا ريفيا ؟)
فأجاب بوجه خالى من التعبير هل تجدين من الصعب تصديق هذا ؟ وهل كنت تتصورينى نشأت فى المدن الشماليه حيث المبانى تمتد اميالا وحيث القطارات تحت الارض وما اشبه ؟ ام ربما فى قلب لندن مثل مناطق تشيلسى او وست اند ؟)
فأجابت بجفاء اظن الاماكن الاخيره التى ذكرتها اكثر ملائمه لك ، كما اننى كنت اظن ان القرى لا يهمك فيها الا قدر ما تنتجه)
فقال وعيناه الزرقاوان بصلابه الماس اهذا ما كنت تظنينه ؟ من المؤسف ان تقترن جاذبيتك هذه بمثل هذا القدر من الجهل .)
فقالت تهاجمه مشبه نفسها بهره صغيره تواجه نمرا مفترسا كيف تجرؤ على هذا القول ؟)
فأجاب بصوت لم تكن رقته لتتناسب مع توتر فكه الفولاذى كيف اجرؤ ؟ ان جميع معلوماتك خاطئه ، يا انسه غوردون . انه انا الذى كان يجب ان اوجه هذا السؤال اليك . فأنت لا تعرفين عنى شيئا ، لا شى مطلقا عدا عن تلك الفكره الغامضه عن مسؤليتى فى التسبب بشىء من الاسى لابيك ....)
فصرخت فيه بصوت ثاقب اسى ؟) واجفل هو قليلا لهذا ولكنه تابع يقول وكأنها لم تعترض بشىء بينما انتى تملأك الكراهيه رافضه ان تستمعى الى اى منطق وتتصرفين كطفله وليس كامرأه سنها ....) وتبادلا النظرات وقد اقفلت هى فمها بعناد . ولكنه تابع قوله سائلا بالحاح ثلاثه وعشرون ، اربعه وعشرون ؟)
فردت عليه بقوه اربعه وعشرون وان يكن هذا ليس من شأنك ، وماذا تقول انت عن تصرفاتك ؟)
فرفع حاجبيه بغطرسه كادت لاجلها تهم بضربه وقال ( تصرفاتى ؟ اننى حسب ما اذكر اجلستك فى سيارتى عندما كنت دون معطف ولا قبعه ، وكذلك قدمت اليك وجبه كامله . هل تعدين ذلك اثما ؟)
فأجابت بغضب وقد شعرت بالحراره تلهب وجنتيها اننى لم اقصد هذا . انما اعنى عندما ....) وسكتت فجأه ثم اردفت عندما امسكتنى بخشونه )
فهتف وقد بدت عليه الحيره امسكتك بخشونه ؟ ان راسى مازال يدور بسبب لمستى ليدك يا انسه ، فمتى كنت خشنا معك ؟ )
فأجابت بفتور عندما كنا جالسين فى غرفه جلوسك .)
( اه ...) اطلق هذه الاهه بلهجه حافله بالمعانى ، فرفعت وجهها بحده لتراه ينظر اليها ساخرا ، وهو يقول هل ستقولين الان انك لم تكونى مرتاحه ؟)
فنظرت اليه قائله كلا ، اننى لم اكن كذلك . كنت اشعر بالغثيان التام . لم يعاملنى احدا من قبل مثل هذه المعامله .)
فقال وهو يميل بجلسته الى الخلف وقد عقد زراعيه فوق صدره وقد ضاقت عيناه النافذتان احقا ؟) وادركت هى فجأه انه يلاعبها كما تلاعب القطه الفأره الصغيره . وتابع يقول اذا كان الرجال اعقل من ان يتعاملوا معك ، فمازال هناك امل فى هذا الكون .)
فقالت ثائره اننى لا اعنى ما تفكر فيه ، وانت لا تعرف هذا ، انما عنيت ...) وسكتت . ماذا تراها كانت تعنى ؟ وتابعت تقول انك ارغمتنى ...)
منتدى ليلاس
فقاطعها قائلا وهو يبتسم ماذا ؟ ربما كان هذا فى اللحظات الاولى ، ولكن بعد ذلك ....) وكسا البرود وجهه وهو يتابع تذكرى ... فانا كنت هناك ...)
فقالت بضعف يا لك من وقح ، اننى لن اتحدث عن اى شىء معك بعد الان .) واغمضت عينيها وهى تجذب اطراف معطفها حولها .
ومضت فتره صمت قال بعدها لشد ما كانت بهجتى عارمه تلك اللحظه . لقد كانت سعاده حقيقيه .) وبعد ان اجتازت بهما السياره مسافه ، قال الا تتكرمين علينا بعنوانك ؟)
ففتحت عينيها بسرعه ونظرت من النافذه وهى تقول :
(اه ، يمكنك ان تنزلنى فى اى مكان )
وبدا لها العالم خارج هذه السياره المرفهه ، بعيدا عنها ملايين الاميال .
وقال ببرود حسنا ، وتظنين اننى سأوافقك على ذلك . ان جاوبك ذاك يتمشى مع كل الهراء الذى تحدثت به طيله الليله ، اذ تريدين ان تنزلى هنا وانت ترتدين هذا الثوب الصوفى الرقيق والمعطف . والان الى بالعنوان من فضلك .)
فسكتت طويلا ، ثم قالت اباردين غاردنز .)
فسألها والرقم ؟)
فأجابت اثنان وستون .) لقد كان شارع اباردين غاردنز بعيدا عن المكان الذى تقطنه . ولكنها لم تشأ ان تخبره بعنوانها الحقيقى لم تكن تعرف تعرف السبب فى ذلك . ولكنها كانت مقتنعه بانه كلما قل ما يعرفه عنها كان ذلك افضل . لقد كان يشكل تهديدا لشعورها بالامن والاستقرار . وليس بالنسبه للماضى فقط . لقد اعتادت فى عملها كسكرتيره لجو فلاندرز ، ان تتعامل مع كل انواع الرجال وكان بامكانها ان توقف من قد يحاول تعدى حدوده معها ، عند حده . ولكن هذا الرجل ... واختلست نظره اليه فى الضوء المنير من مصابيح الشارع متأمله فكه المربع القوى وجسمه الرائع . كان هذا الرجل شيئا جديدا غير عادى .
وبعد ان اعطى عنوانها الى السائق بينز ، اعاد الحاجز الزجاجى بينهما وبين السائق باحكام . ليعودا الى جوهما الخاص المزعج مره اخرى ، وسألها هل تسكنين وحدك ؟.) وأجفلت لحظه لسؤاله هذا و أجابت راجيه ان لا يكون قد لاحظ ذلك نعم .)
فعاد يسألها اهى شقه بغرفه واحده ؟)
فأجابت وهى تنظر من النافذه هربا من نظره عينيه الحاده نعم . انها فى منزل يملكه جو . وهو ملحق بالوظيفه .)
فأومأ برأسه ببطء وهو يقول فهمت . ومن هنا خسارتك لشقتك . هل تعملين عنده منذ مده طويله ؟)
فأجابت منذ تركت الجامعه منذ اكثر من سنتين .) وحدقت فى وجهه وهى تتابع قائله لقد مات ابى بعد اسبوعين من نيلى شهادتى .)
فقال : ( فهمت .) وتساءلت هى بمراره عما اذا كان قد فهم حقا ...ومن اين له ان يفهم ؟ فقد كانت تعد الايام لكى تنتهى من الجامعه وتستأجر شقه صغيره لهما هما الاثنين ، لتعتنى به وتدللة قليلا ، ولكنه ...
( ها قد وصلنا الى اباردين غاردنز . وابتدأت السياره تسير ببطء بين المنازل الصغيره . وتنافست جانى بارتياح . وتابع هو يقول اثنان وستون ؟)
فابتسمت ببرود وهى تجيب ( نعم ، ان باستطاعتك الان ان تتخلص منى ، اليس كذلك ؟)
فأجاب لحظه واحده يا انسه غوردون ، لحظه واحده .) ذلك انها كانت قد جلست على حافه المقعد متأهبه للحظه يمكنها فيها الهرب . يا لها من ليله .
منتدى ليلاس
واوقف بينز السياره دون ان يطفىء المحرك ، وانزل الحاجز الزجاجى وهو يقول اسف يا سيدى ، ان ارقام الشارع تنتهى عند الرقم ستين فقط .)
فأجاب كين بضيق هذا غير ممكن ) ولكن لمحه منه الى وجهها جعلته يعود فيقول انتظر لحظه ...) واستدار اليها بنظرات كالثلج وهو يقول هذا جميل ... هذا جميل فى الحقيقه ، والان هاتى العنوان الحقيقى ، فانا اكبر من ان تجوز على مثل هذه الالعاب الصبيانيه ، يا انسه غوردون وغلطه اخرى منك مثل هذه ، تجعلك تعرفين مذاق الضرب على قفاك ، افهمت ؟)
فحملقت فيه ثائره وهى تجيب انك لا تجرؤ .)
فقال اتراهنين ؟ ) ولم يكن ثمه مزاح فى وجهه وانما غضب عنيف وهو يتابع يلزمك الانضباط يا فتاتى ، والان هاتى العنوان .)
فقالت بعناد يمكننى ان اسير الى بيتى من هنا .) ثم حاولت القفز فى الوقت الذى ضرب هو فيه المقعد بقبضته وهو يزمجر وقد قدحت عيناه شررا صبرا ، فانا لن ادخل معك الى بيتك ، يا انسه غوردون ، بل اريد ان اوصلك الى باب منزلك ، وكلما اسرعنا بذلك كان هذا افضل كما ارى . انك حقا اكثر النساء اللاتى تعاملت معهن ، ازعاجا وذلك منذ زمن طويل . وانا لا اريد ان اطيل من امد هذه المواجهه المؤلمه بيننا اكثر من اللازم . والان ، الى بعنوانك .)
وكان بامكانها ان ترى بينز يجلس متصلبا امامهما وهو يسمع كل كلمه تدور ، وعندما فتحت فمها لتناقشه عادت فادركت عدم جدوى ذلك . فهو سيستمر فى الالحاح الى ان يحصل على العنوان وكانت تشعر ان ارادته اقوى من ارادتها رغم كرهها الاعتراف بذلك .
وقالت بفتور وقد توهجت وجنتاها انه على بعد شارعين من هنا ... فيلدون كورت الرقم اثنان وستون .)
فقال متهكما هل انتى واثقه ؟)
منتدى ليلاس
فأومأت بسرعه قائله نعم .) والقى هو عليها نظره شامله ، قبل ان يقول لبينز هل سمعت العنوان ؟)
فأجاب هذا نعم يا سيدى .)
فقال سر فى طريقك اذن ، فكلما اسرعنا فى التخلص من هذه كان ذلك افضل .) ورمق الزجاج الذى بينه وبين السائق بنظره كانت من العنف بحيث ما كانت لتدهش لو انها حطمت الزجاج وتناثرت شظايا فى كل مكان .)
وبعد ذلك بدقيقه واحده ، كانو يسيرون بمحاذاه صف طويل من المنازل حيث كان منزل جانى بينها . وما ان فتح بينز باب السياره ، حتى انطلقت هى منها كالرصاصه . وعندما تبعها كين الى الشارع ، مدت اليه يدها وقد التهبت عيناها ، وهى تقول :
( الوداع ، لا يمكننى ان اقول ان اجتماعى بك كان مناسبه ساره .)
فقال وكذلك بالنسبه الى ) وامسك يدها الصغيره بيده السمراء الضخمه وهو يتابع قائلا بلهجه تحوى التهديد :
( وارجو لمصلحتك ، ان لا تظهر عناوين صحف صباح الغد ، بالشكل الذى اتوقعه .)
وكانت ان تتوقع منه ان يهز يدها مصافحا ، ولكنها وقفت متصلبه الجسم ، وهى تراه يرفع يدها تلك الى شفتيه ، وذلك رغم توتر الاعصاب الذى شعرت به ، وعندما رفع عينيه الزرقاوان اللامعتين الى عينيها البنيتين المصعوقتين ، رأت انه لم يكن يبتسم .
وقال دون ان يظهر على وجهه اى تعبير الوداع ، يا جانى .)
وأجابت الوداع يا سيد ستيل ) ولم يكن صوتها كما كانت تريده من البرود . وشعرت لهذا ، بالمذله وهى تتحسس مكان المفتاح من قفل باب المبنى ، وقد سادها الارتباك . ودخلت ، ثم اغلقت الباب دون ان تنظر الى الخلف . استندت الى الجدار البارد لحظه قبل ان تقفز الدرجات الصاعده الى شقتها ، وعندما حاولت ان تفتح الباب ، سقط المفتاح من يدها مرتين قبل ان تدخل اخيرا ، صافقه الباب خلفها وقد شعرت بالامان .
نهايه الفصل التانى

