كانت تشعر بأنزعاج عندما ركبت سيارة التاكسي , وبعد أن أستوت في مقعدها وأعطت السائق العنوان الذي تقصده , أدركت أن سبب أنزعاجها هو رب عملها الجديد , فكرت أن السيد ب. مالوري أثار فيها النفور , وهو شعور لم تعرفه من قبل , والنفور سيكون مع رجل وافقت على العمل معه والعيش قربه , أنها ستراه كل يوم خلال الأشهر الستة المقبلة.
حملقت فانيسا في النافذة محاولة أن تعيد رسم ملامح الرجل الذي تركته قبل لحظات , أنف بارز , فم قاس , وفك مثلث ,تكاد تراه بوضوح , وجه رجل يعرف تماما ماذا يريد من الحياة ويبدو لها أنه من النوع الذي يحصل على ما يريد , وفكرت , هل ستتمكن من التعامل مع رجل مثله ؟ هل يمكن لأي شخص أن يتعامل معه ؟ من جهة أخرى تساءلت , هل يهم شعورها نحو هذا الرجل ؟ أن علاقتهما ستكون علاقة عمل بحتة ,وتوقعت أن يكون لها جناح خاص في البيت الكبير يفترض فيها أن تلزمه خارج أوقات العمل , وحتى ربما تأكل هناك ,وفكرت بأن العمل سيكون في المجال الذي أحبته كثيرا وطالما حلمت به , من هذه الزاوية تساءلت : أين المشكلة؟
كانت الساعة نحو الخامسة عندما وصلت فانيسا الى الدكان ........ أجراس الباب أستدعت رجلا رمادي الشعر في أواخر الخمسين من عمره من الغرفة الداخلية في الدكان , أنفرجت أساريره عندما رأى فانيسا داخل المحل.
" أن أبريق الشاي على النار , تعالي نجلس في الداخل , أنا أعد الشاي وأنت تخبريني ماذا فعلت . هل حصلت على الوظيفة؟".
" نعم".
فقالت بثقة وتبعته الى الغرفة الداخلية التي بمثابة مكتب وغرفة جلوس وتابعت :
" حصلت على الوظيفة وسأسافر يوم الأربعاء".
" هكذا؟ هذا الرجل ما أسمه؟ يبدو أنه على عجلة من أمره ,أستغرب كيف لم ينشر أعلانه قبل الآن , هو محظوظ لأنه عثر على واحدة مثلك مستعدة للعمل فورا".
" أسمه مالوري , وأنا محظوظة لأنني أستطيع أن أبدأ في كسب معيشتي فورا".
وضع نيفيل مورتن فناجين الشاي وصحن الكعك على الطاولة الصغيرة وقال وهو يسكب الشاي:
" لست مضطرة للبحث عن عمل , أنت تعرفين ذلك , أنا قلت لك أنني أكون أكثر من سعيد أن قبلت البقاء هنا والعمل معي , ستكون لك شقتك , وسنصل الى أتفاق ودي حول الراتب , ألا ضلين البقاء حيث لك أصدقاء؟".
" أنت صديق عزيز جدا".منتديات ليلاس
وشعرت بمودة نحو الرجل اللطيف , كان قد حضر الى الدكان مستجيبا للأعلان الذي نشرته , ولأنه عرف جدها وأحترمه , وجدت بيع الدكان له أمرا مريحا , صحيح أنها تتألم لتركها المكان الذي أعتبرته بيتها لسنوات ماضية , ولكن كان يجب أن تبتعد , لذلك أعتذرت عن قبول عرضه بالعمل والبقاء , وقالت له:
" شكرا لك يا نيفيل , ولكن لا أظن أنني سأتمكن من البقاء هنا ,فالمكان يعيد الي ذكريات أليمة , وأظن أن من المناسب أن أبدأ في مكان جديد حياة جديدة , الوظيفة الجديدة ستساعدني على هذه البداية خلال ستة أشهر , الراتب الذي أكون جمعتهوبعض المال الذي بقي لي من بيع الدكان , وبما يساعدانني على تأسيس عمل خاص بي , من يدري؟".
" حسنا , أراك صممت على ذلك , أرجو أن تتذكري دائما أنك أذا أحتجت الى أي مساعدة سأكون دائما حاضرا , الآن أخبريني عن المقابة ".
" كان ثمة سوء تفاهم منذ البداية, لأنه يتوقع رجلا للوظيفة ".
وأخبرته في أيجاز عما دار بينها وبين مالوري وفي النهاية أقرت:
" الآن عندما أستعيد ماذا جرى بيننا لا أكاد أصدق كيف أصريت على أجراء المقابلة والأختبار , ولكن في تلك اللحظة شعرت أن لا شيء يهم بقدر أثبات أهليتي مثل أي رجل آخر يتقدم لوظيفة مماثلة".
" أصرارك كان مفيدا , والآن بعدما هدأت أعصابك يمكنك رؤية الأشياء بوضوح , هل تظنين أنك سترتاحين في العمل مع هذا الرجل الذي يبدو لي صعبا؟".
كلمة ( صعب) وجدتها قليلة على الرجل , ربما كلمة مستبد تناسبه أكثر.
" قال أن أكثر العمل سأقوم به وحدي , أما في الأوقات التي أضطر للعمل معه فسأحاول تقبل الأزعاج , التعويض سيكون المكان حيث أعيش بما فيه من تحف , وهذا سيغطي على العلاقات الشخصية".
" أمامك الكثير للتعلم يا فانيسا , أذ لا يمكنك تجاهل العلاقات الشخصية , ولا يمكنك أن تدفني نفسك في العمل حتى آخر حياتك".
في وقت لاحق , في الليل , عندما دخلت فانيسا فراشها فكرت بالعبارة الأخيرة التي قالها نيفيل , وتساءلت , ماذا عنى بكلامه ؟ وعندما لم تجد تفسيرا , فكرت أن الأمر ليس مهما ,المهم أنه خلال ستة أشهر مقبلة مشاكلها ستكون محلولة.