متى حانت الفرصة المناسبة ستطلب من كارلوس ان يسمح لها بأن تحول هذا المال الى ابنته0
واذا وافق تكون قد تخلصت من حمل ثقيل0
تابع كارلوس:
"من الصعب للاجانب ان يحصلوا على اجازات عمل0ماذا تفعلين هنا؟"
"اعمل عند الكاتب جيلبير غولغروف"
"انه يؤلف كتب الاسفار,اليس كذلك؟لقد قرأت بعضا منها,عملك ممتع,اليس كذلك؟"

"نعم,لاننانسافر كل سنة0سنبقى في قبرص سنة كاملة وحين يزف موعد رحيلي من هنا,سنظل نراسل بعضنا,اليس كذلك؟"

"طبعا"
قالت بعد تردد كبير:
"ربمابامكاني ان اقضي عطلتي معك؟"
اجابها في الحال,كانه يشعر بقلقها:
"يكون الامر رائعا0هل تريدين المزيد من الشراب؟"
قبلت ضاحكة0من زمان لم تشعر بسعادة كهذه0
عاد كارلوس حاملا صينية المازة المؤلفة من عدد من الاطباق الشهية التي تؤكل كمقبلات,امسكت سارة كأسها وقالت:
منتديات ليلاس
"لنشرب نخب صداقتنا الجديدة؟"
رفع كارلوس كأسه وشربا معا0وبعد فترة سألته سارة عن اسم ابنته فاجابها:

"اريان00لكننا نناديها ريان"
"اريان0اسم جميل لمحتها ذات صباح عندما كنت اتنزه قبل الفطور0كانت في الحديقة وبعد ذلك رأيتها في السيارة معك"

"اتذكر ان التقيت بامرأة اجنبية"
"اننانسكن في لابيتوس,في فيللا يملكها اشخاص اميريكيون اثرياء"

"عائلة ستيفيل؟عرفت انهم اجروا منزلهم لصديق لهم0انه منزل فاخر,هل يعجبك؟"

"انه رائع فعلا والمنظر الذي يطل عليه المنزل جميل"
هز كارلوس رأسه وقال:
"اثاروا اهتماماكبيرا في القرية بنوافذ هذه الفيللا0لم يسبق ان رأينا مثلها في لابيتوس"

"منزلك رائع ايضا0من الخارج على الاقل0انه اقدم من الفيللا التي نسكنها"

وافق كارلوس معهاواضاف يقول:
"كان منزلي خرابا عندما اشتريته0اعتقد انه سيعجبك بطريقة مختلفة عن اعجابك بالفيللا التابعة لال ستيفيل"

"اني اكيدة باني سأحبه0بقيت مدة طويلة واقفة امام المدخل اراقب الحديقة التي اعجبتني كثيرا"
"يجب ان تاتي لزيارتنا قريبا0ستفرح ريان بالتعرف على خالتها"

قال جيلبير لسارة قبل ان يذهبا للنوم:
"ياللمفاجأة0لايسعني التصديق انك التقيت بكارلوس هنا,لكني سعيد من اجلك,ياابنتي"

"لايسعني تصديق ذلك اناايضا"
ابتسمت ومن دون وعي كتفت يديها وقالت:
"لقد دعاني الى زيارته0هل بامكانني تلبية دعوته والذهاب في الغد؟"

"طبعا0قلت لك اننا لن نبدأ العمل قبل مدة وجيزة0لم اختر بعد نوع الكتاب الذي سأضعه0انه كتاب سفر,لان هذا ما ينتظر مني,لكنني اريد ان افهم القبارصة لادخل في الكتاب تجربتي الشخصية0فيتجاوز الكتاب تحديد الاماكن والاديرة0ويجب ان يعكس الحياة في الجزيرة باكملها"
اندهشت سارة ونظرت اليه برهة في صمت,ثم قالت بأن الجزيرة بدأت تفتنها0فاجاب:

"اظن اني ساصبح رجلا عاطفيا كلما كبرت في السن00واقل اهتماما00"
لم تقل الفتاة شيئا0بل عبر عينيها تعبير حالم0وتردد جيلبير لحظة قبل ان يضيف قائلا:

"اعرف ان الامر لايخصني,لكن بماانك في الماضي قدوثقت بي وتكلمت معي بصراحة,اشعر بجرأة الان ان اطرح عليك هذا السؤال:

"هل اقترحت على كارلوس ان تعيدي له الثروة التي ورثتها عن والديه"

اشارت بحركة سلبية وقالت:
"كنت اكيدة بانه سيرفضها0لكني انوي ان احولها لابنته0وآمل ان يسمح لي بذلك0هذا المال يشبه سلسلة ضيقة حول عنقي"
ضحك جيلبير وقال:
"ياابنتي العزيزة,معظم الناس يشعرون بسعادة كبرى لامتلاك مثل هذه الثروة"

"لقد فكرت دائما ان هذه الثروة تعود الى كارلوس ولذلك لم المسها"

"كيف يعيش كارلوس الان؟"
"يملك مروجا واسعة وبساتين ليمون في شمال غرب الجزيرة,قرب مورفو00لقد تحدثت مع كورني قبل انتهاء الحفلة,فاخبرني ان كارلوس اصابه حظ يفلق الصخر0لكنه في البداية عمل كثيرآ وبقسوة0وعدا هذه البساتين,يملك كارلوس ايضا معملا لصناعة المعلبات0انه يعلب الفاكهة"

"لاشك انه عمل بكد0اذا لم يكن يملك فعلا المال الكافي للذهاب الى انكلترا منذ خمس سنوات"
قالت سارة بصوت حزين:
"اليس ماحدث لاليسون امر شنيعا؟كانت في عز شبابها"
رمقها جيلبير بنظرة غريبة وقال:
"هل تغلب كارلوس على هذه المحنة؟"
قطبت سارة حاجبيها وقالت:
"كان مضطرباجدا عندما اخبرني بموتها,لكن000الظاهر انه تغلب على هذه المحنة"
"ليس من عجب,فالزمن يمحو حدة المصيبة00بعد خمس سنوات,لاتنسي ان الوقت علاج الالم"

وافقت سارة معه وتسألت لماذا حبها لكارلوس بقي حيويا وقوياالى درجة انهالم تفكر ابدا ان تتزوج من رجل اخر0 كان دائما موجودا في عقلها0
منتديات ليلاس
وكانت لاتعرف سبب حبها المستمر0لقد اكتشفت حقيقة عواطفهاتجاهه منذ ان كانت ماتزال فتاة صغيرة0

والان بعدما التقته من جديد بدأت تشعر بالسعادة لهذه الصداقة0لقد رأت بارتياح ان الحاجز الذي انتصب بينهمابسبب والديه تهدم في لحظات قليلة0

وبعد ظهراليوم التالي خرجت سارة من الفيللا الحديثة العهد بخطى سريعة واتجهت نحو المنزل التركي الطراز حيث كان يعيش كارلوس وابنته0
استقبلها كارلوس على مدخل الحديقة,بسرواله الرمادي وقميصه الازرق0
فابتلعت ريقها بصعوبة وحاولت بجهد الابتسام0
كم هو جذاب وواثق من نفسه!وتسألت لماذا تفقد ثقتهاواتزانها الداخلي معه0
تكلم كارلوس بدهشة وفرح:

"هل هناك شيء على غير مايرام؟تبدين متقطعة الانفاس"

"اسرعت للمجيء0منذ الصباح وانا اشعر برغبة كبيرة في الوصول الى هنا"

ران صمت غريب0فتوجه كارلوس معها نحو المنزل وقال:
"لقد تغيرت0لم تعودي مندفعة وعفوية كما كنت في الصغر"
رفعت رأسها لتنظر اليه وقالت:

"لم اعد اذكر0هذا زمن قديم وبعيد جدآ"
هز راسه وقال:
"تسع سنوات!صبانا بعيد"
احتجت وقطبت جبينها:
"لسنابأشخاص مسنين"
"لسنا عجزة ولسنا شباب00انا على الاقل,لكن انت تصغرينني بخمس سنوات"
مازال يتذكر عمرها!ابتسمت وقالت محاولة تغيير الحديث:
"هل ريان هنا؟"
"نعم,لكنهاوسخت فستانها ومربيتها ثولا تساعدها على تغيير ملابسها"
تذكرت سارة هيئة الفتاة النظيفة وكلمات الخادمة:"انتبهي الا توسخي ثيابك0تعرفين مايكون قصاص والدك اذا رأى بقعة على ثوبك"

ادخل كارلوس سارة الى الصالون وظلت واقفة وسط الغرفة معجبة بطرازها ثم قالت:

"انهارائعة0منزلك اقدم واجمل من منزلنا"
بدا مسرورا لهذه الملاحظة واشار الى مقعد مريح وقال:
"اجلسي ياسارة"
"شكرا"
ظلت تنظر حولها وسألته:
"هل اشتريت هذه التماثيل والعاجيات من قبرص؟"
"كلا,معظمها جئت بها من مصر ولبنان0احب السفر وغالبا ما اجلب معي شيئا من البلد الذي ازوره"
"جيلبير وانا ذهبنا الى مصر منذ سنتين,لكني لم اجد مثل هذه الاشياء هناك"

"يجب ان تعرفي اين تفتشين0فالمحلات القديمة ليست معروفة لدى السياح"
اتجه نحو خزانة زجاجية وسألها:

"ماذا تحبين ان تشربي ,ياسارة؟هل تحبين ان تتذوقي عصير الفاكهة المعلبة من مصانعنا؟"
تناول زجاجة واسم انجلوس عليها0وبعد ان احتست جرعة من العصير قالت:

"انها لذيذة الطعم0انت تصنعها اليس كذلك؟"
"نعم00"
توقف عن الكلام وتلالات عيناه الخضراوان فجأة فالتفت سارة الى الوراء ورأت فتاة باشد اناقتها ونظافتها واقفة على عتبة الباب0
منتديات ليلاس

"ادخلي,ياريان0لاتخجلي0تعرفين من هنا,اليس كذلك؟"

هزت الفتاة رأسها واقتربت0ثم مدت يدها بلطف وقالت كأنها تتلو امثولتها:

"صباح الخير,ياعمتي سارة0اناسعيدة بالتعرف عليك"
وفي الحال توارى مزاج سارة المرح0هذا ليس التصرف الطبيعي لطفلة في سنها0 0ريان فتاة جدية بالنسبة الى عمرها,فمن المسؤول عن هذا؟الاب ام المربية؟

"وانامسرورة ايضابالتعرف عليك,ياريان0هل تحبين الجلوس قربي؟"
المقعد كان واسعا لكن الفتاة رمقتها مترددة وقالت:
"
"اخاف ان ادعك فستاني"
توجهت الى كرسي اخروجلست بتأن وحذر وانتباه0ثم كتفت يديها فوق ركبتيها وراحت تتأمل سارة مطولا وتقول:

"قال لي والدي انك تسكنين فيللا السيد ستيفل0كنانزوره احيانا"
"اه صحيح؟اذن ستأتين لزيارتي؟"
القت ريان نظرة الى والدها الذي كان جالسا على الاريكة فهز رأسه وقال:

"نعم,سنذهب لزيارة العمة سارة!"

"وسنتناول الشاي كما كنا نفعل مع السيد والسيدة ستيفل؟"

"طبعا"
بدأت سارة تشعر بانزعاج منذوصول الفتاة0كانت تفضلها سارة باحذية وسخة وشرائط معكوفة0كانت تشبه لعبة او دمى في واجهات المحلات,جميلة,كاملة,مثالية00
لكنها مجردة من أي شخصية0
كيف يمكن لابنة كارلوس ان تكون خالية من الشخصية الى هذا الحد؟
لاشك ان هناك من يخنقها؟لكن من؟رفعت عينيها الى كارلوس بتفصيل00
ولمع الجواب كالبرق0كارلوس يعامل ابنته هكذا كردة فعل لالام طفولته يريد ان يفعمها حبا اويصر على تغيير ملابسها كلمالطختهاببقعة واحدة0
ما العمل؟تسألت سارة وهي تنظر الى ريان ووالدها مفكرة:
منتديات ليلاس

"لايحق لي التدخل0ان ريان ابنة كارلوس وانا لست سوى غريبة0لكن أي اسف سيكون اذا لم تتغير هذه الفتاة!سينتهي بها الامر الى ان تشبه يوما الانسان الالي!"

