وجدت برانت يسلك طريقا مختلفة من طريق القصر فسألته:
" هل نسلك طريقا جديدة أجهلها الى البيت؟".
" بل نسلك طريقا طويلة , يجب أن أجلب أحد أعضاء العائلة من المصح".
لاحظ أستغرابها فأبتسم وقال:
" أنه كلبي , كسر رجله أثناء غيابي في لندن , وضعته نورا في المصح الى أن أصبح قادرا على السير".
ثم أضاف:
"هل تحبين الكلاب ؟".
" أحبهم مثل أي أنسان لا يجب عليه الأهتمام بهم في أستمرار".
أمام المصح نزل برانت من السيارة وغاب قليلا ليعود مع كلب ضخم لم ترى فانيسا مثله من قبل , وجدته جميلا جدا , متناسق الجسد والحركة , قوي البنية , يشبه سيده.
فتح برانت الباب الخلفي للسيارة ودعا كلبه للدخول:
" لا تخافي منه , أنه صديق , وأسمه توبر".
وقال للكلب:
" أهدأ الآن , توبر , أهدأ".
أطاع الكلب سيده فورا , ولم تجد الأمر غريبا , أن صوت معلمها الآمر , له تأثير على البشر مثل تأثيره على الحيوانات.
أدار برانت محرك السيارة وقادها في أتجاه جديد:
" أريد أن أريك شيئا , أذ ربما لن تسنح لك فرصة ثانية لرؤيته في طقس صاح".
طيلة الطريق لم يتبادلا الكلام ألا قليلا , كانت تراقبه بين وقت وآخر , وتشعر رويدا رويدا بوجوده القوي الى جانبها , راحت تحلل شخصية الرجل , من الصعب معرفة ماذا يدور في رأسه , وفكرت أن لا أحد يستطيع أن يخترق حرمته ألا أذا ساء هو , وشعرت في داخلها بأنذار يحذرها من الرجل.
الطريق بدت طويلة , تمر بين تلال وأراض وعرة وصخور , بعد فترة أنحرف الى طريق فرعية وتوقف قبل منحدر وأذا بالمكان يطل واد فسيح أجمل منه من قبل , مع أشعة الشمس المنعكسة , ظنت فانيسا أن ما تراه ليس ألا سرابا رائعا.
" أنه وادي الأمل ".
قال وهو يراقب ردود فعلها .
" نسمي هذا المكان : ( المفاجأة ) , لأنه يأتي من دون توقع أو تمهيد".
" أنه رائع جدا , رائع جدا.......".
قالت فانيسا وهي تفتقد الكلمات التي تعبر عن أفتنانها بالمنظر .
" لو ترينه عند الغروب , عندما تتوزع الخيالات على التلال ,وتبدو وكأنها رؤوس من نار , يصبح المكان صالحا جدا للمحبين ".
فكرت أنه أحضرها في وقت يقترب من الغروب , فقالت من دون تركيز:
" أن المحبين لا يحتاجون الى المناظر الجميلة".
وجدته ينظر اليها بعينيه الزرقاوين ويقول:
" تتكلمين مع بعض الخبرة , هل سبق أن وقعت في الحب يا فانيسا؟".منتديات ليلاس
وجدت السؤال بسيطا ولم تفهم لماذا شعرت بأحمرار في وجنتيها , فقالت:
" لا , لم أقع في الحب بعد , لم يكن عندي وقت للطيش".
وفوجئت به يقول:
" لو جربت هذا الشعور لما أستعملت كلمة طيش , الحب لا يهتم بالوقت أو بالمكان , يحضر عندما لا تتوقعينه , ويمكن أن يسبب ألما بقدر ما يسبب سعادة , يوما ستعرفين ذلك بنفسك".
ثم أدار المحرك قائلا:
" من الأفضل أن نعود الى البيت , أن توبر بدأ يتعب".