 
 

 

عرض البوم صور سفيرة الاحزان   رد مع اقتباس
قديم 13-09-10, 08:46 AM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 156978
المشاركات: 676
الجنس أنثى
معدل التقييم: سفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 575

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سفيرة الاحزان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سفيرة الاحزان المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الثالث


و عندما فتحت جاني عينيها ، صباح السبت ، ساورها شعور بتغيير مفاجئ سبب لها
عدم الارتياح . وكانت قد أمضت قسما كبيرا من الليل ، أخذ اثناءه ، ذهنها المتعب
يعيد إلي ذاكرتها كل كلمة و كل إشارة تبادلاها ، إلي أن شعرت بأنها تكاد تجن .

لقد كانت مسرورة لمواجهتها له . وكانت تحدث نفسها بذلك مرة بعد مرة و قد تملكتها الوحشة .
آن كل ما تريده الآن ، هو إن تنتهي من هذه المسألة برمتها ، ولكن ذلك لم يكن في إمكانها .
و ضربت وسادتها بيدها وقد ساورها اليأس ، قبل أن تسقط نائمة عند تباشر الفجر .
و عندما تصاعد رنين جرس الهاتف ، شعرت بقلبها يثب بين أضلعها .

و تمتمت غاضبة تعنف نفسها لهذا الغباء وهى تخطى نحو الهاتف و الأفكار تراودها ... كلا
لا يمكن أن تكون هذه المكالمة منه ... طبعا ليس هو ... كلا
و جاءها صوت جو فلاندرز بأشد ما يمكن من الثورة وهو
يقول :
جاني ؟ هل رأيت صحف الصباح ؟ ما الذي تملكك لتفعلي ، هذا يا فتاة ؟
منتدى ليلاس
و غاص قلبها بين أضلعها و هي تجيب بصوت ضعيف : الصحف ؟ هل هي سيئة إلي هذا الحد ؟
فأجابها بعنف : و أسوأ مما تتصورين . هل ستوضحين لي كل شيء ؟
فتنفست بعمق وهى تقول : طبعا ، إنها قصة طويلة .
فرد عليها بجفاء : لا بد أنها كذلك ، ويدهشني انك ما زلت موجودة بيننا بعد الذي حدث ، فتخبريننا بها .
فقالت بضعف : إن القضية تنطبق عليها جملة ( ظروف مخفقة ) يا جو . و أنا آسفة جدا لكوني تركتك بهذا الشكل .
فقال جو بشيء من الهدوء : لقد كنت قلقا عليك إلي أقصي حد . ولم أكن متأكداً من أنني كنت علي صواب في تسليمه أشيائك . ولكنه بدا مصراً علي ذلك .
فقالت بجفاء : يمكنني تصور ذلك . أسمع ، هل من الممكن أرجاء شرحي للقصة إلي أن أراك صباح الاثنين ؟ و صدقني أنى آسفة ، يا جو . و أرجوك أن لا تحذف اسمي من العمل .
فأجاب هدوء : لن افعل ذلك . و سأراك في المكتب إذن ، ولكن إذا شعرت بحاجة إلي قبل ذلك فرقم هاتفي عندك .
فقالت : أعلم ذلك ، شكراً
و مضت العطلة الأسبوعية بطيئة برغم ليلة السبت و دعوة للغداء يوم الأحد في بيت صديقة من عهد الدراسة و كان سروها ، صبيحة الاثنين ، لوصولها إلي مكتب جو الصاخب ذي الجو المحموم بجلبة الإعلانات ، كان سرورها ذاك لا يحد ، رغم ما ينتظرها من عقاب .
و حدثت جو باختصار عن قصتها قبل إن يبدأ عمل اليوم ، وشعرت بالارتياح و هي تراه يعلق علي القصة هذه بتحفظ رافعا حاجبيه وهو يهز رأسه الذي خطه الشيب . ومر ذلك النهار كالعادة . ولكن ، حتى في أشد اللحظات انشغالا
كان هناك جزء خفي من ذهنها يفكر في رجل أسمر البشرة فارع الطول مما كان يثير حنقها . هل يا ترى سيتصل بها مرة أخرى ؟ و هذه الفكرة التى كانت تحتل ذهنها طيلة العطلة الأسبوعية ، قد انطلقت من عقالها أثناء عودتها إلي منزلها ، و تمنت أن لا يفعل . و لكنه لابد أن يفعل ذلك بعد تلك العناوين التي ظهرت في الصحف .
و كانت تحضر عشاؤها ذلك المساء ، عندما داخلها الفزع لسماعها نقرات علي الباب . و أخذت تهدئ من مشاعرها . لا بد أنها جارتها تأتي لتطلب المفتاح الاحتياطي لشقتها هي و الذي اعتادت أن تستودعها إياه بعد إذ اعتادت إن تجد نفسها خارجها و قد انغلق الباب و المفتاح في الداخل .
و لكن ، عندما فتحت الباب ، ورفعت أنظارها أكثر وأكثر لتتلاقي بأنظار كين ستيل الباردة الساخرة ، عند ذلك أدركت أنها ليست مدهوشة مطلقا . فقد كان يساورها شعور بأنه لن يدع الأمور تستمر طويلا ، فهو ليس من ذلك النوع من الرجال . انه يريد إن يضع النقاط علي الحروف علي النحو الذي يريده .
و قالت بحذر بينما قلبها يخفق بعنف : لقد كنت أتوقع قدومك . فقد رأيت الصحف أنا أيضاً . هل أنت بمفردك ؟
ذلك أنها كانت شبه متوقعة أن ترى محاميا خلفه .
قال و هو يومئ برأسه إلي الداخل : أتسمحين لي بالدخول ؟

