كاتب الموضوع :
اماريج
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
فرمقته بنظرة سريعة وهي تحاول قراءة التعبير المبطن في عينيه الداكنتين , فبدا مسترخيا تماما الا أنها أستشفت فيه بعض التوتر.
فأجابته وهي تتبنى موقفا لا مباليا قدر المستطاع:
"ظننت أنه سيكون ... أكثر بهرجة".
" وهل توقعت زوزقة رخيصة؟".
" لا أدري بالضبط , فأنا ما فكرت في الأمر كثيرا".
أظهرت أستخفافا غير أنها شعرت بفورة غضب أنتقامية لكونه يحاول زجها في موقف دفاعي , فتابعت لتغيظه:
" لو أنني فكرت فيه جيدا لتوقعت ربما وجود أريكة تتحول بكبسة زر الى سرير , وبكبسة أخرى , تخفت الأضواء وتنبعث الموسيقى الهادئة لتملأ الغرفة".
" تصميم متكامل لمشهد أغرائي , أهذا ما تقصدين؟".
" شيء مشابه لذلك".
ثم طوحت يدها في الهواء بحركة تعبيرية وأضافت تقول:
" لكن هذا التصميم أكثر تهذيبا وبراعة مع أنه بالتأكيد يحقق الغاية ذاتها".
" وأنا دائما أعتبر هذا المكان موطني الصغير , أليس ذلك غريبا؟".
تعليقه الرقيق هذا جعل تيشا تقلص أصابعها على الفنجان وهي تقربه من فمها ... لقد سمعت التأنيب المدثر بكلماته وأدركت أنه جزاء عادل على أهانتها له ...
حرق الشراب الساخن حلقها وهي تحاول شرب الفنجان حتى آخر نقطة كي تنصرف بسرعة
ثم أجفلت حين نهض رورك واقفا بخفة النمر , وأمرها قائلا:
" تعالي , أريد أن أريك سائر غرف بيتي".
فأعادت الفنجان الى صحنه ونهضت بدورها وقالت على عجل:
"لنترك ذلك الى فرصة أخرى".
فسد رورك طريقها بقامته الفارعة وتأكدت تيشا أنه لن يتوانى عن أستعمال القوة ليمنع أنصرافها
وأجابها بحزم:
" كلا , أريدك أن تأخذي عنه أنطباعا كاملا".
أنتابها غضب لكنها تنفست بعمق وقالت:
" ليكن ذلك".
" تفضلي".
ومد يده يشير اليها بالسير أمامه الى الممر المضاء بخفوت والمتفرع من غرفة الأستقبال.
أنصاعت تيشا لأمره فمشت أمامه مشدودة القامة أنما بجمود وأمتعاض , وفي منتصف الممر تقريبا وقفا بين بابين مقابلين لبعضهما بعضا
ففتح رورك الباب الأول الى يمينها وأضاء النور ليظهر حماما أزرق وأخضر , ثم فتح الباب الآخر وأضاء الغرفة وقال شارحا وهو يشير الى تيشا بالدخول:
" هذه كان من المفروض أن تكون غرفة نوم أضافية لكنني أستعملها كمكتب وغرفة لرسم الخرائط".
دخلت تيشا فرأت قرب الباب فجوة في الحائط تحوي خزائن صغيرة على الجانبين , ثم ثلاث درجات تؤدي الى غرفة مكسوة الجدران بالخشب , أحدها كان مغطى برفوف مليئة وأمامها مكتب ومقعد جلدي
وفي أحدى الزوايا طاولة عريضة للرسم وكرسي , فيما سائر الأثاث عبارة عن أريكة جلدية ذات لون برتقالي داكن ومقعد مماثل للأستلقاء
أما الستائر فمن اللون البرتقالي نفسه والموجودة أيضا في السجادة الزرقاء وبشكل مربعات جريئة أكملت جو الغرفة الرجولي المهني.
منتديات ليلاس
لم ينتظر رورك أي تعليق من تيشا بل قادها خارج الغرفة الى باب يقع في آخر الممر , وحين فتحه وكبس زر الكهرباء أمتنع عن أي شرح
وسرعان ما أدركت تيشا السبب لدى تخطيها العتبة , أذ كانت هذه غرفة النوم الكبرى , غرفة نوم رورك.
أرضها مكسوة بالسجاد الأزرق السميك ذاته أنما الدرجات القليلة هنا تهبط الى غرفة يحتلها سرير واسع مغطى بدثار دي حبكة قديمة الطراز باللون الذهبي البراق ...
جف حلق تيشا حين تسمر بصرها الى أتساع السرير الداعي الى الحميمية ومن دون أن تتنبه كثيرا الى قطع الأثاث الأخرى والمصنوعة كما السرير من خشب الجوز ...
أحست بوجود رورك قربها بشيء من الألم وقالت بأقتضاب وهي تستدير على عقبيها لتهرب:
" أنها حسنة جدا".
ولم تخفف من سرعة خطواتها الا حين ألتجأت الى أمان غرفة الأستقبال النسبي وحيث رمقت رورك من خلف كتفها وكرهته لدى رؤيتها للسخرية المتراقصة في عينيه ...
فأعلنت بحزم:
" من الأفضل أن أنصرف الآن".
فقال وهو يخفي أبتسامة ماكرة:
" لم تري المطبخ بعد... جميع النساء يبدين أهتمامهن بالمطبخ , أليس كذلك؟".
" أرني أياه أذن".
فسارا على أرضية البهو الرخامية الناصعة ومنه الى مطبخ عصري فسيح ومتكامل الأجهزة والأثاث , كانت لعبة اللون الأزرق المنثورة في أرجاء البيت موجودة هنا في ورق الجدران ذي الأرضية العاجية والمزين بباقات من الزهور الزرقاء والصفراء الصغيرة ...
وأحس تيشا على رغم منها بأنجذاب الى روحية المطبخ الأليفة وراح هذا الأحساس يتغلغل فيها لكن رفضت أن تدعه يتغلب عليها فقالت:
" أكرر القول أن لديك بيتا رائعا".
منتديات ليلاس
كان صوتها المجامل كريح فاترة وقد تقصدت هذا لتظهر عدم أكتراثها .
وأجابها رورك بعدم الحماسة ذاتها:
" يسرني جدا أعجابك به".
ثم سار أمامها عائدا الى بهو المدخل حيث أخرج سترتها من الخزانة وقال:
" أرجو أن تشكري بلانش عني فأنا كنت بحاجة فعلية الى هذه الأوراق ".
" سأفعل ذلك".
أرتدت الجاكيت وأنحنت تأخذ الشمسية القابعة في الزاوية , ثم رفعت رأسها لتواجه نظراته الفاترة المدروسة وأردفت :
" وأشكرك على هذه الجولة الشاملة".
ففتح لها الباب وكأنه يسارع الى التخلص منها , وقال ساخرا:
" لقد سرني التجوال معك".
ألتمع البرق وأضاء الظلام حين خرجت تيشا مهرولة وهي أكثر لهفة منه الى الأبتعاد عنه.
******نهاية الفصل الخامس******
|