توبر لم يكن وحده متعبا , فانيسا شعرت أنها متعبة من كلام برانت ونظراته.
كان وقت الشاي عندما وصلا الى القصر , رائحة الفطير تملأ القاعة الكبرى وتنبعث من غرفة المكتبة حيث الباب غير مغلق , وأصوات نسائية تعلة وتضحك , وراح الكلب ينبح وهو يقفز داخل غرفة المكتبة وصوت نسائي ضاحك يدعوه للهدوء , فأسرع برانت خطاه وأذ بفتاة شقراء تبتعد عن الكلب وتسرع نحو برانت .
" مويا!".
صاح برانت بفرح وفتح ذراعيه قائلا:
" لماذا لم تخبريني أنك قادمة؟".
تعانق الأثنان , وسألته الفتاة بغنج:
" هل أشتقت اليّ؟".
" ألست أشتاق دائما؟".
قال وهو ينظر في لهفة الى الفتاة الشابة التي بدت لفانيسا جميلة ووردية الخدين , وأضاف:
" تبدين رائعة , حمام الشمس أضفى عليك لونا جميلا , وكذلك شعرك الجميل".
وبعدما خفت اللهفة نقلت مويا عينيها الى حيث كانت فانيسا واقفة قرب الباب , فقالت من فوق كتف برانت :
" مرحبا , أعتذر أن تأخرت في السلام عليك , ولكنني لم أر الرجل منذ ستة أسابيع !".
ضحك برانت وقال:
" الرجل لم يتوقع أن راها ألا بعد أسبوعين من الآن على الأقل ".
ثم تولى تعريف الفتاتين :
" مويا هانسن , فانيسا بيدج , سكرتيرتي".
" سكرتيرتك؟".
سألت مويا في نغم وكأنها تستغرب الأمر , ثم تابعت :
" الحياة ملأى بالمفآجات , أنت تختلفين عن الذين سبقوك , آمل أن تمكثي أطول منهم هنا , وجود فتاة في مثل عمري في هذا المكان سيكون مسليا لنا".
ونظرت الى برانت قائلة :
" أياك أن تخيف هذه الفتاة أو تدعها تهرب".
ورد ببساطة :
" فانيسا لا تخاف بسهولة , أليس كذلك يا فانيسا؟".
" أحاول ألا أخاف ".
أجابت بصوت بدا لها غير صوتها.
تكلمت نورا ترنر للمرة الأولى منذ دخولهما , فقالت من مقعدها خلف طاولة الشاي:
" تعالا أشربا الشاي قبل أن يبرد".
وسأل برانت مويا بعدما جلس الجميع:
" ما الذي أتى بك باكرا ؟ في رسالتك الأخيرة فهمت أنك مولعة بالنمسا".
" مللت , شعرت بشوق الى البيت".
وأضافت باسمة :
" أشتقت اليك".
" كيف حال برنار؟".
سألت نورا :
" لم نره خلال غيابك ".
أجابت مويا :
" آه , أبي في صحة جيدة , ولكنه مشغول في العمل , أشترى فرسا جديدة , ويريدك يا برانت أن تراها في وقت فراغك".
ثم قالت لفانيسا :
" أن المنطقة جميلة للنزهة فوق حصان , أظن أنك جربت ذلك بنفسك".
" كلا أنا لست راكبة فرس جيدة , حيث سكنت في السنوات الماضية لم يكن من مجال لأركب حصانا".
وأذ بعيني مويا البنفسجيتين تتسعان وتقول :
" آه , مسكينة! ولكن لا أظن أن مشكلتك عويصة , برانت يملك فرسا أضافية سهلة القيادة , أستطيع أن أدلك على المكان وأساعدك في أي وقت تشائين".
" لا أظن أن يكون عندي وقت لركوب الخيل , ولكن أشكرك للعرض في كل حال يا آنسة هانسن".