فأجابت : طبعا . و تساءلت ، كيف يا ترى سيكون شعوره إزاء شقتها الصغيرة هذه ؟

و أشارت له نحو غرفة جلوسها الضيقة . و استجمعت هي شجاعتها لتنظر في وجهه و هي تشتم الرائحة المألوفة للكولونيا بعد الحلاقة التي يستعملها ، و بدا أمامها رائعاً بوجهه الخشن المغضن . و حاولت أن تنبذ هذه التصورات من ذهنها . لم تكن تريد أن تفكر فيه علي هذا النحو في الوقت الذي كانت تعرف فيه أن حضوره إلى بيتها ربما كان سببه توقيع عقوبة ما عليها .
و قال لها ، حالما تلاقت أنظارهما : لقد جئت لأقول انك كنت علي حق ، جزئياً . و أنا أعترف بأن ثمة أخطاء اقترفتها مؤسسة ستيل أثناء التعامل مع أبيك .
فقالت : أوه
ولم تستطع أن تنطق بغير ذلك فقد كان هذا أخر ما توقعت أن تسمعه .
و تابع هو يقول بتوتر : ولكن هذا لا يبرر فعلتك تلك مساء الجمعة الماضية ، و التي كانت نتيجة هذه الأخطاء التي ستشغلني مدة طويلة جداً .
فقالت متهكمة : حسنا ، أرجو المعذرة . و لكنك لا شك ستفهم عندما ترى أن هذه التفاصيل الصغيرة لا تهمنى كثيرا بالنسبة لكونك موجودا علي الأقل ، لكي تتصرف معهم ، بعكس والدي .
و أنهت حديثها هذا و هي تحدق فيه غاضبة .
منتدى ليلاس
فسألها ببرود و هو يرى نظراتها تلك : أتدركين إن ما جرى كان قانونياً تماماً ؟
فردت عليه : قانونياً ؟ و هل يجعل هذا من الأمور صواباً ؟ و كان الاشمئزاز يبدو عليها بجلاء .
فأجاب بحدة : كلا بالطبع ، إنما أقصد بخصوص المستقبل .

فجلست علي مقعد بعد أن شعرت بقدميها تهتزان ، و هي تقول : ما هذه البهجة العنيفة التي تتحدث بها ؟ انك لست في اجتماع عمل ، فهلا تكلمت بلهجة عادية ؟

فحدق فيها لحظة طويلة ، ثم أطلق نفسا طويلا وهو يقول : إن أعصابي متوترة ، فالأمر غير عادي بالنسبة إلي ، فأنا لم أتعود الاعتراف بأننا كنا على خطأ .

فقالت و قد خف العنف من لهجتها : اننى أصدقك الآن في هذا .
و لكن أليس من الممكن أن يكون هذا قصده من وراء ما قال ؟ انه ثري كبير اعتاد علي جذب الآخرين بمناوراته ، فالي أي حد بإمكانها أن تواجه عقلاً كهذا ؟ إنها لا تختلف في ذلك عن أبيها .
و فجأة ، امسك بذقنها بقوة ، يرفع وجهها إليه، محدقا في أعماق عينيها ، ثم هز رأسه ببطء قائلا : انك لا تقبلين التنازل انشآ واحداً ، أليس كذلك ؟ إن عينيك كبيرتان قاتمتان ومليئتان بالكراهية . كنت أظن النساء هن الجنس الأضعف .

كانت شفتاها جافتين بحيث لم تستطع أن تنطق من خلالهما بكلمة .

و سألته بلهجة متمردة و هي تتملص من قبضته : ما الذي ستقوم به . اننى اعرف أنك غاضب مني ، فقد كان ما كتبته الصحف بنفس السوء الذي سبق لك أن توقعت . فما هي إذن ، خطوتك التالية ؟
و كانت ، أثناء حديثها ، قد تراجعت خطوة إلي الوراء شاعرة بأمان أكثر لابتعادها عنه ، وهى تتابع قائلة : أريد أن أعرف الآن ، إذا لم يكن لديك مانع . أنى لا أحب لعبة الهر و الفأر التي يبدو أنها تعجبك .

فقال بعنف : و هل هذا صحيح ؟

و بدا عليه أنه يحاول تمالك أعصابه . وانبسطت أساريره و هو يعاود النظر إليها قائلاً : إن المسألة هي أنه ، كما أرى قد وقعت غلطة واضحة من الناحية الأخلاقية . هل تفهمين ؟

فقالت بفتور : آه ، نعم ، لقد فهمت طبعا .

فقال : لمعلوماتك الخاصة ، نحن لا نتعامل في القضايا بهذا الشكل ، و لكن البعض يكون أحياناً متحمساً أكثر من اللازم .

فردت علي كلامه ببرود : متحمساً أكثر من اللازم ؟ حسنا إذا كنت تعتبر إن الضغط علي البنوك لرفض تمديد فترة الدين ، ثم التسبب في إلغاء العقود قبل البدء بها ، إذا كنت تعتبر ذلك حماساً ، فان أخلاقك من السوء أكثر مما أتصور . لقد أفقدت مؤسستك أبي عمله بفعل القانون طبعا . و نطقت بالجملة الأخيرة بتهكم و هي تتابع : إن المافيا نفسها لا تفعل أكثر من ذلك .

فقال بشدة : كان في الأمر شيء من المبالغة .

فسألته فجأة : هل تعرف من كان مسئولاً في ذلك الحين ؟

فأجاب بإشارة غامضة : ربما .

فسألته غاضبة : ربما ؟ و ما الذي تفعله إزاء ذلك ؟
فألقي نظرة من عينيه الزرقاوين علي وجهها المتوهج و هو يقول بجمود : دعي هذا لي ، هل تحبين أن نتناقش في مسألة مصيرك أثناء تناولنا العشاء ؟

فحدقت فيه بحيرة بالغة و هي تقول : ماذا ؟ أتريدني أن أتناول العشاء معك ؟
فقال بلطف : و أي خطأ في هذا ؟

فأجابت : اننى لن أتناول عشاء أخر معك و لو كنت أخر رجل في العالم . فانا غير متأكدة على الإطلاق ، من أنك لم تكن رأس الحربة منذ البداية ، حتى و لو لم تكن كذلك ، فأنا لا أصدق أنك لم تكن علي علم بشيء من الأمر في ذلك الوقت ، و يمكنك إن تخبرني بمصيري الآن .

فقال بصوت بالغ البرودة ، رغم رقته الزائدة ، ما أرسل القشعريرة في جسدها : هل تعتبرينني ، بكلامك هذا كاذباً .

فقالت بحزم : نعم ، أظن هذا ما كنت أعنيه ، و أنا شاكرة لك قدومك إلي هنا .

فقاطعها قائلاً : حسناً ، إنها بداية علي الأقل .

و بخطوة واحدة أصبح بجانبها حيث وقف يحدق فيها و قد بدا لها ، في معطفه القاتم ، أكثر طولاً ، وهو يتابع قائلاً : ما الذي علي أن أفعل لأجعل مخك الصغير هذا يعمل ؟
و أخذت عيناه تجولان فوق وجهها ببطء ، بينما تنفست هي بعمق ، شاعرة بالفزع من رباطة جأشه الرهيبة ، و السلطة العنيفة التي كانت تبدو في كل نظرة منه و كل حركة ، والتي يرافقها علي الدوام طيف الهيمنة . وكان هو يسير بحيوية فائقة دون أن يكون لديها فكرة عما سيحدث .

و قالت له : و لماذا تكلف نفسك هذا العناء سيد ستيل ؟ ما أنا إلا فتاة عادية كأي من فتياتك العاملات و لاشيء غير عادى بالنسبة إلي .

و تحولت الغطرسة الباردة فيه إلي عنف لا يصدق و هو يقول : هذا غير صحيح .
منتدى ليلاس
فهزت كتفيها مظهرة عدم الاهتمام و هي تقول : إن أكثر الناس لا يوافقونك علي هذا .

