قال جيرارد مبررا عودته وبقاءه لبعد الظهر .
ردّت محاولة ضبط ضحكة :
" أصمت , سيسمعونك يا أبله".
نزلت على السلالم الخارجية لتستقبل الفتيات بلباس المدرسة الأخضر وعيناها تبحثان عن المعلمة الآنسة بيرسون , طويلة نحيفة في الخمسين من عمرها , الفتيات بعضهن أكبر مما توقعت , نظرن اليها ثم تحولن بنظراتهن الى الشاب الأشقر الذي رحّب بهن بحماس ظاهر ,وأختلط الحابل بالنابل , وفكرت فانيسا أنها لا تحسد الآنسة بيرسون على وظيفتها ,والمعلمة بملامحها القاسية بدت لا تنتمي الى المجموعة , كانت تمرر يدها على جبينها وكأنها تسمح ألما مبرحا ..
سألت فانيسا :
"هل أنت بخير ؟ لا تبدين مرتاحة".
" كلا ,لست مرتاحة , أظن أن الوجع النصفي في رأسي عاودني تناولت قرصا ضد الصداع في الأوتوبيس ولكن لا يبدو كافيا , لا تهتمي , سأستطيع تدبر أمري".
نظرت فانيسا الى المعلمة التي يبدو الألم يتدفق من عينيها , وقررت :
" يجب أن ترتاحي لا أن تدوري في المتحف , تعالي الى المكتبة وتمددي على المقاعد , السيد جيرارد ترنر وأنا سنتدبر أمر تلميذاتك ".
تجاهلت أعتراض المعلمة وتوجهت نحو جيرارد الذي كان نقطة أرتكاز حلقة من الفتيات , تجاوبا مع نظراتها أفترق عن التلميذات وجاء يستمع اليها تقول:
" جيرارد , أن الآنسة بيرسون مريضة , سأخذها الى المكتبة لتستلقي هناك لبعض الوقت , هل تعتقد أنك تستطيع أن تمسك زمام الأمور حتى أعود؟ أبدأ معهن من هنا في القاعة وأريهن سلالة العائلة".
وأبتسمت وهي تضيف:
" لا أظن أنك ستجد صعوبة في أشغالهن بضع دقائق".
" عظيم جدا , أنا توقعت أن تحتجن الي اليوم".
قال ذلك ضاحكا وتوجه نحو الفتيات وهو يقول:
" حسنا يا آنساتي , هناك تغيير طفيف في البرنامج , يبدو أنكن ستبقين معي بضع دقائق ,أن سرتن من هنا سأبدأ في تلخيص عائلة مالوري عبر العصور".
تأمين راحة الآنسة بيرسون شغلها بعض الوقت , وعندما عادت الى القاعة , وجدت أن المجموعة كلها أختفت , ولكن ضحكة صاخبة من غرفة الأسلحة أنبأتها ما رغبت في معرفته , جيرارد كان يقوم بالجولة على الطري
قة التي تحلو له.
خلال ساعة من الوقت شعرت فانيسا أنها توافق مع وجهة نظر برانت الذي كان أبلغها شكه في أهتمام عميق لتلميذات صغيرات , هن فقط أردن الزيارة لتغيير جو رتابة الصف , ومع وجود شاب حسن الشكل وظريف , فأنهن أصبن عصفورين بحجر , جيرارد أضفى فكاهة على موضوع التاريخ الجاف.
من مكانها على رأس المجموعة لم تكن فانيسا تستطيع سماع ما يخبر جيرارد بضع فتيات حوله , ولكن ضحكهن المتعالي مع شعور عام بالتسلية , جعلاها تعتقد أن أجداد برانت يتقلبون في قبورهم , حاولت عبثا مع جيرارد أن يحافظ على جدية الزيارة ورصانة الموضوع , وشعرت أنها تهدر وقتها , فركزت أهتمامها على بضعة فتيات كن يبدين أهتماما بما تقول متجاهلة الأخريات اللواتي بقين يستمعن الى تعليقات جيرارد.منتديات ليلاس
وأخيرا أنتهت الجولة , ونزل الجميع الى الطبقة السفلية لشرب الشاي في أحدى القاعات , ولاحظت فانيسا في عيني أيمي أنزعاجا وهي تراقب أثاث البيت يتعرض للطخات الأيدي , وقررت فانيسا أن تذهب الى غرفة المكتبة لتطمئن الى حال الآنسة بيرسون.
المعلمة كانت جالسة على مقعد وتبدو في حالة مقبولة.
" أشعر أنني ظلمتك بتحميلك مسؤولية الفتيات , هل أزعجنك في شيء؟".
ردت فانيسا :
" أبدا أظن أنهن أمضين وقتا مفيدا , أنهن يشربن الشاي الآن , هل ترغبين أن تنضمي اليهن أو ترتاحي هنا وأسعى أن يحضر الشاي اليك".
أقترحت ذلك وهي تعلم رد فعل أيمي أن تجرأت وطلبت , أنقاذا لها قالت المعلمة:
"كلا أشكرك , لقد أزعجتك ما فيه الكفاية , أنت كنت لطيفة جدا يا آنسة بيدج , لن أنسى ذلك أبدا".
ولا فانيسا ستنسى ذلك , وشعرت أن حملا ثقيلا أزيح عن كتفيها عندما أنتهت زيارة التلميذات , وأعترفت أن الزيارة كانت هدرا للوقت ولم يكن فيها أي فائدة علمية للتلميذات .
وعندما أنطلق الأوتوبيس بالفتيات الملوحات بالأيدي , دخلت فانيسا الى البيت وهي تفهم المعنى الذي قصده برانت في الحرية الشخصية التي يفضلها بعد أنتهاء موسم الزيارات.
القاعة الكبرى أستقبلتها بالصمت والفراغ , وكل آثار الفتيات أزيلت بفضل فريق عمل أيمي النشيط.
" أنا سعيد لأنني عدت الى البيت".
قال جيرارد ضاحكا وهو يتبعها:
"أن التغيير أفادني جدا وألا كنت الآن أمضي بعد الظهر بمل شديد في المقلع".
" وماذا عن برانت ؟ ألم ينزعج لغيابك عن المقلع؟".
" لن يعرف ذلك , ألا أذا أخبرته أنت , ذهب الى مدينة شيفيلد ولن يكون هنا قبل السادسة".
" وماذا لو ذكر له الخدم وجودك؟".
" لماذا يفعلون ؟ ولنفترض أنهم فعلوا , ماذا في ذلك ؟ أنا شريك في العمل ويمكنني أن آخذ أجازة عندما أرى ذلك مناسبا".
أذا كان المر كذلك , فكرت فانيسا ,لماذا لم يخبر برانت على الغداء أنه لن يذهب الى المقلع , لماذا ذهب ثم عاد بعد ساعة مثل تلميذ هارب من المدرسة؟ هل يخاف أبن خاله الىهذا الحد؟ وأجابت لنفسها أنه لا يخاف منه ولكن ينزعج من ملاحظاته التهكمية الساخرة , ولم تلمه.
لم تر برانت حتى قبل موعد العشاء بقليل , كانت تسير في ممرات المتحف في الطبقة الثانية وعندما صادفته على أعلى السلالم , وألتقت أعينهما , سألها:
" أخبريني كيف مر الوقت؟".
" جميل جدا ,من دون أي مشكلة".
" أنت تكذبين يا عزيزتي , أنت قلت لنورا أنك فرحت لرؤية الفتيات تغادرن المكان".
" حسنا أنت كنت على حق , وأنا كنت مخطئة , وأذا قلت لي أنني أنا التي طلبت ذلك, فسوف.......سوف........".
" سوف ماذا؟".
سألها بأصرار ضاحك:
" سوف أستقيل".
قالت مازحة:
" أنت مرتبطة بعقد يا عزيزتي , لا تنسي ذلك".