أرادت أن تجرح شعوره وعزة نفسه , لكن نظراته ظلت تعبر عن مزيج من الأسف والحزن , فقال:
" للأسف , أنت على حق , عليّ أن أستغني عن هذا الحظ النادر ".
ثم نظر الى ساعة يده وهتف قائلا:
" يا ألهي! الساعة متأخرة وأنا أقول تفاهات وأنت لا شك تستعدين للنوم !".
" لا أشعر بالنعاس أنما وجدت تفاهاتك مسلية ".
تنهد بثقل وقال:
" يجب من وقت الى آخر أن يغيّر الأنسان نظام حياته وينوع قراراته , وأنت ستشعرين بالعزاء لأنني سأصرح لك بأنني أحبت .... هذه المناقشة".
" في هذه الحال , فقد تسلينا معا تماما , وأنا آسفة لأنني جعلتك تسهر الى هذه الساعة المتأخرة من الليل , ستعمل باكرا في الغد , على ما أظن".
" لقد سبق وقلت لك بأنني لا أنام قبل منتصف الليل مهما أضطررت أن أستيقظ باكرا , أنا عصفور ليلي.... أما أنت فلست مرغمة لأن تستيقظي باكرا مثلنا , أذا ما كنت ترغبين في النوم حتى ساعة متأخرة من الصباح , سأذهب الآن لرؤية السيدة بلامر وسأطلب منها أن تعيرك قميص نوم , كما سأجلب لك بعض الماء للأغتسال".
تردد قليلا كأنه أنزعج ثم قال:منتديات ليلاس
" هذا مصباح للجيب .....أحذري العقارب".
أسترخت قليلا لأن مايك بدأ يتصرف أتجاهها بلطف , ثم قالت:
" شكرا , لكنك لست مضطرا أن تهتم بي أنت بالذات".
" ألا تجدينني فعذالا وأيجابيا".
أبتسم ثم أضاف يقول:
" لا يمكنني أن أثق بأحد غيري لمساعدتك".
تناول الصينية وخرج.
منتديات ليلاس
نهضت لورنا من السرير , فما زالت تشعر بالضعف , أنتعلت حذاءها وأمسكت المصباح ورفعت جانب الخيمة , لاحظت أن المخيم يقع في تجويف محاط بالصخور وتلال الرمل , بعض الأنوار تلمع هنا وهناك مثل الحباحب , لكن خيمة مايك كانت على حدة نسبة الى الآخرين , من وقت لآخر كانت تسمع الضحكات أ الموسيقى , بعض الأحصنة المربوطة بالأوتاد تخشخش بسلاسلها.
أبتعدت لورنا قليلا عن الخيمة خوفا من العقارب , ولما عاد مايك كانت قد عادت الى الخيمة , كان يحمل وعاء كبيرا من البلاستيك وأبريق ماء ساخنة ومنشفة وصابونة وقميص نوم من قماش النايلون , سحب حقيبته من تحت سريره وأخرج منها مئزرا وبابوجا وقال :
" ربما وجدت البابوج واسعا , لكنه سيكون مفيدا لك فيما أذا سمعت أنذارا بالخطر في الليل".
" ماذا؟ هل هناك أنذار خطر؟".منتديات ليلاس
" ليس دائما , لكن في هذه المنطقة بالذات نتوقع حدوث أي شيء , هل لديك كل ما تريدين؟".
" نعم , شكرا".
كانت تريد مشطا أو فرشاة شعر لكنها لا تريد أزعاجه , لكنه فطن للأمر فجأة وسحب من جيبه مشطا وقدمه لها بأبتسامة ساحرة قائلا:
" أنه نظيف".
" آه...... شكرا! لكل شيء".
" آه , لم تكفي لحظة عن شكري , الفاتورة ستكون مرتفعة....".
رفعت وجهها نحوه وقالت:
" هل تريد دفعة على الحساب؟".
بدا مندهشا ولمعت عيناه وقال:
" ما دمت كريمة , لم لا؟".
جذبها اليه بنعومة في بادىء الأمر , ثم بشدة , وشعرت لورنا بالدم يغلي في جسمها وبأحاسيس غريبة تستيقظ في داخلها , فجأة دفعها عنه بعنف وقال:
" لا تدفعيني لأرتكاب أمر جنوني .......".