" أرجوك أسمي مويا , آنسة هانسن تجعلني أبدو مختلفة , لا تستطيعين أن تعملي كل الوقت , غدا الأحد , ولا أظن برانت يريدك أن تعملي غدا".
وسألت برانت بدلال :
" هل تريدها ؟".
أجاب :
" ربما , بعد موعد الشاي في المساء , حتى ذلك الوقت , النهار هو ملكك يا فانيسا , ولا أرى سببا يمنعك من ركوب الفرس دايس , لن تجدي صعوبة معها , أنها هادئة جدا".
" ولا تهتمي باللباس".
قالت مويا من دون أن تجد فانيسا مجالا للرد , فتابعت:
" أنا وأياك تقريبا قياسنا واحد, وأملك لباسا أضافيا للخيل يناسبك , سأحضره لك دا بعد الغداء".
علقت نورا هنا:
"أنت وبرانت يا مويا مجنونا أحصنة , لم أجد يوما شيئا يجذبني اليها".
وعرضت الشاي مجددا على الحاضرين , فشكرتها مويا ووقفت قائلة :
" يجب أن أذهب".منتديات ليلاس
ثم بدا وكأنها تذكرت شيئا فقالت لبرانت:
" رأيت اليوم براندا رامسدن في القطار من لندن صباحا , دعتنا أنا وأنت للعشاء عندها هذه الليلة".
فقال برانت:
" هكذا دعوة آخر لحظة! أنها براندا في كل حال , وهذه عادتها ".
وأضاف بعد تفكير :
" ظننت أنك تفضلين مكانا مثيرا أكثر من بيت براندا خصوصا في الليلة الأولى من عودتك".
ضحكت مويا وقالت :
" تستطيع أن تفاجئني بمكان مثير في ليلة أخرى , أظن أنه من الأفضل أن نذهب الى دعوة اعشاء".
وسارت مويا يرافقها برانت الى الخارج وكذلك توبر , وبدت الغرفة فجأة فارغة , أنهت فانيسا فنجان الشاي بصمت ووجدت نورا تسألها:
" أين ذهبتما بعد الظهر؟".
" برانت أراني المناظر الخلابة قبل أن يتغير الطقس , أخذني الى وادي الأمل".
ثم وقفت فانيسا وقالت:
" عذرا يا سيدة ترنر ,أرغب في الذهاب الى غرفتي , يجب أن أكتب رسالة".
" رسالة واحدة فقط؟ أظنها لصديقك الحميم".
أبتسمت فانيسا وقالت:
" نيغيل سيسر جدا أن علم أنك تقصدينه , أنه الرجل الذي أشترى الدكان وهو صديق قديم لجدي , وعدته أن أبقى على أتصال به".
" وماذا ستخبرينه؟ هل الوظيفة مثلما كنت تتوقعين يا فانيسا؟.".
" لم أكن أعرف ماذا أتوقع ,لم أكن موظفة من قبل , هنا أجد بعض الصعوبة في معرفة كيف أتصرف".
" تقصدين أنك لا تعرفين معنى أن تكوني واحدة من الأسرة , لا أظن يا عزيزتي أن الأمر صعب , أن تربيتك تساعدك على التصرف , أذهبي يا أبنتي وأكتبي رسالتك , وسأراك فيما بعد, أظن أننا سنكون وحدنا على العشاء".
كانت فانيسا خارج غرفة المكتبة عندما راحت كلمات نورا ترن في أذنها , أذن جيرارد أيضا لن يكون في البيت للعشاء , طبعا , أنها ليلة الأحد , وشاب مثل جيرارد لا يمكن أن يمضي عطلة نهاية الأسبوع في البيت , تمنت لو كانت معه الآن ,وبدت لها الأمسية أمامها مملة وصحراوية.
5- مرارة الظلم!
