في الواقع , لا ترغب لورنا أن يتحقق ما قاله مايك أخيرا .... لا يمكنها أن تنساه , نظرت الى قطع الثلج داخل الكأس فنصحها قائلا:
" أشربي , جسمك بحاجة ماسة الى الماء في هذا المناخ الحار والجاف , ستشعرين بتحسن كبير بعد ذلك......".
جرع مايك كأسه دفعة واحدة , وكبتت لورنا رغبتها في أفراغ الشراب على رأس مايك , وأخذت جرعة , ثم شربت الباقي دفعة واحدة .... وشعرت بالأنتعاش.....
كان مايك يراقب قدمي الفتاة وقال:
" دعيني أساعدك على خلع هذه الأحذية غير المريحة".
أنتفضت , مساء أمس , بينما كان يساعدها على خلع صندلها , أغتنم هذه الفرصة وتصرف بنعومة فائقة... أما الآن فالأمر يختلف كليا , في البداية كانت تشعر بأنفعال مضطرب , دليل أول تفتح لأنوثتها , وهذا الشعور كان ينذر بأحساس أغنى وأشد عمقا....
ومن دون أن ينتظر دها , ركع مايك وساعد الفتاة على خلع الأحذية , وهي راحت تتأمل رأسه الأسمر المنحني فوق قدميها , ثم وقع نظرها على معصم مايك المحاط بالرباط , فأحمرت خجلا وقالت:
"أنا.... لا أعرف ما الذي دفعني الى فعل ذلك".
" ماذا؟ .... آه نعم ... لا شيء يذكر , أنها لا تؤلمني".
" لكنني أتألم عنك ! ما كان يجب أن أعضك...........".
" لقد تصرفت أبنة أخت الليدي أوغوستا مثل هر مفترس!".
أرتاح لأنه نجح في تهدئة روعها , فأبتسم لها وقال:
" لا خطر عليّ حتى ولو بقيت آثار العضة بعض الوقت!".
" هذه الكدمات , ألن تبقى الى الأبد؟".
" لن تبقى في معصمي !".
تجهّم وجهه وبات صوته قاسيا , تقلصت لورنا خوفا من أن يبدأ بمغازلتها الآن لأنها غير مستعدة لتقبل ذلك, فجأة شعرت بالقميص الرطب يلتصق بظهرها وقالت:منتديات ليلاس
" آه ,لو بأمكاني أن آخذ حماما!".
" يا أبنتي المسكينة ! لقد حجزتك هنا....أسمعي , أرتدي ملابسك وسأوصلك الى القاهرة في الحال , ستصلين الى فندقك مع حلول الليل , وهناك بأمكانك أن تستحمي وتنامي في سرير مريح ".
لكن هذا الأقتراح لم يعجب الفتاة فقالت:
" هذا مستحيل......أنت مضطر أن تبقى هنا لتدفع الى الموظفين , في كل حال...........".
توقفت عن الكلام , وأصابتها الحيرة , أي عذر ستقدمه؟ لم تكن على أستعداد لأن تواجه خالتها هذا المساء , خالتها هذا المساء , خاصة أنها لا ترغب في الذهاب قبل الوقت المحدد لا تريد الأبتعاد عن مايك ألا أذا أضطرت لذلك , ما هذا التفاوت في الرأي بين ما تشعر به الآن وما شعرت به بعد التمثيل مباشرة ! لكنها لن تراه أبدا وهذه الفكرة بحد ذاتها تخيفها وتدمرها , فهي غير قادرة أن تصرّح له بالأمر! ولحسن الحظ أعتراضها الأول فعل فعله المطلوب فقال:
" آه , لقد نسيت , لا يمكنني أن أدع بوب يقوم بذلك وحده , لكن ربما هناك غيري ذاهب الى القاهرة , على ما أظن".
منتديات ليلاس
قالت بعنف وحزم:
" لا, لا أشعر بأمكانية السفر اليوم , أليس هذا ما شرحته لخالتي؟ سأبقى حتى صباح الد.... أذا لم أكن أمنعك من النوم في خيمتك".
" سيكون هناك أمكنة فارغة, ماريو برازيني سيغادر في المساء , ربما بأمكاني أن أنام في خيمته , أذا كنت ترغبين حقا في قضاء الليل هنا , سأذهب لأجلب لك أناء كبيرا ,وبأمكانك أن تغتسلي في أرتياح".
" أنت لطيف جدا ".
بدا مرتبكا وقال :
" تصورت أنني أهنتك!".
رفعت كتفيها وقالت:
" أرجوك , لننسى ذلك , في كل حال , هذا لا يعني شيئا , لي ولك".
تغيّر وجه مايك فجأة , فتقدم خطوة وقال :
" لورنا..........".
لم تسمع التتمة , أذ في اللحظة نفسها سمعت صوتا من الخارج يقول:
" هل أنت في وضع لائق يا مايك, هل تغيّر ملابسك ؟ وهل بأمكاني الدخول؟".
أرتعد مايك كأنه أصيب بتيار كهربائي , نظر الى لورنا بعينين مذنبتين وتوجه الى فتحة الخيمة هاتفا:منتديات ليلاس
" آنيتا ! كم أنا سعيد لرؤيتك! أدخلي".
بدا على مايك أنه مسرور جدا لأستقبال أنيتا... ولم تصدق لورنا ما تراه.
دخلت أنيتا بسرعة لكنها تسمرت مكانها عندما رأت لورنا وقالت:
" تصورتك وحدك".
" كما ترين , أنا لست وحدي , أقدم لك لورنا ترافيرس , لورنا هذه أنيتا أورمان".
أنيتا أمرأة قصيرة القامة , سمراء في حوالي الثلاثين من عمرها , ربما تكون بعمر مايك , لم تكن جميلة رغم عينيها السوداوين البرّاقتين , غير أن فمها ضيّق وبشرتها شاحبة ,كانت ترتدي لباس الأدغال , نظرت الى لورنا نظرة شك وقالت:
" وماذا تفعل هنا , الآنسة ترافيرس؟".
كانت تتكلم الأنكليزية بطلاقة , أجابها مايك قائلا:
" في الوقت الحاضر هذه الخيمة خيمتها, وأنا جئت لأجلب لها الشراب المنعش , أما أنت , فماذا تفعلين هنا؟".
" أقوم بدليل لمجموعة من السياح الأجانب , كنا في طريقنا الى سيدي دارا وحين لمحنا الفرقة في الصحراء , أردنا أن نعرف أي فيلم تقوم بتصويره".
" أذن جئت الى هنا للأستعلام ".
" هذه وظيفتي , يجب أن أستعلم عن كل شيء , وكذلك أنها فرصة لأراك".
ضحك مايك وقال:
" أنيتا , الجاسوسة!".
ثم وضع ذراعه على كتفي المرأة وأضاف:
" أنيتا هي صديقة عزيزة على قلبي .......".
" آه منك! هذا الرجل يقضي معظم أوقاته في مغازلة النساء , يا آنسة ترافيرس".
" بأمكاني أن أصدق كلامك".
" هل أستعرض لك كل مواهبه؟".
صرفت لورنا النظر عن الرد على هذا السؤال , لكن الفتاة أضافت تقول:
" هل كنت عاقلة؟ لا شك أنك تتصرفين بلباقة أكثر منه".