2- لورنا تكتشف هوية مضيفها
لم يسبق للورنا ان تعرفت من قبل الى ممثل سينمائي او الى اي انسان يعمل في حفل السينما و المسرح. فالليدي اغوساتا تكره كل من يعمل في هذا المجال وتعتبر أن الممثلين والممثلات متصنعون وأنانيون , لا يهتمون ألا بالدعابة التي يحصلون عليها , ولورنا متأثرةعفويا بهذا الرأي , قد تعجب بعمل مسرحي جيد أو بفيلم جميل لكنها لم تأمل أن تلتقي يوما بمن يصنعون هذا الفن الحديث , ربما لأنها تخشى أن يكون السحر الذي يظهرونه على المسرح أو على شاشة السينما غير حقيقي.
نظرت الى مايك فافرشام وكأنه آت من كوكب آخر , وشعرت بالخيبة , بنظرها كل من يستثمر شخصيته للجمهور لا يتمتع حقا بالأصالة والأخلاق , فلم تجرؤ على التعبير عن أفكارها بصراحة , أنما قالت بصوت متردد :
" أعتقد أنك تلعب الدور الأساسي في هذه الملحمة , أليس كذلك؟".
رفع مايك رأسه الى الوراء وقهقه ضاحكا , فتأثرت به وفوجئت بأنها تبتسم هي أيضا , ثم قالت:
" لماذا تضحك هكذا؟".
" أذا سمع ماريو برازيني ما تقولينه , فسيجن جنونه ! فهو بطلنا الأأساسي , ربما سبق وشاهدت له بعض الأفلام؟".
نعم لورنا شاهدت فيلما له , هذا الأيطالي الجذاب والفاتن أصبحت له شهرة عالمية , لكنها لم تحب أعماله أبدا.
" أننا نؤلف فريقا متعدد الجنسيات , البطلة تدعى رزينا روزيتي , أنها نصف أسبانية والمخرج أميركي الجنسية والمنتج بريطاني , فشركة أكسلسيور هي أنغلو – أميركية".
نعم , لقد سبق للورنا أن شاهدت روزينا روزيتي على الشاشة أيضا , أنها فتاة سمراء حاذقة , لكن برأيها ليست الممثلة المثالية لهذا النوع من الأفلام , فالشيوخ يفضلن الشقراوات , عبرت لمايك عن رأيها , فهز كتفيه وقال:
" أنها في قمة الصحة , وهذا ما يهم أكثر من أي شيء آخر".
" وأنت.... أنكليزي الجنسية , أليس كذلك؟".
" أنا عديم الجنسية , متشرد كما يقولون ".
" لكن لا شك أن لديك بلد المنشأ ,ويبدو عليك أنك أنكليزي ".
" أذن , كما تريدين".
" حسنا , لكن ما دورك في هذا الفيلم , أذن؟ هل .... تلعب دورا ثانويا ؟".
منتديات ليلاس
" لا شيء مهما ,أنني أحل محل ماريو برازيتي , أي أدبلج دوره , بوب , المخرج أوكل الي هذا الدور عندما كنت في الأسكندرية , لأنه كان يبحث عن مخاطر بديل , أي بهلوان يقوم مقام الممثل الحقيقي في الأدوار الخطرة , خاصة أن المخرج حريص جدا على صحة البطل , فحادث واحد يكفي أن يكلف الشركة غاليا , ثم أكتشفت أمكانياتي في أتقان لغات عديدة , أتكلم العربية ولهجة أهل البلد , فكنت له مساعدا مفيدا , وهذا ما يفسر وضعي المميز وهذه الخيمة الخاصة......".
نظر حوله ثم أضاف:منتديات ليلاس
" ليست رائعة , لكنها لي".
" هذا لطف منك أن تتخلى عنها من أجلي".
