كانت مجبرة ..الإدراك أن ذكرى التسع السنوات الماضية لا تزال راسخة في عقلها ليس بلحظات الكره والغضب فقط بل لحظات المتعة والرغبة ايضاً وهذا ماكان يقلقها ويسبب تكدرها، فهي تريد أن تتذكر فقط لحظات كرهها وغضبها عليه.
منتديات ليلاس
انضمت جينا إلى صف الضيوف الذين كانوا يملؤون صحونهم وكان جاستين وراءها، فقدت اثر رايدر وتمنت أن يكون قد غادر.
- خذي صحوننا إلى تلك الطاولة هناك، سأحضر القريدس والزبدة.
قال جاستين وهو يشير إلى طاولة مجاورة.ليلاس
وحين التفتت جينا لترى الطاولة رأت رايدر يجلس عليها ايضاً فترددت لكن جاستين دفعها بلطف، وكانت بقية الطاولات محجوزة ولم ترد أن تخبر جاستين أنها لا تريد أن تجلس على الطاولة مع رايدر، لذا فلم يكن امامها أي خيار سوى الموافقة، توجهت نحو الطاولة ببطء وتردد، وعيونه الزرقاء رمقتها بدون اهتمام حين وضعت صحونها وجلست على الجهة المقابلة بعيداً عنه، كان انتباهه مشدوداً للزوجين الجالسين قربه وبعد لحظات وصل جاستين وهو يحمل صحنين من القريدس والزبدة.
- لا اعلم ماذا آكل أولاً. قالت المرأة الجالسة أمام جينا.
- تناولي من كل شيء قضمة.
قال لها الرجل الجالس بجانبها وتابع وهو يتناول لقمة من الصحن أمامه :
- هيا سأدعك تتذوقين هذا النوع اولاً.
- هذا خطأ هنري.منتديات ليلاس
قال جاستين وهو يضع الصحون على المائدة وجينا تساعده واكمل.
- أهل مايين يتذوقون القريدس ولا يتذوقون السرام اولاً.
وتتابع الحديث بعد هذا حول التعابير الغير معروفة لأهالي البلاد المجاورة وكان جاستين والزوجين يتبادلان الأحاديث والقصص بينما بقي رايدر وجينا صامتين ومرة حين كان جاستين يشرح إحدى التعابير نظر رايدر باتجهاها وتساءلت جينا هل هذا يعنى أنه كان يتذكر شرحها لبيتر لمعنى مختلف التعابير حينها.
منتديات ليلاس
- ماذا عن التعبير فرح كالحلزون. سألت المرأة بتقطيبة.
- الآن هذا التعبير لا أدري معناه. قال جاستين باستسلام.
- ربما جينا تعرف.
قال رايدر :
- فهي من الجنوب.ليلاس
نظرت اليه للحظة، بينما كانت تقطع القريدس مندهشة من طريقة لفظ اسمها منه، ونظرة التهكم الناقد في عينيه قالت لها أنه يتذكر.
- هل هذا صحيح؟ سألت المرأة.
- سعيد كالمحار هي تعبير مختصر.
قالت جينا متابعة:
- فالتعبير الكامل هو سعيد كالمحار بالأمواج العالية، والسبب واضح هو أن احداً لا يذهب لاصطياد المحار حين تكون الامواج قوية وعالية.
وضحك الثلاثة بمرح على معنى هذا العبير وقال الرجل:
- من الجنوب سفلي؟.ليلاس
وهو يعيد كلمات رايدر السابقة:
- انا دائماً يختلط عليّ الأمر..هل تستطعي أن تشرحي لي هذه النقطة.

- الرياح المسيطرة على طول الشاطئ مايين هي رياح جنوبية غريبة ومنذ أيام السفن الشراعية كانت السفينة التي تترك بوسطن باتجاه مايين كانت اسفل الرياح أي باتجاه شرقي الرياح الغربية، انه أمر مربك قليلاً لكن حين تبحر على طول شاطئ مايين فستكون متجهاً الجنوب السفلي. قالت جينا.
فأجابت المرأة:
- هذا رائع أليس كذلك..؟ اتذكر حين كنا..
وتتابع الحديث إلى الأماكن التي زاروها سابقاً.ومرة اخرى لم تشارك جينا ورايدر بالحديث، وكانت تشعر بأن نظرته ترتكز عليها في بعض الاحيان وبدأ الطعام يعلق بحلقها من توترها لكنها كانت تدفعه إلى الاسفل فهي لا تريده أن يعرف أن وجوده قد أفسد شهيتها.
