31-08-10, 11:27 PM
|
المشاركة رقم: 1
|
المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
عضو ماسي |
|
البيانات |
التسجيل: |
Sep 2008 |
العضوية: |
93753 |
المشاركات: |
445 |
الجنس |
ذكر |
معدل التقييم: |
|
نقاط التقييم: |
10 |
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
المنتدى :
كتب الأدب واللغة والفكر
جاك دريدا , في علم الكتابة , المركز القومي للترجمة , 2008
جاك دريدا,في علم الكتابة ترجمة أنور مغيث و منى طلبة
نقلا عن جريدة الرياض
علم الكتابة
عبدالله إبراهيم
اقترح جاك دريدا مصطلح Grammatology ليستكشف به أبعاد التمركز حول الكلام في الثقافة الغربية. ويمكن ترجمة المصطلح ب "علم الكتابة". وهو مصطلح مهجَّن من اللفظ الذي يحيل على الحرف الذي هو نقش كتابي، والممارسة الكتابية بوصفها علماً، ومع أنّ هدف دريدا هو كشف جملة الممارسات الإقصائية التي تعرضت لها الكتابة في الفكر الغربي والإعلاء من شأن الكلام، فإنّ الوجه الآخر لذلك الهدف هو التفكير جدياً بضرورة قلب ذلك التصور الذي منح أفضلية للكلام على حساب الكتابة، ومنح الأخيرة دوراً فاعلاً في خارطة التعبير الفكري، منطلقاً من وجهة نظر ترى أنّ جميع خصائص الكتابة، مثل غياب المتكلّم وغياب وعيه، تغني المعنى. ثم يتقدم دريدا بفكرته المناقضة للموروث الميتافيزيقي وهي بدل أن تكون الكتابة مشتقا طفيليا من الكلام، فإنّ الأمر الأكثر صواباً هو اعتبار الكلام مشتقاً من الكتابة. وقد اقترح وجود نموذج بدئي للكتابة تفرضه الضرورة. فالكتابة تقليد قديم يعبر عنه بصور حسية مرئية وصورية، ولا يمكن أن تخلو الطبيعة من ممارسة كتابة من نوع ما.
كان تودروف ذهب إلى أنّ لمصطلح الكتابة معنيين. فالمعنى المباشر الذي يقصد منه "النظام المنقوش للغة المدوَّنة". أما الدلالة العامة فهي تحيل على "كل نظام مكاني ودلالي مرئي". وهنا يتضح أنّ الدلالة العامة لا تقرن الكتابة أبداً بموضوع نقش اللغة أو تدوينها. إنها توسع الأفق الدلالي للمصطلح، فيشمل نظم التعبير المرئية باعتبار أنّ الكلام متصل بحاسة السمع، فيما الكتابة متصلة بحاسة البصر. فإذا أخذ هذا المعنى، فإن كل"أثر"مادي غير لفظي يندرج ضمن مفهوم الكتابة، ولا يخفى أنّ مفهوم "الأثر" له أهمية كبيرة في فكر دريدا الذي لم يتردد في فهم موضوع الكتابة طبقاً لدلالته العامة، فدمج بسبب ذلك كثيراً من المعطيات المرئية والصورية الملازمة للإنسان في الطبيعة فجعل منها كتابة أولية تسبق الكلام لأنها تنتج نظاماً تعبيرياً لا يقوم في أسسه على الصوت. وينبغي التفريق بين الكلام، واللغة، والكتابة، وأن لا تصادر اللغة من أيّ من الكلام أو الكتابة، بوصفها نظاماً تعبيرياً دالاً بغضّ النظر عما إذا كانت تستعين بالكلام أو الكتابة.
عرّف جوناثان كلر الكتابة بأنها الوسيلة التي تقدّم اللغة بوصفها سلسلة من العلامات المرئية التي تعمل في غياب المتكلّم. فهي على نقيض الكلام تتجسد عبر نظام مادي-مرئي من العلامات، فالكتابة لا تفترض حضوراً مباشراً للمتكلم، لأنّ العلامات المرئية المشكّلة على الورق أو غيره تختلف عن الأصوات المتناثرة في الهواء في أثناء التكلّم، فالأخيرة تختفي بانتهاء الحديث، ولا تمتلك خاصية البقاء إن لم تسجّل، وكل خصائص الديمومة والبقاء لصيقة الكتابة.
عبّر فلاسفة الإغريق القدامى عن كرههم للكتابة بسبب خشيتهم من قوتها في تدمير الحقيقة الفلسفية التي يرون أنها حقيقة نفسية خالصة وشفافة، ولا يعبر عنها إلاّ بالحديث الذاتي أو الحديث المباشر مع الآخرين، ولما كانت الكتابة لا تذعن لهذا التصور. فهي تجسد الحقيقة بصورة مرئية، فقد ظهر وكأنها تختزلها إلى مرتبة أقل سموّاً مما هي عليه في النفس، ذهب تصوّر الفلسفة إلى أنّ تدوين "الحقيقة" بالكتابة هو تدنيس لها. وكان سقراط يرفض رفضاً باتاً أن تدوّن فلسفته، لأن الحقيقة فيها لا يمكن أن يحتويها جلد حيوان أو حجر جامد بدل النفس الزكية الطاهرة، وجاراه أفلاطون في اعتبارها بمثابة دواء له من الضرر على الذاكرة أكثر مما له من الفائدة لأنه يقود إلى النسيان.