فقال : إذن ، فإن أكثر الناس هم حمقي . و كان من المستحيل سبر غوره و هو يقول ذلك . وحدقت فيه لحظة ، بصمت محاولة أن تفهم ما في أعماقه . لقد سبق و سألت جو ، أثناء تناولها سندوتش الغداء علي مكتبها ، عن كين ستيل ومن أي نوعية هو ، و تذكرت نظرة الاهتمام الحادة النافذة التي بدت علي جو و هو يقول : إنه ليس من نوعيتك أنت . مع أنه يدهشني أن أراه قد تعامل مع أمرك بهذا المقدار الضئيل الذي ذكرته لي . فهذا ليس من عادته في التصرف في الأمور . فهو خشن جداً و عديم الشفقة ، لا يساوره أي ندم أو ارتياب في نفسه ، و لكن الذي كنت أعلمه أنه مستقيم . و ضاقت عينا مخدومها
و هو ينظر إليها ويتابع قائلاً : لا تهتمى كثيراً به ، يا جاني ، و اكرر أنه ليس من نوعيتك . إذ أنه عن ثروته وسيطرته ، فإن للرجل شهية قوية ، هل فهمت ما أعنى ؟
فسألته بهدوء : هل تعنى النساء ؟
فأجاب بجفاء : كل النساء . و هن أيضا يعجبن به . إنني لم أره قط مرتين مع نفس المرأة .
فقالت وهى تلقي نظرة علي الأوراق بين يديها ، ملقية السندوتش غير مستساغ الطعم ، جانبا ، وهى تقول : آه ... كنت أتساءل فقط .
فقال منبهاً بشدة : دعي عنك التساؤل هذا . و قد انقطع ذلك الحديث عند ذاك . والآن ، و هي تحدق في ملامحه الفولاذية ، تساءلت عن السبب . إنها لم تعرفه ، و لم تشأ أن تعرفه ، ولا يهمها سواء جر خلفه خمس نساء أم خمسين.

و ابتدأت تقول مرة أخرى : حسنا ، إنني شاكرة لك حضورك ، يا سيد ستيل .. . و لكنه قاطعها قائلا :
لقد سبق و قلت هذا الكلام من قبل .

و استحال هنا صوته في غاية الرقة و هو يقول : إنك تدركين ، طبعا ، أن أمامنا حديثاً طويلاً ، هذا بجانب العقاب الذي عليك أن تؤديه .

فنظرت إليه قائلة وهى تتراجع خطوتين إلي الخلف : إن هذا لا يعنى أنني أدرك ذلك ، ليس في استطاعتي أن أفكر في شيء .

فقال وهو يركز أنظاره عليها : حسنا ، فلنبدأ بذكر المبلغ الذي كان مصنع أبيك يساويه . هل عندك فكرة عنه ؟
فأجابت ببطء : كلا في الحقيقة . إن الأوراق هي عندي في مكان ما ، بالطبع ، و لكنني لم أطالعها منذ وفاة أبي ، لقد لاحظت ، فقط ، أنه شيئا قد انتهى أمره . ولكنني أظن أنه كان مسرورا لأنه لم يكن معرضا لإشهار إفلاسه ، لقد ساءت الأمور بشكل كبير لفترة من الوقت .
منتدى ليلاس
و هنا كانت عيناها مليئتين بالاتهام .
فقال بهدوء : إن الموظفين عندي يعالجون الموضوع بواقعية . و بما أنك ابنته ، فسيسلمونك المبلغ .
فتوهج وجهها بعد أن أدركت إلي أين انتهى بها الحديث ، وبان الذعر في عينيها و هما تقابلان أنظاره الباردة ، وردت عليه بحدة : إنني لا أريد أموالكم ز إنني لم أفعل ما فعلته ، لأجل المال . هل هذا ما ظننته أنت ؟ لقد أردت أن أعلمك فقط برأيي فيك ، و هذا كل شيء . إنني لن أستلم من نقودك قرشاً واحداً .

فقال : إذا كان المبلغ هو الثمن العادل للمصنع ، فهو لا يخصني إذن ، أليس كذلك ؟ لقد كنا نتحدث عما كان أبوك يستحق .

فقالت بعنف : و لكن ليس بإمكانك أن تدفع له ما كان يستحقه ، لقد فات الأوان لذلك . إنني لا أريد نقوداً . أريد أبي حياً ومعافى ، و لكن هذا مستحيل .

فقال : إنني أعلم أن هذا الموضوع عاطفي ، و لكن ، أليس بإمكانك أن تكوني أكثر عقلانية ؟ وبدا التوتر في صوته و هو يراها تحدق فيه بعينين ملتهبتين ، و قال : تذكري أنه أنت التي جعلتني موضع سخرية .

فقالت بمرارة : إن هذا لا يقاس بما كنت أتمنى فعله ، و أنا لا أريد أموالك القذرة . ألا يمكن أن تفهم هذا ؟ إنك لا يمكن أن تتخلص من الشعور بالذنب بهذه الطريقة . إن عليك أن تعيش مع ما اقترفته يداك .

فوضع يده علي رأسه ، واستدار غاضبا ، ليسير نحو النافذة الصغيرة التي تشرف علي الشارع المعتم ، ثم قال : لقد سبق و قلت إنني لم أفعل شيئاً .

فقالت : نعم . لقد قلت ذلك . إنها لم تعرف ، بالضبط ، ما الذي يدفعها إلي التصرف بهذا الشكل ... و لكنها كانت تعرف أن المسألة هى أكثر من مجرد حزنها القديم لأجل أبيها . ولكن عقلها رفض أن يحلل السبب . وقالت : إنني أريدك أن ترحل الآن ، سيد ستيل .

فاستدار قائلا : بالأكيد . و لكنه في حركته تلك ، تعثر قليلاً و كأنما تلك الحركة أفقدته توازنه . و مرة أخرى ، لاحظت أنه سرعان ما استرد توازنه و هو يجتاز الغرفة وقد اسود وجهه من الغضب ، ليخرج إلي الردهة الصغيرة و هو يقول : يا لك من فتاة تثير السخط ، يا آنسة جاني غوردون .

 
 

 

عرض البوم صور سفيرة الاحزان   رد مع اقتباس
قديم 13-09-10, 08:50 AM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 156978
المشاركات: 676
الجنس أنثى
معدل التقييم: سفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 575

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سفيرة الاحزان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سفيرة الاحزان المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

فقالت باستخفاف وقد نضح وجهها ازدراء : أما أنا ، فلن أخبرك برأيي فيك ، و لكنه ليس بالحسن .
و علي الفور تحولت أنظاره إلي ذلك الشعر الأسود الحريري الذي يصل إلي كتفيها ، والفم الأحمر الغاضب و العينين البنيتين الملتهبتين ، وضاقت عيناه و هو يقول ساخراً : إنك لست بحاجة إلي ذلك ، و حتى لو اعتبرتني أسفل السافلين ، فإنني سأظل أتصرف تبعا لشخصيتي الحقيقة .

و عندما أمسك معصميها النحيلين بيده الضخمة ، أدركت مبلغ قوته الحقيقة التي يسيطر عليها جسمه الكبير كما أدركت أنه لم يفقد أعصابه و إنما كان يجعلها تدفع ثمن كل ما فعلت بكل دم بارد . و حاولت أن تقاومه ، و لكنها ، وقد سبق و شعرت بقوة ذراعيه من قبل ، علمت أن محاولتها تلك دون جدوى ، وقال لها : إنك أكبر عدوة لنفسك . هل سبق لأحد أن أخبرك بذلك من قبل ؟

منتدى ليلاس
و بينما امتلأت غضباً لهذه الحرية التي يستعملها معها ، كان ثمة شعور أخر يخيفها ، يحتل مكانه . شعور جعل كل مقاومة أبدتها نحوه ، تتلاشي . لقد كان رجلا خبيراً بالنساء ، يعرف كيف يخضعهن لإرادته .
و عندما أطلقها من بين يديه ، تملكها شعور غريب بالدوار . و مضت لحظة قبل أن تتمكن من استعادة توازنها ، لتبتعد عنه و هي تصرخ فيه بصوت خشن مرتجف : إنني أكرهك .

و عندما رفعت نظرها إلي وجهه ، متوقعة أن تري السخرية علي ملامحه ، خصوصاً بالسهولة التي أمكنه بها التغلب علي مقاومتها ، إذا بوجهه الخشن الغامض جامداً لا ينطق بشيء و هو يجيبها قائلاً : ربما هذا صحيح ، وربما لا .

فقالت : بل هذا صحيح .

وتمنت لو أمكنها أن تريح نفسها بذرف الدموع التي كادت تختنق بها ، ولكن كلا ... لن يكون هذا أمامه ، وعضت شفتها بشدة حتى شعرت بطعم الدم في فمها و هي تقول :
لا أريد أن أراك مرة أخرى في حياتي .

