كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
كان الصباح ماطرا أما الآن فالشمس مشرقة , وبينماكانت تامي تنطلق بسيارتها نحو الجبال المحيطة بالوادي حيث يقام المعرض خيّل أليها أن الجبال تبتسم لها , عندما أوقفت السيارة وسارت مع العمتين ألى حيث كان المشرف على المعرض يدير العمليا , كانت الشمس تتألق على الساحة الطبيعية في واد وارف الأشجار تجري فيه السواقي وتخيم عليه سماء زرقاء كعيني آدم تشوبها غمامات متفرقة تتوج القمم المحيطة بالمكان.
مررن بمجموعات من الماشية وسط عاصفة كبيرة من الحماس أذ كانوا على وشك أختيار أفضل حيوان في المعرض.
منتديات ليلاس
قالت العمة فيني:
" يحاول أولئك الحمقى تفضيل أي حيوان من هذه الحيوانات الممتازة على سواه , بينما يمكن لأي مبي للمواشي أن يقول لك أن ذلك مستحيل".
رجال أشداء ينتعلون أحذية مطاطية ومعاطف بيضاء كانوا يجرون مجموعة من الأبقار في ذائرة بحيث تمر أمام لجنة التحكيم التي كانت تدوّن الملاحظات في دفاترها , سار أحد الحكام ألى بقرة ورفع ذيلها وربت على بطنها وهز برأسه وعاد ألى زملائه.
قالت العمة فيني:
" مجرد تمثيل , قد تكون هذه البقرة هي الفائزة".
جالت تامي الساحة بنظراتها بحثا عن آدم , ورأت رأسه بشعره الأسود يعلو رؤوس بعض الرجال الذين تجمعوا قرب زرائب الخراف , وفي اللحظة ذاتها ألتفت آدم ورآها ولوّح لها بيده , شعرت وكأن تيارا كهربائيا سرى منه أليها مزيلا كل عقبة تعترض سبيله , ومولدا حقلا مغناطيسيا أجتذب أحدهما نحو الآخر ببطء .
عندما ألتقيا أمسك بيدها وفتحها وطبع قبلة على راحتها , فأطبقت يدها عليها خشية أن تطير منها وقد أذهلها بأظهار عاطفته بهذه الطريقة غير الأعتيادية .
قال بصوت أجش منخفض:
" مرحبا يا تامي".
فردّت عليه من أعماق قلبها :
" مرحبا يا آدم ,وصلنا لتوّنا ".
" أعلم ذلك و كنت أترقب وصولك ".
هذا الأقرار جعل قلبها يطير فرحا , تحركهما البطيء نحو تفاهم أفضل كانت تدفع ضريبته صبرا مريرا , ولكنها أبتدأت الآن فقط تدرك أن القيد الذي فرضه كان يستحق كل ذلك , كان يختبر مدى نضوجها , وكانت حرارة تحيته أشبه بمكافأة لها :
" هل أنت خائفة؟".
ولم ينتظر ردها بل أمسك بذراعها وسار بها نحو المنصة المعدة لتقديم الطعام.
" الأفضل أن نأكل باكرا تجنبا للأزدحام".
وعارضت بضعف:
" والعمتان ؟ ألن تشاركانا الطعام".
فقال برقة :
" دعيهما وشأنهما".
رغبته غير المتوقعة في مرافقتها زادت من خفقات قلبها المتلهف .
تناولا الغداء ألى مائدة لشخصين في ركن هادىء من المنصة بعيدا عن الأزدحام , لم تدر تامي ماذا أكلت , سقط القناع القاتم عن وجه آدم ليظهر محياه المرح الذي كانت قد لمحته ذات مرة وقد أنبأ بوضوح تام بالقرار الذي ألمح بأنه سيتخذه اليوم ,لو كان الطلب أليها العودة الى لندن لما رمقتها هاتان العينان الزرقاوان بأعجاب , ولما لازمت هذه الأأبتسامة الخلابة شفتيه , شعرت بخفقة مجنونة في قلبها عندما ألتقت نظراتهما , صقر الجبل يبدو اليوم مستعدا لأن يأكل من يدها.
كانت تتمنى أن تمضي بقية النهار في ذلك الركن الهادىء , ولكنها أستاءت عندما جاءت العمتان لتفسدا عليهما عزلتهما.
" أسرعي يا تامي , التحكيم في الرسم والتطريز على وشك أن يبدأ , وأستنادا ألى الملاحظات التي سمعناها فأن ما تقدمت به سينال الجائزة الأولى حتما , هل رأيت قطعتيها يا آدم؟
أنهما رائعتان ".
وأشرقت عينا العمة هونور بفخر وقالت:
" أنهما تضعان المعروضات الأخرى في الظل , والتجهم يعلو وجهي بام وعمتها".
أرتفع حاجبا آدم دهشة , ولكنه لم يبد أي تعليق وهم يسيرون ألى منصة العروضات.
منتديات ليلاس
أنتظرت تامي ردة الفعل لديه بأضطراب شديد , كانت لجنة التحكيم المؤلفة من سيدتين ورجل تسير متمهلة حول الرفوف التي تحمل عينات رائعة لأشغال المطرزات الماهرات.
كانت قطععتها معروضة بطريقة مميزة , حتى أن الطيور التي تبدو وكأنها حية كانت تغري المرء بأن يمد لها أصبعه لتحط عليها , برزت بطريقة مثيرة , أوراق النباتات زاهة الألوان مزدوجة ومتشابكة تكسوها أعداد كبيرة من البراعم المغلفة بأوراق تتراوح ألوانها بين الأصفر الزاهي والأحمر , والتطريز الناعم الدقيق أنتزع آهات الأعجابمن المشاهدين , وأصطبغت وجنتا تامي بحمرة الحماس عندما وافق الحكام بالأجماع على أعطاء الجائزة الأولى للمعروضة ذات الرقم الخامس عشر.
صرخت العمة هونور بأبتهاج :
" أنها معروضتك يا تمي , تكاد الدنيا لا تسعني من شدة أعتزازي بك".
حتى العمة فيني تحمست فطبعت قبلة سريعة على وجنة تامي وقالت :
" أحسنت يا عزيزتي , أحسنت".
|