نظر اليها معاتبا وأدار ظهره قائلا:
"سيهتم ألبرتو بك صباح الغد فسيحضر لك فطور الصباح وبيدلك على مكان سيارتك , لن تضلي الطريق هذه المرة لأنها ستكون سهلة , لكن لا تذهبي في ساعة متأخرة , لأن الطريق طويلة ".
" وأين تكون أنت حينذاك؟".
" في مكان التصوير , وكما سبق وقلت لك سنبدأ التصوير في الفجر".
" أذن لن أراك بعد الآن؟".
" كلا, لا أظن , أتمنى لك ليلة سعيدة وعودة سليمة ".
أرادت أن تشكره أيضا , لكنه قاطعها قائلا:
" ..... لقد وفيت جميع ديونك".
وضع أصبعا على فمها وقال:
" نامي جيدا".
وخرج , نظرت لورنا حولها وشعرت بأنها مهجورة .







نهاية الفصل الثاني.................

3- الممثلة الرئيسية , بطلة الفيلم


نامت لورنا فورا , وكان الظلام ما يزال منتشرا عندما أستيقظت من نومها , لكنها سمعت حركة قوية تسيطر على المخيّم , وفكرت بأسف بأن مايك سيرحل عما قريب , تعرفا الى بعضهما بطريقة غريبة وسريعة وتبادلا معا المواضيع الحميمة , وأنتهى اللقاء بعناق .... لم يسبق أن تصرفت لورنا بهذه الطريقة من قبل! لقد أيقظ فيها مايك فافرشام أحاسيس عميقة لم تشك أبدا بوجودها , لكنه بلا ريب ذهب الآن ولم يعد لها أي حظ في علاقة جميلة معه.
فجأة حل النهار ودخل الى الخيمة رجل قصير وسمين , له لحية سوداء , حاملا في يده فنجان شاي وأبريق ماء ساخنة , وقال بالأيطالية وبأبتسامة عريضة:
"صباح الخير , يا آنسة , هل تريدين فنجانا من الشاي؟".
ولم ينتظر ردها أذ وضع الفنجان على الطاولة قرب السرير ورفع باب الخيمة بغية أدخال الضوء والهواء النقي , , ثم أطفأ المصباح الذي بقي شاعلا طوال الليل لأن لورنا لا تحب العتمة الكاملة , ثم أخرج وعاء الماء وأفرغه خارج الخيمة ونشفه بمريوله ووضعه من جديد على الكرسي الصغير ووضع بجانبه أبريق الماء الساخنة , لا شك أن هذا الرجل هو ألبرتو الطاهي , الذي لم يكن يتكلم الأنكليزية ولا هي كانت تعرف الأيطالية , بدا مضطربا وقال فجأة :
" الحادث الأليم! يا للأسف , يا للأسف!.
لم تفهم الفتاة شيئا , لكنه مد يده الى الخارج وقال بالأيطالية أيضا:
" فطور الصباح".منتديات ليلاس
ثم أختفى.
نهضت لورنا من سريرها وغسلت وجهها ويديها , ثم أرتدت فستانها الأبيض متأسفة على حالته الرديئة , لكن ما العمل , فليس بوسعها أرتداء غيره ما دامت لا تملك ألا هذا الثوب , في الوقت الحاضر , سرحت شعرها الذي كان بحاجة الى غسيل لشدة أمتلائه بالرمل , لكنه ما زال ينسدل على كتفيها بنعومة , ثم خرجت .
أندهشت لرؤية عدد كبير من الناس داخل المخيم , بعض التقنيين يرتدون السراويل القصيرة ويلعبون الورق تحت المظلات , مصريون يحضرون الأحصنة أستعدادا للسفر , ظهر ألبرتو من بينهم وعرفت من تعبير وجهه أنه كان بأنتظارها فقادها الى خيمة كبيرة مستطيلة رفعت أطرافها , حيث الطاولات الطويلة ممدودة وعليها الشراشف البيضاء ,في أحدى الزوايا جلس أمام الطاولة مجموعة من الرجال يحتسون القهوة , وعلى طرف آخر صحن وسكن وشوكة وملعقة وفنجان , أشار اليها ألبرتو بالجلوس ثم جلب لها القهوة والخبز المحمص والزبدة والمربيات وبعد ذلك أختفى.
