وأرتدت ثوبا ضيقا باللون الكحلي , وألقت فوقع معطفا من الجلد الأحمر , وبدت صغيرة السن غير مدركة لجمالها .
مرة ثانية خاب أملها , فلم تشاهد عند وصولها ألى الشارع مانويل كورتيز أو سيارته , وكان الجو باردا , كما كسا الضباب كل شيء بظلال رمادية .
كانت أقسمت ألا تنتظر , ولكنها ظلت في مكانها لا حول لها ولا قوة , وأخذت تدعو الله أن يعينها , وجاء العون في شكل رجل صغير الحجم يرتدي معطفا رماديا وقبعة رمادية .
قال وعيناه تبتسمان :
" أخيرا عثرت عليك يا آنسة كيندي , آسف لأنتظارك , غير أن السيد مريض , ولن يستطيع الحضور الليلة , وقد طلب مني أن أوضح لك الأمر".
ولم يكن يتقن الكلام باللغة الأنكليزية مثل كورتيز , غير أن جولي لم تهتم بذلك , فقد ركزت كل تفمكيرها على ما يقوله , ثم قالت:
" مريض؟ هل حالته سيئة ؟ هل حضر الطبيب؟".
وهز جوزيه رأسه وقال :
"ليست وجوزيه يعرف كيف يعالجه".
وحملقت جولي فيه وأردفت :
" أقصد.... ألا تظن أن ....... هل يمكنني أن أعود معك ألى الشقة؟".
وهز جوزيه كتفيه قائلا:
" لا أعتقد أن السيد يروق له ذلك ".
وأتخذت قرارا وقالت :
" ما لنا وما يقوله السيد , فأنا ذاهبة معك , أين السيارة؟".
" لم أحضر السيارة يا آنسة كيندي , بل ركبت مترو الأنفاق".
وهز جوزيه كتفيه من جديد , وبدا واضحا أنه غير مسرور بقرارها , غيرأنه لم يكن ليستطيع منعها من مصاحبته , وسارا من المحطة حتى لينانون كورت , ولم يسمح الحارس لجولي بدخول العمارة ألا بعد أن ضمنها جوزيه.
وما أن وصلا حتى بدأت عزيمتها تضعف , فما عساها أن تفعله أذا أتضح أن مانويل أرسل جوزيه بأعتذاره لمجرد أنه يريد الخروج معها , ولم تكن هذه الفكرة قد خطرت على بالها من قبل , ونظرت ألى جوزيه بعصبية بينما صعد بهما المصعد , غير أنه بدا شارد الذهن.
منتديات ليلاس
وأذ دخلت الشقة خلعت معطفها بسرعة قبل أن تخونها شجاعتها وسألت جوزيه:
" أين هو ؟ هل هو في غرفته؟".
وحاول جوزيه الأحتجاج , ثم أتجه , وكأنه قد أعترف بهزيمته , ألى باب الغرفة وفتحه وقال بصوت خافت:
" غرفة السيد , غير أنني.......".
ألا أن جولي تخطته ودخلت ألى الغرفة وسمعته يغلق الباب بهدوء , وألقت نظرة خاطفة ألى الوراء ورأت نه قد دخل خلفها ,وتساءلت هل تصور أنها تعتزم أيذاء مانويل.
كان أثاث الغرفة من الخشب القاتم والأألوان القاتمة بأستثناء السجاد الذي أختير من اللون البرتقالي الزاهي , وقد أدفأ جهاز التكييف الغرفة بالقدر المناسب , غير أن الرجل في السرير الضخم الذي بلغ طوله ستة أقدام تحرك بقلق , وقد تغطى جزئيا فقط بملاءة حريرية وبطانيتين وتصبب العرق من جبينه وصدره الأسمر العاري.
وأتجه جوزيه أليه مسرعا ووضع الغطاء عليه من جديد , متمتما بلغة أجنبية , وأتجهت جولي ببطء ألى الجانب الآخر من السرير , وبدا واضحا أن مانويل لم يحلق منذ يومين , فقد نمت له لحية صغيرة وبدا وجهه شاحبا .وهمست جولي:
" جوزيه , هل أنت واثق من سلامة علاجك له؟".
ولمعت عينا جوزيه ورد:
" أنني أحب السيد يا آنسة كيندي , وألا ما بقيت معه , أعطيته جرعة الدواء وسوف يتحسن , ولكن هذا يستغرق بعض الوقت".
" كم من الوقت يستلزمه ذلك؟".
وتنهدت عندما أبدى جوزيه تعبيرا متعاليا وقالت:
" هل جففت العرق الذي يبلل جسمه ؟ هل غيرت الملاءات؟".
" بالطبع يا آنسة كيندي , لقد غيرت الملاءات هذا الصباح".
وأمسكت جولي الملاءة , فوجدتها رطبة , وحرارة مانويل مرتفعة فقالت :
" أعتقد من الأفضل تغيير الملاءة من جديد ".
" حسنا سوف أفعل ذلك".
" سوف أساعدك".
وتأوه مانويل فجأة وقال :
" جوزيه؟ هل ذهبت ألى متجر فوردهامز ؟ هل رأيت جولي؟".
" نعم يا سيدي , وأبلغتها رسالتك".
" حسنا".
وفتح مانول عينيه برهة ثم أغمضهما من جديد .
نظرت جولي ألى جوزيه الذي هزّ كتفيه وقال :
" أنه يفيق من حين ألى حين , ولكنه يفقد وعيه عندما تلازمه الحمى".
وهزت جولي رأسها معربة عن عدم رضاها , وأتجهت ألى الباب الذي أعتقدت أنه يؤدي ألى الحمام , وعثرت فيه على قطعة من الأسفنج , ففتحت حنفية الماء البارد , وبللتها وعصرتها ثم عادت بها ألى غرفة النوم, ووضعتها على جبين مانويل , كانت باردة كالثلج فتحرك مانويل من مكانه لحظة.