كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
11- شجرة الأعدام
في الثامنة ألا ربعا من المساء التالي تسللت تامي من الباب الخلفي لفوكس هول وسلكت طريقها بحذر في ظلال الأشجار المصطفة على جانبي الطريق نحو البوابة الرئيسية.
لا شك أن فتيات الأمس كنّ يتصرفن هكذا , متحديات غضب عائلاتهن للقاء حبيب ممنوع , هذا هذا ما خطر لها وهي تفكر بالجبن الذي أعتراها بالرغم من عنادها وتصرفها الجنوني الطائش , كانت العمتان قد أوتا ألى غرفة الجلوس , وكان آدم مشغولا في مكتبه بأنجاز بعض الأعمال الكتابية التي هي آفة بالنسبة لحياة المزارع , أستأذنت تامي متذرعة بالصداع وصعدت ألى غرفتها ,وما أن دخلتها حتى راحت تستبدل ملابسها فأرتدت قميصا صوفيا أحمر وبنطلون أسود , كان ديرك قد أكد لها أنهما مناسبان للسهرة , ولكن الشجاعة خانتها لدى التفكير بالأسئلة والأعتراضات التي ستنتج عن مجيء ديريك ألى البيت , ولهذا لجأت ألى التسلل من الباب المؤدي ألى الدرج الخلفي.
برزت أنوار اليارة من الظلام لحظة وصولها وهي ألى الطريق الرئيسية , فراحت تلوّح بيديها بأنفعال شديد لتلفت أنتباه ديرك , صرير الفرامل مزق أعصابها المتوترة فألقت نظرة وجل حولها ثم أسرعت وفتحت باب السيارة وأنسلت ألى داخلها.
منتديات ليلاس
أنفجر قائلا:
" ماذا تعنين بظهورك المفاجىء على هذا النحو ؟ لو لم أبطىء للدخول في الممر الضيق لصدمتك بالسيارة".
ولكن غضبه تحول ألى قلق عندما رأى الخوف على محياها فقال:
" أنني آسف , أنت أيضا تولاك الفزع ,لماذا وقفت في وسط الطريق ؟ ألم تستطيعي أنتظاري في البيت؟".
صفقت الباب بعنف وقد أعتراها الخجل وهي توهمه أن الشوق دفعها ألى هذا التصرف.
قالت كاذبة وهي تلهث:
"أنني مستعدة منذ فترة طويلة فشئت أن أمشي ألى هنا لمقابلتك توفيرا للوقت".
شعرت بالأأرتياح عندما أبتسم وأدار محرك السيارة.
" كم متلهفة أنت , هذا لا يدهشني وأنت ربيبة لندن فأن هذه الحياة الجبلية تفزعك , أن هؤلاء الناس ذوي الأكتفاء الذاتي يكرهون المجتمع؟ هل هم وحوش أم هم فوق مستوى البشر ؟".
ولشدة دهشتها أستنكرت تامي هذا الأنتقاد اللاذع :
" أنهم بعكسنا غير أنانيين , لا يتذرعون بالأعذار لأختيار رفاقهم ".
رمقها بنظرة حائرة وقال بلهجة جافة:
" قد يكون لذلك علاقة بأختيارهم العيش في عزلة وسن القوانين الخاصة بهم".
فأجابت تدافع عنهم:
" أنهم من سلالة الغزاة ".
وقال بأستياء :
" مثلنا , لا تحذي حذو العديد من مواطنينا السكوتلانديين فينشأ لديك مركب نقص حيال الأقطاعيين الأنكليز , نحن , معشر السكوتلانيين , مرموقون لولا أرتباطنا بأنكلترا لعشنا كأمة لها ثقافتها الخاصة وقوانينها ومعاهدها , لعصور طويلة قاومنا أبتلاع الأنكليز لنا , تذكري ذلك يا تامي كلّما شعرت بخطر طغيان غطرسة آدم على معنوياتك".
كان ذلك كافيا لأنتشالها من هوة اليأس التي غاصت فيها , فشمخت برأسها وبان في عينيها بريق غريب عندما قالت بحدة:
" ما كان آدم ليوافق على خروجي معك , ومع ذلك فقد خرجت".
أنطلقا بالسيارة ما يقارب الساعة صاعدين تدريجيا في البداية , ثم أخذ المحرك يعمل جاهدا وهما يصعدان ببطء , كانت أشعة القمر الذهبية تمتد عبر القمم وتطل من بين الصخور فتصبغ المياه الرقراقة المتدفقة في أقنية شقتها في الصخور الصوانية وتنساب تحت الجسور وتختفي , ثم تظهر ثانية متراقصة في أنحدارها ألى البحيرة البعيدة في الأسفل .
وفيما كانت السيارة تطلق أنّاتها الأخيرة في الصعود أنبسطت الطريق أمام مبنى منخفض لنزل قديم , الأنوار تتدفق من نوافذه .
ترجلت تامي من السيارة وأتجهت نحو مدخل النزل مسترشدة بالضجيج وبخيط من النور , بينما داعبت أنفها رائحة الزهور البرية.
منتديات ليلاس
كان النزل يزدحم بشبان صاخبين يطلقون الضحكات عاليا , وبينما كان ديرك يشق طريقه نحو المقصف , ثعثر شاب يحمل صينية عليها أكواب المرطبات فيما كان يمر بالقرب من تامي فتشبث بكتفها فجعلها ترتطم بالجدار , وأطلق ضحكة وأستأنف طريقه متعثرا من دون أن يعتذر لها , فعضت على شفتها وأقرت بحكمة العمة هونور , لم تكن معتادة على معاشرة هذا النوع من الناس , مزيج للهجات متعددة لم تكن لأهالي الجبال , كان معظم الشبان يرتدون ملابس المشي , قمصانا صوفية سميكة تحت سترات زاهية الألوان وسراويل سهلة الأستعمال حشرت أطراف أرجلها في جوارب صوفية برزت من أحذية جلدية عالية ذات أزرار معدنية لماعة , كانت حقائب الصيادين مكدسة على جدران بيضاء وعليها صور قديمة للصيادين وبجانبها أبواق نحاسية طويلة وحيوانات قديمة مختلفة , أباريق من الصفيح تتدلى من السقف ينعكس عليها اللهب المتصاعد من كومة حطب ضخمة في وسط مدفأة مجوفة تحلقت حولها مجموعات من الفتيات والشبان جلسوا متربعين على الأرض.
|