منتديات ليلاس
بخجل جلست لورنا مكانها , فلم ينتبه لوجودها أي من الرجال , سكبت لنفسها فنجان قهوة ثم توجهت نحوهم ,ولشدة أندهاشها رأت مايك بينهم , كان واقفا خلف المجموعة من دون أن يشترك بنقاشهم الحماسي , كان يرتدي قميصا قطنيا وسروالا قصيرا, وخلافا للآخرين كان قد حلق ذقنه .
الرجل الأسمر الذي يرتدي ثوبا شرقيا لا شك أنه ماريو برازيني والذي بجانبه , ربما كان بوب هايلي , المخرج , أنه شاب قصير وسمين يعتمر قبعة من قش.
رفع مايك عينيه وشاهد لورنا , فأقترب منها بهدوء مشيرا بيده علامة أستقبال وقال:
" ما زلت هنا , لدينا ظرف طارىء للأسف , حصل حادث للآنسة روزيتي وكسرت رجلها".
" آه , أنا آسفة لذلك".
غير أن مايك لم يكن يبدو عليه الأنفعال فقالت:
" كيف وقع الحادث؟".
رفع كتفيه وأجاب:منتديات ليلاس
" أنت تعرفين جيدا حركة السير في القاهرة , بوب غاضب منها كثيرا لأنها تغيبت عن المخيم من دون أذن مسبق , لقد سبق ونبهها ألا تتغيب خاصة أن الممثلة البديلة مريضة , والمشكلة التي تعترضنا الآن هي التالية : هل يجب علينا أن نرحل من هنا أو نحاول أيجاد بديلة أخرى ؟ في الحالتين سنتعرض لتأخير كبير , وكل لحظة تأخر تكلف الشركة مبلغا ضخما".
"ا لظاهر أن الخلاف وقع , وأرى أن الجميع هنا غير متفقين ".
كان ماريو برازيني يلوح بيده ليلفت أنتباه مايك.
" آه , ماريو مستعجل للعودة الى العاصمة , لكن بوب ينتظر رأي المنتج أيفانس , فهو المسؤول عن أخذ القرار النهائي وعن الميزانية , كان يعتقد أن التصوير قد أشرف على نهايته , لذلك غادر المكان مساء أمس".
نهض برازيني وأدار ظهره للمخرج وهو يهز كتفيه بغيظ , رأى لورا , فتقدم من مايك وقال:
" أذن.... هذه هي الفتاة الجميلة التي أنقذها فافرشام من الصحراء!..... هذا أمر مثير للعاطفة وشديد الرومنسية .......".
وأجابت بلهجة باردة :
" لقد وصل في الوقت المطلوب ".
" ثم تقاسم خيمته معك!".
" آه , لا!".
ألقت نظرة سريعة نحو مايك الذي أسرع بالقول:
" طبعا لا ! لقد نمت تحت ضوء القمر كما هي عادتي غالبا ".
" ماك! بسببي أنا نمت في الهواء الطلق , أليس كذلك؟".
قال ماريو ساخرا:
"لكنه قال لك الآن أن من عادته النوم في الهواء الطلق , هكذا تأتي الجميلات المحليات ليهمسن في أذنه الكلمات الحلوة ".
" أنتبه يا ماريو! أنت تكذب الآن وتعرف ذلك تماما!".

أطلق مايك ضحكة عالية وأضاف:
" في الحقيقة من يهمس في أذني ليس سوى السائسين المحتجين , فهذه فرصتهم الوحيدة ليروني وحدي , ربما السيد برازيني لا يرى جيدا لا شك أنه يعتبر جلاّبيات الرجال كثياب النساء!".
" نظري لا تشوبه شائبة , طبعا لا أحد بأمكانه أدارة الموظفين مثلك........".
كان ماريو يتصرف بعدائية أرادية , فالرجىن لا يستلطفان بعضهما , كما يبدو , شعرت لورنا بالأرتياح عندما رأت بوب هايلي يقترب منهم ,وقال في الحال:
" أذن؟ أنت الدمية التي جاء بها مايك الى هنا ؟ هل أنت على ما يرام؟".
مد يده الرخوة الطويلة وسلم على الفتاة التي بدأت تقول :
" أنا متشكرة له كثيرا".
لكنه لم يكن يسمعها أذ رأى فتاة طويلة نحيلة تأتي صوبه , أنها جيسي , مساعدة المخرج , فسألها بوب:
" أذن هل تمكنت من الأتصال بها؟".
أشارت برأسها سلبا وقالت :
" لا أحد يعرف أين بأمكاننا أن نتصل بها".
