1- خطوة في المجهول
" السيد مالوري مشغول هذه اللحظة , وسيتصل بنا حالما يكون جاهزا , بأنتظار ذلك أرجو يا آنستي أن تتفضلي بالجلوس".
هذا ما قاله موظف الأستقبال.
شكرته فانيسا وسارت ببطء في القاعة المفروشة بالسجاد نحو المقعد حيث أشار الموظف , شعرت بتوتر وتمنت أن لا تنتظر طويلا , التأخير يضرها ويعطيها وقتا للتفكير في عدم كفاءتها للوظيفة التي تمنتها كثيرا , ويؤكد من أحتمال كونها تسعى الى المستحيل.
فتحتحقيبة يدها وسحبت منها قصاصة جريدة , قرأت , ربما للمرة العشرين , الخبر المنشور , لم تكن تحتاج الى التذكر , بل الى أشغال نفسها في أي شيء أثناء الأنتظار.
" مطلوب للعمل سكرتير خاص لمدة ستة أشهر على الأقل , الوظيفة مع الأقامة في رالينغز هول , في بلدة دربشايد , على مقدم الطلب , أضافة الى مؤهلات السكرتيريا , أن يكون ذا أطلاع واسع في شؤون التحف الأثرية القديمة , الراتب يتفق عليه , والسيد ب . مالوري سيجري المقابلات يوم الأثنين 12 أيلول ( سبتمبر ) من الثانية حتى الرابعة بعد الظهر في فندق بارك".
وفكرت فانيسا أن الخبر دقيق جدا , وأن الكاتب ليس شخصا يهدر الكلمات التي لا معنى لها , تنهدت وأعادت القصاصة الى حقيبتها , تمنت أن تكون الوحيدة , بالطبع آخرون سيجدون العرض مغريا للعمل والعيش مع أشياء تاريخية تعود الى أكثر من أربعمئة سنة , ومع أحد أهم جامعي التحف في أوروبا , فرصة لا تسنح ألا مرة واحدة في العمر لشخص مثلها يهوى التحف.
فكرت أن عمرها يكون عاملا في غير مصلحتها , فهي لم تتجاوز الثانية والعشرين , وهذه السنوات ليست كافية لتحمل مسؤولية من النوع الذي تطمح اليه , أخرجت مرآة صغيرة من حقيبتها وحدقت فيها بعين ناقدة , مسحت طرف أنفها من غبار عالق , وتمنت لو أنها أرتدت فستانا داكن اللون غير الفستان الزهري الذي لبسته , أنه أفضل ما لديها , ألا أن أنعكاسه مع بريق شعرها البرونزي ,,قد يعطي أنطباعا بأنها مستهترة وهو عكس ما ترغب في أظهاره تماما.منتديات ليلاس
نادى موظف الأستقبال مقتربا منها:
"آنسة بيدج , السيد مالوري متفرغ الآن ويستطيع أن يراك , رقم غرفته خمسة في الطابق الأول.
في المصعد شعرت فانيسا أنها ذاهبة في مهمة صعبة , وفكرت , لو أستمرت تشعر بالفشل سلفا قبل أن تتم المقابلة فأنها ستفشل حتما ....... جدها كان دائما يقول : فكري في ترفع ولا تستخفي أبدا بمؤهلاتك , وججدت نفسها تجهد من أجل تطبيق هذه النصيحة.
كانت الغرفة رقم خمسة في منتصف الممر الطويل المفروش بالموكيت , قرعت فانيسا الباب وسمعت صوت رجل خشن يدعوها للدخول , سحبت نفسا طويلا ودخلت لتجد نفسها في غرفة جلوس ومكتب , الغرفة حلوة الأثاث , تسبح في دفء شمس الظهيرة المتسرب من النافذة الواسعة , والرجل الواقف الى جانب النافذة لم يدر وجهه نحوها بل تابع النظر الى الطريق , وجدته طويلا , عريض المنكبين , أسود الشعر , ويلبس بزة رمادية أنيقة , قال من دون أن يلتفت الى الوراء:
"أنظر الى الأناء الأثري الموجود على المكتب , من فضلك ,وأخبرني عنه".
تحركت فانيسا الى الأمام ووضعت حقيبة يدها جانبا , وتناولت الأناء عن المكتب , وجدته قطعة بسيطة من البورسلين الرقيق تزينها أزهار زرقاء على الأطراف , قطعة جميلة في حالة ممتازة , الأهتمام أزال توترها , ودفء الأناء النسبي والملمس المخملي جعلاها تعتقد أن البورسلين من الطين الناعم , قلبت الأناء لتدقق في علامة المصنع المميزة , وجدتها تكاد تمحى ولكن قراءتها ممكنة : رسم للشمس وأحرف ( أس. تي . سي) وفي الأسفل حرف ( تي ) كل ذلك لم يكن كافيا لأثبات القيمة الأثرية للأناء , فالقطع المزورة دائما تحمل أختاما , دققت في الأناء من دون أن تلغي أحتمال وجود خدعة , أذا كان الأناء مزورا فأن صانعه ممتاز أذ جعله يطابق المواصفات القديمة .والوقت المتوفر للأجابة قصير كما أن كشف التزوير يحتاج الى وقت أطول , ومع ذلك لم تظن أن الأناء مزور , فحدسها أبلغها أن القطعة أصيلة.
" الأناء من فرنسا".
قالت وتوقفت عن المتابعة عندما أستدار الرجل نحوها بسرعة ونظر اليها بحدة ,وفي لحظة الصمت هذه وجدت في عينيه الزرقاوين ووجهه الأسمر أن الرجل من النوع الذي لا يقبل المساومة , لم تفهم سبب أنزعاجه المفاجىء.