يرى أفلاطون في محاورة "فايدروس"أنّ الكتابة تمارس خطراً على الذاكرة، فهي آفة لا يطمئن إليها، شأنها في ذلك شأن كل الآفات التي ينبغي الحذر منها، فإذا كان ثمة خطر يداهم الذاكرة فمصدره الكتابة، وعلى النقيض من ذلك، إذا كان ثمة سبب ينشط الذاكرة ويقوّيها ويجعلها أكثر اتّقاداً في الاحتفاظ بالحقيقة فهو الكلام، ويُرجع ذلك التناقض بين وظيفة كل من الكتابة والكلام إلى كون الأولى غريبة عن النفس، فهي شيء طارئ وخارجي ومجرد اصطلاح تقني، فيما الكلام صادر عن النفس ذاتها باعتبارها مستوطنته الأصلية، فقدرته على التعبير عن الحقيقة، مبنية على قربه من مصدر الحقيقة. وبذلك فهو يحمل طابع الحيوية الذي تتصف به النفس، أما الكتابة فهي وسيلة جامدة وميتة، ولاتصافهما بالحياة والموت، فإنّ الكلام له القدرة على التواصل مع الآخرين، والتعبير عما في النفس من حقائق لأن الحياة حاضرة فيه ومنبثة في تضاعيفه، فيما الكتابة آلة ميتة ومنقطعة عن النفس. الكلام وحده القادر على تداول الحقيقة والتفاعل معها، أما الكتابة فعاجزة عن كل هذا لأسباب كامنة فيها، أنها شيء لا حياة فيه. وبهذا فهي عاجزة عن الإفصاح عمّا تدّعي حمله، وتنطوي عليه، في حين أنّ الكلام هو وسيلة الإفصاح عمّا يريد الإفصاح عنه.
إلى ذلك، فإنّ الكتابة تثبّت وضعاً جامداً للمعنى لأنها تقوم بذلك بمعزل عن النسق الحيوي الذي يفترضه الكلام المعبّر عن الحقيقة والذي يلزم حضور المتكلمين: المتحدّث والمتلقي، فضلاً عن ذلك فالكتابة بسبب قصورها أشبه بكائن أعمى، غير قادرة على التعرُّف إلى من توجه الحقيقة التي ينبغي أساساً أن تصدر عن نفس طاهرة، وتتجه إلى نفس مثيلة. إنّ الكتابة لا تراعي المقام ولا تؤكد على المقاصد، وتفتقر إلى البراهين الآنية والمتجددة التي يقتضيها سياق تداول الحقائق، فهي بالإجمال شيء ميت "غير إنساني" وهي تقارب ما تهدف إليه بطريقة خاطئة، لأنها تريد أن تظهر بطريقة متعسفة وقاصرة ما يوجد داخل العقل والنفس إلى الخارج دون الأخذ بالاعتبار أن ما تريد إخراجه لا يمكن يكون إلاّ في داخل العقل والنفس. والنتيجة التي يرتبها أفلاطون على عجز الكتابة، هو أنها تتطفل على ميدان هو من اختصاص الكلام. وبذلك فمهما ادعت من قوة، فهي في المطاف الأخير محاكاة ميتة للفعل الكلامي الذي يتضمن حيوية خاصة، هي حيوية النفس المنطوية على الحقيقة السامية. والخلاصة التي يخلص إليها أفلاطون بصدد المقارنة/المفاضلة بين الكلام والكتابة هي: أنه إذا أمكن أن تقوم مقارنة بين الاثنين، فإنّ نتيجتها لا تختلف عن كل النتائج التي تقوم حينما تقارن بين شيء حي وشيء ميت.
وفي ضوء هذه الخلاصة يقيم دريدا نقده للتصور الأفلاطوني، فيظهر أنّ أفلاطون أوجد تعارضاً لا مصالحة فيه بين الكتابة و"اللوغوس". وهو تعارض دائم يماثل التعارض بين الشيء الظاهري والحقيقة الباطنية، وينبغي الحذر من الكتابة لأنها تخرّب النفوس، كما يخرّبها السفسطائيون. وهنا يقيم أفلاطون مقابلة بين ذاكرتين متصلتين بالكلام والكتابة. ذاكرة حسنة وذاكرة قبيحة، الذاكرة الأولى هي الذاكرة الحيّة لأنها تستمد نسغها من الداخل، أي من "اللوغوس" وشرعيتها متأتية من أنها تندرج في علاقة حضور مباشر مع الذات، وهذه الذاكرة تقع في تعارض مع ذاكرة خارجية ميتة، تحاكي المعرفة المطلقة، وتأخذ اسم الكتابة، ومن الأفضل الاستغناء عن هذه الذاكرة/الكتابة وعدم اللجوء إلى هذا (الفارماكون) الذي هو دواء في الظاهر، لكنه داء في الحقيقة، خطره يأتي من أنه سيؤدي إلى تعطيل فاعلية الكلام، وبذلك يقضي على الذاكرة الحسنة، لأنه يحجر عليها، ويسبب النسيان، فالكتابة إذن لا تحرك إلاّ الشر ولا تثير غيره.
ظپظٹ ط¹ظ„ظ… ط§ظ„ظƒطھط§ط¨ط© ط¬ط§ظƒ ط¯ط±ظٹط¯ط§.pdf - 4shared.com - document sharing - download
منقول
|
|
|