حضرت مويا في الثانية بعد ظهر اليوم التالي , أحضرت معها لباسا أضافيا للخيل , ورافقت فانيسا الى غرفتها للقياس , كان البنطال ضيقا قليلا ولكن فانيسا تمكنت من أرتدائه من دون صعوبة , مع الكنزة ذات الياقة العالية المقلوبة , بدت فانيسا وكأنها رياضية عتيقة , وضعت في قدميهافبدت جاهزة للخيل من رأسها الى أخمنص قدميها.
أسترخت مويا على الكرسي في غرفة فانيسا وهي أيضا بدت أنيقة في ملابس الخيل , سألت بخفة:
" هل جيرارد في البيت اليوم؟ أو وجوده هنا يوم أحد كثير أن نتوقعه منه؟".
تساءلت فانيسا في نفسها : هل مويا أيضا مع الآخرين في عدم الرضى على الشباب؟
وقالت:
" هو غائب عن البيت منذ بعد ظهر أمس , فهمت أنه يمضي عادة نهاية الأسبوع في المدينة".
علّقت مويا :
" آ ه , صحيح , أنه يقيم في شقة لصديقه في مانشيستر, لا يستطيع تحمل هذا المكان في نهاية الأسبوع".
وأضافت ضاحكة:
" أنا أتعجب كيف لم يطلبك للسهر معه , أن جيرارد عادة ليس بطيئا في مثل هذه الأمور".
" ربما لم يخطر في باله أن يدعوني".
قالت فانيسا وهي تعقد شريط حذائها , ووجدت نفسها تسأل في فضول محاولة أن تبدو لا مبالية:
" منذ متى جيرارد والسيدة ترنز يعيشان في القصر؟".
" منذ ست سنوات , جاءا الى هنا بعد وفاة والد برانت , أن نورا طيبة أليس كذلك؟ أعجب كيف تمكن بارت مالوري من معاملة شقيقته تلك المعاملة القاسية , هي شقيقته ومع ذلك لم يسمح لها أن تقترب من القصر!".
" لم لا؟".
" القصة كلها سخيفة وتعود الى مشاكل عائلية قديمة , نورا وقعت في حب شخص لم توافق عليه العائلة , تخلى عنها والدها عندما أضرّت على الزواج من غراهام ترنر , طردها من بيته الى الأبد , ولم يوافق على عودتها حتى عندما تعثر زواجها , وكذلك أبنه , والد برانت , وعندما مات بارت مالوري وأصبح برانت سيد القصر أصرّ على عمته أن تعود الى بيتها الطبيعي".
ووجدت فانيسا نفسها مأخوذة بالقصة فقالت:
" ولكن غراهام ترنر مات منذ زمن بعيد , أين عاشت نورا مع جيرارد كل المدة قبل العودة الى رالينغز؟".
" كان عند نورا بعض المال من أرث لم يتمكن والدها أن يحرمها منه قانونيا , أستنفدته كله في شراء بيت في غريندلفورد عند الزواج ولكن البيت لم يكف زوجها , هو الذي ظن أنه تزوج من فتاة تنتمي الى عائلة ثرية , برانت قول أنه كان عاطلا عن العمل , جميل الشكل ولكن فارغ المحتوى , نورا ربما ظنت أنها تستطيع تغيير طباع زوجها مع الوقت".
راحت فانيسا تفكر بنورا ترنر الشابة التي وضعت حبها قبل عائلتها وفقدت كل شيء في سبيل ذلك , ووجدت مويا تعلق:
" برانت يقول أن كل لنساء من نوع المتفائلات المستعصيات , يقول أننا نحن معشر النساء نظن أنه بواسطة الحب نستطيع نقل الجبال , وأننا نهدر وقتنا عبثا في محاولة تغيير ما لا يمكن تغييره , أظن أنه على حق".
" يبدو أنك حاولت ذلك مع برانت".
