7- رسالة !
ظل دانيال متغيبا معظم الوقت, وعندما كان يأتي لزيارتها كان يقيم في قصر لانغ بو . حيث تتناول لاين العشاء برفقته هناك في المطعم , الا انه لم يقترح مرة ان يصعدا الى جناحه ليحضيا ببعض الخصوصة .
سألتها امها يوما يوما بنبرة ساخرة مدمرة :
- اين هو حبيبك ؟ يبدو انه سيغيب هذا الاسبوع ايضا .
اجابت بهدوء :
- لديه الكثير من الاعمال , فالشركة بصدد مناقشة مناقصة لشركة تملك مجلة ألمانية , وهناك العديد من المشاكل , لذلك يحتاج الى البقاء هناك .
ثم رفعت ذقنها وتابعت :
- لدينا ماتبقى من العمر لنكون معا .
علقت انجيلا وهي ترفع كتفيها :
- اذا كان هذا ما تقولينه !منتديات ليلاس
على الرغم من تغيبه المستمر بدا دانيال صادقا ورائعا . جرت ترتيبات الزفاف من دون أي شجار او فوضى , ووجدت لاين ان هناك حسابا مصرفيا فتح بأسمها , فيه مبلغ من المال يوما ان بإمكانها انفاقة .
بالاضافة الى ذلك تم التعاقد مع السيدة غودمان لتعمل مدبرة منزل لديهم في هذه المرحلة المؤقته . من جهة اخرى تلقت لاين اتصالا من مكتب محلي لتعليم قيادة السيارات
طالبا منها تحديد الاقات المناسبة التي يمكنها خلالها تلقي دروس في القيادة للحصول على الرخصة .
فكرت لاين : كل ما فكرت به او تمنيته يتحقق باستثناء شيء واحد هو الاكثر اهمية والأكثر حسما . انه معرفة شعوره الحقيقي نحوي .
سمحت لاين لنفسها بأن تنساق في موجة من النشاط الدائم , من دون ان تشغل نفسها بالتفكير بالأمر بتمعن . من بين الاعمال التي كان عليها انجازها تفحص اغراضها الشخصية وكتبها , ونقل ما ترغب في الاحتفاظ به الى شقة دانيال في لندن .
هذا بالاضافة الى الخاتم الرائع المرصع بالماس والياقوت , وهو خاتم لفت انظارهما في الوقت عينيه بين عدد كبير من الخواتم التي احضرت كي يختارا من بينها . ابتسما لبعضهما وقالا معا :
- هذا هو المطلوب .
لطالما فكرت لاين وهي تلمس الخاتم بنعومة , انه الدليل الملموس على ان دانيال سيتزوج بها . حاولت ان تأخذ فقط الاشيائ التي تهمها لترافقها في حياتها الجديدة , فقدمت ما تبقى لدور الاحسان.
اذ لم يكن باستطاعتها ترك أي من اغراضها في منزل العائلة , لأن آبو تسبروك قد بيعت في ذلك الوقت , والمشتري يريد المكان خاليا .
قالت لداينال في احدى المناسبات وهي تتناول العشاء معه :
- سيتحول المنزل الى دار للمسنين ,عذوووب, وسيكون فخما وباهظ الكلفة . من الواضح ان المالك لديه سلسلة من هذه الاماكن .
- وانت , الا يعجبك ذلك ؟
تنهدت لاين وقالت :
- لقد بيع المنزل الآن , وامي سعيدة جدا , وهذا امر جيد . لكنني تمنيت دوما ان يبقى منزلا حقيقيا . وان يعيش فيه اطفال غيري , يكبرون فيه ويحبونه كما احببته .
ظل دانيال صامتا لفترة ثم قال :
- هل كانت ذكرياتك فيه سعيدة حقا ؟
- هناك الكثير من الذكريات الحلوة , حتى لو لم تكن جميعها كذلك. ومعظمها تتعلق بك حبيبي !
علق دانيال بطريقة عرضية :
- أرجو ان تكون امك قد حصلت على سعر جيد , فهي ستحتاجه من اجل دفع فواتير تجميل الاسنان للشاب الفاتن السيد تانفليد .
كادت لاين تختنق لأن فمها كان مليئا بسمك الترويت . قالت بعد قليل معترفة وهي تحاول كبت ضحكتها :
- ابتسماته تبهر حقا , لكنني اعتقد انهما سعيدان معا .
قال دانيال باستياء :
- انه مجرد انفعال عاطفي , ومن المحتمل ان يكون مؤقتا . هل فكرت في اجراء عقد قبل الزواج ؟
نظرت لاين الى الطبق امامها , وهي تدرك ان وجهها قد توهج بسبب الاحراج . وقالت :
- لا ! لا اعتقد ذلك.
ياللصدفة ! امي قدمت لي النصيحة نفسها ليلة البارحة , وهذا احد الاسباب التي جعلتنا نتشاجر . اما السبب الآخر فهو انها دعت كنديدا لحضور الزفاف .
قالت لها انجيلا :
- عندما يتخلى عنك ... عندما تزول تلك لاعاطفة المتألقة , ما الذي سيحدث ؟ انه رجل ثري جدا عزيزتي , وهو قادر على دفع ثمن ما يسعده .
اجابت لاين وهي ترتجف من فداحة ما سمعته :
- اذا تخلى عني , فالمال لن يتمكن من جعل الامور افضل بالنسبة لي . صدقيني !
أما ما لم تتوقعه لاين ولا امها بالطبع , فهو ان تتخلى هي عنه وترحل .
في صباح يوم زفافها تساقط المطر , لكن الغيوم انقشعت عن سماء زرقاء صافية تماما قبل ان تنطلق الى الكنيسة . قالت لها سيليا التي كانت تساعدها في اعداد نفسها , ان ذلك يعتبر بشارة خير .
سألتها :
- هل تعلمين الى اين ستذهبان في شهر العسل , ام انه ترك الأمر مفاجأة لك ؟
- لايمكننا الذهاب الى مكان بعيد ما دامت لديه أعمال معلقة .
نظرت لاين الى نفسها من كل الزوايا في المرآة , لتتاكد من ان بذلتها البيضاء الغالية الثمن المصنوعة من الساتان لم تتعرض لأي تجعد اثاناء الليل .وتابعت :
- ... لذلك استأجر دانيال مكانا معزولا في الريف .
سألتها سيليا باستغراب :
يا الهي ! وهل المكان مجهز بوسائل الراحة ؟
ضحكت لاين واجابتها :
- اعتقد ذلك . فيه بركة سباحة , لذا لايمكن ان يكون مكانا بدائيا . مع ان كوخا صغيرا في حديقة ما كاف , ما دام دانيال معي .... عندما تستقر الامور في الشركة سيأخذني الى مكان رومنسي رائع .
قالت سيليا وعيناها ترقصان :
- اليس لدى دانيال اخ او ابن عم او حتى ... قريب ما ؟ ع
ابتسمت لاين لها وقالت :
- آسفة , عزيزتي ! لكنني حصلت على افضل رجل في الدنيا , وهو من دون اقارب .منتديات ليلاس
تنهدت سيليا بطريقة مبالغ فيها , وقالت :
- اذا , ببساطة عليّ ان اخفض سقف توقعاتي .
سارت عبر الغرفة نحو حقيبة لاين الكبيرة الموضوعه على السرير , ومررت يدها بوقار وتبجيل فوق ثنيات رداء ليلي ناعم من الفوال الابيض , ثم قالت :
- آه ! انه شديد الروعة , لكنه مضيعة للمال .
ركزت لاين باهتمام على نقل خاتمها الى اليد الاخرى .
-آه ! اعتقدت ان من الافضل ان اشتري رداء للنوم , لربما حصل امر طارئ.
ساد الصمت لفترة قصيرة , بعدئذ قالت سيليا بصوت لطيف جدا :
- لايني, ما من سبب يجعلك تشعرين بالقلق .
نظرت لاين اليها مندهشة وقالت :
- آه ... يا الهي ! هل يبدو بوضوح انني قلقة ؟
اجابتها بنبرة قوية :
- لابأس عليك ! تمكنت من تجنب الضفادع وتوصلت الى تقبيل الأمير .
حملت لاين الباقة المكاونه من الورد الابيض , وسارت نحو الباب قائلة :
- حان الوقت لتذهب .
كان جيمي بانتظارها في القاعة . قال لها بعاطفة اخوية صادقة :
- هاي! تبدين جميلة جدا . انت تجسيد رائع لفتاة الزنبق . ربما دان ليس احمق كليا في النهاية .
شهقت لاين وسألته :
- ماذا تعني بكلامك هذا بحق السماء ؟
اجاب وهو يساعدها لتصعد الى المقعد الخلفي في السيارة التي كانت تنتظرها :
-لم يبد دان يوما من النوع الذي يرغب بالزواج , وانا متاكدة ان الخبر سقط على امي كالصاعقة , مع انها ... .
توقف عن الكلام فجأة , ثم تابع الحديث في موضوع مختلف تماما:
- هل تعلمين انها اصرت على ان ندعو ذلك الشاب تانفيلد الى حفلة توديع العزوبية الخاصة بدان ؟ غاي , اشبين العريس اصر على ان تانفيلد يضع شعرا مستعارا , ولو اننا بالغنا في اللهو والمرح واطالة السهرة لتأكدنا من ذلك .
اضاف وهو يبتسم :
- ... لكن السهرة ظلت ضمن حدود جدية في النهاية واعتقد ان صهري العتيد ينوي حقا ان يكون زوجا وفيا .
قالت لاين بهدوء :
- هل يمكننا ان نبدل الموضوع , من فضلك .
وافق جيمي على الفور :
- بالطبع , لأنني بحاجة للتحدث اليك في مسألة مهمة .
شهقت قائلة :
- الآن , ونحن في الطريق الى الكنيسة ؟
- لم لا ؟ انها اخبار جيدة لايني . قررت عائلة بيومونت ان تتقاعد وترحل الى البرتغال , وقد ارسلت لنا ملاحظة بشأن الشقة تعلمنا انه سيتم اخلاؤها في نهاية هذا الشهر , وانا ارغب في الانتقال للعيش فيها . لكن بما انك تملكين نصفها ايضا فأنا بحاجة الى موافقتك الخطية .
نظر اليها بقلق للحظة وهو يتابع :
- لن تثيري المشاكل بشأنها , أليس كذلك؟ ففي النهاية انت لن تحتاجي الى الشقة في حياتك كلها .
- لا, بالطبع ! ارسل اليّ ما تريدني ان اوقعه عندما اعود من شهر العسل .
وجدت لاين ان عدد الذين ينتظرون في الكنيسة اكثر مما توقعت , لكنها لم تشعر ان الجميع يتمنون لها الحظ والسعادة , هذا ما فكرت به وهي تحس بغصة اثناء وقوفها قرب دانيال في المذبح.
سمعته يقسم بان يحبها حتى يفرق بينهما الموت , واقسمت بدورها على القيام بالمثل , دفء عناقه جعلها تشعر ان زواجهما , كما جعلها ترتجف من الداخل . ذ
ما ان جلسا معا في السيارة وهما في طريق العودة الى آبو تسبوك من اجل حفل الاستقبال , حتى جذبها دانيال اليه , وراحت شفتاه تطبعان قبلا ناعمه على شعرها . قال بنعومه والابتسامة واضحة في صوته :
- حسنا , سيدة فلاين ! اخيرا اصبحنا معا .
حدقت لاين بخاتم زفافها , وهي تشعر بالفرح يتفتح داخلها كتفتح البراعم في فصل الربيع .
ما ان شرب الحاضرون نخب العروسين , وتم قطع قالب الحلوى , حتى تسللت لاين الى غرفتها لتبدل ثيابها . رأت سيليا تتحدث بمرح مع اشبين العريس , وبدا من الواضح انها لاترغب في ان يزعجها احد .
فيما كانت ترتدي فستانها الاصفر الباهت اللون , الذي قررت ارتداءه في رحلة شهر العسل , سمعت طرقة على الباب . فكرت : انه دانيال ! وشعرت بقلبها يقفز في صدرها قالت:
- ادخل !
وعندما رأت زائرها شعرت بوخزة من خيبة الأمل . قالت :
- كنديدا ! سا لهذه المفاجأة !
أجابت المرأة الأكبر سنا :
- انه يوم مليء بالمفاجآت فعلا .
سارت عبر الغرفة ,وجلست من دون دعوة على حافة السرير , بالقرب من الحقيبة التي اقفلتها لاين للتو . تابعت تقول :
- اذا مضى دانيال قدما في هذه المسآلة ... انني منذهلة .
اكملت لاين ارتداء فستانها ثم قالت بهدوء :
- اذا كنت قد اتيت الى هنا بقصد ازعاجي انصحك بان تغادري .
اجابت كنيندا بنبرة ساخرة :
- آه ... يا للكبرياء ! انت الآن زوجة المليونيرصاحب دار النشر العالمية ... ربما , لم يكن دانيال يرغب في الزواج بك , لكنك على الاقل ستقومين بالدور ما دام معك .
سارت لاين نحو الباب وفتحته , ثم قالت بنبرة صوت قاسية كالحجر :منتديات ليلاس
- هذا يكفي ! والآن , ارحلي !
- سأرحل عندما اصبح جاهزة للرحيل , وبعد ان اقول ما اتيت لأقوله ,لذلك اقترح عليك ان تعودي الى هنا وتسمعيني . انا اقصد ذلك حقا .
تابعت ما ان اقفلت لاين الباب وسارت لتجلس على مقعد طاولة الزينة :
- هذا افضل . اتعلمين ايلينا ؟ انا حقا اشعر بالاسى عليك . اليوم عندما قال دانيال اريدها زوجة لي . لابد انك اعتقدت انك ربحت الجائزة الكبرى في اليانصيب.
ابتسمت كنديدا ببطء واكملت:
- لكن ماسمعته طفلتي المسكينة هو كلام رجل يتحمل عن مضض مسؤولية صديقه المتوفي . اجبر دان نفسه على تحمل عبء الاعتناء بشقيقة سيمون الصغرى البائسة والوحيدة , تماما وعده . وهو وعد قطعه رغما عن ارادته , لأنه لم يؤمن للحظة انه سيجبر على الوفاء به . كان يراهن على عودة سيمون ليحله من ذلك الوعد , ويخلصه من الشرك , غير ان سيمون لم يعد .
صاحت لاين بقوة :
- انا لااصدقك !
رفعت كنديدا كتفيها وقالت :
- بالطبع انت لن تصدقيني , وانا لا ألومك , لو كنت مكانك لفضلت ان اقنع نفسي بأن دانيال مغرم بي , غير ان مقصده لم يظهر ابدا اثناء الخطوبة او قبل ذلك .
ضحكت ضحكة ساخرة بصوت مرتفع وهي تتابع :
- في الواقع , تفاجأت كثيرا عندما علمت انكما قلما تتبادلان العناق ... لكنني واثقة من انه سيقوم بواجبه كاملا الليلة .
رفعت لاين ذقنها بازدراء , محاولة ان تخفي حقيقة ان قلبها يخفق بقوة بين ضلوعها :
- اتعتقدين ان هذا كل مافي الأمر ؟
حدقت كنديدا بها بهدوء وقالت :
- انت لا تصدقينني . أليس كذلك ؟ هل تريدين برهانا ؟