كاتب الموضوع :
اماريج
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
فتفحصت بلانش لوحة ساكنة من الماضي تمثل ممخضة ربدة قديمة تجثم في زاوية شرفة أرضية خشبية وحيث أزهار دوار الشمس تطل برؤوسها الذهبية من فوق الحاجز.... وقالت:
"لا ضير في أن تكوني فنانة تجارية يا تيشا , ماذا كنت تبيعين مؤخرا؟".
فأجابت بوجوم يزم شفتيها:
" بعض بطاقات التهنئة , الرزنامات , لكن معظم مبيعاتي كانت أشياء دعائية , أتعلمين يا بلانش , بابا على حق , فأنا لا أنتج ما يكفي من المال لأعيل نفسي ؟؟؟ أنني بالرغم من رغبتي الشديدة في العيش المستقل , سأضطر الى الأعتماد على صدقات والدي".
وبحركة ملؤها الخيبة أزاحت شعرها الطويل الى خلف أذنها وحيث ألتقطت الخصلات الحريرية نور الشمس المتدفق من النافذة وأحال لونها , الذي يبدو أحمر قاتما تحت الأضواء الأصطناعية , الى لون ذهبي محمر كما النار.
وهتفت وصوتها يتماوج بغضب مكتوم:
" أتمنى أحيانا لو أنني ولدت طفلا ذكرا , فالفتاة يتحكم بها أهلها حتى تتزوج, ثم تصبح عبدة لنزوات زوجها لمدى حياتها , أظن أنني أكره كل الرجال , أن الطريقة التي حاولوا أقناعنا من خلالها بأنهم أفضل بكثير من النساء , لهي مثيرة للقرف... أننا الجنس الأضعف لكوننا أعطينا عضلات وعقل أكبر فالمرأة يمكنها دائما أن تتغلب على الرجال بذكائها".
فرمقتها عمتها بنظرة بارقة وسألتها:
" من الذي خيّب آمالك بجنس الرجال , هذا الشاب المدعو كيفن أم أبوك؟".
" لا هذا ولا ذاك , أنما أظن أنه مزيج من كل شاب عرفته".
أجابتها تيشا بجدية مريرة تخالطها سخرية , وتابعت:
" قيل لي مرة أن الفتاة أذا أرادت أجتذاب رجل ما , فما عليها الا أن تصغي اليه جيدا ,وألا تفتح فمها الا لتطرح عليه أسئلة تعلق به ... الرجال يطلبون أن تكون الفتاة جذابة وصامتة في الوقت نفسه , ولا يهتمون بمعرفة أنجازاتها أو مواهبها , أنهم يتصرفون دائما وكأنهم يؤدون لك خدمة حين يدعونك الى الخروج معهم".
فقالت بلانش تؤنبها بلطف:
" أنت تقرأين الكثير من تلك الكتيبات الداعية الى المساواة المطلقة بين الجنسين ... الرجال والنساء هو كائنات بشرية في الدرجة الأولى وكلا الفريقين له أخطاؤه الخاصة به , هل تحاولين القول أنك ما شعرت بميل الى بعض هؤلاء الشبان؟".
منتديات ليلاس
كست وجه تيشا أبتسامة خجولة حين أدركت مدى الغرور الذي بدا في كلامها , وقالت تعترف بصراحة:
" في الواقع أعجبت بأكثر من قلائل , لكنني ما أوقعت نفسي في وهم الأعتقاد بأنني كنت أحب أيا منهم , ولهذا السبب على الأرجح لم أكن أعرض أبي كثيرا حين كان يأمرني بعدم الخروج مع أحدهم , لكنني لن أسمح له بأن يلزمني بالزواج من رجل معين".
فقالت عمتها:
" ريتشارد تهمه سعادتك بالرغم من كل تدخلاته المتعالية , مع أنني أوافقك على أنه يظهر هذا الأهتمام بطريقة هزيلة , أما الآن وقد عرف مدى معارضتك لهذا الشاب كيفن , فلا أظنه سيرغمك على رؤيته".
" أذا تخلى عن كيفن سيجد لي عريسا آخر".
تذمرت تيشا , ثم تابعت ويداها تطيران في الفضاء بحركة يائسة متوسلة:
" أنا أحب أبي كثيرا يا بلانش , لكن المشكلة أنني لا أستطيع العيش معه , فما دمت وأياه تحت سقف واحد فلن يكف عن محاولاته التحكم في حياتي , أظن أن الشيء الوحيد الذي يمكنني فعله هو أن أتخلى عن الرسم وأجد عملا آخر".
أستدارت بلانش لتتفحص مزيدا من لوحات أبنة أخيها, وقالت:
"لدي فكرة أخرى قد تنجح أكثر وهي أن تنتقلي الى هوت سبرينغز وتعيشي معي".
" هل أنت جادة في كلامك؟".
كانت تيشا تتنفس بصعوبة وهي لا تصدق أنها سمعت جيدا , فبلانش كالدويل كانت تحافظ كالبيؤة على حريتها الشخصية وعزلتها الحيادية .
" أجل , جادة تماما , وأذا كنت تريدين أمتهان الرسم فليس هناك أي داع لتضحي بعملك من أجل المال أو بسبب أب عنيد".
" لكن ماذا سيقول بابا؟ هل تراه يوافق؟".
|