منتديات ليلاس
صمتها الطويل أثار انتباه جاستين الذي همس في أذنها :
- هاأنت تنسحبين ثانية.
حركت جينا يدها بسرعة وقالت:
- أنا آكل.
كان رأس جاستين قريباً جداً منها ، وليس عليها سوى الانحناء نحوه لتقبل قبلته لكنها لم تفعل هذا وهي تدرك ان رايدر يراقبهما، فالزوجين كانا قد ذهبا ليملأ صحونهم..
- لقد أكلت كل القريدس سأذهب لأملأ صحنك ثانية.
قال جاستين فأحتجت جينا:
- كلا انا لا استطيع...
لكنه كان قد حمل صحنها وذهب باتجاه المائدة.
- هل هو دائماً يحضر لك الطعام؟. سأل رايدر بجفاف.
- جاستين هو مضيف رائع.ليلاس
قالت جينا دون ان تنظر نحوه وهي تتناول بعض السلطة.
- طبعاً.ليلاس
قال بسخرية ثم مرت لحظات من الصمت قطعها رايدر مجدداً بقوله:
- جدك...
- .. توفي. قاطعته بشدة.
- انا آسف. قال.
- كلا انت لست كذلك.
وبريق عينيها الخضراوين تحدياه لينكر هذا وظهر الكبرياء عليه وهو يرفع إحدى حاجبيه ويقول:
- قد تكوني محقة، اعذريني.ووقف عن الطاولة.
ومن الغريب أن جينا لم تشعر بأي ارتياح حين يرجع إلى مكانه بل اختلط ببقية الضيوف، بعضهم كان لايزال يأكل والآخرين يتحدثون وأخيراً كان رايدر هو أول من غادر الحفلة ولكن شبح وجوده بقي ليعذب جينا.
وعند انتهاء الحفلة ومغادرة الجميع أخذها جاستين ليوصلها إلى شقتها في المدينة.
منتديات ليلاس
- لقد كانت حفلة رائعة. قال جاستين ليقطع الصمت.
- نعم، إنها كذلك.Rehana
وافقته جيننا وسألت:
- هل سأل رايدر اونز أي سؤال عني.
وندمت فوراً لسؤالها هذا فكيف تلفظ اسمه وهي تريد أن تنسى إنه كان موجوداً في الحفلة اصلاً.
نظر جاستين إليها باستغراب وقال:
- كلا لم يفعل، انتما تعرفان بعضكما من قبل اليس كذلك؟.
ترددت جينا ثم قررت قول الحقيقة:
- لقد قابلته منذ وقت طويل مضي.
- و..حثها جاستين على المتابعة.

- ولا شيء. اجابته فلم تستطع إخباره بقية القصة.
سألها:
- منذ متى قابلته؟.وهو يشعر أن هناك شيء لم تخبره به.
- تسع سنوات؟ أي في السادسة عشر؟.
ونظر مجدداً نحوها وقال :
- مادمت لا تزالين تذكريه بعد هذه الفترة الطويلة فلابد أنه لم يكن مجرد شخص قابلته، هل كان حبيباً؟.
- كلا. نكرت.ليلاس
سألها:
- بعد تسع سنوات مارأيك به؟.
- أنه لايزال متكبراً ومتعجرفاً ونرجسي، والان دعنا نتكلم عن شيء مفرح اكثر. اقترحت عليه.
منتديات ليلاس
فابتسم جاستين وأخذا يتحدثان عن الحفلة والطعام وكل شيء ولم يقترب جاستين من موضوع أو حتى إسم رايدر وحين وصلا إلى امام شقتها أطفأ جاستين محرك السيارة والتفت نحوها قائلاً:
- والآن قد انهينا الحديث عن الحفلة، فلنتحدث عن القمر والنجوم وعن ...
واقترب منها بلطف :
- وعن المرأة الجميلة التي بين ذراعي .
بتردد داخلي اقتربت جينا منه وقالت:
- لكن لا يوجد أي قمر الآن .
- سنتظاهر بأنه موجود .ليلاس
تمتم جاستين وهو يقترب برأسه منها ، كانت قبلته متطلبة وحنونة ولكن تجاوب جينا معه كان ضعيفاً ودائرة ذراعيه المحيطة بها لم تعطيها هذا الدفء التي كانت تشعر به سابقاً معه ولامت نفسها لبرودها وجمودها هذا مقابل لطفه وحنانه، لقد ارتفع السد العقلي ثانية بينها وبينه هذا السد الذي أبعدها عن أي اي رجل قبله والذي كانت تستعمله لتحمي قلبها الرقيق من أي أذى.