فأجاب بتعجرف و هو يفتح الباب الخارجي : لا يمكنني أن أعدك بذلك . وعليك أن تعيشي بالأمل ، أليس كذلك ؟

و عندما أغلق الباب خلفه ، قفزت إلي الباب لتدفع المزلاج في مكانه بقوة ، بيدين مرتجفتين . إنه رجل حقير أسوأ كثيراً مما كانت تظن ، إنه رجل رهيب بارد المشاعر لا يحوي ذرة من دفء الإنسانية ... و أخذت تتمشي في أنحاء الحجرة و هي تضع يديها علي وجهها الساخن ، و ما لبثت أن انهارت علي الأرض تطلق صرخة مرتجفة ، أنها تكرهه ، تكرهه حقيقة . لقد كان يمثل في شخصه ، كل الصفات التي تكرهها في الرجل .

و مرت الأيام القليلة التالية جالبة إلي نفسها السلوان بتتابعها المعتاد و عندما كاد الأسبوع أن ينصرم ، كانت هي قد استعادت هدوئها النفسي . إنه لم يحاول الاتصال بها مرة أخرى ، و أخذت تظمئن نفسها بذلك مرة بعد مرة ، إثناء جلوسها لكتابة بطاقات المعايدة علي وهج مدفأة الغاز ، بينما الرياح تصفع زجاج النافذة برقائق الثلج في عصر يوم الأحد الشتوي ، ذاك . لقد انتهي كل شيء ، انتهي ذلك الحادث الصغير الصعب المذل في حياتها و الذي واجهته بعصبية بدلاً من الحكمة ، ولكنه كان درساً عليها أن تتعلم منه ، و أومأت برأسها و هي تقفل أخر مغلف بين يديها ، و لكن ، لماذا يتملكها مثل هذا الشعور الغريب ... ؟
و دخلت إلي المطبخ الصغير ، يتملكها شعور بعدم الارتياح ، ثم صنعت لنفسها كوباً من القهوة السوداء الثقيلة . إنها لن تسمح لنفسها بالاستسلام لهواجسها هذه التي تدفعها إلي الرغبة في البكاء حتى ولو لدقيقة واحدة . وعادت إلي غرفة جلوسها حيث فتحت التلفزيون ثم جلست تنظر إليه دون هدف معين ، و سرعان ما امتلأت الغرفة بأعين الأطفال التي أخذت تحملق فيها من خلال الشاشة الصغيرة .

________________________________________
[align=center]ما زال ثمة أسبوعان للعيد . و ألقت نظرة علي كومة البطاقات مفكرة . لقد أمضت العيدين الماضيين ، بعد وفاة والدها ، مع أسرة خالتها . فكانت تصل إلي هناك في اليوم السابق للعيد وتبقي إلي ما بعد ظهر يوم العيد ، فكانت تستمع بالعي مع خالتها و زوجها و أولادهما إلي أقصي حد . و قد دعوها مرة أخري هذه السنة . وكانت هي الآن تتطلع بشوق إلي الذهاب . و كان أحد أولاد خالتها قد ولد له توأمان ، فكانت لا تكاد تستقر من الشوق لرؤيتهما ، وبعد عودتها إلي هنا ، كانت تنتظرها عدة دعوات إلي حفلات . لقد كانت محظوظة حقا و أومأت مرة أخري بحدة . منذ الآن فصاعداً ، ينبغي عليها أن تنبذ من ذهنها كل الأفكار المتعلقة بذلك الرجل ، و من ثم تتابع حياتها العادية .
منتدى ليلاس
و بانتشار عدوى الأنفلونزا في المكتب ، في الأسبوع التالي ، تقلص عدد الموظفين إلي النصف .

و تمتم جو بيأس : قبل عطلة العيد بالضبط . و كان قد وصل لتوه بعد ظهر يوم الجمعة بعد اجتماع عمل كان فاشلاً تماماً ليجد موظفاً أخر عنده قد ذهب . ونظر حوله إلي المكاتب الخالية و هو يقول : هل بإمكانك أن تعملي في عطلة هذه الأسبوع يا جاني ؟

فأجابت بوجه مشرق : يمكنك أن تفترض أن العمل قد أنجز .

و ساورها الذنب إزاء شكر جو المتدفق لها . وفي الواقع ، أشعرها جوَ الشقة الخالية بكآبة لم تعرف سببها . فالعمل المتواصل يشغلها عن مثل هذه المشاعر ، ثم أنها تحب عملها . كما أن العمل مع جو كان ممتعاً علي الدوام ، و هو أيضا صديق جيد لها و ليس رئيساً فقط ، و هكذا عملت في الأسبوعين التاليين من الساعة الثامنة صباحاً حتى التاسعة ليلاً دون توقف، مما أجهدها إلي حد بالغ و جعل حركاتها محمومة قلقة ، و مع أن بعض الموظفين عادوا إلي أعمالهم ، فإن آخرين من الموجودين قد عطلهم المرض ، هم أيضاً . ويوم السبت ، أبقتها الضرورة الملحة في المكتب إلي منتصف الليل تقريباً ، لتعود في الصباح التالي السابعة صباحاً . و عندما استيقظت صباح الاثنين شاعرة بصداع ثقيل و ألم في عينيها ، اعتبرت ذلك ناشئاً من الإرهاق ، وهكذا تابعت العمل بساقين ترتجفان و عضلات هشة كما لم تشعر بذلك من قبل . و كانت تتطلع إلي يوم الأربعاء القادم ، وهو اليوم الذي يسبق يوم العيد ، كواحة في قلب صحراء . و حاولت أن تقنع نفسها أن متابعتها العمل لثماني و أربعين ساعة أخرى ، لن يكون فوق مقدروها .

و عصر ذلك اليوم ، اعترفت بينها وبين نفسها ، بأن ما تشعر به إن هو إلا أعراض الأنفلونزا ، و عندما عادت إلي بيتها في سيارة جو الرياضية ، كانت تشعر بما يشبه الموت .

ووقف جو في الردهة الصغيرة يسألها ، وقد بدا عليه بجلاء اللهفة للعودة إلي جوَ مكتبه الصاخب ، إن كانت تشعر ببعض التحسن ، وأومأت برأسها بحزم و هي تجيب : سأتناول بعض الأسبرين ، ومن ثم آوى إلي الفراش .

فقال وهو يتجه نحو الباب : حسناً ، لازمي فراشك إلي أن تشعري بالتحسن . و أنا لا أتوقع ، رؤيتك مرة أخري قبل عطلة العيد . أما هدية العيد لك مني فهي بطاقة المعايدة هذه . ووضع مغلفا عريضا علي الطاولة في الردهة ، ثم خرج .

و ساءت حالتها في اليوم التالي . و تحاملت علي نفسها لتتناول بعض الأسبرين مع شراب ساخن ، لتعود بعدها إلي فراشها متلهفة و هي تشعر بالدوار .

و ابتدأ اليوم السابق للعيد بمطر مثلج يتساقط علي نافذتها ، لتعلم أن ليس ثمة طريقة تستطيع معها فرض نفسها علي أسرة خالتها ، خاصة وثمة توأمان حديثا الولادة . و أبلغت خالتها بذلك هاتفيا في الوقت الذي كان فيه العالم كله مستيقظا ، لتمضي بقية اليوم في شبه غيبوبة ، شاعرة بالآسي لنفسها كلما عادت إلي الوعي .
منتدى ليلاس
و عندما ألجأها ألم في ظهرها ، في المساء ، إلي ترك فراشها و الجلوس علي كرسي كبير أمام المدفأة ، ملتفة بدثار كبير و إلي جانبها صندوق مناديل ورقية و سندوتش لم تجد الشهية الكافية لتناوله ، عند ذلك تمتمت قائلة وهى تمد يدها لتشغل التلفزيون : يا له من عيد .

و عندما قرع جرس الباب، لم تستطع الحراك ، فتجاهلت ذلك ، ولكن ، عندما تواصل قرع الجرس ، فلا بد من أن تفتح الباب إذ كان واضحاً أن الطارق سمع صوت التلفزيون ، وبالتالي لن يفكر بالذهاب .

ووقفت تترنح وهى ما زالت ملتفة بالدثار و في يدها منديل ورقي ، ومشت نحو الباب بعد إن ألقت نظرة علي نفسها في المرآة المستطيلة في القاعة . كان شكلها في منتهي الفوضى بشعرها الأشعث ووجها الشاحب و أنفها الأحمر ... هل هذه هي مظاهر العيد ؟ وعبست فيما الأفكار تراودها و هي ترى صورتها هذه في المرآة بأجفانها الحمراء ... ليعود ذلك الشعور بالدوار فيمتلكها و هى تفتح الباب .

