لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > سلاسل روايات مصرية للجيب > روايات أونلاين و مقالات الكتاب
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات أونلاين و مقالات الكتاب روايات أونلاين و مقالات الكتاب


كراهية ......قصة جديدة لد.أحمد خالد توفيق

في كلّيتي لا أحد يحبني.. أعرف أنك تقول إن هذه مشكلتي لا مشكلتك، وهذا حقيقي؛ لكن المرء يتوقّع دوماً أن يجد واحداً أو اثنين يستلطفانه أو يحبان وجوده، مهما كنت

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-08-10, 08:17 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66537
المشاركات: 740
الجنس ذكر
معدل التقييم: amedo_dolaviga عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 53

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
amedo_dolaviga غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي كراهية ......قصة جديدة لد.أحمد خالد توفيق

 





......قصةلقد اعتدت أن أجد عالمي الحقيقي في أحلام اليقظة




في كلّيتي لا أحد يحبني..

أعرف أنك تقول إن هذه مشكلتي لا مشكلتك، وهذا حقيقي؛ لكن المرء يتوقّع دوماً أن يجد واحداً أو اثنين يستلطفانه أو يحبان وجوده، مهما كنت سمجاً أو قبيحاً أو منفّراً؛ فلا بد أن يحبّك أحد.. لا بد أن يشرق وجه أحدهم عندما يقابلك في الصباح.

هتلر كان له أصدقاء، وكانت له حبيبة صمّمت على أن تموت معه.

ما عداي أنا..

يجب أن أقول هنا إنني لا أملك أية ملكات اجتماعية وليست لديّ المواهب التي تجذب الناس..

كم من واحد جلست معه؛ فإذا بي صامت كالقبر، ينتظر أن أقول شيئاً فلا أقول، وأجيب عن كلامه بأسخف الأجوبة.. إن (مممم) و(هههه) ليستا إجابتين يعترف بهما الناس كما تعلم.

أما مع الفتيات؛ فالأمر يزداد سوءاً لأنني - ككل الحسّاسين المتوحّدين- أحمل تقديساً زائداً للأنثى، ومن ثم أتصرف معها كأنني وثنيّ يقف أمام صنم.. تهيّب.. وصمت.

أعترف هنا أنني وسيم، ولكم من فتاة تقرّبت مني وراحت تحاول أن تحصل مني على أية استجابة أو كلمة ما؛ لكني أظلّ صامتاً كالصخرة.. أنظر لها في رعب ثم أنظر للأرض وأفرّ.

لقد اعتدت أن أجد عالمي الحقيقي في الكتب وفي أحلام اليقظة.. فقط في أحلام اليقظة خاطبت الجماهير بلسان فصيح، وتقربت لأجمل بنات الأرض قائلاً شعراً لا يقدر (امرؤ القيس) على نظمه.. كنت فاكهة الحفلات، وعندما حاصرني قُطّاع الطريق مع فتاتي امتشقت سيفي وجندلتهم.

مع الوقت اكتسبت شيئاً من الكبرياء؛ فلم أعد أريد شيئاً من عالمهم الواقعي، وصرت أراه تافهاً سخيفاً، كل هذا معقول ومفهوم.. ولكن القصة بدأت تكتسب أبعاداً جديدة مؤخراً.

سأقول لك كيف..

أنا طالب في كلية العلوم كما تعرف.

كان هذا هو يوم الأربعاء الذي نتأخر فيه كثيراً بسبب المجموعات الدراسية الصغيرة التي نطلق عليها (السكاشن).. كنا في مختبر النبات وقد تَلِفت عيوننا من فرط الحملقة عبر عدسة المجهر إلى المقطع العرضي في ساق نباتية قُمنا بتقطيعها..

لا تنس أننا لم نتعلم بعدُ إغلاق العين التي لا تنظر عبر العدسة.. رفعت عيني وقد أُصبت بالحوَل لأجد أنني أحدّق في عيني المعيد الشاب المسئول عنا.. توقعت أنه سيصدر لي تعليمات معيّنة؛ لكنه ظلّ ينظر لي نظرة لم أرَ مثلها من قبل..

نظرة كراهية ومقت توشك أن تقتلني.