منتديات ليلاس
وعندما وصل العناق إلى لحظة يجب متابعتها او قطعها ابتعدت هي عنه وهي تدفع صدره بيديها بلطف وتقول :
- اذا كنت لا تزال مصراً على موعدنا غداً في التاسعة صباحاً وبما انني يجب عليّ أن امر على مكتبي لأدرس بعض الأمور قبل أن ألقاك فلذا عليّ الذهاب فوراً والنوم وإلا فساستيقظ غداً في الثانية عشر ظهراً. وابتسمت له بنعومة.
- لا اظن انك ستدعيني لتناول القهوة قبل ان اذهب.
- كلا. قالت بابتسام.
- ولماذا؟.ليلاس
رغم أن سؤاله مغلقاً بالمرح إلا انه كان جدياً في نفس الوقت فأجابته:
- لأني اذا دعوتك لشرب القهوة، ستفسر الدعوة على انها شيئاً آخر وستقبل دون أن تفكر بشرب القهوة.
ضحك جاستين للحظة وقال:
- هل أنت تعلبين دور الممتعنة لتشديني إليك اكثر؟
- انا صعبة النيل. قالت بضحك.ريحانة
فقال:
- لابد أن احدهم قد أذاك بشدة سابقاً.
وتحرك الفضول بعينيه البنيتين حين رأى نظرتها المندهشة وتابع :
- وأظن أن هذا حصل منذ بضعة أشهر خلت، ولعل هذا سبب صبري معك مع انني عادة غير صبور لا تهتمي.

وقال وهويرى التصلب بدأ يسيطر على ملامحها واكمل:
- انا لن أسألك أن تحدثيني عنه طالما انك لا تسأليني عن علاقتي بالنساء الذين عرفتهم قبلك.
- هذا اتفاق.ليلاس
قالت جينا وانحنت وطبعت قبلة رقيقة على فمه وقالت:
- تصبح على خير جاستين، وشكراً لك.
حملت كلمات شكرها له معنى خاصاً فهمه هو.
كان طقمها الأسود المؤلف من تنورة وجاكيت ومعطف وقميصاً ابيض يضفي الانوثة على محياها رسمياً وكلاسيكي، وخاصة بشعرها العصري القصير المكلل رأسها.
منتديات ليلاس
حملت حقيبتها الجلدية ودقت على باب غرفة سكرتيرة جاستين حيتها السكرتيرة بترحاب وقالت:
- السيد ترنت ينتظرك، تفضلي بالدخول آنسة غانيس.
- شكراً . شكرتها جينا ودخلت إلى مكتب جاستين.
- هاقد وصلت محاميتي القديرة.ريحانة
قال جاستين وهو ينهض لإستقبال جينا وتابع:
- إنها سر نجاحي، الكل ينسى كلمات المقايضة حين يتعاملوا معها سيد آرنسن.
تجمدت ابتسامتها العملية على وجهها حين رأت أن عينين زرقاوين كالسيف يحدقان بها، كان يجلس على أحد الكراسي الجلدية الفاخرة مقابل جاستين، وحركة بجانبه نبهتها إلى الرجل الذي كان يقف ليسلم عليها.
منتديات ليلاس
كان الرجل الثالث ذا شكل مألوف ويرتدي نظارة طبية لكن جينا عرفته فوراً إنه بيتر صديق رايدر في القارب .
كانت السنوات قد انضجت ملامحه وأعطته جدية اكثر، لم يتعرف هو عليها فوراً وكأنه غير مصدق أنها قد تكون حقيقة جينا ولكن نظرة رايدر الحديدية اعلمته الحقيقة، استعادت جينا حالتها طبيعية، واقتربت من بيتر وهي تمد يدها وتقول:
- اهلاً سيد آرنسن.
- انها انت! جينا!.
قال غير مصدق وهو يصافح يدها، ثم تذكر أنها قد خاطبته بصورة رسمية ونادته سيد آرنسن، فأراد ان يبادلها التحية فقال:
- أنا آسف... كان يجب أن اقول السيدة أو...
قاطعته جينا بسرعة:
- آنسة غانيس.ريحانة
- اوه..
وحرك رأسه ببطء وتابع :
- لقد غيرته قانونياً بعد..
قاطعته مرة اخرى وقالت:
- نعم هذا صحيح.
وسحبت يدها من يد بيتر وهي تنظر إلى التقطيبة التي ظهرت على جبين جاستين.
- اظن أن شيئاً ماقد فاتني هنا.
قال جاستين محاولاً الظهور بمظهر المرح لكن حيرته كانت ظاهرة.
