كاتب الموضوع :
اماريج
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
تململت تيشا بأنزعاج , أنها لا تحتاج الى تفهيم رورك بأن أباها كان يفعل فحسب ما يجده الأنسب لمصلحتها
أن هربها سيحطم قلبه , فعدا أخته بلانش ,لم يتبق له من العائلة سواها , وهو يحبها بمقدار ما تحبه بل ربما أكثر.
أجتاحها ألم شامل فتنهدت من عمق صدرها وقالت:
" لا أدري كيف أتصرف , أنا أحب والدي أنما لا أريد في الوقت نفسه أن أتزوج شخصا لمجرد أنه يريده زوجا لي".
ألقى يديه على كتفيها وكانت لمستهما خالية من الحميمية السابقة ,بل كان أتصالهما ودودا ومواسيا
رفعت بصرها اليه فأذا به يبتسم متفهما ثم قال لها بلطف:
" قد لا يكون من حقي أن أطلب اليك هذا يا تيشا , لكن هل لك أن تتركي الأمر لي؟ هل لك أن تثقي بصدق نيتي في أيجاد الحل الذي من شأنه أن يضمن السعادة لكلينا؟ أنني أطلب اليك أن تضعي مستقبلك بين يدي ".
فراحت تتأمل عينيه البنيتين الدافئتين وقد بدت نظرتهما كمخمل ناعم يخفي تحته قدرة رورك على تطويع المصاعب
وذكرت تيشا نفسها بأنه لا يقل عنها رغبة في الخلاص من هذا الزواج الأرغامي , لم يكن هناك دافع خفي آخر لمطلبه , فأي دافع يمكن أن يكون هناك؟
وغمغمت مجيبة:
" نعم , أنا أثق بك".
منتديات ليلاس
فغمز لها بعينه وكأنه يضحك من وقار صوتها وقال:
" عظيم , أتركي لي كل شيء , ومن اليوم فصاعدا , لا تجادلي أباك , لا تقولي أو تفعلي شيئا قد يزيد من عناده فكلما حاولت أقناعه بأنه على خطأ كلما تأكد هو بأنه على صواب , هل توافقين على هذا التنفيذ؟".
" أوافقك".
وأستغرب كيف أستطاع حملها على الأبتسام بعدما ظنت أنه لم يعد هناك شيء جدير بالأبتسام
وأردفت تمازحه:
" لا ريب أنك ندمت على عدم سماحك لي بالعودة الى البيت مشيا , مساء أمس".
فأجابها ضاحكا:
" لو أنني حلمت بأن لك أبا هائجا ينتظر في الكواليس لكنت أرجعتك محمولة على كتفي , ولكنت نمت أيضا نوما مريحا بدل أن أستيقظ متيبس العضلات".
فغمغمت تمازحه:
" عندما يحدث شيء كهذا مرة ثانية يجب ألا تكرر الغلطة بل ترسل الفتاة الى بيتها لتنام في سريرها".
تعمق لون عينيه بتعبير غامض غريب وأجاب بحزم:
" لن تكون هناك مرة ثانية , هيا نشرب القهوة قبل أن يعود والدك ليرى ما الذي نفعله الآن...".
ثم لمس مرفقها بيده وأردف:
" لا تنسي أن تتركي لي تدبير الأمور".
" لن أنسى يا رورك".
وعدته وتساءلت لماذا تشعر بكل هذا الأمان بين يدي رجل تزعم أنها تكرهه؟
في الأيام القليلة التالية بدأت تيشا تراجع أفكارها وتتساءل عما أذا كانت قد أخطأت في الوثوق برورك ليجد طريقة تنقذهما من الزواج الذي قرره أبوها ...
لقد أتبعت تعليمات رورك بدقة فأنصاعت لطلبات أبيها جميعا بدون أدنى أعتراض , الآن يوم الخميس , وحتى هذه اللحظة لم يطرأ أي تغيير على موقف والدها سوى مضيه قدما في أتجاه تنفيذ الزواج.
