كاتب الموضوع :
زهورحسين
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
وتذكرت بمرارة انها حاولت يائسة ان تقنعه بصدقها وكانت دائما تريده ان يعرف انها كانت تحبه محبة اخت لاخيها0
نهض جيلبير وراح يتمشى حالما بين الاثار داخل القصر0حملت سارة دفترها الصغير الذي وضعته على حجر من الرخام وتوجهت نحو الكاتب0وخلال نصف ساعة كان جيلبير يملي عليها وهي تكتب,لكن ذهنها كان بعيدا ومشغولا بالحديث الذي جرى حتى الان عن كارلوس وابنته0
واخيرا اقتنعت بأن كارلوس لن يشفى من ميله للانكماش على الذات الايوم يلتقي امرأة بحاجة ماسة اليه0
هل تنجح باقناعه بصورة تدربجية وباستمرار,انها تحبه بشغف وانها غير قادرة ان تعيش من دونه؟
رأته بعد اسبوعين لدى عودتهما من بافوس0مر كارلوس على الفيللا بعد ظهر يوم حاروكان عائدا لتوه من نيقوسيا حيث قام ببعض الاعمال0
واخبر سارة بأن ريان بقيت هناك عند عائلة صديقة له0سألت سارة خائبة الامل عندما علمت بذهاب ابنة اخيها:
"هل ستبقى متغيبة مدة طويلة؟"
لم تنجح بعد في الاقتراب من الفتاة بشكل كاف,لكنها كانت تفرح لرفقتها0
من جهة اخرى,كلما ازدادت رؤيتها للفتاة وجدت حظا كبيرا لاستمالة محبتها0وبعد ذلك يصبح بامكانها ان تفتح موضوع الارث مع كارلوس وتقترح عليه ان تحول هذه الثروة الموروثة اليه0
اجاب كارلوس بعد جلس على مقعد قربها:
"ستبقى حوالي اسبوع هناك"
قدم له جيلبيرعلبة السكائر,لكنه رفض قائلا:
"اقفلت مدرستها في الوقت الحاضر,بسبب تحسين المبنى وتزيينه0لا اعرف لماذا اختاروا هذه الفترة من السنة لهذه الاعمال مادامت العطلة الصيفية ستبدأ خلال شهرين0كان بامكانهم تأجيل اعمال البناء للصيف"
منتديات ليلاس
رفع عينه عندما اقترب منه جيلبير ليسأله ماذا يشرب0وكانت سارة تتامله بينما كان جيلبير يسكب له كأسا منعشة0وراحت تتسأل مع من بقيت ريان؟؟
مع امرأة من دون شك!كانت على وشك ان تطرح عليه الاسئلة لكنها حبست كلماتها بين شفتيها0
فليست قريبة من كارلوس لدرجة ان تطرح عليه اسئلة شخصية0
سأل كارلوس الكاتب كيف امضى اقامته في بافوس0فاجابه:
"اقامة رائعة,لكننا عملنا كثيرا0سنبقى هنا ثلاث اسابيع لكتابة مادوناه من معلومات 0لقد زرنا قصر فوني 0انه رائع جدا"
"القصر ليس قديما كما كنا نعتقد0يعود الى القرن السادس عشر وبني في العهد الذي كانت فيه الجزيرة منقسمة بين الذين يدعمون اليونانين والذين يدعمون الفرس0لكنك تعرف كل هذه الاشياء,ياجيلبير"
"نعم قرأت كتب التأريخ,لكنني اهتم كثيرا بسماع رجل قبرصي يكلمني"
ابتسم كارلوس وقال:
"لم امارس كوني قبرصيا الافي المرحلة الاخيرة من حياتي ولذلك لايمكنني ان اقول انني اعرف اشياء كثيرة عن قبرص"
"لكنك تعرف العادات والتقاليد والفولكلور والاعياد التقليدية في القرى00"
هز كارلوس رأسه وجرع جرعة من كأسه0وفجأة بدا كأنه بعيد جدا,كأن الحديث لايهمه0قطبت سارة حاجبيها0كارلوس ينكمش احيانا على نفسه دون سبب واضح0بماذا يفكر؟شعرت بضرورة اعادته الى الواقع فقالت بسرعة:
"جيلبير مستعد دائما ان يطلب مساعدتك0انه يستعمل المعلومات المباشرة عندما يكون ذلك ممكننا"
تلألأت عينا كارلوس,فأجاب:
"حسنا,ياسارة"
ابتسمت له ونظرت اليه بعينين ناعمتين,فكارلوس لا يبتسم عادة,لكنه هذه المرة التفت اليها بابتسامة صادقة0
فقال جيلبير:
"شكرا,ياكارلوس0كنت امل ان انال عونك0هل تبقى معنا للعشاء؟"
بعد لحظة تردد وافق على قبول الدعوة0ونظرت سارة اليه وتأكدت من انه فرح بصدق0
ولما نهض كارلوس ليودع سارة وجيلبير ,دعاهما الى العشاء في مساء اليوم التالي,فقبلا دعوته شاكرين,لكن في صباح اليوم التالي اصيب جيلبير بألم حاد في رأسه في اخر النهار,فلم يكن فادرا على الخروج فقال:
"ستذهبين وحدك,ياسارة وتعتذرين عني لدى كارلوس,اليس كذلك؟"
"نعم طبعا000لكني لااحب ان اتركك وحدك"
ابتسم لها وقال:
"يا ابنتي لست مضطرة الى العمل طيلة الوقت0اذا كنت تعملين في مكتب ما,فلن تعملي ساعات عديدة كهذه"
"عندما يحب الانسان مايفعله ,فلا يعتبره عملا"
توقفت عن الكلام ولمحت بريق الحنان في عيني جيلبير فقالت:
"بامكاني ان اتصل هاتفيا بكارلوس000"
قاطعها قائلا:
"يجب ان تذهبي سأدخل الى فراشي بعد قليل ولاسبب في بقائك هنا0ستفرحان في ان تكونا وحيدين هذه لمرة واني اكيد ان لديكما امورا كثيرة بحاجة للتوضيح فيما بينكما"
اقترح عليها ان تأخذ السيارة لكنها فضلت الذهاب مشيا على الاقدام فمنزل كارلوس لايبعد الا مسافة كيلو متر واحد عن الفيللا0
كان كارلوس في بزة مريحة وانيقة من الكتان الابيض,تؤكد نحافته وقميصه الابيض يظهر بشرته الجافة0
قطب حاجبيه بقلق عندما شرحت له سارة سبب تغيب جيلبير0
"يقول ان الحر يزعجه احيانا"
"عادة,الحر ليس قويا في ايار(مايو)0هل تعتقدين ان جيلبير بحاجة الى طبيب؟"
"لااعتقد 0انه يعاني احيانا من الام الرأس0لاشك ان ذلك عائد لتعب النظر,لكن هذه الالام سرعان ماتختفي بعد راحة ونوم هادىء"
اما سارة فكانت ترتدي فستانا واسعا رقيقا0وراح كارلوس ينظر اليها كأنه يلاحظ جمالها لاول مرة0
كانت عيناه تحدقان بشعرها القصير المجعد,وكتفيها السمراويين,وارتعش كأنه شعر بندم من اعماقه0 ازاحت سارة وجهها,مضطربة,يختلجها شعور عنيف0
لكن سرعان مااختفى انزعاجها وابتسمت له بعفوية رائعة0ردعليها بابتسامة لطفت ملامح وجهه0فانتفض قلب سارة وادركت بخوف انها سلكت طريقا خطرة,لكنها لم تعد قادرة ولاتريد ان ترجع الى الوراء ولمدة لحظة قصيرة تذكرت ان كارلوس يعتبرها شقيقته,لكنها بدأت شيئا فشيئا تتخيل مستقبلا رائعا يتجاوز امالها المجنونة0
دعاها الى الجلوس وسكب لها كأسا,وشعرت بارتياح وهي ترد عن الاسئلة التي كان يطرحها كارلوس عن حياتها وعملها0وتجرأت ان تسأله بدورها 0فعرفت انه غادر اليونان منذ سنوات قليلة وجاء الى قبرص ووجد عملا في مكتب0
"مديري كان راضيا عن عملي0ومات فجأة تاركا لي ارثا ساعدني على الانطلاق0فاشتريت بستانا للحمضيات قرب فاموغوستا0وبعد مرور زمن قصير شهدت المدينة امتدادا سريعا بسبب السياحة واصبح سعر الارض مرتفعا0كذلك عاودني الحظ فعقدت صفقة مع رجل يملك بساتين في مورفو0وقمنا بعقد تبادل0اراضيه كانت اوسع من اراضي,لكنها اقل قيمة"
"قال لي جيلبير ان احدهم اقترح عليه شراء قطعة ارض على سفح التلة القريبة من الفيللا0وهويفكر بشرائها وبناء منزل اذ بامكانه ان يتقاعد هنا ويقضي اخر سنوات عمره"
"انها فكرة رائعة0انصحه ان يشتري في الحال0وسيكون له اجمل منظر في الجزيرة"
واكمل كارلوس قصصه الكثيرة وعلمت سارة انه اشترى بساتين اخرى في فاموغوستا ومورفو0
وبعدها قرر ان يعلب عصير الفاكهة التي تنبت في بساتينه0 والان يفكر في توسيع مصنعه الذي يقع في ضواحي نيقوسيا0
"يجب ان تكون فخورا بنجاحك,اليس كذلك؟"
هز رأسه بصورة الية وتناول كأسه0شعرت انه بدأ يبتعد عنها0وتسألت ما اذا كان يفكر بزوجته الراحلة0فسألته:
"منذ متى تسكن هذه الفيللا؟"
"منذ سنتين0احتجت الى سنة لترميمها"
"اذن,اليسون00لم يتسن لها00"
لم تكن تنوي التحدث عن اليسون0انخفض صوته حتى انطفأت الكلمات في حنجرتها0راحت تنظر في وجهه عن ردة فعل,لكنه اكتفى بهز رأسه والاجابة بصوت حزين:
"لم تعرف اليسون الراحة التي يجلبها المال0عرفت كل الصعوبات من دون ان تنال أي مكافأة"
كان ينظر الى الشمس التي تغيب وراء الافق0وراحت الوان السماء تميل من الاحمر,الى الاصفر العنبري,الى الذهبي0
اطلقت سارة تنهيدة صغيرة0
فرفع حاجبه متسائلا:
"اني 000اني اشعر بحزن كبير"
تحاشت نظراته وحدقت بمحتوى كأسها0انحنى كارلوس الى الوراء على مقعده وبعد صمت طويل رفع عينيه وقال:
"كل هذا يعود الى الماضي"
جاء خادمه معلنا ان العشاء جاهز ولم يتكلما بهذا الموضوع خلال السهرة كلها0
انتهى الفصل الرابع
قرأة ممتعة
|