" لقد أحضرت بعض الأوراق . "

جاءها ذلك الصوت العميق المألوف من مكان ما في الوقت الذي تراءي أمامها جسم ضخم في معطف قاتم و مكتمل بحقيبة أوراق ، واقفاً عند الباب و هو يهتف : " جاني "
و سرعان ما كانت سحابة سوداء تحتويها ، لتتهاوى فاقدة القوي علي الأرض ، و مازال في ذهنها شبه وعي مكنها من أن تلمح وجه كين ستيل منحنياً عليها يكسو وجهه الفزع ، مما بعث في نفسها الشماتة وهي تدرك أنها قد استطاعت أخيرا ، أن تفاجئه و قد بدا عليه الضياع التام ، تماما ً مثل أي إنسان عادى .

 
 

 

عرض البوم صور سفيرة الاحزان   رد مع اقتباس
قديم 13-09-10, 08:54 AM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 156978
المشاركات: 676
الجنس أنثى
معدل التقييم: سفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 575

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سفيرة الاحزان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سفيرة الاحزان المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الرابع
عادت جانى الى وعيها لترى نفسها على الكرسى الكبير ؛ملتفة بالدثار ؛ ووجه كين ستيل الأسمر على بعد مسافة قليلة من وجهها .

وجاءها صوته العميق يقول برقة : ((لاتخافى كل شئ على ما يرام ))وتملكتها مشاعر السخرية وهى تفكر فى أنه اذا كان ثمة من تخاف منه ؛ فانه هو نفسه . وعاد يسألها وهى مازالت تحدق فى وجهه ، شاعرة بالدوار: (( كيف تشعرين الأن؟))

فهمست : (( أشعربنفسى فى فرن حار )) وذلك فى الوقت الذى انفجرت فيه عاصفة من الضحك من شاشة التلفزيون ملأت جو الغرفة ، وأشار هو بيده نحو التلفزيون قائلا بحدة : ((هل أقفله ؟))

فقالت : ((نعم أفعل .))

وأخذت تنظر اليه وهو يتحول اليه يدير مفتاحه ، متأملة شعره القاتم المتألق بالحيوية تلتمع عليه قطرات من ماء المطر وجسمه الكبير القوي ووجهه الخشن الجذاب ، لقد ملأت حيويته وقوته تلك الغرفة الصغيرة . وخامرها للحظة الذعر و التعاسة . انها بحاجة الى أن تكون قوية على الدوام أمام هذا الرجل الذى سرعان ما سيستغل أى بادرة ضعف منها للتغلب عليها. انها تعلم جيدا أن الشفقة هى شئ غريب عنه . أتراها نسيت ما قاله جو عنه ، وما فعله هو بأبيها ، وكل شئ ؟
وقطع عليها أفكارها المحمومة هذه بامساك يدها الصغيرة فى يده و هو يسألها : ((منذ متى و أنت على هذه الحال ؟ ))

لقد كانت نسيت تأثير عينيه الزرقاوين و هى تحاول استجماع ذهنها المتلبد لتجيبه عن سؤاله ، انهما قطعا أجمل عينين رأتهما فى حياتها .

وعاد هو يقول وهو يضغط على يدها : ((منذ متى وأنت على هذه الحال ؟ ))

فقالت وهى ترتجف : ((منذ يوم الأثنين. انها انفلونزا فقط ، وقد أصيب بها كل شخص فى العمل . ))

فقال وهو يقف ناظرا اليها : ((هكذا اذن.)) ومشى نحو المطبخ وهو يسألها : ((أتريدين شاىا أم قهمة ؟ ))

فقالت : ((لاضرورة لذلك ...)) ولكنها أسرعت تقول بعد اذ رأته واقفا عند الباب رافعا حاجبيه الأسودين وقد بدا فى عينيه التصميم : ((شاي ، من فضلك ...))

وسألها وهو يعود بفنجانين من الشاي يتصاعد منهما البخار : ((هل استشرت الطبيب ؟ )) وعندما أخذت ترشف الشاى شاكرة ، شعرت بالدموع تتجمع فى مآقيها دونما سبب واضح ، وأزعجها أن تبدى ضعفا فى الوقت الذى كانت تريد فيه أن تظهر القوة .
منتدى ليلاس
ودفعت بيدها خصلة من شعرها الأسود الى الخلف وهى تجيبه قائلة : (( كلا طبعا ، لقد أخبرتك أنه لا يعدو أن يكون انفلونزا.))

فقال بحدة : ((ليس ثمة ما يقال له (لايعدو أن يكون ) فمن الممكن أن يكون الأمر أسوأ بكثير . هل يؤلمك صدرك ؟ أذناك ؟))

فنظرت اليه بضجر قائلة : (( آه ...هل تهتم كل هذا القدر اذا كنت أنت مريضا؟ انها أيام قليلة أتعافى.حتى أننى أبتدأت الآن فى التحسن . ))ونطقت بجملتها الأخيرة دون اقتناع منها .

فقال بفتور : ((حسنا ، أنت منظرك يبدو مخيفا .))

وازداد وجهها المتوهج احمرارا وهى تقول : ((ما أحسن كلامك هذا. أنه ما أنا بحاجة حقا الى سماعه . ))

وسألها ونظره يجول فى أنحاء الغرفة الصغيرة و كأنه يتوقع أن يرى أحدا فى الغرفة : ((ومن يعتنى بك هنا ؟ ان ثلاجتك فارغة تماما...وقد وضعت لك فى الشاى آخر قطرة من اللبن وجدتها .))

فأجابت : ((أنا من أعتنى بنفسى . ويمكنك أن تذهب الآن .أننى فى الحقيقة لا يمكننى أن أنظر فى أىة أوراق الآن .))ونظرت الى حقيبته وهى تضيف قائلة : ((أهي أوراق عدائية أم متعاطفة ؟ ))

وقال متجاهلا الجزء الأخيرمن كلامها : ((هل تعنين أنه ليس ثمة من يتردد عليك لقضاء حاجياتك وما أشبه ؟ وهل ستمضين فترة العيد مع أي من أقربائك ؟))

فأجابت وهى تعبث بطرف الدثار دون أن تنظر اليه : ((لقد كنت سأذهب الى بيت خالتى لولا اصابتى بهذه الأنفلونزا . وبما أن ابنة خالتى قد أنجبت توأمين حديثا ، فلم أشأ أن أغامر فى التسبب لهما بالعدوى .))

فقال : ((فهمت .)) ووقف ببطء وهو يتابع قائلا : (( النتيجة هى أنك الآن بمفردك دون أي طعام بالمنزل و الساعة الآن السادسة من ليلة العيد . من تتوقعين أن يأتى لك بالطعام فى اليومين التاليين ؟ عابر سبيل ؟ ))

فقالت بحدة شاعرة بالغضب الذى يلهبه هو فى نفسها على الدوام : ((لا لزوم للتهكم . اننى لا أشعر بأية شهية للطعام .))

فهز رأسه بسرعة وهو واقف ينظر اليها وفى عينيه نظرة لم تفهم معناها وهو يقول : ((لا أظن أننى قابلت مثلك فى حياتى . هل ياترى ولدت بمثل هذه الشخصية الصعبة المستقلة ، أم أنك أخذت دروسا فيها ؟ ))

فأجابت متوترة : ((أسمع ، أنا لم أطلب منك القدوم الى هنا هذه الليلة، أما كيف اسير بحياتى فهذا شأني أنا . وأنا لا أظنك فى وضع يجعلك أهلا لانتقاد نقائص الآخرين . خاصة بالنسبة الى وضعى أنا معك . ))

فقال باقتضاب : ((ليس ثمة طريقة تجعلنى أذهب و أتركك فى هذه الحالة .))

فقالت حانقة : ((ان حالتى ليست سيئة، على الأقل لم تكن كذلك قبل حضورك .))وكان كلامها هذا أكذوبة صارخة ولكنها لم تكن لتهتم فى هذه اللحظة ، وتابعت تقول : ((اننى فى حالة حسنة تمام ، فالدفء يغمرنى كما أن التلفزيون ...))

فقاطعها قائلا بلهجة متبلدة : ((ودون طعام أو أحد معك . وهذا بالطبع ، سيكون عيدا لاينسى . أليس كذلك ؟))

فأغمضت عينيها لحظة وقد غمرتها موجة من الدوار وفكرت بضيق أن عليها أن ترفع بصرها للنظر اليه . كان حقا أكثر الأشخاص الذين قابلتهم فى حياتها غطرسة . انه يكاد يدفعها الى الجنون . وحدقت فيه لحظة بعينين متسعتين ملأهما الضيق ، ثم قالت بضعف : ((اسمع . هل لك أن تخرج من هنا ؟))

فنظر اليها مبتسما دون اكتراث وهو يقول : ((لا يمكننى هذا . والآن أين هى فرشاة أسنانك ؟))
منتدى ليلاس
فسألته : ((فرشاة أسنانى ؟)) هل تراها دخلت فى نوبة الهذيان و التصورات ؟ وداخلها اليأس وهى تفكر فى ذلك . ولكنه كان يبدو فعلا يسألها عن فرشاة أسنانها .

وأجاب هو بصبر واضح : ((نعم فرشاة أسنانك وكذلك كل أدوات زينتك . وكذلك الأفضل أن تحضرى قمصان نوم نظيفة . وأظن أن ثمة حقيبة ثياب فى مكان ما من غرفة النوم .))

وبينما أخذ يجول بعينيه حوله ، قالت بحدة : ((انتظر لحظة ماذا معنى اقتراحك هذا ؟))

فأجاب بجفاء وهو يبادلها النظر بذلك الهدوء المثير للأعصاب : ((اننى لا (اقترح) شيئا يا جانى ، ولكنى سآخذك معى بالطبع.))

فقالت بحدة فبها نوع من ذاتها المقاتلة القديمة : ((انك لن تفعل ذلك لأن ما أشكومنه هو انفلونزا وليس خللا فى الدماغ . فأنا لن أذهب معك الى أى مكان.))

فقال ببطء وهو يشير نحو باب يؤدى الى غرفة الجلوس : ((اننى أتذكر حدوث مناقشة مثل هذه بيننا من قبل ، هل هذه غرفة نومك ؟))

فنهضت بجهد بالغ نظرا لالتفاف الدثار حولها، ثم تقدمت لتقف أمامه رافعة وجهها الى وجهه الذي تكسوه السخرية، وهى تقول : ((ألا تستمع الي ؟ يمكننى العناية بنفسى هنا جيدا. وليس فى نيتى الذهاب معك الى بيتك مرة أخرى، خصوصا يوم العيد حيث أنك سبق وخططت لكل شئ . واذا كنت تريد حقا أن تقدم لي خدمة، فان بعض اللبن وا أشبه تحضره الي من الحانوت القائم فى منعطف الشارع، هو كاف جدا بالنسبة الي . أيمكنك هذا ؟))

فأجاب دون أن تتغير ملامح وجهه : ((لقد سمعت ، والآن أين هي حقيبة ثيابك؟ أم أنه يسرك ان تأتى معى بثيابك هذه فقط؟ اجلسى الآن فقط سبق وأن لممتك من على الأرض، وكان وزنك ثقيلا جدا.)) وقال جملته الأخيرة بطريقة خالية من الشهامة.

فقالت : ((آه ، انك ...انك....))

فابتسم ساخرا وهو يقول : ((أعرف أعرف انك تكرهين وتتقززين من الأرض التى أسير عليها... ومع ذلك فأنت ستأتين معى فى خلال دقيقة واحدة ، سواء شئت أم أبيت .))

فردت ثائرة : ((سيكون هذا دون ارادتى .)) فأومأ هوبرأسه ببطء وعيناه تلتهبان كالنار الزرقاء وهو يقول : ((هذا حسن .))وانحنى يرفعها بذراعيه قبل أن تجد وقتا للأحتجاج وأذهلها امتزاج المفاجأة بالدوار، فلم تستطع النطق . والتقط حقيبة يدها من على المنضدة باصبعه وهو يتجه بها نحو الباب قائلا : (( هل مفاتيحك فى هذه الحقيبة ؟))

فأجابت : ((نعم ولكن ...))

فقاطعها وهو ينظر اليها بجد : ((لا أرين أن أسمع كلمة (ولكن) هذه بعد الآن .)) وفجأة ، انتبهت الى تصاعد خفقات قلبها ، ليس غضبا وانما لشعورها الطاغى بقوته المتدفقة . لقد انتابها شعور رائع و هى ترى نفسها محط العناية و الأهتمام . وامتزجت فى نفسها مشاعر التعب والمرض والتشوش ، لتدفعها الى التماس الاستناد الى شخص آخر، ولو لفترة قصيرة .[/align]
________________________________________
[align=center]ولم تنطق بكلمة قبل أن يضعها فى المقعد الخلفى من سيارته البنتلى ، رغم ما لمحته على وجه السائق بينز أثناء ذلك من امارات التعجب . وقال كين بهدوء وهو يضع حقيبة يدها على ركبتها : ((اننى بحاجة الى المفاتيح لاطفاء أنوار شقتك . هل تريديننى أن أمر على أحد تجار الرقيق الأبيض أوما أشبه ؟))

وأجابته دون تفكير : ((لايوجد فى البناية أحد .))

هز رأسه ببطء وهو يقول معاتبا : ((ومع هذا كنت ستمضين فترة العيد بمفردك تماما ؟))

فأجابت بسرعة : ((حسنا لم تكن هذه خطتى فى البداية . لقد سبق و أخبرتك عن التوأمين وخوفى من أن أنقل اليهما العدوى.)) وأحكمت الدثار حول نفسها وهى تتابع قائلة: (( ان فى استطاعتى على كل حال العناية ينفسى .))

فقال وهو يتناول من يدها المفاتيح : ((نعم ، بدليل أننى لممتك من على الأرض عندما فتحت لي الباب.)) واستدار ليبتعد بعد أن اغلق باب السيارة خلفه ، عندما نادته وهى تضرب النافذة بيدها تستثير انتباهه : ((كين )) فعاد يفتح الباب لتتابع هى قائلة بصوت ضعيف : ((ان فرشاة أسنانى وبقية الأشياء هى على عتبة نافذة الحمام . وهناك بعض الثياب وحقيبة للملابس فى الخزانة فى غرفة النوم .))

فقال وقد بانت على ملامحه علامات الرضى لرضوخها هذا : (( هذا حسن .)) وبقى واقفا ينظر الى داخل السيارة . فنظرت اليه بارتباك وهى تسأله : ((ماذا ؟))

فنظر اليها بمكر وهو يقول : ((كين. اننا لن نعود الى (السيد ستيل) ...أليس كذلك ؟))

فتبادلت معه النظرات لحظة طويلة قبل أن تسمح لبسمة خفيفة بأن تبدو على جانب فمها وهى تقول مرغمة : ((كلا . انك الآن كين.))

فقال ساخرا ببطء : ((لقد ظننت نفسى أكبر سنا من أن أكتب الى رسالة سرية بما أرغب. ولكنه مع هذا وصلتنى هديتى .))وقبل أن تجيب كان هو أغلق باب السيارة وابتعد وعلى وجهه معنى لم تستطع هى ادراك كنهه.

وقفزت جفلة عندما أنزل السائق بينز الحاجز الزجاجى الذى بينهما فجاة وقال وهو يومئ برأسه معتذرا : ((آسف يا أنسة. لم أقصد أن أجعلك تجفلين . انك اذن مريضة .))

فقالت مبتسمة : ((انها الأنفلونزا ، كانت صحتى جيدة طوال العام . ولكن ما ان أتى العيد ...))

فقال : ((هذه هى العادة يا أنسة هذه هى العادة .)) ونظر الى وجهها الشاحب بامعان ثم قال : ((ليس أمامك الا أن تريحى ظهرك الى الخلف وتغمضى عينيك الآن يا أنسة .)) ففعلت حسب اقتراحه و بقيت تستمع الى صوت تساقط المطر على زجاج السيارة بينام كانت تزيد من احكام الدثار حولها مستمتعة بالدفء والاسترخاء. ولابد أنها نامت عدة دقائق قبل أن يعود كين بحقيبتها القديمة ، لتستيقظ وقد انتابها شعور غريب وهى تراه يصعد الى السيارة وقد تعلقت رقائق الثلج بشعره وكتفيه .

واستقر فى مجلسه بجانبها مشيرا الى بينز للتحرك بالسيارة وهو يقول : ((يالها من ليلة . انظرى عصف الرياح .)) كان فى صوته معنى عميق وعيناه النفاذاتان تجولان فوق وجهها ، بينما جلست تنظر اليه بهدوء. وبعد دقيقة قالت له ووجنتاها تتوهجان: ((ان هذا من كرم أخلاقك .))

فسألها برقة : ((أتظنين ذلك ؟ هذا ليس صحيحا، وهل بامكانى ان أتركك فى هذه الحالة ، لأعود فأتناول عشاء العيد ؟ هل بامكانى ذلك ؟)) وارتسمت على ملامحه الجذابة ابتسامة كاد معها قلبها يتوقف عن الخفقان . هل هذا هو الوجه الذي يقابل به نساءه؟ كان هذا هو تسا}لها عندما هدأ خفقان قلبها. اذا كان الأمر كذلك فالحق مع جو عندما قال ان النساء يعجبن به، ذلك أن امزاج عنف الرجولة مع الرقة الدافئة فى شخصه كان مخيفا . ولكنها هى قد عرفت الجانب الآخر منه. وأغمضت عينيها وهى تفكر فى قسوته التى سبق أن عانى منها أبوها ، سواء منه مباسرة أو من أتباعه الذين دون شك كانوا ينوبون عنه فى أعماله.

