أستعادت تامي الجرأة على الكلام , وأندفعت تبدي الأيضاح الذي تأجل مرتين:
" حقا يا أبي , لا لوم على آدم ,بل يقع الذنب عليّ , أنا أخرجت الزورق ولم أتأكد من كمية الوقود فكانت النتيجة أن توقفنا لبضع ساعات ألى أن قطرتنا دورية ألى الشاطىء في الصباح الباكر , وقد أمضى آدم اليل على سطح الزورق ونمت أنا تحت".
لم يبد على جوك أي لين وزأر صارخا:
" أنا أصدقك , ولكن هل يصدق الناس ذلك؟".
وتدخّل آدم بكلمات تفيض أحتقارا:
" وهل تبالي بتصرفات بعض الأغبياء؟".
" أني والله أبالي".
قالها جوك حانقا.
منتديات ليلاس
في الجبال المعزولة تجد مناعة ضد الألسن الثرثارة, أما نحن فنعايشهم يوميا , في الأشهر القليلة ستكون قد نسيت هذا الحادث , بينما أطون وتامي هدفا للأنتقادات اللاذعة والنظرات الحافلة بالمعاني , ألحقت العار بأبنتي , في الأيام الغابرة كان عمل كهذا يثير العداء المستحكم".
أعربت تامي عن عدم تصديقها بقولها:
" كم هذا سخيف يا أبي".
أستدار جوك نحوها وهو يرتجف غضبا وأمرها قائلا:
" أذهبي ألى غرفتك , لي حديث مع هذا الشاب".
ألقت تامي نظرة على والدها , كانت قد رأته يصبّ غضبه على الآخرين , ولكنها لم تكن مرة هدفا له , شدّة غضبه كانت مخيفة , ولاحظت العروق تبرز في صدغيه وتوشك أن تنفجر , كان يتنفس بصعوبة وأحتقن وجهه بلون داكن مخيف.
توسلت أليه وقد أعترتها رهبة مفاجئة :
" يجب أن تهدأ يا أبي!".
نبرتها الهادئة لم تزده ألا أنفعالا , وبغضب هائل لوح بذراعيه بأتجاه غرفتها مصرا على تنفيذها لأمره , وقفت مترددة ونظرت ألى آدم الذي أومأ برأسه فأذعنت وتوجهت متمهلة ألى غرفتها .
جلست في غرفتها لمدة ربع ساعة تصغي ألى سوت والدها الغاضب وألى أجوبة آدم الهادئة , كان يتكلم بنبرة معتدلة , مزيلا تدريجيا الحدة من نبرة والدها .
أما الآن وقد أتيح لها التفكير بنتائج تصرفها الأرعن شعرت بتأنيب الضمير , لم تتوقع أن تسبب كل هذا العذاب لوالدها , منذ طفولتها وهي موضوع محبة والدها , ولو كان والد سواه لكانت موضع كراهيته , لم تكن المرة الأولى التي تحن فيها تامي ألى حكمة والدتها ومؤاساتها , دللها جوك ألى درجة مشينة ضاربا بتحذيرات الأصدقاء عرض الحائط , مدّعيا أن تصرفات أبنته المعوجة سيصلحها الأدراك السليم الذي ورثته عن والدتها وهي سيدة فاضلة من يوركشاير أعتمد جوك عليها كليا طوال العشرين عاما من زواجهما .
مولد تامي وضع خاتمة لزواج قام على مدى السنين على المحبة والثقة ,الطفلة التي طالما توسلاها جاءت متأخرة جدا في حياتهما , وتسببت بتضحية والدتها بحياتها من أجلها.
أغرورقت عينا تامي بالدموع وهي تفكر بالمحبة الفائضة التي لقيتها طوال حياتها , وتلطيفا لعذابه من جراء خسارته , صبّ جوك كل طاقته على تنمية أعماله وأنهالت ثمار ذلك عليها وهي لا تستحقها , كيف ردّت أليه الجميل ؟ بعمل طائش واحد خانت ثقته وزعزعت أيمانه وأسكتت ألى الأبد مباهاته بأن تامي لم تسبب له لحظة من الهم منذ ولادتها .
قرع على الباب وصوت آمر أنتشلاها من أفكارها اقاتمة:
" أرجوك أن تخرجي يا آنسة ماكسويل , يرغب والدك في التحدث أليك".
طار قلبها أستجابة لنداء آدم وأسرعت ألى الباب تفتحه , كان يقف على العتبة بقامته المديدة وشفتيه المومومتين ونظرت ألى حيث يجلس والدها يرشف المرطبات.
" هل أنت بخير يا أبي؟".
وجرت لتجثو عند قدميه وترى بعينيها الخائفتين الأمتقاع الغريب الذي يكتنف محياه .
أبتسم جاهدا وكانت في صوته رنة يشوبها الأمل وهو يشير نحو آدم قائلا:
" شرح لي آدم الأمر يا عزيزتي , ويجب أن أعتذر لكما على ما بدر مني".
" آدم شرح الأمر؟".
ردّدتها بحذر وألتفتت أليه تستقرىء محياه الرصين الهادىء.
" لا أفهم لماذا وجدتما صعوبة في أطلاعي على حقيقة مشاعركما.........".
قال جوك متذمرا:
" قد يهزأ البعض بنظرية الحب من النظرة الأولى , أخبرتك مرات عديدة عن لقائي بوالدتك , حين رأيتها أدركت أنها الفتاة الوحيدة التي أريدها زوجة لي".
منتديات ليلاس
ومد يده يربت بها على رأس تامي:
" أجل , تلك الساعات الأولى من أكتشاف الأمر قد تتحكّم بتفكير المرء وتطرد كل ما عداها من خواطر , أذكر لقاءنا الأول جيدا , كنا في حفلة وتطوّعت أن أحمل أليها بعض المثلجات وكانت تقف في أحدى زوايا القاعة وحيدة مرتبكة , يسيطر عليها الحياء , وعندما رجعت أكتشفت أن الحياء يلجم لساني , ألتقت عيوننا ووقفنا صامتين يسبر أحدنا غور الآخر ألى أن أرتطم أحدهم بذراعي فأنسكبت المثلجات على مقدمة ثوبها.
ألم الذكرى عقد لسانه وبدا لها أنه يشيخ أمام عينيها الخائفتتين , ثم نفض عنه تلك الذكريات الأليمة وبشيء من حيويته المعهودة خاطب آدم :
" الوقت مناسب الآن لأعمل بنصيحتك , أشعر بالتعب , لذلك سأنام قليلا وأتركك يا آدم لتنتهز الفرصة التي كنت تتحين , لا أشك في ما سيكون ردّها ".