أطلق المخرج شتيمة وقحة وحك رأسه وقال:
" عليّ الآن أن أحل جميع المشاكل بنفسي ,وكل ما سأفعله سيكون سيئا , جيسي , عزيزتي , لو تملكين رأسا يفكر , لتمكنت من أنقاذ حياتي!".
منتديات ليلاس
ظهر الرعب على الفتاة , أذ قالت:
" آه , لا يا سيد هايلي , أنا لا أتقن ركوب الخيل! كما أشعر أتجاهها بخوف كبير!".
" في كل حال , ليس منظرك مقبولا".
أستدار نحو مايك وقال:منتديات ليلاس
" كان بأمكاننا أن ننهي التصوير اليوم , وهذه المجنونة , أما كان بأمكانها أن تنتظر حتى نهار الغد لتكسر رجلها".
أشفقت لورنا على روزيتا روزيني , لا أحد يبالي لما حدث لها بل يفكر الجميع فقط بالتأخير الذي طرأ على التصوير , لكن , أذا كانوا فعلا بحاجة الى فتاة.... أسرعت في القول:
" هل تبحثون عن فتاة لتلعب دور الممثلة البديلة , مكان الآنسة روزيتي؟".
" نعم , فقط من أجل اللقطات الجماعية , ستصور اللقطات المباشرة في الأستديو حتى ولو كانت رجلها في الجص , وأنا بحاجة لفتاة الآن , في الحال".
" هل بأمكاني أن أكون تلك الفتاة التي تبحث عنها؟ أنا أعرف ركوب الخيل".
" أنت؟".
تأملها بوب بعين نافذة وقال متلعثما:
" ..... هم .... هم ..... أنت تلبسين الدور تماما ..... يا آنسة!".
أبتسامة عريضة أنارت وجهه فأضاف يقول:
" أنت ملاك نزل من السماء لأنقاذ المسكين!".
تدخل مايك في الحديث وقال:
" هذا أمر مستحيل , الآنسة ترافيرس هي أبنة أخت الليدي أوغوستا , أذا عرفت بهذا الأمر , فسنطرد جميعا من هذا البلد".
قال بوب ملاحظا :
" لن ندع خالتها تعرف بالأمر , فلن نذكر أسمها في مقدمة الفيلم , ستعتمرين باروكة سوداء , ومن بعيد سيعتقد الجميع أنك روزيتا بالذات".
قاطعه مايك بصوت قاس:
" بوب! لن أسمح لك بذلك ! لقد عانت الآنسة ترافيرس من ضربة شمس قوية , ومن الخطر على صحتها أن تبقى طوال النهار في الهواء الطلق معرضة للشمس الحارقة".
" لكنني أشعر بتحسن كبير".منتديات ليلاس
" أنت لا تعرفين ماذا ينتظرك....".
" وأنت , يا مايك, لا تتدخل بشؤون الغير! بدأت تعتبر نفسك جديا ! أنا هنا المدير! سيفحصها الطبيب , ربما بأمكانه أن يصف لها حقنة , لن أدع هذه الفرصة تفوتني , أنها موافقة وهذا أهم ما في الأمر".
قام مايك بمحاولة أخيرة, أذ قال:
" لا أعرض عن سوء نية , غير أن الآنسة ترافيرس ليست معتادة على هذا النوع من التمارين وخالتها بأنتظار عودتها اليوم الى القاهرة ".
قالت لورنا فجأة :
" آه ! لن تقول شيئا ! بالعكس , ستكون مسرورة لأنني سأقوم بخدمة لكم , فأنا مدينة لكم كثيرا".
منتديات ليلاس
ماريو , الذي كان يراقبها بأمعان , تدخل في الحديث فجأة وقال:
" هل تعرف , يا بوب , أنه ربما بأمكاني أن ألعب هذا المشهد بنفسي , من دون بديل .... لكن عليك أن تعطيني حصانا هادئا , أنا البطل وبأمكاني مساعدتها".
رمقه مايك بنظرة أشمئزاز وقال:
" برازيني , ستقع عن الحصان قبل أن تقترب منها!".
أنتفض ماريو كديك غاضب وقال:
" يا لك من أنسان وقح! أرجو أن تدعوني منذ الآن السيد برازيني".
تدخل بوب في الحديث المحتد قائلا:
" أنتهيا.... هذا المشهد بحاجة الى براعة قوية , يا سيد برازيني , ولذلك جئنا بمايك ليلعب دور البديل".