سألته في حيرة:

- "هل من مشكلة يا سيدي؟"

لم يرد وواصل النظر لي، ثم استعاد صوابه؛ فألقى نظرة عبر العدسة وامتعض وجهه وقال:

- "مقطع سميك جداً.. جرب مرة أخرى.."

وابتعد وعيناه لا تُفارقاني..

اسمه (ممدوح).. لا أعتقد أن هناك مشكلة ما بيننا؛ ولكن ما أكثر المشاكل التي وقعتُ فيها بلا سبب في حياتي، هناك تقلّص مُعَين في زاوية فمي تلقّيت عليه الكثير من اللوم والضرب منذ كنت في المدرسة الابتدائية؛ لأن كل معلم كان يفترض أنني أسخر منه بشكل خفي.

......قصةجاكلين تنظر لي نظرة من لا يتحمل فكرة وجودي في العالم





استدرت إلى اليمين فوجدت (لمياء) زميلتي في الصف..

لم تكن تنظر في العدسة.. كانت تنظر لي.. تقلصت زاوية فمها بدورها؛ لكن في كراهية شديدة.. لقد ضغطت بأسنانها أكثر من اللازم حتى تكورت شفتها إلى جنب.. لم أر في حياتي هذا المقت من قبل.. من المدهش أنني لم أمُت وأن شفتها لم تتمزق.

قلت لها في ارتباك:

- "صباح الخير"

فلم ترد.. كان صدرها يعلو ويهبط غِلاً..

نهضت لأغسل يدي عند الحوض؛ فأجفل الفتى الذي كان يغسل يده.. كان فتى نحيلاً يُدعى (محمود).. رأيته ينظر لي وتتسع عيناه ثم يتراجع.. يتراجع لدرجة أنه كاد يوقع واحداً يقف خلفه.

- "ماذا يحدث هنا؟"

نظرت لانعكاس وجهي في زجاج النافذة.. كان الظلام قد بدأ يهبط وأناروا الضوء الكهربي في المختبر؛ ذلك التأثير الذي يُشعرني دوماً بتقلّص في معدتي؛ لذا تحوّل الزجاج لمرآة ممتازة... هل صار لوني أخضر؟.. هل صرت الشيطان وأنا لا أعرف؟

لا شيء.. ذات الوجه الوسيم يطالعني عبر الزجاج..

لكن من خلفي رأيت تلك الفتاة -وتدعى (جاكلين)- تنظر لي نظرة نارية.. نظرة من لا يتحمل فكرة وجودي في العالم.





......قصةرجل الأمن ينظر لي وكأنه رأى ثعباناً في فراشه




لم أحب كثيراً هذا العالم من نظرات الكراهية. مهما بلغ استغناؤنا عن الآخرين؛ فنحن أطفال نحتاج للقبول الاجتماعي، وأن تطلب المعلمة من الفصل أن يصفق لنا..

لكني كنت مستعداً لقبول ذلك لو فهمت سببه، على كل حال قدّرت أن هناك أياماً نكون فيها ثقيلي الظل على الآخرين.. هناك أيام تلقي فيها التحية فلا يردّ عليك أحد، هذا شيء مفروغ منه.

عدت لداري فتناولت طعام الغداء الذي هو العشاء كذلك، وتبادلت بعض كلمات مع أبي وأمي المسنّين قليلي الحركة.. في الحمام أعدت تأمّل وجهي في المرآة عدة مرات.. لا يوجد شيء غريب، ثم دخلت فراشي المريح.. أجمل مكان في العالم في رأيي.. هناك رحت أقرأ لمدة ساعتين.. ساعة إعداد لدروس الغد وساعة في أدب كويليو، ثم أخلدت للنوم.

أنا مكروه.. أنا مكروه.. الناس لا تحبني.. أنا.......

خ خ خ خ خ خ!

في الصباح هرعت أثب في المواصلات إلى الكلية كعادتي.. على باب الكلية كان رجل الأمن "بسيوني" يقف ويدخّن لفافة تبغ.. مددت يدي لأُخرج الكارنيه ورفعته في وجهه؛ لكني فوجئت بنظراته المتصلبة.. كانت عيناه شاخصتين إلى وجهي وقد بدا عليه مزيج فريد من الذعر والكراهية.. لو أنه رأى ثعباناً في فراشه لما بدت في عينيه هذه النظرة.

وقبل أن أسأله عن شيء قال وهو يشير للداخل:

"يالله.. مع السلامة..".

هل هو يوم آخر من أيام الكراهية؟

في درس الحيوان الذي بدأنا به اليوم، تلقّيت المزيد من نظريات الكراهية من "لمياء".. من "جاكلين".. من "محمود"..

هناك فتى مذعور اسمه "صلاح" ظلّ يحملق فيّ للحظات، ثم طلب أن يتكلم معي.. جميل.. ماذا تريد؟

قال وهو يحاول ألا تلتقي عينانا:

"أنت.. تعرف.. أن.. هذه الأمور.. لا أعرف كيف أشرح..".

ثم ابتلع ريقه وقال:

"أرجو أن تكفّ عن هذا..".

"أكف عن ماذا؟".

عاد يكرر وهو يلوّح بإصبعه محذراً:

"كف عنه.. لن أشرح أكثر.. أنت تفهم!".

فجأة صارت الحياة ذات طابع "كافكاوي" لا شك فيه.. لن أندهش لو جاء اثنان مكلّفان بإعدامي، وهما لا يعرفان السبب ولا أنا.. فقط يأخذاني إلى الفناء الخلفي ويذبحاني.

استمرّ هذا الوضع الغريب أسبوعاً، ثم دخلت الكلية ذات صباح لأجد جواً عاماً من الوجوم في مجموعتي الدراسية.. الورقة المعلّقة هناك تقول:

"توفي الزميل "صلاح شوقي" اليوم، والجنازة بعد صلاة الظهر في............".

أصابني الذهول؛ فاستدرت لزميل واقف هناك وسألته عما حدث، فقال دامع العينين:

"لم يصحُ من نومه.. ليرحمه الله.. ليتنا نتّعظ بأن الموت يأتي فجأة وبلا إنذار".

وتعالت بعض نهنهات البكاء، وبدت بعض الفتيات وقد سال الكحل من عيونهن واحمرت الأنوف؛ كأنهن مهرجو السيرك. إنه محظوظ.. أنا أضمن أن أحداً لن يبكي عليّ.. مع كل هذه الكراهية سوف يفجّرون الصواريخ ومفرقعات العيد يوم تعلّق ورقتي الخاصة.

صحيح أن الموت يأتي فجأة؛ لكن هذا التفسير لا يُرضي أي وكيل نيابة أو رجل شرطة.. لا بد من أسباب منطقية واضحة لوفاة طالب ما زالت أجهزة جسده كلها براقة جديدة نشطة.

عادت الحياة إلى طابعها المعتاد ببطء شديد، وهو الطابع العام للوفاة على كل حال.. في أول يوم أهل المتوفى مصدومون هدّتهم اللوعة.. في ثاني يوم هناك جو من الهدوء الراضي بالنصيب مع ابتسامات حذرة حزينة.. في ثالث يوم هم يتشاجرون على الميراث وقد نسوا كل شيء عن الفقيد العزيز.

......قصة"جاكلين" ماتت في فراشها صبيحة اليوم التالي





كنت جالساً في الحديقة المزدحمة ألتهم شطيرة وأعيد نسخ بعض المحاضرات، عندما ظهرت تلك الفتاة "جاكلين".. إنها جميلة؛ لكنها من الطراز العصبي المتشكك وعيناها تتوقعان مصيبة طيلة الوقت.. جاءت لتقف جواري.. وظلّت صامتة للحظات، وإن بدا أنها تريد أن تقول شيئاً.. ثم استجمعت شجاعتها وجاءت لي لتقول:

"أرجوك ألا تفعل!!".

رفعت عيني نحوها وفمي مليء بالطعام وتساءلت:

"لا أفعل ماذا؟".

قالت في عناد:

"هذا الذي تفعله.. إن لي أخاً ضابطاً وسوف.. سوف.. سوف يلقّنك درساً..".


ثم انطلقت تركض مبتعدة.. وأنا في أغبى حالاتي.

ماذا يحدث هنا؟

بما أنك تعرف أن "جاكلين" ماتت في فراشها صبيحة اليوم التالي؛ فأنت تدرك مدى دهشتي وذهولي.. وعلى كل حال كانت هذه هي البداية.