" مع برانت؟ ولماذا أريد تغييره؟ أحب الرجل كما هو , حتى عندما يكون متسلطا , منذ طفولتي وأنا أراه حاضرا كلما أحتجت اليه , وهو كان دائما الرجل الرائع نفسه!".
" قليل من الرجال هم كاملون مثله".
رددت فانيسا في تعبير تمنت لو لم تقله , ووجدت مويا تنظر اليها :
" أنا لم أقل أنه كامل , لبرانت سيئاته , ولكل أنسان سيئاته".
ثم وقفت وهي تقول:
" من سيئاته غياب الصبر , وأظن أنه ينتظرنا ويجب أن نسرع , طلب أن نكون حاضرتين هند الثانية تماما".
أذن برانت سيكون معهما , فكرت فانيسا , تبعت مويا وهي تغادر الغرفة.منتديات ليلاس
الأسطبل شيد في شكل يتسع الى أكثر من دزينة أحصنة مع كل ما يتبع من خدمة ونظافة ,تحول القسم الأكبر من الأسطبل الى مستودع لأشياء لا قيمة لها , برانت أحتفظ بحصانين , الفرس دايس وحصانه الأسود الضخم فابيان , كانا معدين سلفا في ساحة الأسطبل الى جانب فرس مويا.
كان برانت يتحدث مع شخص لم تره فانيا من قبل , هو جورج العامل في الأسطبل , لما رآهما تقتربان , أبتعد برانت عن محدثه وواجههما قائلا:
" كنت سأنتظر خمس دقائق أضافية ثم أصعد الى الغرفة وأسحبكما من فوق! تبا للنساء عندما يجتمعن".
بدا لفانيسا مكتمل الرجولة في لباس ركوب الخيل , قال لها:
" تبدين عصبية , هل أنت خائفة من دايس؟".
" كلا لست خائفة من دايس , فقط خائفة من السقوط عنها".
" لا يمكن أن تقعي , أنها سهلة القيادة مثل كرسي هزاز عتيق".
" لماذا تحتفظ بحصان أضافي , أن كان لا أحد يركبه".
سألت وهي لا تتوقع من جيرارد أو من أمه أهتماما بالخيل.
" لرفقة فابيان , حتى الحيوان يشعر بالوحدة".
م***ا من ذراعها ورفعها نحو الفرس وهو يسأل:
" كم مرة ركبت حصانا؟".
" ربما خمس أو ست مرات , ألا أذا أعتبرنا ركوب الحمير , في مشاوير سياحية , جزءا من ركوب الخيل! أذكر أنني كنت خيالة ممتازة على حمار".
ضحك الجميع ثم قال برانت:
"التمرين هو أساس هذه الرياضة".
جلست فانيسا على الفرس ,وساعدها برانت في تصحيح الرسن , ثم ركب حصانه , وكذلك فعلت مويا , وسار الثلاثة في أتجاه باب الباحة للخروج الى السهل الممتد أمامهم , مويا سبقتهما بضعة أمتار في محاذاة ساقية ماء تصب في البحيرة البعيدة ,وبدت هي والحصان في رفقة حميمة , راقبتها فانيسا بأعجاب وقالت:
" مويا تقود حصانها بشطارة".
أجابها برانت وهو يراقب مويا أيضا:
" طبعا , بدأت ركوب الخيل وهي في الخامسة من عمرها , أنها شاطرة جدا".
" هل يمكنها أن تمتطي حصانك فابيان؟".
" لم تجرب , أن فابيان قوي جدا لأمرأة وهو ليس أهلا للثقة , في أي حال".
ورفع يده ملوحا لمويا التي توقفت من بعيد وألتفتت صوبهما , وقال:
" لنسرع قليى , أذا لم تستطع دايس من تلبية رغبتك , دعيها تقودك , أنت فقط أستريحي وكأنك تجلسين على كرسي هزاز".
مع مرور الوقت بدأت فانيسا تشعر بسهولة ركوب الفرس , لحقا بمويا , وبدأ السهل ينحدر , أقترحت مويا:
" سأسابقك يا برانت حتى نهاية الخط".