أبتسم للفتاة وأضاف:
" الفرقة جميعها ستكون متشكرة لك , يا آنسة ترافيرس".
قال مايك ساخرا:
" ستكون متشكرة لك الى الأبد !".

أخذ لورنا جانب ,وقال:
" لا أحد يحق له أن يرغمك على التمثيل , أرجوك , لا تقبلي".
" لكن , لهم كل الحقوق! ... ما الذي عقصك , يا مايك ؟ أنه من مصلحتك أنت أيضا , أذا أردت أن تنتهي من التصوير اليوم".
قاطعهما بوب قائلا:
" أنت , يا مايك! أياك أن تحاول تغيير رأيها!".
نظر بوب نحو التقنيين وقال:
" أنظروا اليهم ! لا يعملون الآن شيئا ويقبضون معاشاتهم! هيّا بنا!".
همس مايك قائلا:
" لورنا أنت لا تعرفين ماذا ينتظرك".
" أنا أقوى مما أبدو... ولقد وعدت... ولن أرجع عن كلامي ".
" كما تريدين!".
فجأة أحتل الشك قلب الفتاة , فألتفتت نحو بوب وقالت:
" لكن , لم يسبق لي أن مثلت من قبل........".
" ليس هذا ضروريا , عليك أن تدافعي قليلا عن نفسك عندما يقترب منك , هل تفهمينني؟ لقد هربت من قصر الفارس وجاء يبحث عنك ونجح في العثور عليك , القصة تشبه كثيرا المغامرة الصغيرة التي تعرضت لها بالأمس , على ما أظن".
أحتج مايك قائلا:
" غير أنني لم أضربها ,ولن أفعل ذلك الآن".
قال ماريو ساخرا:
" أنها فرصة ستفوتك, ويا للأسف.....".
أمر بوب قائلا:
" كفى! هيا بنا!".
منتديات ليلاس
بدا المخيم كأنه أنتعش من جديد , المصورون أحضروا آلاتهم ,والأحصنة حاضرة وسيارات الجيب تسير في معظم الأتجاهات , ذهب الوفد بأتجاه منطقة سهلة , ما وراء التلال.
أعطت السيدة بلامر قميصا الى لورنا وسروالا لركوب الخيل وأحذية عالية وباروكة سوداء , ولما رآها بوب أعلن موافقته التامة أذ قال:
" عظيم... البزّة تليق بك , الباروكة ضرورية لأخفاء لون شعرك , تعالي معي في سيارتي الأحصنة ذهبت لتوها ".
وخلال الرحلة الصغيرة , سألته لورنا قائلة:
" يا سيد هايلي , لا أريد أن أنتقد عملك, لكن سيناريو فيلمك بالي العهد , أليس كذلك؟".منتديات ليلاس
" الموضوع بالي العهد كما تقولين , لكنه يعجب النساء , كما أن ماريو برازيني أسمان لامعان في عالم السينما ويجذبان الجمهور الواسع".
لم تر مايك عندما وصلت الى مكان التصوير , كان رائعا ببزته العربية وقميصه المطرزة وجلابيته الواسعة وعمامته البيضاء وحزامه المليء بالمجوهرات البراقة , العقال يخفي جزءا من وجهه وعنقه , ومن السهل أعتباره ماريو بالذات ,نظر الى الفتاة بتفحص وأمعان وقال:
" آسف أن أرى شعرك الجميل وراء هذه الباروكة السخيفة".
" لا بأس , فما زال شعري في مكانه , لكن أشعر بالحر , مايك , لم أفهم بعد لماذا كنت لا تريدني أن أصور هذا المشهد".
" لا أريد أن أراك تقللين من قيمتك".
" لكني لن أكون هكذا! أنها لعبة سألعبها".
" طبعا , يا لورنا , لكنني سأكون مضطرا الى التصرف بعنف معك , وأنا آسف لذلك, على تمثيلنا أن يكون مقنعا".
أجابت وهي تضحك:
" بالطبع , لكنني متأسفة للرضوخ الذي سأتعرض له وللبقع الزرقاء , حاول أن تكون ناعما قدر المستطاع".
ولما شرح لها بوب ما عليها أن تفعله , شعرت ببعض الخوف , قال لها أن حصانها سيتلقى حتفبة بينما هي عليه بأعتبار أن الرجل القاسي الذي سيلاحقها سيقتله وعليها أن تسرع في الركض , لكنه سيلتقطها ويحملها ليرميها على حصانه , عليها أن تجاهد وتتخبط الى أن يتمكن من السيطرة عليها.
ثم قال لها:منتديات ليلاس
" حاولا أن تمثلا كما يجب , فلا يسمح لنا الوقت والمال أن نأخذ عدة لقطات".
المشهد الذي قام به مايك بقتل الحصان أنتهى بسرعة , أنها خدعة سينمائية ذكية , في المشهد تظهر لورنا وهي تخيّل فوق الحصان وترغمه على الأسراع وهي تجيل النظر حولها! هنا سيدخل المخرج داخل المشهد بعض اللقطات المباشرة لروزيتا وهي مرتعبة , ثم يطلق الفارس النار ,وبعد ذلك أخذت لقطات للحصان وهو ممدد على الرمل ولورنا تبتعد عنه متعثرة.
والمشهد التالي كان أكثر صعوبة , قبض مايك عليها وكان عليه أن ينحني ليحملها ويضعها أمامه فوق الحصان , أضطرا أن يعيدا التمثيل عدة مرات قبل أن يقتنع المخرج بأيجابية المشهد , لم يكن مايك ناعما , وملأت الكدمات الزرقاء جلد الفتاة ,لتصبح فوق الحصان أمامه , عليها أن تتخبط , كل هذا يتم من دون كلام , شعرت لورنا بالضياع , أصبح مايك متوحشا ومن دون شفقة ,حتى وجهه تغير , ولم يكف بوب عن الصراخ في مكبر الصوت قائلا:
" تخبطي بعنف , عليك أن تظهري أنك غاضبة ويائسة!".
فصرخ مايك قائلا:
" يكفي اليوم! فهي لم تعد قادرة على أكمال التمثيل !".
تركت لورنا نفسها تتأرجح , رخوة بين ذراعيه بينما أكمل الحصان الأستدارة حول نفسه.
جاء ماريو ليرى كيف يتصرف بديله , كان حالقا ذقنه ويرتدي بزة بيضاء ناصعة وقف قرب بوب الذي لم يجرؤ على طرده , ثم قال للمخرج:
" أنت تضيّع وقتك , الفتاة مثل دمية من قماش , وأذا كان مايك فارسا ماهرا فهو ليس ممثلا".
أعلن بوب قائلا:
" سنأخذ لقطة , هيّا , أستعدا ".

نظر مايك الى ماريو وأشمأز من نظرته الوقحة , فضغط على لورنا محنيا وجهه فوق وجه الفتاة وقال:
" هيا , يا لوح الثلج , دعيهم يرون قليلا الدم الذي يغلي في جسمك الرائع!".
عانقها بأنفعال كبير , فشعرت لورنا أن قلبها توقف عن الخفقان , كأن الأحساس نفسه , الذي شعرت به , بالأمس عاد من جديد , أحست برغبة قوية , ففتحت فمها لتلبي طلب مايك , فجأة تذكرت أنه يمثل..... من بعيد كان ماريو وبوب يراقبانهما , أحتلها الغضب بعنف , وبيدها الطليقة صفعته على وجهه , وأذا به يسمرها مكانها , فأحست بجرح في كرامتها , فراحت تتخبط , فريسة ثورة عنيفة.
شعرت بالأشمئزاز لما فعلته خاصة أن الجميع ينظرون اليها , لو كانت قادرة أن تقتل مايك لما ترددت.
وببطء أكيد , تمكن من ترويضها والسيطرة عليها , تاركا للكاميرا أن تسجل خضوع الفتاة , وبهذا التمرد الأخير , غرزت الفتاة أسنانها في معصمه , فأطلق شتيمة , ثم لف الفتاة بطرف جلابيته , وولى مسرعا على حصانه.
ولما خرج من حقل التصوير , خفف من سيره , وأرخى قبضته على الفتاة وأزاح العباءة عن وجهها , ثم توجه نحو مجموعة التقنيين قائلا لها:
" خذي نفسا عميقا..".
فجأة شاهدت بقع الدم على قميص مايك وشعرت بأرتياح غامض , فأبتسم قائلا:
" كنت تتخبطين بقوة , لكن لا شك أن بوب فرح لنجاح هذه اللقطة".
خسرت كل عزة نفسها , من أجل أرضاء مخرج سينمائي!".
" دعني أهبط, من فضلك!".
" أمامك متسع من الوقت , هل تنوين أن تسيري كل هذه المسافة على قدميك؟".