- انها ...
بدأت جينا لكن رايدر هو الذي قاطعها هذه المرة وقال :
- جينا لسوء الحظ اختارت ان تخفي عنك جاستين حقيقة أنها زوجتي .
التسلية المتهكمة لمعت في عينيه حين قابل النظرة القاتلة التي رمته بها وقالت بصوت حاد:
- زوجتك السابقة.ليلاس
- كنت متزوجة منه؟.
سأل جاستين وعينيه تضيقان فدهشته كانت مقسومة بين اكتشفاه أنها كانت متزوجة من قبل وبين معرفة أن رايدر كان زوجها السابق.

شعرت كانها كالمتهمة وهي تقف أمام الكرسي الجلدي الكبير وهي تسمع كلماته التي تعبر بوضوح عن صدمته وارتباكه، جاستين كان مرتبكاً قليلاً وحتى غاضب ، بيتر كان متوتراً لأنه السبب في كل هذا الإحراج وحده رايدر بدا متماسكاً ومحافظاً على هدوءه وأعصابه في جلسته المسترخية على كرسيه.Rehana
- لا اعلم لماذا غيرت جينا اسمها أو لماذا لم تخبرك عن زواجنا.
قال رايدر وتابع:
- إلا اذا كانت تشعر بالخجل من تصرفاتها خلال الفترة القصيرة التي قضيانها معاً.
- لم اكن كذلك.ليلاس
قالت جينا بغضب وهي تواجهه واكملت:
-لم اريد أي شيء يذكرني بك أو بارتباطنا التعيس، ولهذا فقد رجعت إسمي الاصلي ومحيت كل ذكرى لك من حياتي.
قال بخبث وهو يشير إلى خاتم جدها:
- ليس كل شيء.ريحانة
- إنه خاتم زفاف جدتي.
قالت جينا وهي تعلم جيداً أنه الخاتم نفسه الذي ألبسها إياه رايدر أمام الكاهن الذي أعلن زواجهما.
- اتمنى لو انك أخبرتني بهذا البارحة.
قال جاستين معاتباً جينا دون أن يرغب في قول المزيد أمام الرجال الآخرين.
- كنت اتمنى انني لن أراه ثانية بعد الحفلة، لم اتوقع أبداً أن اقابله هنا في مكتبك وبهذا الشكل...
قالت هذا بلهجة جيليدية رغم أنها كانت تحس بالنار تشتعل داخلها وتلتهب في عينيها الخضراوين وربطت بين وجود رايدر هنا اليوم وبين العمل الذي أخبرها جاستين عنه.
فقالت:
- اعتقد انك رئيس شركة كوفيلد العالمية.
- هذا صحيح.ليلاس
أجابها ببرود ولكن بسخرية وهو يحني رأسه واكمل:
- بيتر هو محامي وسيكون مستشاري خلال المشاورات والمفاوضات التي ستخبرها هنا معكم بخصوص العقار الذي يريد جاستين أن يبعيه.
تصلبت أصابعها على حقيبتها جلدية واستدرات نحو جاستين وفي نيتها أن تخبره أن يختار محامياً آخر غيرها ليستلم هذه القضية فهي لن تستطيع بأي شكل من الأشكال أن تتحمل وجود رايدر معها بنفس الغرفة وبما أن المفاوضات ستأخذ وقتاً نظراً للسعر الذي يطلبه جاستين والسعر الذي سيدفعه رايدر فهي لن تتمكن من الاحتمال وتحمل وجوده أمامها هكذا.
منتديات ليلاس
ولكن قبل أن تقترح على جاستين ماقررته سبقها رايدر للكلام وقال:
- أظن أنه من الأفضل لو نؤجل اجتماعنا لعدة أيام جاستين، انا واثق أن جينا مترددة مثلي تماماً بالجلوس معاً لإنهاء هذه الصفقة، فآخذين بعين الاعتبار ارتباطنا السابق، كلانا لن يكون متجرداً وعملياً صرفاً في المناقشات التي ستجري للوصول إلى الاتفاق، وانا افهم تماماً أن جينا تفضل تعيين محامي آخر في هذا المشروع، وطبيعي انك ستحتاج لبعض الوقت لتجد البديل المناسب عنها.
أحست بالنيران تلتهب في شرايينها ، فسطحياً بدا وكأن رايدر يسهل لها طريق الإنسحاب لكن واقعياً كان يأمر باستبدالها، سخريته واستهزائه بإمكانها تحملهما لكن أن تضطر للإنسحاب لأن هو يريد هذا فهذا مالن تقبله مطلقاً.