تعلقت به ملهوفة وسألته وهي تنتحب :
" لماذا شعرت هكذا؟ يجب أن نواجه الحقائق يا تشيس , فأنت لا تحبني!".
" ليتك تدركين عمق حبي لتعي أنني ما عدت أطيق أحتمالا!".
لمس خدها المبلل وراح يتأملها بلوعة وكآبة , ثم أبعدها عنه وأجلسها على مقعد كما لو أنه لا يأتمن نفسه على التحدث اليها بمنطقية وهي قريبة منه الى ذلك الحد:
" لا داعي لأن تتظاهري بالفرح لرؤيتي , أنت منفعلة ولا شك ,لأنني لحقت بك الى هنا , لكنني ما أستطعت أن أفعل شيئا آخر".
تطلعت الى وجهه المطل عليها وقالت بما يشبه الهذيان:
" حسبتك.... تحب دافينا؟".
" كلا , أنها لا تعني لي شيئا , كنت أحاول أثارة غيرتك.... أليكس , أعرف أنك لا تضمرين لي حبا , لكن هناك أوقات تدفع الرجل الى فعل أشياء يائسة ".
منتديات ليلاس
عجزت عن الكلام أمام نظرته المحترقة وعواطفه السافرة تقريبا.... لم تفطن أبدا الى حقيقة مشاعره في ساعة الغداء .... كان هو الآخر يتعذب مثلها , أن كان يحبها كما يقول فلا بد أنه كابد الكثير مثلما كابدت هي وربما أكثر , فعذابه مسطر على وجهه بل ومحفور في ثناياه المتقلصة.
غامت عيناها بالحزن ومزق الوجع قلبها , توسلته بعينيها الزرقاوين وهمست بصدق كامل :
" سامحني يا حبيبي , أنا أيضا أحبك جدا , لو لم أكن غارقة في الشفقة على نفسي لكنت حزرت أنك تحبني بدورك ".
" متى أحببتني ؟ منذ متى؟".
" لست متأكدة ... قبل أن تأتي بأمي الى كولابرا.... أعتقد أنني أدركت عمق حبي لك في أثناء غيابك , كنت أنوي الأعتراف لك به لدى عودتك , ولكن رويتي المفاجئة لأمي أحدثت لي صدمة عنيفة".
" وأنت كرهتني آنذاك , أليس كذلك ؟ جئت بها الى كولابرا لأنني أقتنعت , بعد لقائي بها , أن مخاوفك لم تكن في محلها , كنت أحاول الأثبات أن زواجك مني كفيل بأزالة تلك المخاوف , أملت أن تكون لديك ثقة كافية بمقدرتي على حمايتك من سيطرة أمك ومن أشياء أسوأ بكثير , لكن عندما رأيت وجهك وقتئذ أدركت أن كل خططي قد كتب عليها الفشل من البداية , أذ حسبت أنت أنني دعوتها الى كولابرا لتزوجك مني بالقوة".
" لكن شيئا ما حدث في نفسي وأزال خوفي منها , على الأقل أستطعت وقتها أن أنضج بذلك المقدار , لا أعتقد أنني سأرهب جانبها في المستقبل , وسنعرف كيف نتفاهم مع بعضنا من اليوم فصاعدا".
" عظيم , وأين سيكون موقعي بالنسبة اليك؟".
" أن.... سوء التفاهم بيننا لم يكن كله بسبب أمي , أذ لازمني الظن بأنني كنت أضجرك".
سأل بأستغراب:
" تضجرينني ؟ ما الذي أوجد فيك هذه القناعة؟".
" سمعتك تقول ذلك لروبي بعد خروجنا معا لأول مرة".
ظهرت الدهشة على وجهه وقال متنهدا:
" يا ألهي.... كيف صدقت ذلك يا أليكس ؟ لقد أنجذبت اليك من البداية أنما أدعيت الضجر منك لأمنع روبي من أيذائك لأن هذا ما كانت ستفعله لو أنها فطنت الى أهتمامي بك , خشيت لسانها اللاسع الذي أكتشفت بنفسك سمومه على الأرجح , قلت ذلك لأحميك منها لأنني لم أشأ أن أذعرك قبل أن تتاح لي الفرص الكافية للتعرف اليك جيدا".
