ضاقت عينا جوك ماكسويل , وكان من البلاهة بحيث لم يدرك أن اللون الذي يكسو وجنتيي أبنته مبعثه الأنفعال , وقد لمحت عيناه الخبيرتا دموع الغيظ التي تترقرق في عينيها , رمق الشاب الذي يرافقها بنظرة تفيض فضولا , ما من رجل في حياة أبنته الصاخبة أستطاع أن يخترق قوقعتها العصرية ألى حد أبكائها , أنفرجت أساريره أعجابا عندما قدمته تامي أليه.
منتديات ليلاس
" أبي , هذا السيد يقول أنه على موعد معك".
" لا شك أنك آدم فوكس ".
قالها جوك باسما:
" يؤسفني أضطراري الطلب أليك بحث أمور العمل خارج ساعات الدوام , ولكنك قلت أن وقتك ضيق فلم أجد مناصا من ذلك , تفضل ألى مكتبي فنتبادل الحديث دونما أزعاج".
وافق آدم فوكس على الدعوة بأيماءة من رأسه وغادر القاعة في أعقاب جوك مخلفا تامي وراءه يساورها شعور بكونها مهجورة في واحة تغص بأناس أشبه بالدمى , ولمدة عشر دقائق راحت تتجول بين الحضور , وعيناها القلقتان عالقتان بباب مكتب والدها ,وكم كان أرتياحها عظيما عندما قام أول المدعوين مودعا , وما هي ألا برهة حتى خلت القاعة ألا من نفر ضئيل منهم , ونظرت ألى الفوضى التي تعم القاعة وأطلقت زفرة , كانت الحفلة ناجحة فلماذا ينتابها هذا الشعور بالقلق وعدم الرضى؟
كان ستيف هاريس آخر المغادرين فمدت أليه يدها مودعة ألا أن نظراتها التائهة أسترعت أنتباهه.
" حفلة رائعة يا عزيزتي , ضمت العديد من الناس المثيرين للأهتمام ".
قال ذلك وربّت على جيب سترته ثم أضاف:
" توفرت لديّ مواد تكفي زاويتي في الصحيفة لعدة أيام".
وبلهجة عادية سأل:
" من هو ذاك الشاب المتعجرف ؟ هل هو طريدتك الجديدة؟ لا تكتمي الأمر عني , ثمة تفاهم بيننا , هل تذكرين؟".
هذه العبارات أثارت حذر تامي , يحاول ستيف أصطياد المواد للزاوية التي يحررها في أحدى الصحف اليومية , كل صباح تلتهم مثيلاتها التعليقات التي يحررها عن المجتمع اللندني , وكانت في الماضي نسرّ أليه بمعلومات تجعله يجري كالملهوف لأستقصاء أحدث الفضائح , أما الآن فأنها تعتبر تدخله عدائيا.
وقالت ببرودة:
" أنه أحد معارف والدي في العمل , فلا تتماد معي لئلا تفقد موردا رئيسيا لمعلوماتك".
" لا تلوميني على محاولتي , خاصة أنك الوحيدة التي لم تكن مرة موضوعا لأحدى مقالاتي , لأنك لم تقترفي أية هفوة بعد".
نظر أليها مليا وقال:
" يدهشني ذلك , فأنت غارقة في الجو المتحرر , في فرنسا فيللا فخمة تحت تصرفك , وهنا في لندن تملكين هذا المنزل ويختا دائم الأستعداد للأبحار , ولديك وقت فراغ غير محدود , والمال الوفير لتحقيق جميع رغباتك , ومغريات الوقوع في الخطأ كثيرة أحيانا , أما أن تكوني مثالا للفضيلة أو أنك شديدة التكتم !".
دفعت به عبر الباب للتخلص منه خشية أن ينفتح باب مكتب والدها ويضيع منها أفضل رجل لاح في أفق حياتها.
"| حديثك يضاهي كتاباتك سخافة يا ستيف , ألى اللقاء".
لم يكن ما يدعوها للخوف , أذ أنقضى ما يناهز الساعة قامت خلالها بتنظيف القاعة وترتيبها وفتحت النوافذ لتنقية جوها من الدخان , ثم جلست على مقعد وثير متظاهرة بتصفح أحدى المجلات , بينما كانت بالواقع تبذل جهدا فائقا لكي تبدو رصينة , كاد صبرها ينفد عندما فتح الباب وعاد آدم فوكس ووالدها ألى القاعة:
" تامي , هلا أعددت غرفة الضيوف ؟ لم يكن آدم ينوي المبيت هنا , ولكن حديثنا طال وفاته القطار فأصريت على مبيته لدينا".
نظرت تامي ألى والدها وقد تجدّد حبها لهذا الرجل المكتنز الذي يمكن الأعتماد عليه دائما كحليف.
وقالت متلعثمة:
" بكل سرور , سأهتم بذلك حالا".
بدت الحيرة على آدم فوكس , وبان الذهول في عينيه , غير أن صوته كان جارفا :
" أكدت لوالدك أنه لا داعي لأزعاجك , بأمكاني المبيت في عينيه , غير أن صوته كان جارفا :
" أكدت لوالدك أنه لا داعي لأزعاجك , بأمكاني المبيت في أحد الفنادق".
قال جوك برقة:
" هراء يا بني , أنا من الشمال وأقدر لك تردّدك في القبول بمنّه من أحد , وأرضاء لكرامتك سأطلب منك خدمة بالمقابل".
سارع آدم ألى القول:
" أرجوك أن تفعل".
رسخ لدى جوك أعتقاده بأنه يتعامل مع رجل حاد الطباع فقال آدم :
" كنت بالغ الكرم وخاصة في ما يتعلق بالعمل , وأذا كان من سبيل لأظهار أمتناني.....".
قال والأبتسامة تداعب شفتيه :
" هنالك يا بني , بعد قليل سأضطر للخروج وهذا يعني بقاء هذه الصغيرة وحيدة معظم فترة الليل , هل تتكرم بالبقاء برفقتها , وفي هذه الأثناء تريك المناظر الخلابة هنا؟".
لاح الأستياء على محيا آدم فوكس , وما لبث أن زال بعد أن بذل جهدا كبيرا وقال بأقتضاب:
" بكل سرور".
أثار أستخفافه غيظ تامي وكادت تنفجر غضبا , ألا أنها كبتت غيظها وأجتازت محنة تجاهل آدم فوكس لها وقد كان طوال فترة العشاء يوجه حديثه ألى والدها مباشرة , أمارات الغم الممزوج بالغيظ البادية على محياها أطربت جوك وبكل خبث راح يطيل تعذيبها بتشجيع آدم على الأسترسال في الحديث عن العمل , مما أضطرها للمشاركة في الحديث بعد عدة محاولات لتغيير الموضوع.