تغيرت نبرة صوته وأضاف يقول:
" لقد حذرتك ".
أخفضت رأسها وقالت:منتديات ليلاس
" لم أعرف أن..........".
بلعت كلماتها لأنها شعرت بأنه لا فائدة لتبرير موقفها معه عندما فقدت كل سيطرتها وهي بين ذراعيه , حتى الآن ,وفي هذه اللحظة بالذات, كانت تعي ألفة وجوده وكانت تتألم لذلك , لم تكن تتوقع هذه الرغبة القوية التي نبعت من داخلها , لكن مايك ما أن أنتهى من دوره حتى أصبح بلا مبالاة.
منتديات ليلاس
" عظيم!".
تقدم بوب نحوهما مبتسما , بينما كان مايك يحاول أيقاف الحصان ومساعدة لورنا على الهبوط.
" يا عزيزتي , لقد أنقذت حياتنا ! نحن........".
قاطعه مايك ساخرا ومكملا ما كان بوب بصدد قوله:
" .........نشكرك الى الأبد!".
ألتفت بوب نحو ماريو الذي كان يتأمل الفتاة بشوق وقال له :
" من الأفضل أن تأخذ حذرك من مايك , يا صديقي , فبأستطاعته أن يتفوق عليك!".
جاب ماريو قائلا:
" يجب أن يكون المرء من صخر كي لا ينفعل أمام هذه الشابة , لو كنت ألعب مكان مايك لفعلت أفضل من ذلك بكثير! ".
نظر الى لورنا مطولا , فشعرت بأنزعاج , هل أغتنم مايك هذه الفرصة ليظهر مواهبه وأمكاناته, على حسابها؟ ألم يقل لها ذلك بالأمس؟ نعم نجح في التأثير على المخرج.......
شاحبة الوجه وصامتة , تجاهل تهاني التقنيين , أذ كانت تشعر بالعار والأهانة , لم تعد قادرة على النظر في وجه مايك وفهمت في الحال لماذا أراد أن يمنعها من تصوير هذا المشهد , أعلن بوب قائلا:
" أخيرا , أنتهينا من التصوير الخارجي".
قال ماريو , وهو يبدو قاتم الوجه :
" بالنسبة الى هذا المشهد الذي لا يحتوي على لقطات مباشرة , أعتقد أنه طويل للغاية".
سأله بوب وهو ينظر الى المصور بعين متآمرة:
" هل أنت متأكد من ذلك؟".
" يا ألهي! هذا أمر بديهي!".منتديات ليلاس
" أبدا! أذا أغفلنا أظهار العيون , فبأمكان مايك أن يبدو أنت بالذات , لقد صورنا الفتاة وهي تغرز أسنانها في معصم الفارس .
أنتفضت لورنا ورفعت عينيها نحو مايك ولمحته يبتسم بسخرية , أذن هذه اللقطات المصورة ستقدم الى ملايين المشاهدين ويبدو على وجه مايك أنه فرح للغاية لأنه عرف أستعمال طريقته الخاصة لأنجاح هذا المشهد.
نزل عن حصانه وقال:
" حسنا , ما دام التصوير أنتهى , سأعيد الآنسة ترافيرس الى المخيم , يبدو الأرهاق على وجهها , أذ كان الأمر صعبا عليها".
وافق بوب وهو يلمح شحوب وجه الفتاة وقال:
" نعم , رافقها وقدّم لها شرابا منعشا .... سندفع للممثلين الصامتين في المساء , يا مايك ,وسنحتاج الى مساعدتك".
" سأكون حاضرا في الوقت المطلوب".
أوقف السائق سيارته على بعد أمتار قليلة من الخيمة , نزلت لورنا بسرعة رافضة يد مايك الممتدة نحوها , فقال مايك للسائق:
" أجلب لنا المشروبات المنعشة , من فضلك".
دخلت الفتاة الى الخيمة , أما مايك فظل خارجا , راح يخلع جلابيته وعمامته وحذامه , رماها في سيارة الجيب قبل الدخول الى الخيمة , لقد قام بعمله على أفضل وجه وولم يفهم جيدا ردة فعل الفتاة .
نظر الى المنديل المربوط حول معصمه وأبتسم ,هذا المشهد لم يكن مخططا له في السيناريو , كيف بأمكان هذه الفتاة المحافظة أن تتصرف بهذا العنف والوحشية؟








نهاية الفصل الثالث................