لقد أستعان بما لديه من نفوذ حتى أجريت فحوصات الدم بسرعة قياسية , وهذا الصباح حصل أيضا على رخصة الزواج
وهكذا بدأ الذعر يدب فيها وقد أدركت أنها باتت على بعد خطوة واحدة من أجراء المراسم الفعلية ,ثم أن كل محاولاتها للتحدث الى رورك على أنفراد باءت بالفشل ومعظمها أفشله أبوها .
وحتى بلانش التي كانت تعتبرها حليفة لها بدت وكأنها تتخلى عن مساعدتها , وفي المرات القليلة التي أستطاعت التحدث على أنفراد , أمطرتها عمتها بوابل من الأسئلة في ما يتعلق بمشاعرها أتجاه رورك
هل هي متأكدة من أنها لا تحبه بتاتا؟ هل أن أنجذابها اليه لا يخفي تحته عاطفة حب قوية؟ وكان واضحا من نوع هذه الأسئلة أن بلانش تعتبر الزواج تحصيل حاصل.
وبدأت تيشا تتساءل بدورها ... أذا كان رورك ينوي حقا أن يتخذ أجراء ما , فمن المفروض أن يكون أنجزه قبل اليوم... لماذا هذا التأخير وماذا ينتظر وقد أتم أبوها الترتيبات وعيّن يوم السبت موعدا للزواج.
وهكذا سارت مثقلة القلب على الدرب الخاصة بالدواب عبر التل المشجر , وكان أبوها قد غادر البيت بعد الظهر في مهمة غامضة وأملت تيشا في أن تجد رورك في بيته .
لقد أختارت الذهاب عبر الغابة كي لا تفطن بلانش الى وجهتها الحقيقية , لكن هذه الدرب كانت أطول مما لو أتبعت الطريق العادية المختصرة
وهكذا عندما وصلت أخيرا الى بيت رورك لم تجده هناك , لقد تجشمت هذه المشقة بلا فائدة وفشلها زادها تعبا وضيقا وكآبة.
ولما رجعت ودخلت الفناء تحت بيت عمتها رفع العنز رأسه , وبعد أن ألقى عليها نظرة عابرة , خفض رأسه ثانية وأكب على قضم العشب وقد أعتاد الآن وجودها وما عاد يعترض على روحاتها وغدواتها.
وبدلا من أن تدخل البيت من ابه الأمامي أتجها رأسا الى باب المطبخ وهي تتساءل بوجوم عما أذا كان سيتاح لها أن ترى رورك هذه الليلة .
ولدى بلوغها المدخل الجانبي هذا , نظرت من زجاج الباب فرأت رورك جالسا مع بلانش الى طاولة المطبخ
أمتدت يدها الى المقبض , لكن الأنزعاج البادي على وجه رورك جعلها تعدل عن الدخول وتقرر الأصغاء الى حديثهما.
منتديات ليلاس
وكان رورك يسأل عمتها:
" هل أنت واثقة من قولها أنها ذهبت فقط للتنزه؟".
وأجابت بلانش بطوا أناة
ولكن وجهها المشرق عادة كان مكسوا بتعبير جدي واجم:
" أجل , أضافة الى ذلك ما تزال سيارتها هنا وكذلك ثيابها ولذا لا أصدق أنها هربت".
لم تكن تيشا متأكدة مما توقعت أن تسمعه بعد ذلك , ربما توقعت تعليقا ما من شأنه أن يعزز شكوكها بأنهم جميعا كانوا يتآمرون على أتمام هذا الزواج
ولكن لم يبد عليهما الا القلق على مصيرها والأهتمام بأيجاد مكانها , وهكذا تنهدت بأستسلام ثم فتحت الباب ودخلت عليهما.
نهضت بلانش بسرعة من مكانها وهتفت وهي تغتصب ابتسامة متألقة:
" ها قد عدت! كنا نتساءل الى أين ذهبت".
فقالت الفتاة بمرارة:
" خطر لي في بادىء الأمر أن أقذف بنفسي من أعلى صخرة لكنني لم أقدر أن اعثر على صخرة شاهقة , ثم فكرة أن أضيّع نفسي وسط الغابات الا أنني كنت أعود دائما الى فناء شخص ما , وها أنا أعود الى فنائك يا بلانش".
فغمغمت عمتها وجبينها تجعده تقطيبة قلق:
" لا تمزحي في أمور خطيرة كهذه"
|