جمدت يده فجأة على كتفها وسألها مقطبا :
" أعتقدت أنك تضجرينني ومع ذلك رضيت بأن تخرجي معي ثانية , لماذا؟".
" قصدت الأنتقام منك بأضاعة وقتك ,كنت مصممة على عدم الذهاب الى كولابرا كما طلبت مني أن أفعل لأنقاذ سمعة روبي , ألا أنني قررت أن أتأخر في أبلاغك رفضي كي أعذبك ردحا وأنتقم لكرامتي الجريحة".
" أيتها الشيطانة الصغيرة ! لقد نجحت في ذلك تماما وأوقعتني في الحيرة مرارا , أنما لماذا غيرت رأيك فجأة ورضيت بالذهاب".
" لأن أمي هددت وقتها بالمجيء الى ملبورن مع دون فيشر".
" وهكذا هربت منهما , ثم زدتك حيرة وأرتباكا عندما عرضت عليك الزواج".
" أجل , وعرضته بأسلوب أستبدادي فلم أقدر أن أصدق بأنك كنت تحبني.......".
" ليتني كنت مقتنعا بعمق حبي لك كما الآن , أوهمت نفسي آنذاك أن الوقت حان لأتزوج ولأنجب أولادا , كنت أتهرب من مواجهة الحقيقة , وقوعي في حبك بشكل مستميت .... صحيح أنني أصبحت على مر الزمن خبيرا في مصارعة التجارب المصيرية والتغلب عليها أنما تجربة الحب الحقيقي كانت جديدة بالنسبة الي".
فكرت أليكس في الوقت الذي هدراه سدى وفي العذاب الرهيب الذي قاسياه فغشيت الدموع عينيها وقالت تعاتبه :
" لو أنني دريت بحبك لكنت أعترفت لك بحبي".
" قد ينطبق علينا قول المثل ,من كان بيته من زجاج لا يرشق الآخرين بالحجارة , ومع ذلك , أطلب منك السماح يا حبيبتي أذ حاولت أرغامك على تلبية رغباتي وكان الفشل حصادي , ليلة أحترقت الطائرة لم أجرؤ على الدنو منك لعجزي عن كبح عواطفي , ثقي أنني لم أخطط لأسقاط اطائرة أذ لا يمكن أن أقدم على عمل متهور كهذا , لكني شعرت بالذنب لأنني كنت أخبرت أمك وعمتي أننا قد نعود الى كولابرا كخطيبين , ومع ذلك أغواني الشيطان.... هل تتصورين ما كان سيحدث لو لم يصل أندرو في الوقت المناسب؟".
" أنا أيضا ندمت على ذلك الصباح أنما لأسباب مختلفة ..........".
حدق اليها بتوق وهتف بصوت أجش:
"حبيبتي الصغيرة!".
عانقها بحرارة المرة تلو المرة ثم همس بأنفاس متقطعة :
" أليكس , أخبرت أمك أنني سأتزوجك غدا في حال وجدتك , وهذا ما قلته أيضا لبعض كنك تعلمين السبب الذي يحول دون بقائي , أنما لن أتركك قبل أن تعديني بعدم الهرب ثانية".
منتديات ليلاس
أصطبغ محياها بحمرة جميلة وتطلعت اليه بثقة قوية شعت من عينيها الزرقاوين وهي تهمس :
" حبيبي , سيشرفني أن أصبح زوجتك يوم غد ولا أريدك أن تتركني أبدا.... أبدا.......".
لم يقدر أن يقاوم جمالها , كان بوسعه أن يحاول ألا أنها سمعت فقط هتافه المختنق المجنون حين ألصقها بصدره الخافق وهمس بأنفعال:
"أحبك , أحبك , أنت أمرأتي وسأنتظر على نار لحظة أرتباطنا الكامل".
النهاية