عليها أن لا تنسى الماضى. وكانت هذه الأفكار تعتمل فى نفسها بينما السيارة تضوى المسافات بسهولة. كل هذه العناية والأهتمام لاشك صادران عن ضمير متعب . وهذا نفسه كان فيه الادانة له، فاذا هى نسيت كل ما سبق وقيل لها عنه والأهم من ذلك ماعرفته ، فان عليها أن تتحمل العواقب.
منتدى ليلاس
ولكن هل هو حقا من القسوة كما سبق وظنته؟ لقد كان مجرد التفكير فى هذا الرجل أثناء العامين الماضيين يجعل جسدها يضطرب، ولكن الآن ... ورمقته من تحت أهدابها الكثيفة، ما كان لها أن تدعه يقنعها بمرافقته الى منزله. وأدركها الهلع وهى تفكر فى أنها انما تلعب بالنار .

وسألها : ((ها انك تعودين الى العبوس .))

فنظرت اليه بحدة لترى وجهه تكسوه السخرية وسألته : ((ماذا ؟))

فأجاب بجفاء : ((لقد كنت تفكرين بى. أليس كذلك ؟ هل كنت تثيرين نيران الاتهامات؟ ألا يمكنك الأسترخاء فى مرضك هذا وترك أحمل عنك هذا العبء؟ انن أعرض عليك أن أستضيفك فى منزلى الى أن تصبحى قادرة على الوقوف على قدميك مرة أخرى. وهذا كل شئ، وأنا أعدك بذلك. أننى أقوم بمثل هذا لأى كان.))

فسألته بارتياب : ((أحقا ؟))

وأحمر وجهها بعنف وهى تراه ينفجر بعاصفة من الضحك وهو يقول : ((هل تعلمين أنك لا تثمنين بشئ؟اننى لم أر امرأة من قبل لها مثل وجهك المعبر . هل أنت دوما بهذه الصراحة ؟))

فأجابت وهى تواجهه الآن مباشرة وقد بدت عيناها كبيرة فى تلك العتمة الخفيفة : ((نعم . دائما . لقد كان أبى بالغ الصراحة سواء فى عمله أم حياته الشخصية . كان دوما يقول ذلك، رغم ما كانت صراحته تلك تكلفه أحيانا . وعلى المدى الطويل، كان عليه أن يدفع ثمن صراحته تلك.))

وبدا الجد علي وجهه للمرارة التى تدفقت بها عيناها وهى تتابع قائلة : ((ولكن طبعا ما كان بامكانك أن تفهم ذلك .))

فرد عليها بحدة : ((طبعا .))

وكانت قد توقعت منه أن يدافع عن نفسه. أن يكرر برائته ، ولكن عينيه المسمرتين على وجهها كانتا فى صلابة الحجر.واستند فى مقعده الى الخلف وهو يتنهد قائلا : ((استريحى يا جانى .))

وكان وجهه وهو يقول ذلك جامد الملامح خاليا من أي تعبير، وتابع يقول : ((اننى أعرف تماما رأيك فى شخصى، لكننى أحب فى المرأة انفتاحها العقلى وان كانت تعارضنى فى بعض المفاهيم انك فى أمان تام، فلا تدعى الوساوس تداخلك . ))

ولم يتبادلا بعد ذلك أى حديث الى أن وقفت السيارة أمام سلم واسع من الحجر ينتهى بباب ضخم.ولم يسمح لجانى شعورها بالمرض بأن تتحرك حين استدار كين حول السيارة ليفتح الباب الذى بجانبها ثم يساعدها على الترجل. كان الصداع يكاد يقتلها وشعورها بالارهاق لايصدق. فقد كانت الحركات البسيطة التى قامت بها قد أرهقتاها الى درجة لم تشعر بمثلها من قبل .

وقال لها بهدوء : (( سآخذك الى غرفة الضيوف مباشرة حيث السيدة لانغتون ستعتنى بك .)) وكان السائق بينز قد فتح فى هذه الأثناء الباب الأمامى لهما .

وأومأت هى برأسها موافقة لتشحق باستغراب عندما دخل كين بها الى المنزل الدافئ . فقد صافحت أنظارها زينة ضخمة. فوقف ينظر اليها بوجهه الأسمر الخالى من التعبير ، وهو يقول بلطف: ((آه ، هل أعجبتك ؟))

فأجابت : ((أنها رائعة .)) ولأول مرة تشعر هى بأنه عيد حقا فمن جراء الأرهاق فى العمل خلال الأسبوعين الأخيرين، ثم مهاجمة المرض لها بعد ذلك أفقداها فتنة الشعور بالعيد. وتابعت تقول: ((انها رائعة تماما.)) ورفعت نظرها الى وجهه لترى عليه شبه ابتسامة لابتهاجها الواضح هذا .

وتنهد فائلا: ((اننا نحاول أن نبلغ الفرحة فى الأحتفال بالعيد ، أليس هو يوم الفرح، والسعادة والتوبة؟)) وكانت الكلمة الأخيرة التى نطق بها وعيناه معلقتان فى عينيها ، كانت سؤالا ليس باستطاعتها أن ترد عليه. وعندما بادلته النظرات شعرت وكأنها غرقت فى زرقة عينيه تلك. كانت امارات وجهه جامدة ومبهمة للغاية. بينما رائحة كولونيا الحلاقة التى يضعها، قد شدتها اليه أكثر فأكثر. وهمس قائلا: ((عيد سعيد، يا جانى.)) ونفرت هي مبتعدة برأسها عنه. وتوترفمه لحركتها هذه، وفى هذه الأثناء برزت السيدة لانغتون وجانى لتهتفا متعجبتين لمنظرهما غير المتوفع هذا وهما صاعدين على السلالم.

وقال هو مخاطبا السيدة لانغتون من وراء كتفيه: ((هل غرف الضيوف جاهزة ،يا سيدة لانغتون ؟))

وأجابته مدبرة المنزل من وراءه: ((نعم، يا سيد ستيل وثمة أثنتان خاليتان . واقترح أن تضع الأنسةغوردون فى الغرفة البنفسجية الأثاث خيث أنها تطل على الحدائق كما أنها أكثر هدوءا من الباقيات.))
منتدى ليلاس
فأجاب: ((نعم، انها فكرة حسنة.)) ووصلا الى عدد كبير من الغرف تمتد فى ممر كبير يكسو أرضه السجاد سميك. وتابعا صعود مزيد من السلالم، وفى الطابق التالى استدار كين الى اليمين وانتظر وصول السيدة لانغتون لتفتح له بابا محفورا من خشب السنديان كان أمامه حيث دخل منه الى غرفة جلوس رائعة الجمال مزخرفة بظلال مختلفة من اللون البنفسجى ويقوم فى احدى زواياها تلفزيون ضخم، وتابع هو طريقه من خلال هذه الغرفة الى غرفة أخرى للنوم قام فيها سريران. وأسرعت السيدة لانغتون فى اسدال الستائرالمخملية الثقيلة غلى النوافذ ليشيع فى الغرفة جو دافئ مريح بالغ الرفاهية لم تعرف جانى مثله من قبل .
جلست جانى على كرسى كبير من الخيزران ، بينما أخذت مدبرة المنزل والخادمة الصغيرة تجهزان أحد السريرين بسرعة بعد أن أوصلا التيار الكهربائى ببطانية السرير، بينما كان هو يقول لها: ((ان السيدة لانغتون ستتولى أمر راحتك، وبعدذلك ننظر فى أمر الطعام.)) ومن ثم تركها وخرج من الغرفة.

وعندما رقدت جانى بين الأغطية الدافئة شاعرة بعرفان الجميل ، قالت لها الخادمة الصغيرة: ((ياللحظ السئ ، اذ تمرضين عشية العيد يا أنسة.)) وكانت كل هذه الأحداث تمر بجانى وكأنها فى حلم. كانت الغرفة الواسعة بالغة الحد فى الرفاهية والراحة. ودار رأسها وهى تفكر فى أن مثل هذا الجو المترف هو عادى تماما بالنسبة اليه.

ما الذى جعلها تفكر فى أن تحتك به أثناء ذلك المؤتمر؟ وغمرها طوفان من الارهاق. لماذا لم تقنع بمجرد الشعور بالكراهية نحوه عن بعد؟ أما كان ذلك أفضل لها؟ أفضل كثيرا ...؟ ولم تشعر بالنوم يهبط عليها حين أخذت السيدة لانغتون تسألها عما تريد أن تأكل، ولا عندما خرجت المرأتان بهدوء من الغرفة بعد أن أغلقتا الباب خلفهما بلطف...لم تشعر بشئ أبدا...

 
 

 

عرض البوم صور سفيرة الاحزان   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
دار النحاس, روايات . روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, شرك الظلام, عبير, هيلين بروكس, قلوب عبير
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 10:19 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية