حولت الصدمة الممزوجة بألم خيبة الأمل ساقيها الى مادة لزجة , لذلك كان عليها الجلوس قبل ان تقع ارضا . قالت وقد ارتفع صوتها من الغضب :
- انت ...؟ انت ...؟ لا استطيع تصديق ذلك .
- اعتقدتِ انني بذلك اتحايل عليك قليلا , لهذا السبب لم اوقع الرسالة .
سألته :
- ما الذي تريده ؟
وتابع مستغربا :
- مع ان هذا ... ليس الانطباع الذي وصلني . لكن كما تشائين .
- أبدو سعيدة ؟!
حدقت لاين به كأنما له فجأة رأس آخر:
- ابعد ان سرقت مالي وتركتني لذلك الحقير القذر ؟
تنفست بعمق لكي تتمكن من المتابعة :
- كان من الممكن ان اتعرض للاعتداء , ثم ارمى في البحر كي اموت غرقا . هل فكرت بذلك للحظة ؟
رفع كتفيه وقال :
- تعرفين المثل القائل ان المرأة دائما اسرع بالهرب من الرجل , كما ان استعادة مالي استحق تلك التضحية , لاين .
- مالنا ! على ما اعتقد ... ان فكرت قليلا .
- بالمناسبة , مادمنا نتحدث عن المال .
مد آندي يده الى جيب سترته , وسلمها قطعة من الورق مطوية . اخذتها لاين بتردد , وسألته :
- ماهذه ؟
- هذه حواله من المصرف بقيمة حصتك في السفينة . فكرت انك لن تثقي بحوالة من رصيدي الخاص .
حدقت لاين بالرقم المطبوع على الحاولة , وقالت بصوت مرتجف :
- يا آلهي !منتديات ليلاس
- والآن اصبحنا متعادلين .
انحنى آندي الى الأمام , وتابع بصوت منخفض :
- لاين , لم اقصد ان اتركك تائهة . اقسم لك ! لكنني وجدت نفسي في وضع سيء جدا , واضطررت الى المغادرة بسرعة الى مكان آخر . ع
- ياللغرابة ! عانيت من التجربة نفسها تقريبا , وفي الوقت نفسه .
ثم وضع الحواله في حقيبتها , وتابعت :
- يبدو ان الرغبة في الذهاب الى مكان ىخر تلح علي الان ايضا , لذلك اتمنى لك ليلة سعيدة .
قال آندي بصوت أجش مملوء بالعاطفة :
- لاين , لا تذهبي ! لديك كل الحق لتكوني غاضبة , لكنني اود ان نتصالح , انا اعدت الى سابق عهدي ونهضت من جديد على قدمي , والان ابحث عن مشروع جديد لأستثمر فيه , لاسيما ان استطعت ان اجد شريكا . ففي النهاية كنا فريق رائعا من قبل , وهذه المرة سنكون افضل .
نظر الى عينيها مباشرة وقد لمعت عيناه بالنصر وهو يتابع :
- لنصبح اقرب , ربما ؟ ولننتهي كشريكين فعليين ... تمام كما كنت ارغب دائما . ما رأيك بذلك ؟ ما الذي تقولينه ؟
- لا شيء . ولا اهتم ان قلت رأيي علانية في مطعم محترم كهذا .
هزت رأسها قبل ان تتابع :
- آندي ! كنت حمقاء لأنني وثقت بك , ولا اعتقد انني اعجبت بك يوما , وما كنت لأرضى بك ولو قدمت لي على طبق من الماس . هذا هو الجواب المهذب , واتمنى ان يكون واضحا بما فيه الكفاية .
ذاب السحر من صوت ىندي ليظهر مكانه غضبه ومكره فقال :
- آه ! اجل . لكن كان عليّ ان اسأل , وهذا مافعلته . فذلك جزء من الاتفاق ... والآن بعد ان رفضتني , قدمي لي خدمه اخيره , قولي لصديقك كي يتركني بسلام .
كررت لاين ببطء :
- صديقي ...؟ لا اعرف عمن تتحدث .
- الزعيم .. صاحب اكبر مؤسسة للنشر وعصابته من التحريين .
امتلأ وجهه بالغضب وتابع :
- هل تعتقدين حقا انني كنت لأدفع لك درهما واحدا لو لم يقترفوا اثري ويمسكوا بي ؟ سألوني العديد من الاسئلة المحرجة , باحثين في اتفاقات مضت , ومهددين بالادعاء عليّ امام مكتب الاستخبارات الدولية , بل اسوأ من ذلك ايضا .
ضحك ضحكة غاضبه قبل ان يتابع :
- وفوق ذلك كله , ادعى صديقك انك مغرمة بي , وانك قد تكونين مستعده للمسامحه والنسيان ان تقربت اليك , بطريقة صحيحة . يا الهي ! هل فهم ذلك الاحمق الأمر بطريقة خاطئة ؟
رماها بنظرة وقحة واكمل :
- امر مؤسف حقا ! شعرت بالزهو لفكرة انك مغرمة بي , وما كنت لأمانع ان اعود معك الى الفندق لنستمتع برفقة بعضنا مع انك اصبحت نحيلة جدا بالنسبة الى ذوقي بالنساء .
ضاقت عيناه وهو ينظر اليها باهتمام :
- مع انني اشك انك مازلت ساذجة كالسابق . صديقك المليونير اقام علاقة معك , أليس كذلك ؟
ضحك بسخرية واكمل :
- مسكينة انت لاين ! لابد انك لم تؤثري به مطلقا ما دام مشتاقا ليقدمك الي. والآن سأرحل بنفسي , باحثا عن رفقة اكثر مرحا .
نهض وهو يتابع :
- لكن لاتغادري بسببي . احتفلي بالكسب غير المتوقع . سأطلب ان تقدفعي الفاتورة بنفسك , واتمنى الا تمانعي . كما اتمنى لك حياة سعيدة . ذ
لم ترقبه لاين حتى وهو يغادر , تراجعت الى الوراء واغمضت عينيها , فيما كاد رأسها ينفجر من تسارع افكارها وهي تحاول ان تستوعب ما قاله , صديقك الزعيم .. صاحب اكبر مؤسسة نشر ...
دانيال فعل ذلك لأجلها ؟لاحق ىندي , الرجل الذي اعتقد انها تحبه , وطلب منه ان يتفاوض معها , حتى انه اقترح عليه ان يدعوها للعودة اليه , لأنها هي من اخبرته بذلك , وهو حقا صدقها .
لماذا كلف نفسه عناء ذلك كله ؟ لماذا ؟ اتراه يشعر بالذنب بسببها ؟ أ لأنه حظي بالحياة التي ريدها بينما هي ماتزال وحيدة ؟ ام انه لا يزال يشعر بالمسؤولية نحو الحمل الذي القاه عليه سيمون ؟
فكرت لاين : اردت ان اطلق سراحه , لكنني فشلت في القيام بذلك .
اشارت الى النادل , ودفعت الفاتورة ثم سارت نحو المدخل بانتظار ان تصل سترتها . فجأة شعرت بيد تلمس ذراعها .
قالت لها امرأة :
- لاين ... لاين , رأيناك تدخلين , ثم رأينا صديقك يغادر . هل انت بخير ؟
استدارت لاين لتنظر الى وجه بليندا الجميل الذي تعلوه ملامح الاهتمام الصادق , فتمنت لو انها تموت في تلك اللحظة .
منتديات ليلاس
آه , يا الهي ! لابد ان دانيال هنا يراقب , ويتأكد ان المصالحة تمت وانها وجدت اخيرا الحب الحقيقي الذي تبحث عنه . ياله من امر مثير للضحك , ان لم تقل امرا مثيرا للغثيان !
استجمعت شجاعتها , وقالت :
- كل شيء بخير , انه مجرد شخص عرفته في الماضي , وقد اكتشفنا ببساطه انه لم يعد هناك ما يجمعنا معا .
بدا تعاطف بليندا حقيقيا وكبيرا جدا :
- مسكينه لاين ! لاتغادري , من فضلك . زوجي هناك , ويسعدنا ان تنضمي الينا .
نظرت لاين الى اليد التي تمسك ذراعها , ورات انب ليندا تضع خاتما بسيطا من الذهب . اذا لقد تم الزواج , لم اعرف به !
- لا ! حقا , لا استطيع .
قالت بليندا تلاطفها :
- لكن لماذا ؟ ففي النهاية , انتما تعرفان بعضكما ولستما غريبين .
هذا هو بالتحديد سبب رفضها . ارادت لاين ان تصرخ بها . لهذا السبب لا استطيع القيام ببعض اللياقات الاجتماعية . لا استطيع ان اجلس مع حبيبك واتذكر انه كان حبيبي ايضا .
لهذا السبب لا استطيع ان اضحك واتكلم , وآكل واشرب كان شيئا لم يكن .
- عليّ الذهاب حقا .
وصل النادل وهو يحمل سترتها , فأخذتها منه وشكرته , ثم نظرت الى بليندا قائلة :
- في مرة اخرى ... ربما ؟
قالت بيليندا تستمهلها :
- على الاقل تعالي لتقولي له مرحبا .
شعرت لاين بمعدتها تكاد تتمزق من التوتر , لكنها اجبرت نفسها على الابتسام وقالت :
- حسنا ! فقط للحظة .