ولم تنتظر جوابه بل قفزت بالحصان تسابق الريح , وكذلك فعل برانت بعدما شجعته فانيسا على اللحاق بمويا قائلة:
"لا تخف علي , سأكون بأمان مع دايس".
في أسفل المنحدر وجدتهما يتجاذبان أطراف الحديث , بدت مويا تروي أشياء أثارت الضحك لدى برانت , رأته يقترب من مويا ويشدها من معصمها , ناظرا اليها , من دون أن تتمكن فانيسا من رؤية تعابير وجهه , تباطأت كي لا تزعجهما , وعندما وصلت كان الأثنان مفترقين.
قالت مويا :
" كنا نفكر ....... أن نتابع طريقنا حتى البلدة المجاورة , نحتاج نصف ساعة على الحصان ,ما رأيك؟".
أجابت فانيسا :
" أن المشوار بعيدا جدا بالنسبة الي , وأظن أنني أكتفيت من الفرس اليوم , وبدأت أشعر بدوخة , أفضل العودة الى اليت".
وافق برانت:
" حسنا , سنعود الى البيت كلنا".
ولكن فانيسا لم تشأ أفساد متعة رفيقيها , فقالت:
" أرجوك لا , أستطيع أن أتدبر أمر العودة , كنت على حق بالنسبة الى دايس , أنها سهلة القيادة ".
تردد قليلا ثم قال :
" حسنا , لا تقلقي أن كنت لم تتمكني من المكوث مدة أطول على الحصان في اليوم الأول , مع الوقت ستعتادين الأمر ويصبح سهلا".
ثم قال لمويا:
" لنذهب الى القرية ونمر على المقهى الذي لم نزره معا منذ زمن بعيد".
وعادت فانيسا وحدها تاركة دايس تجد طريقها , وعندما سلمت الفرس في الأسطبل وسارت نحو البيت , شعرت أنها حزينة , فكرت بحمام دافىء وبتغيير ثيابها , وأذ بسيارة مسرعة تقبل نحوها , وجيرارد يطل برأسه مبتسما , أوقف سيارته الحمراء , ونزل يسألها:
" هل ذلك الرجل أدخلك أيضا في عالم الأحصنة؟".
ونظر صوب الأسطبل متفقدا برانت:
" ذهب الى القرية المجاورة مع مويا".
قالت وسط أستغراب جيرارد:
" أذا عادت الأميرة! وعادت الأيام السعيدة!".
ثم سألها:
" اين أنت ذاهبة الآن؟".
" الى البيت أخلع هذه الثياب عني , هل تأتي؟".
" لأساعدك في خلع الملابس؟".
قال ازحا ثم أضاف:
" لا أظن أبن خالي يوافق على هذا التصرف".
ثم قال جادا:
" أن الساعة ما تزال الثالثة بعد الظهر , تعالي معي في جولة في السيارة".
أدّع أنها تفكر في العرض ثم وافقت وصعدت الى السيارة.
سألها وهو يدير المحرك:
" أين تريدين الذهاب؟".
" الي أي مكان تختاره , أنت تعرف المنطقة هنا , وأي مكان يمكن أن أتعرف اليه".
قاد السيارة في طريق معاكسة لتلك التي ذهبت فيها بالأمس مع برانت , فكرت : هل بالأمس حقا كانت في رفقة برانت؟ تبدو لها النزهة وكأنها حصلت قبل وقت طويل.
كان يقود السيارة في سرعة طائشة , ومع ذلك شعرت فانيسا أنه أطلقها من سجن ذاتها , طارت خصلات شعرها , ووجدت أنها في حاجة الى جنون شاب مثل جيرارد , ومع أنه بدا يسعى الى أظهار شطارته في قيادة السيارة ألا أنه كان قادرا على التحكم بها.