أخذت جولي حماما ولبست فستانا ضيقا من الكرميلين الذهبي له فتحة عنق كبيرة وكمان يغطيان ثلاثة أرباع ذراعيها , ثم أعدت لنفسها وجبة خفيفة , وبينما جلست في الشرفة لشرب القهوة , سمعت صوت سيارة تقف أمام المنزل , سارت نحو المدخل متوقعة أن ترى بن وسامنتا , ولكنها شاهدت من خلال زجاج الباب أن السيارة من طراز الكاديلاك.
وخفق قلبها هل هي سيارة مانويل ؟ هل هذا سبب سؤاله عن عنوان مسكنها . هل أراد أن يحضر أليها ويتحدث معها ؟ ثم أليس هذا أنسب وقت لذلك؟ لا بد أن بن أخبره أنه سيقضي اليوم مع سامنتا عند أسرة مرديث , فقد أمضى بن اليوم السابق في سايبروس ليك , والمعروف أن بن يبوح بكل ما في صدره.
وفكّرت في أن تنكر وجودها بالمنزل , ألا أنها وجدت أنه من الأفضل أن تقابله حتى تتفادى مواجهته في مكان عام , وعندما فتحت الباب فوجئت بفيليب وليس مانويل الذي حضر أليها , وكان الأعياء يبدو عليه كأنه منهك القوى , وذلك يتناقض وما عرفته عنه ففيليب يجد متعة في علاج مرضاه ولا يكل من العمل.
ودعته ألى الدخول وقالت:
" يا ألهي! ما بك يا فيليب؟".
تبعها فيليب ألى غرفة الجلوس وأرتمى على مقعد منخفض , ثم فك أزرار ياقته ومسح شعره بيده وقال:
" هل كنت تعرفين بأننا سوف نجري العملية لتريزااليوم ؟".
" كلا!".
منتديات ليلاس
ثم عقدت حاجبيها وقالت:
"لم أذهب ألى المستشفى في اليومين السابقين , يبدو أن الأمر فاتني , ولكنني رأيت تيريزا هذا الصباح ولم تخبرني بشيء".
" أعرف ......فرغم أنها طفلة شجاعة ألا أن فكرة العملية في حد ذاتها كانت تخيفها ".
" ماذا حدث؟ ما الخطب؟".
" لم تعد تيريزا بالمستشفى , حضر أبوها ألى المستشفى ظهرهذا اليوم وأخرجها".
" أخرجها من المستشفى ؟ لم فعل ذلك؟".
" لا أدري , كنا قد أعددناها لأجراء العملية , ولم تكن في حالة تسمح بنقلها , وفكرت في اللجوء ألى الشرطة , غير أنني خشيت أن يؤثر هذا الفتاة الصغيرة".
" كيف أستطاع أن يغعل ذلك؟".
وهزّ فيليب رأسه وقال وهو يخرج علبة السكائر من جيبه ويشعل سيكارة .
" لديّ بعض الشكوك , فقد كان أسم المحسن منذ البداية موضوع نزاع بيننا , أن والد الفتاة لا يهتم بها , ألا أنه أدرك أنه لو عرف أسم المحسن لأستطاع الحصول على أموال طائلة من الصحف أذا أفضى أليها ببعض التفاصيل .....على الأقل هكذا أعتقد ".
" يا للفظاعة , وهل تعتقد أنه قد توصل ألى معرفة أسم المحسن الآن؟".
" كلا ,لا أعتقد ذلك , ولكن أذا أجريت العملية لن يهتم أحد بتريزا لا سيما أذا كتب لها الشفاء , عندئذ لن يكون هناك مجال لأثارة عطف الجماهير بنشر الصور في الصحف والمجلات".
وقالت جولي وقد أثار ما سمعته أمتعاضها :
" يا له من شيء فظيع ! والرجل .... المحسن ....هو مانويل , أليس كذلك؟".
" نعم , هذا صحيح , ومانويل لا يحب الدعاية وأن أعتقدت غير ذلك".
" أعرف ذلك , والآن ماذا يحدث؟".
" هناك أحتمالات عديدة , قد ينشر والد تيريزا الخبر ويشوه الحقائق على النحو الذي يخدم مآربه ,وهو لا يهتم بأمر أبنته أو بشفائها ويمكنه أن يخلق المشكلات بقوله أنه لم يوافق على أجراء العملية وأنه أنقذ أبنته من أيدينا".
" ولكن هذا شيء مضحك ! من يصدق ذلك؟ ليس هناك ما يؤيد هذا الأفتراء , وفي كل حال , فأنت كنت ستشفي تيريزا من علتها ".
" يا عزيزتي جولي أنت طفلة لطيفة وساذجة , تجهلين تماما الأساليب الملتوية التي يلجأ أليها رجال الصحافة للحصول على خبر مثير ويتعين عليّ أن أفكر في الموضوع , وأذهب ألى والد تيريزا بنفسي لأحاول التوصل ألى أتفاق معه ".
وشعرت جولي أنها لا تستطيع مساعدته , وغضبت ألأن تيريزا وقعت في قبضة من لا يهتم بأمرها ويحرمها من فرصة الشفاء علتها .
وأمعت فيليب النظر فيها ثم سألها فجأة :
"حدثيني عن علاقتك بمانويل يا جولي".
" لقد أخبرتك , فليس هناك ما يضاف ألى ما قلته ".
" ولكنني أعتقد أن هناك الكثير".
وهزت جولي رأسها وقالت بعدم أكتراث :
" لا تحاول أن تحل مشكلاتي , فلك ما يكفيك من المشاكل ".
وأخذ فيليب نفسا من السيكارة وقال :
" حسنا أين بن وزوجته؟".
" ذهبا لزيارة أحد الأساتذة , أعتقد أسمه مريديث".
وأومأ فيليب برأسه وقال:
" ميريديث؟ أنني أعرفه".
وساد الصمت فترة وأضفى الظلام على الغرفة جوا من الهدوء , وفجأة سمعا صوت سيارة في الممر المؤدي ألى المنزل ,وقالت جولي:
" أعتقد أن سامنتا وبن قد حضرا".
" هل يضايقك أن أكون هنا؟".
" بالطبع لا , فأنت تعرف بن وسوف تعجبك سام , فهي لطيفة للغاية".
وأتجهت جولي ألى الباب لتفتحه وأضاءت الأنوار وهي في طريقها , فقضت على الجو الشاعري الذي ساد الغرفة بعض الوقت , وأرتبكت حين رأت الرجل الواقف أمامها , وصاحت وهي لا تكاد تصدق عينيها:
" مانويل!".