 
 

 

عرض البوم صور amedo_dolaviga   رد مع اقتباس

قديم 30-08-10, 08:19 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66537
المشاركات: 740
الجنس ذكر
معدل التقييم: amedo_dolaviga عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 53

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
amedo_dolaviga غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : amedo_dolaviga المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 





هناك كلاب تنبح في وجهي ثم تتراجع ذعراً (رسوم فواز)




كانت هذه الأحداث أكثر من أن تكون مصادفات؛ لكن كيف يمكنك تفسيرها إلا أنها مصادفات؟..

في تلك الليلة أفرطت كثيراً في شرب الماء قبل النوم، ثم شربت بعض ماء الشعير بالصودا ودخلت الفراش.. بالطبع كانت هذه هي الطريقة المثلى كي أصحو من نومي عدة مرات لأفرغ مثانتي، ثم أعود للفراش بين النوم واليقظة فأندسّ فيه لبعض الوقت.


عامة أنا لا أتذكر أحلامي.. يبدو أنني أفيق في المرحلة الخطأ من النوم حيث تتبخر الأحلام، ولهذا أندهش من الناس الذين يقصون عليك حلماً مدته ساعة أو ساعتان بكل التفاصيل، وأعتقد أنهم يحكون ما تخيلوا أنهم رأوه.. كل الناس تحب أن تعتقد أنها شفافة وأنها ترى رؤى كاملة؛ لكني في تلك الليلة بالذات نهضت كثيراً جداً وفي لحظات استراتيجية، وهكذا كنت أدخل الحمام شاعراً أنني ما زلت في عالم الحلم.


كنت أرى نفسي قوياً جداً غاضباً جداً.. ها أنا ذا أركض بين طرقات ضيقة في قرية أو مدينة ما.. هناك كلاب تنبح في وجهي ثم تتراجع ذعراً.. إنني أريده.. لن يفرّ.


هناك رأيته يركض في حقل مفتوح؛ ذلك المعيد الشاب "ممدوح" الذي يدرّس لنا علم النبات.. كان ينظر للخلف ويتعثر.. يتوسل لي.. أنا أركض كالمجنون.. لسبب ما ألحق به برغم أن المسافة طويلة جداً؛ لكن في عالم الأحلام لا يوجد قانون فيزيائي محترم.


ـ"كف عن هذا.. أنا لم أفعل لك شيئاً!!"


ثم ينفجر في البكاء..


يتكرر الحلم من جديد لكن تفاصيل جديدة تولد.. إنه يلوّح بفأس في وجهي ويهوي به.. فجأة يدي تمسك بمعصمه كأنها كُلّاب حديدي.. أسمع العظام تتهشم..


أصحو من نومي شاعراً بإلحاح المثانة المليئة.. أدخل الحمام ويدي ما زالت متقلصة من اعتصار معصمه.. صوت العظام المهشّمة في أذني..


أعود للفراش.. هذه المرة هو قد سقط تحتي.. أنا أعتصر عنقه ثم أضرب رأسه في الأرض الرخامية عدة مرات.. من أين جاءت الأرض الرخامية في الحقل؟.. لا تسأل فخواص التربة علم آخر لا يُحترم في الأحلام..


هذه المرة فتحت عيني لأرى ضوء الفجر يتسلل.. ثم غبت في النوم.




هذه الكلية قد شهدت الكثير من الأحداث المؤسفة مؤخراً (رسوم فواز)




يؤسفنا يا شباب أن د.ممدوح قد توفي.. نعم.. هذه الكلية قد شهدت الكثير من الأحداث المؤسفة مؤخراً، ويبدو أننا نمرّ بدائرة نحْسٍ لا شك فيها.. واحد آخر لم يصحُ من النوم.. سوف تجهّز الكلية حافلة صغيرة لمن يريدون الذهاب للجنازة.. نسأل الله أن يجعلها آخر الأحزان.

تصاعدت الشهقات.. مستحيل هذا.. ليس هذا الكمّ.. وفتاة بكت وقد تذكّرت "جاكلين" صديقتها العزيزة.. واحد فقط لم يبكِ هو أنا.


لو كنت كعامة الناس لقلت إنني شفاف أملك قدرة على رؤية الغد؛ لكنني لا أملك أي نوع من الشفافية.. أنا مادي جداً ولا أعتقد أنني رزقت القدرة على التنبؤ بمن هم موشكون على الموت؛ لكن الحقيقة المؤكدة هي أن المعيد الشاب مات في حلمي في ذات الوقت الذي مات فيه في فراشه تقريباً.


هناك كانوا واقفين حول واحد منهم.. عندما دنوت عرفت من هو.. "مروان" أخو الفقيد.. إنه طالب في ذات الكلية، كان يحكي لهم ما شهده من مصرع أخيه:


ـ"كان يلهث ويتكلم أثناء النوم.. وفجأة بدأ يضرب رأسه في الوسادة عدة مرات -وكان نائماً على ظهره- ثم همد تماماً.. وعندما تحسست عنقه أدركت أنه.. أنه لبى نداء ربه".


قال أحدهم:

ـ"لعله آذى رأسه من فرط ضربها"

ـ"لا أحد يموت لأنه ضرب رأسه بالوسادة"


كنت أنا أفكر.. طريقة الموت هذه تبدو مألوفة..


ثم لحظة.. لماذا كانوا ينظرون لي بهذه الكراهية وهذا المقت في الآونة الأخيرة؟.. لماذا قال لي أكثر من واحد أن أكف عن هذا أو لا أفعله؟.. أفعل ماذا؟


الإجابة عسيرة التصديق لكنها الإجابة الوحيدة الممكنة للأسف: لأنهم رأوني في أحلامهم!



******************





لمياء تتراجع بظهرها في ذعر وهي تلّوح بسكين (رسوم فواز)




كان عليّ أن أعرف..

عند المساء فعلت ما اقترحه صديقي طالب الطب، وهو أن آخذ قرصاً من "الفروسيمايد" المُدِرّ قبل النوم؛ هذا سيجعل نومي جحيماً متقطعاً، أخشى أن أجرّب ضبط المنبه لأن صوته سيتدخل في الحلم.

في الفراش رقدت أفكّر.. ما معنى هذا كله؟

لا أعرف متى نمت؛ لكني رأيتني في المنام بوضوح شديد.. كانت شقة.. شقة لمياء زميلتي.. عرفت هذا دون كلام، وكانت تتراجع بظهرها في ذعر نحو الجدار وهي تلّوح بسكين عملاقة، وتصرخ بي:

ـ "إياك أن تتقدم.. سوف أمزقك!"

لكني كنت في الحلم واثقاً جداً على درجة من السخرية، وكنت أتقدم نحوها في بطء كما يفعل سفاحو الأفلام، وكنت أعرف أني أحمل سيفاً مما يسمونه "سِنجة".

هنا شعرت أن مثانتي موشكة على الانفجار؛ فهرعت للحمام ولهذا لم يتبخر الحلم.

عدت للنوم.. هذه المرة كانت هي تقف على إفريز بناية عالية تُطِلّ على الشارع، وقد ألصقت ظهرها بالجدار وهي تصرخ بلا انقطاع.. شعرها يطير مع الريح.. السيارات في الشارع مجرد حشرات مضيئة لا تهمد. أنا أنظر لها من النافذة، ثم أتخذ قراري وأرفع ركبتي لأخطو خارج النافذة وأمشي على الإفريز بدوري..

ـ "اسمع !... سوف أثب.. أقسم بالله أنني سأثب!!"

هنا صحوت من جديد..

وقفت في ظلام الردهة بعض الوقت أفكّر..

لسبب ما قررت ألا أواصل النوم هذه الليلة.. لم أرد أن أعرف ما سيحدث بعد هذا، فتحت الشرفة في غرفتي وأعددت كوباً من الشاي الثقيل، وجلست أقرأ في مادة وظائف الأعضاء، إن الفجر قريب، وسوف يصحو أبي من النوم، وهكذا يمكن أن أظلّ متيقظاً حتى موعد الكلية.

لسبب ما لا أريد أن أنام ثانية..

هل حقاً تلومينني على أشياء أفعلها في أحلامك؟ (رسوم فواز)





محمرّ العينين انتهيت من سماع المحاضرة فغادرت القاعة ووقفت بالخارج.

لمياء كانت خارجة من المدرج مع صديقتها وكانت تضحك، فلما رأتني تقلّص وجهها وبدا لي أنها ترى ضبعاً متعفناً مات وهو يأكل خنزيراً، مرت جواري مسرعة فناديتها.. نظرت لي بكراهية فقلت:

ـ "لا بد من كلمتين معك"

انفصلت عن صديقتها، ووقفت أمامي وعقدت ذراعيها على صدرها في تحدٍّ:

ـ"أفندم!"


ـ "لابد أن أفهم سبب هذه الكراهية التي تنظرين بها لي.."

قالت في تحدٍّ:

ـ "وهل كنت مدلهة في هواك من قبل؟"

ـ "لا.. لكن هناك وضعاً وسيطاً.. لنقل إنك كنت تتعاملين معي بعدم اكتراث؛ فماذا قد جدّ؟"

صمتت.. بالطبع لا يمكن أن تقول.. سألتها على سبيل الاختبار:

ـ "الأمر يتعلق بالأحلام؟"


هنا كان رد فعلها معقّداً وغير متوقع.. لقد تقلص وجهها وقالت بصوت كالفحيح:

ـ "أنت هناك دوماً.. تطاردني.. تلاحقني.. تتلصص عليّ من النافذة وتلتقط لي الصور.. تطاردني عبر الهاتف.. نفسك مليئة بالأغراض القذرة التي أنا بطلتها، ولمّا تمنّعت عنك صرت تلاحقني لتقتلني.. في كل ليلة أنت هناك تلاحقني.. في الشوارع.. في الكلية.. في حجرات منزلي.."

ـ "وهل حقاً تلومينني على أشياء أفعلها في أحلامك؟"

قالت العبارة التي كنت أخشاها وأعرف أنها ستقولها:

ـ "أنا كائن نقي شفاف، وأعرف أن رؤيتك تتصرف هكذا في أحلامي معناها أن هذه هي حقيقتك القذرة.. أنت تتصنع التهذيب والانطواء؛ لكن أحلامي كشفت حقيقتك، وأنا أُنذرك.. ابتعد عني.. ابتعد عني فأنا لست هيّنة..".

كدت أُجنّ.. عندما يعتقد الناس أنهم شفافون يصير من المستحيل أن تستخدم المنطق معهم، لو أنني حلمت بابن خالتي -الذي لم أره منذ عشرة أعوام- يركلني؛ فعلى من يقع اللوم؟.. عليّ أم على ابن خالتي؟..

الشفافون يعتقدون أن اللوم على ابن خالتي.

قلت لها في تعب:

ـ "أخشى أننا في ورطة.. أنا لست مسئولاً عن أي شيء ترينه في أحلامك؛ لكني أعتقد أن المشكلة أعقد من هذا.. هل تتعلق أحلامك مؤخراً بمطاردة على إفريز بناية جوار نافذة؟"

نظرت لي في ذهول وقالت:

ـ "كيف عرفت؟.. إذن أنت كنت هناك!"

الحقيقة أن في كلامها منطقاً لا بأس به.. فعلاً أنا كنت هناك..

لم يكن أنا بالضبط؛ لكنه ذلك الكيان الغامض الشبيه بي، الذي يرتحل في أحلامي ليدخل أحلام الآخرين.. ولماذا يفعل ذلك؟.. على الأرجح ليحقق رغبات مكبوتة لا أعرف أنها عندي.. لهذا أنا في الحلم أكثر قوة وشراً وأكثر ثقة.. هذه أشياء لا أملكها في عالم الواقع، والحلم كما تعرفون أهم جلسة علاج نفسي مجاني في تاريخ علم النفس.

أنا لست مجنوناً.. لمياء دليل حيّ على أنني لست مجنوناً.. لكن هذا يعني أنني أعاني ما هو أسوأ من الجنون.. أنا سفاح لكن هذا يتمّ برغم إرادتي!!

 
 

 

عرض البوم صور amedo_dolaviga   رد مع اقتباس
قديم 30-08-10, 08:20 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66537
المشاركات: 740
الجنس ذكر
معدل التقييم: amedo_dolaviga عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 53

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
amedo_dolaviga غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : amedo_dolaviga المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 




لم تستطع القهوة أن تمنعني من النوم (رسوم فواز)




قالت لي لمياء ضاغطة على أسنانها:

- "اسمع.. أنا أعرف بالضبط ما سيحدث.. أنت تحاول دفعي دفعاً لأسقط من فوق ذلك الإفريز.. في الصباح سوف يعلّقون ورقة في الكلية تنعي الزميلة الفاضلة "لمياء البهي" التي ماتت أثناء نومها.. أنا لا أنوي ذلك.. يجب أن تتصرف..".

قلت لها في صدق:

- "ما أريد قوله وبقلب سليم، هو أنني لا أريد ذلك مطلقاً.. إن كان هناك كيان قد تحرر مني أثناء الحلم؛ فأنا لا أعرف شيئاً عنه".

- "لن تعزيني هذه التفسيرات.. منذ شهر وأنت كابوس حي ماثل أمامي ولا أعرف كيف أتخلص منه".

ثم ابتعدت غاضبة..

هكذا عدت إلى البيت.. كنت أعرف أنني على الأرجح سأفعلها هذه الليلة.. أنت تعرف ذروة الفيلم عندما تقترب وتدرك أن النهاية قريبة.. "لمياء" ستموت الليلة لو حلمت.

وضع غريب هو أن يعرف طرفان أن أحدهما سيقتل الآخر الليلة، وكلاهما لا يعرف ما يمكن عمله.

جلست في البيت ورحت أشرب جالونات من القهوة.. لن أنام.. لن أنام.. جلبت كتب الكلية وقررت أن أمُرّ على جميع المقررات.. سوف أنام صباحاً عندما لا تكون هي نائمة.. أعتقد أن هذا أفضل الحلول الممكنة.

في الثالثة بعد منتصف الليل لم تستطع القهوة أن تفعل أكثر، وسقط رأسي على الكتاب وشعرت بنشوة عظيمة..

كانت هناك على الإفريز وهي تمشي خطوة جانبية تلو أخرى.. تقول لي وهي تصرخ لأن الريح تبدد صوتها:

- "كُفّ عن هذا!.. قلت لك كف عن هذا..!!"

لكني أواصل التقدم، ومن الغريب أنني أمشي بسلاسة عجيبة، ولا يوجد أي خطر من فقدان التوازن ولا خوف من المرتفعات.

ما هذا؟.. إنني أفك حزامي وأطوح به نحوها.. حزام غريب جداً يستطيل ليبلغها فلا يمكن أن يقل طوله عن خمسة أمتار.. تصرخ ويلسع الحزام وجهها؛ لكنها تتماسك..

هنا صحوت لأجد رأسي على الكتاب وقد بللته باللعاب.. حدث ما كنت أخشاه وحلمت!

هكذا ارتديت ثيابي وتسللت خلسة إلى خارج البيت، وقررت أن أمضي الليل في الشوارع.. حي الحسين لا ينام ولسوف يكون بوسعي أن أنتقل من مقهى لآخر.

عندما بدأ الصباح يتثاءب كنت في طريقي للبيت وقد قدّرت أنها على الأرجح ذهبتْ للكلية الآن.. وعليّ كذلك أن أجيب عن أسئلة أبي المذعور الذي لا يفهم أين ذهبت في ساعة كهذه.. لن تكون هناك كلية لي اليوم ولا في أي يوم آخر غالباً.

ما هو الحل؟.. متى ينتهي هذا الكابوس؟.. هناك حل سهل؛ هو أن أعلّق أنشوطة في الحمام وأتدلى منها؛ لكني لن أفرّ من الكوابيس لألجأ للانتحار.. ليس أنا، ثم من أدراني أن ذلك الكيان لن يتحرر بعد موتي ويدخل عالمها؟

على كل حال سوف أظفر الآن بساعات طويلة من النوم، ولسوف يكون بوسعي قضاء ليلة أخرى متيقظاً..

سأناااام..


كانت لمياء تركض وسط الثلوج وكان هو يركض خلفها (رسوم فواز)




الجزء التالي: من مذكرات "لمياء البهي":

لم أنَمْ ليلة أمس.. قضيت الليل كله أجرع القهوة مصممة على ألا أنام فأقابل هذا الفتى ثانية، وهكذا -في الثامنة صباحاً- تناولت وجبة إفطار دسمة، ثم دخلت إلى الفراش.. كان أول شيء رأيته هو أنه ينتظرني على إفريز النافذة!

كنت أشعر بحقد شديد نحوه.. إذن هو ينام في ذات الوقت وفكّر في ذات الفكرة؟

في اللحظة التالية كنت أركض وسط الثلوج.. متاهة حقيقية تذكّرني بالتي رأيتها في فيلم "تألق" لـ"ستانلي كوبريك".. لا يمكنك الخروج ما لم ترَ المشهد من منظور "عين الطائر".. لا أعرف كيف انتقلت هناك؛ لكنه كان يركض خلفي والبخار يخرج من فمه ولا يكفّ عن اللهاث.. يحمل منشاراً ترددياً مثل أبطال أفلام الرعب الذين أعرفهم.. سوف يشطرني إلى نصفين..

لن يفتك بي هذا المجنون.. لن ألحق بمن هلكوا من قبل..

ركضت كثيراً، ثم تواريت وراء جدار ثلجي.. خطر ببالي أن أضلّله.. انتظرت قليلاً فوجدت أنه لم يلحق بي.. هكذا اتبعت التقنية التي رأيتها في فيلم "تألق".. مشيت على خطوات أقدامي المحفورة في الثلج بالعكس.. ثم وثبت بين جدارين وتواريت..

سمعت أنفاسه اللاهثة وهو يركض.. ثم يغيّر اتجاهه.. لقد التقط الطُّعم.

إن للنساء حاسة اتجاه ممتازة.. هكذا استطعت أن أجد طريقي إلى خارج المتاهة، ووقفت ألهث وأنا أرمق الجدران الثلجية، والبخار المتصاعد من فمي ليتكاثف على أطراف شعري..

يبدو أنه ضلّ طريقه..

نمت حتى المساء ولم أره في أحلامي ثانية..

في اليوم التالي ذهبت للكلية؛ فلم أره..

كانت هناك حركة أكثر من اللازم ووجوه واجمة.. سألت عما حدث؛ فعرفت أن زميلنا "أشرف" ذلك الشاب الخجول المنطوي في حالة غيبوبة.. لم يمُت؛ لكنه في غيبوبة لا يمكن أن يُفيق منها.. إنه في المستشفى والأطباء في حالة حيرة.. ثمة إشاعة عن أن هناك وباء التهاب مخّي في كلّيتنا.. هذا هو التفسير الوحيد لكل هذا الذي يدور مؤخراً.. ثمّة لجنة من وزارة الصحة قادمة.

- "أنت لست قلقة؟"

وكيف أكون قلقة وأنا أعرف التفسير الوحيد لما حدث.. لقد ضاع "أشرف" في أحلامي.. ضاع للأبد، ولن يعود ثانية.. إنه في تلك المتاهة يصرخ ويحاول الخروج بلا جدوى.

لا أعرف إن كنت قد ظلمته أم لا.. لكني لا أُنكر أنني سعيدة بالخلاص منه.. لا أُنكر أنه كان خطراً على الآخرين.. وللمرة الأولى منذ شهر سأنام غير خائفة.. فقط أخشى ذلك الاحتمال الضعيف أن يتحرر.. وعندئذ... لكن لا أعتقد أنه سيفعل ذلك.

تصبحون على خير.

تمت

 
 

 

عرض البوم صور amedo_dolaviga   رد مع اقتباس
قديم 30-08-10, 11:08 AM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
رجل المستحيل


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 72294
المشاركات: 750
الجنس ذكر
معدل التقييم: awad200 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 26

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
awad200 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : amedo_dolaviga المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

جميله القصه يااميدو تسلم أيدك

كل شويه الدكتور / أحمد يعطينا حاجه حلوه نحلى بيها على ماينزل العداد بتاعته

شكرا يااميدو تسلم أيدك

 
 

 

عرض البوم صور awad200   رد مع اقتباس
قديم 01-09-10, 04:40 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
jen
اللقب:
عضو راقي
ضحى ليلاس
الوصيفة الاولى لملكة جمال ليلاس


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 46967
المشاركات: 4,719
الجنس أنثى
معدل التقييم: jen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييمjen عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1999

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
jen غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : amedo_dolaviga المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

ثانكس يا اميدو
الف شكررررررررررررررررررررررررررررررررررر

 
 

 

عرض البوم صور jen   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
توفيق, د.أحمد, يالي, قصة, قصيرة, كراهية
facebook




جديد مواضيع قسم روايات أونلاين و مقالات الكتاب
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 02:51 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية