أختار برانت واحدة من مغاور ثلاث أعتبرها الأكثر أثارة وأهمية , وبدا أنهما وحدهما مهتمان بالزيارة أذ لا يوجد غيرهما كان موجودا , وعليهما الأنتظار ليحضر أناس غيرهما فيأخذهم الدليل في جولة , ولما لم يحضر أحد , أتفق برانت والدليل أن يأخذهما في جولة خاصة على حسابهما , وهكذا كان .
داخل المغارة كان الجو رطبا وباردا , ومصابيح الكهرباء الموزعة في الداخل لم تساعد في تخفيف البرودة , الدليل كان رجلا في منتصف العمر من سكان الناحية , حذّرهم من التزحلق ودعاهم للأنتباه , ثم تقدم أمامهم وأنطلق في ألقاء محاضرة عن الأشياء التي يرونها ولكن برتابة ومن دون حماس , وصدى كلماته تتوزع في المغارة , بعد بضع دقائق قررت فانيسا أن لا تتنصت اليه بل تترك نظراتها تجول في حرية في المكان لترى الأشكال المكلّسة بفعل المياه في زخرفة جميلة وناعمة.
برانت م***ا من ذراعها مساعدا أياها على تجنب الأطراف الزلقة بأهتمام كبير , دفء أصابعه خفف من برودة المغارة كلما توغلا فيها , كان يقول بعض الملاحظات كلما لفته منظر فات فانيسا , ووافقها الرأي أن الدليل ممل.
بعد مرور بعض الوقت , ومن دون أنذار , أنقطعت الكهرباء وخيّم على المغارة ظلام دامس ,وفي سرعة أحاط برانت بكتفي فانيسا قائلا:
" لا تخافي , ربما أحترق سلك كهرباء".
صوت الدليل بلغهما من بعد قصير.منتديات ليلاس
" يبدو أن في المحول عطلا , وأنا لم أجلب معي بطارية ضوء , هل تغامران في العودة معي في الظلام أم تنتظران حتى أعود بالبطارية ؟ أنا أعرف الطريق غيبا ولن يطول تأخري".
" سننتظرك".
قال برانت ,مقررا عن كليهما.
تحرّك الدليل , وسمعا صدى خطواته في المغارة تبتعد الى أن أختفت نهائيا , وبقي صوت قطرات الماء تنزل قطرة قطرة.
" هل أنت خائفة؟".
سألها برانت وأضاف:
" أنت ترتجفين مثل ورقة".
بدأت عيناها تعتادان الظلمة , ونظرت اليه فتمكنت من تحديد شكل وجهه من دون الملامح.
" أشعر وكأننا دفنا في قبر".
قالت محاولة المزاح , سألها أن كانت ترغب في سيكارة للتخفيف من وطأة الظرف , فوافقت , رفع ذراعه عن كتفها , وشعرت بعلبة السكائر الفضية الباردة بين يديها , سحبت سيكارة , وهي تناول واحدة له , أشعل ولاعته , وأذ بالمكان يمتلىء بخيالات متحركة راقصة , وعندما أشعل السيكارتين وأطفأ الولاعة , عاد المكان يغرق في الظلمة.
قال:
" هناك نصطبة خلفي نستطيع أن نجلس عليها".
وتحرّكا معا قليلا وجلسا , ثم خلع سترته ووضعها على كتفيها وسط أعتراضها.
" أنها سترتك , ستبرد أنت , وستتسخ السترة و.....".
" كفيّ عن الثرثرة وألبسيها , أنا لا أشعر بالبرد ,وأظن أن السترة يمكن غسلها أليس كذلك؟".
شعرت بالدفء , وفي صمت راحت تدخن سيكارتها , وأذ به يفاجئها بالسؤال:
"ماذا كنت تفعلين يا فانيسا في أوقات فراغك؟ لا أظن أنك أمضيت هذا الوقت وأنت منكبة فوق الفهارس أو تزورين المعارض والمتاحف , أنا عرفت أنك لم تقعي في الحب , ولكن بالطبع كان يوجد صديق يأخذك الى مرقص أو الى مسرح؟".
فكرت أنه يسأل ربما من أجل أيجاد موضوع يتحدثان فيه لقتل الوقت , أذ لا يمكن أن يكون مهتما بحياتها الخاصة الماضية , ولكن أجابت:
" كان هناك شخصان , ولكن لم تطل علاقتي بأي منهما , ربما لم يجداني مثيرة للأهتمام!".
" صحيح؟".منتديات ليلاس
سأل متفاجأ وأضاف:
" أنا كنت أهتم......".
وأنقطعت العبارة نتيجة عودة الضوء الى المكان.
" حسنا , الآن نستطيع أن نعود".
قال وهو يرمي عقب السيكارة جانبا.
سألها:
" هل أنت مستعدة؟".
وقفت وبدأت تمشي أمامه , فأوقفها قائلا:
" ثمة أوقات على الرجل أن يتولى القيادة".
وأضاف وهو يضحك:
" وعلى المرأة أن تعرف كيف تستند الى الرجل حتى لو كانت تدّعي ذلك ,على الأقل من أجل رفع معنوياته!".
ألتقيا بالدليل في مدخل المغارة , وبدا أنه أنزعج لأنهما لم يرغبا في متابعة الرحلة داخل المغامرة , ولكن ما لبث أن أنفرجت أساريره عندما رأى حجم البقشيش الذي أعطاه أياه برانت , أستقبلهما دفء الشمس وبريقها في العالم الخارجي , نظرت فانيسا الى ساعتها وفوجئت أن الوقت لم يتجاوز الرابعة بعد الظهر , بدت وكأن ساعات وساعات مرت على مغادرتهما رالينغز.