انتهى الفصل الثاني
قرأة ممتعة

بالانتظار

3-الحب المردود
********************
خلال الاسبوعين المخصصين للعطلة قبل البدء بالعمل كانت تمطر على سارة وجيلبير الدعوات من قبل القبارصة والانكليز0
وخلال الايام العشرة الاولى,حضر جيلبير وسارة خمس حفلات كوكتيل وثلاث دعوات الى العشاء وسهرة اقامها لينوس بيتسوس بمناسبة عيد ميلاد شقيقته كاترينا التي بلغ عمرها السادسة عشرة0
كانت قد تمت خطبتها من قبرصي يوناني مازال يتلقى علومه في لندن0ولينوس كان يحضر جميع الدعوات التي دعي اليها جيلبير وسارة,ولم يخف اعجابه بالفتاة الانكليزية الشابة0
كان ثريا ويبلغ السادسة والعشرين من عمره,ورث ثروة ضخمة عن والدته التي توفيت قبل سنة0يملك بناية كبيرة في نيقوسيا ويسكن في شقة مع شقيقته,لكنه يمضي عطل نهاية الاسبوع في قصره في ايوس غوريس,البلدة الواقعة على شاطىء البحر0وامام واجهة الفيللا شرفة واسعة لاخذ حمام الشمس,مزينة بالزهور والنباتات المتسلقة 0وهنا تم حفل عيد ميلاد شقيقته0فتحت الابواب الزجاجية لكي يتمكن المدعوون من الدخول والخروج حسب راحتهم0
كان كارلوس وسارة جالسين في الدار عندما كان لينوس متوجها نحو الشرفة,فتوقف ليثرثر معهما0وظل نظره محدقا بوجه الفتاة ولم يبتسم الا لها0
ثم تركهما للقاء باقي المدعوين الجالسين على الشرفة0ابتسم كارلوس بدوره وقال بلا مبالاة وبصوت مليء بروح النكتة:
"انك لاشك تلاحظين اعجاب لينوس بك"
منتديات ليلاس
لم ترد عليه لكنها احمرت خجلا0فاكمل كارلوس حديثه قائلا:
"انه نصر لك,ياسارة,لان لينوس لايهتم عادة بالنساء0هناك عدد لايستهان به من العائلات يتمنون ان يصبح لينوس صهر بيتهم,لكنه حتى الان لم يعط اهمية لاي امراة"
انطفأت ابتسامته0لاشك ان لاوعيه اخذه الى طفولته المستوحدة0فنادرا ماتبتسم شفتاه النحيلتان والقاسيتان,اما نظراته,فهي متحفظة وبعيدة كأنه ضائع في احلام كئيبة0
وتتسأل سارة دائما اذا كان كارلوس يتخيل زوجته الراحلة ويتذكر الايام السعيدة القصيرة التي قضياها معا0انه الان لاشك منغمس بهذا النوع من الحلم في اليقظة0وكانت سارة تعرف جيدا انه سيحزن اذا قاطعت حبل تفكيره0
اخيرا قطع الصمت بنفسه وقال بجدية:
"الم تفكري ابدا بالزواج,ياسارة؟"
ران الصمت من جديد0ماذا تكون ردة فعله اذا قالت السبب الذي من اجله لم تفكر بهذا الموضوع ابدا؟
اخيرا اجابت:
"احب عملي0وهذا كافي ليمنحني الاكتفاء المطلوب"
التفت اليها لينظر اليها مفصلا0ومرت عيناه ببطء من جبينها الذي تنسدل عليه خصلات مجعدة من شعرها الاشقر الى ذقنها المروس,ثم الى عنقها الانيق0
وردد رافعا حاجبيه بخفة: