كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
عندما أنصرف ديرك أخذت ترتب أفكارها , وبعد تفكير عميق قررت أبقاء الأمر سرا , ستقيم العمتان الدنيا وتقعدانها بينما آدم لا يبالي بمخططاتها , ولكنها لم تستطع مقاومة رغبتها في السؤال فيما كانت تتناول الشاي مع العمة هونور:
" هل حضرت حفلة مرح ؟ سمعت أن هذه الحفلات مسلية جدا ".
" بكل تأكيد حضرتها".
ضحكت العمة هونور ووضعت فنجانها وأتكأت في مقعدها بطريقة أوحت لتامي أنها تمهيد لسرد الذكريات.
" عندما كنت شابة كانت هذه الحفلات تدوم من نهار الجمعة حتى ليل الأربعاء من دون أنقطاع , وكانت كل حفلة تبدأ بصيد الثعالب , يجتمع الصيادون في صباح يغلفه الضباب يرتدون معاطف زهرية اللون وعند أقدامهم يربض قطيع من كلاب الصيد المتحمسة , والأشجار تكسوها ألوان الخريف , وغالبا ما تكون هنالك لسعة من البرد تبقينا في حركة دائمة , وطبقة من الثلج تغطي قمم الجبال الشاهقة , كان البعض يتبع الصيادين على الأقدام وينظر ألى الجبال بالمناظير الكبّرة , وفي نهاية النهار تزأر نار ضخمة في مدفأة النزل حيث تبدأ الأحتفالات فور عودة الصيادين و أما العمل الحقيقي للتجمع فكان يجري طوال النهار في الجهة الخلفية للنزل".
" وما هو العمل الحقيقي للتجمع؟".
" أنه أعادة الخراف الضالة التي شردت في الجبال خلال العام وتسليمها ألى أصحابها رسميا , هذه هي الغاية من التجمع , المزارعون من المناطق المجاورة يجمعون خرافهم الضالة ويضعونها في زرائب خلف النزل حيث يتولى راع مسن طوال النهار تصنيفها معظم الرعاة المسنين قادرون على تمييز الخروف بأسرع ما يميزون أنسانا".
منتديات ليلاس
" أتتعنين أنهم فعلا قادرون على تمييز خروف عن آخر ؟ ولكن كيف؟".
" بواسطة العلامات التي تحملها الخراف , لكل مزرعة علامتها المميزة , يقولون أن هذا العمل يتوارثه الأبناء عن الآباء منذ عهد الفايكينغ الذين غزوا هذه الجبال وأستقروا عليها لأن موقعها ذكرهم ببلادهم , أذا كانت أذن الخراف مقروضة يقطعون طرفها كليا , أما أذا كانت الأذن مشطورة فتكون ممزوقة حتى منتصفها , وأذا كانت مفرضة فيكون الفرض بشكل رقم سبعة , وأذا كانت مقروضة مفتاحيا فيكون القرض بشكل مربع , وبما أنه لكل أذن طرف علوي وآخر سفلي ولكل خروف أذنان أثنتان فيمكن جعل العلامتين متطابقتين , كما أن هنالك الحروق في القرون أو علامات مميزة في مختلف أنحاء جسم الخروف , ولكن الرعاة المسنين لا يحتاجون ألى رؤية العلامات بل يكفي أن يلقي أحدهم نظرة واحدة ليقول:
" هذا الخروف لطوم لوثر أو هو خاصة يون غلندينينغ".
تولى تامي حماس كبير فنسيت حذرها وقالت :
" كم هذا فاتن , أتحرق شوقا لرؤية ذلك".
" لا بد لك من الأنتظار , حفلات المرح لا تقام ألا في الخريف , كثرة العمل في هذا الوقت من السنة لا تسمح للناس بأنشاء عشرين بيتا من الشعر في الساعة الثالثة صباحا".
فقالت تامي متلعثمة :
" ألا يمكن أن تكوني مخطئة ؟ سمعت أنهم ينوون أقامة حفلة مرح هذا الأسبوع".
ضمت العجوز شفتيها وقالت:
"يتمنى البعض أن يكون عيد الميلاد كل شهر , وأن تقام حفلة مرح كل أسبوع , كلا , أنت مخطئة ولا شك , المعروف عن بعض الشبان أنهم يقيمون حفلة مرح خاصة بهم وهي لا تقارن بالحفلات الحقيقية".
غيرت تامي الموضوع قبل أن تساور العجوز الريبة , ولكنها بقيت عرضة للقلق طوال النهار , ولو أمكنها أن تبعث لديرك برسالة تخبره فيها أنها غيرت رأيها لفعلت.
صعدت ألى غرفتها تحدوها رغبة في أكمال أشغال الأبرة التي أهملتها في الأسبوعين المنصرمين , وكانت قد أستقرت في مقعدها بقرب النافذة عندما دخل آدم بعد أن قرع الباب بحياء .
بدا وكأنه في مهب الريح , شعره الأسود مبعثر , نظرته جامدة كالجليد الذي يغطي قمم الجبال حيث أمضى نهاره , كانت ملابسه عادية , سترة سميكة من الصوف وسروال لركوب الخيل وقد عقد وشاحا حريريا تحت ياقة قميصه المفتوحة , قامته المنتصبة ورأسه الشامخ وملامحه العبوسة أبرزت أعتزازه بسلالته.
قالت في نفسها :
" جاء البارون فوكس يتفقد مصدر أزعاجه".
وتشبثت بغيظها لتقاوم موجة الضعف العذبة التي أعترتها , وكادت أن تمنعها من التنفس , دست قطعة التطريز وراء الوسادة ونهضت من دون أن تتأثر بظهوره المفاجىء .
" هل تريد شيئا؟".
أرتفع حاجباه دهشة وأستقرت نظرته على وجنتيها المتوهجتين أولا , ثم على الوسادة التي جعلتها مخبأ وقد ضاقت عيناه ريبة.
" هل أخترت وقتا غير مناسب لزيارة؟".
كان الرد الناعم مشحونا بالأسئلة فتابع قائلا:
" لم هذا الأحمرار ؟ لم هذه الوقفة الدفاعية ؟ ما الذي تخفيه الوسادة ؟".
أتجه نحوها وقرأت تامي أفكاره وتقدمت تسد عليه الطريق مصممة على أبقاء أمر القماش الذي طرزته بأحلامها سرا حتى يحين الوقت المناسب لمفاجأته وأتباعه بما يثبت مهارتها غير المتوقعة.
|