وقال غرادي وهو يحدق ألى ملامحها بأعجاب:
" لا شك أن صديقك غاضب لأنك لم تقضي معه عطلة نهاية الأسبوع , ولو كنت مكانه لغضبت".
ألقت ليا نظرة سريعة على ساعة الحائط , ثم تنهدت:
" بدأت أشعر أنني لن أذهب ألى أي مكان في عطلة الأسبوع هذه".
ومدت يدها ألى حقيبتها , فأخرجت علبة تبغ مفتوحة , وسحبت منها سيكارة ذات ( فلتر) وبينما هي تبحث عن ولاعتها , أنطلق الشرر من عود ثقاب في يد غرادي , فأبتسمت شاكرة ,ووضعت السيكارة على شفتيها الدراقتي اللون , وحنت رأسها بأتجاه اللهب .
طمأنها الطيار:
" لا تخافي , سيحضر رايلي , ولو كان يشك بأمكان سفره لأبلغنا ذلك في مخابرته الأولى , ولكن ,لماذا لا تضعين أمتعتك في مخزن الطائرة في هذه الأثناء؟".منتديات ليلاس
وافقت ليا :
" حسنا : سأكون بذلك قد خطوت خطوة أخرى بأتجاه الأقلاع".
فربت غرادي على ركبتها:
" لا تيأسي , أننا سنقلع".
ثم حمل حقيبة ملابسها وحقيبة أدوات زينتها , وأنطلق نحو الباب الذي يقود ألى ظيرة الطائرات , وعكذا عادت الدقائق تمر ببطء .
علا دخان سيكارتها فوق رأسها بشكل لولبي , فسحبت قليلا من سيكارتها قبل أن تطلق دخانا كثيفا بعصبية قبلأن تطلق دخانا كثيفا بعصبية مما جعل سحابة سوداء من الدخان تلفها.
فتح الباب الخارجي , فنظرت ألى مصدر الصوت بلا مبالاة وقد توقعت رجوع الطيار , غير أن شخصا غريبا دخل منه.
وكانت قد رسمت في ذهنها صورة عن رايلي سميث , رجل في أواخر العقد الخامس من العمر , مكتنز الجسم , قصير القامة , وبنت أفتراضها هذا على الرأي القائل بأن عضوا بارزا في شركة تعدين يقدر أن يستأجر طائرة ,ولا بد أن يكون متقدما في العمر أو كهلا حتى يشغل منصبا رفيعا.منتديات ليلاس
لم تنطبق مواصفاتها هذه على هذا الرجل الفارع الطول والنحيل القامة , فهو لم يتجاوز أواسط العقد الرابع من العمر , وقد ملأ الشعر الفاحم ملامح وجهه البرونزي وقسماته الدقيقة , ولوحت الريح والشمس قسماته.
أما ملابسه , فكانت عبارة عن بزة عادية من قماش الجينز البني , وقميص ذات خطوط بنية وصفراء فتحت عند العنق لتظهر قطعة من الفيروز المعلقة بسلسلة من الفضة المطروقة.
وعلى رغم تباين صفات هذا الرجل الحقيقة وصورته في ذهن ليا , فقد بدت واثقة من أنه رايلي سميث , وأعترفت بذلك مظاهر كبريائه وشجاعته وتحفظه وأنعزاله وخطوته العريضة.
وأكدت ماري , وهي موظفة الأستقبال , صحة أستنتاج ليا .
" وأخيرا وصلت يا سيد سميث , كادت الآنسة تالبوت تظن أنك من صنع خيالها".
عندئذ لاحظ وجود لي في الغرفة للمرة الأولى , وبدت عيناه خضراوين على نحو يستحيل معه قراءتهما .
وأرتعشت ليا عندما فطنت ألى أن عينيه قدرت محاسنها برهة , ثم تخلت عنها للتركيز على عمله.
ثم نطق جملة لم يقصد بها التوضيح أو الأعتذار.
" أنشغلت , وقد تركت حقائبي في الخارج , فهل أنت مستعدة للأنطلاق يا آنسة تالبوت؟".
وأستغربت ليا وقاحته في السؤال عن مدى أستعدادها للأنطلاق بعد أن أنتظرت ثلاث ساعات , وسحقت عقب سيكارتها في المنفضة بعصبية وهي تكبح رغبتها الجامحة في تذكيره بأنه هو الذي تأخر .منتديات ليلاس
وردت ببرودة:
" أن أمتعتي في الطائرة يا سيد سميث".
أغلقت حقيبتها بعصبية محدثة صوتا عاليا , وأنتصبت واقفة , ولما خرجت من المبنى , شدت نسمة من ريح الصحراء هدب تنورتها البيج لتكشف عن قدمين حسنتي التنسيق ,فأمسكت ليا الجزء الأمامي المفتوح من عباءتها بيد فيما حاولت بيدها الأخرى منع الهواء من رفع تنورتها مرة أخرى.
وأحذث حذاؤها ضجيجا أثناء سيرها على الأرض المرصوفة بالأسمنت , فيما لم يحدث الرجل السائر بجانبها أي صوت على الأطلاق , ونتيجة نظرة جانبية لاحظت أن كعبيها العاليين لم يزيداها طولا أذ لامست ذروة رأسها ذقنه.
وألتفتت بسرعة ألى اليد اليسرى التي حمل بها حقائبه , فلم تلاحظ وجود محبس في أصبعه , لعلها توقعت ذلك بسبب قول غرادي أن رايلي سميث ذئب متفرد بنفسه.
ورفعت نظرها محدقة ألى الأمام وهي تفكر بأن هناك فتيات كثيرات يتمنين الأقتران برايلي , فهو شاب أنيق للغاية , ولم يكن ذلك ليعني لها شيئا لأنها كانت تقصد زيارة شقيقها.