" أنا مسرور لأعارتها لك , لا يمكنني أن أسمح لك أن تتقاسمي خيمة أخرى مع أشخاص عديدين , في الواقع , لا يوجد في المخيم سوى أمرأتين , مساعدة المخرج والمزينة , تتشاجران بأستمرار , جيسيكا نحيلة مثل الفاصوليا الخضراء , والسيدة بلامر تزن حوالي 90 كيلو ..... فلن تكونا رفيقتين مسليتين لك".
" أنا متشكرة حقا , والآنسة روزيتي؟ أليست هنا؟".
" بلى , آمل ذلك , لدينا تمثيل صباحا عند الفجر , ونهار واحد يكفي لأنهاء اللقطات الخارجية , فلا يبقى لدينا ألا مشهد واحد , غير أنني أشعر بأن شيئا غيلا متوقع سيحصل , حسب رأيي , بطلتنا الرائعة ذهبت سرا الى القاهرة وأخشى ألا تعود الى هنا في الوقت المحدد , ولهذا السبب قررنا الأبتعاد عن المدينة , فمن الصعب أن يلتقي الممثلون في آن واحد , لقد سئمنا جميعنا الصحراء".
" أظن أن المناطق الصحراوية , بعد وقت معين تصبح مملة ".
كانت أفكارها منصبة جميعها على الرجل الجالس أمامها , لم يكن مطابقا للوصف الذي يعطيه عن نفسه , كان يبدو قديرا جدا وواثقا من نفسه , وبأستطاعته أن يجد وظيفة أكثر أهمية , لكنه يعيش حياة بوهمية , ربما تكون عائلته كريمة وأصيلة , ورفضته كونه متشردا ؟ تصرفه يدل على أنه رجل ذو عرق أصيل..... لا , أن مخيلتها تخونها : البورجوازيون لا يرفضون أولادهم في يومنا هذا , بل يتركون لهم الحرية في أن يختاروا مستقبلهم بأنفسهم , لكن ما الذي دفعه أن يلعب دور المخاطر البديل؟ فلا شك أن بأستطاعته أن يجد بسهولة عملا آخر , ألا أذا كان واحدا من هؤلاء المتعصبين للسينما الذي يأملون في أن يصبحوا يوما ما أبطالا مهمين , لا .... لا يبدو أنه ممثل جاد.
سألته وهي تتابع سير أفكارها :
" هل وجهك ملائم للتصوير من وجهة النظر الجمالية ؟".
" لا أعرف , لكن هذا أمر ثانوي طالما أنهم لا يأخذون للبديل اللقطات المباشرة , بل العكس".منتديات ليلاس
" ولكن, ألا تريد أن تصبح ممثلا ؟".
" وأسوأ من ذلك أيضا ".
" الظاهر أن الممثلين يعيشون فقط من أجل فنهم , لكنك أنت لا تبدو متحمسا للغاية ".
" هذه واحدة من أفكارك الرومنسية ".
تنفس عميقا وغيّر جلسته , فقالت:
" لا أعرف شيئا عن هذه المهنة ".
" لم يفتك شيء مهم".
ظلت صامتة , هذا الرجل يحيرها , لكن , ليس من المفروض أن تكترث لأعماله , غدا سيفترقان ويذهب كل واحد في طريقه وربما لن يلتقيا أبدا , فجأة قال:
" لقد وجدنا سيارتك , أنها سيارة شفروليه بيج , أليس كذلك؟".
" آه ! عظيم ".
شعرت بالأرتياح , غدا ستكون عملية تسفيرها من هنا سهلة , هذه السيارة تخص الليدي أوغوستا التي لن تكون مسرورة لو فقدت لورنا السيارة بسبب تهورها وتسرعها .
" والعطل, ما سببه؟".
" الرمال الناعمة دخلت في كل مكان داخل المحرك , أما الآن فهي تسير جيدا ".
" لقد فعلت الكثير من أجلي وستكافئك خالتي على مساعدتك بسخاء".